الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما رواه الطبراني في "الكبير"(7/ 329 - 330). وتارة رواه عن مكحول، عن أبي أيوب. أخرجه الإمام أحمد، وذكره ابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 247)، وحكي عن أبيه أنَّه خطأ من حجاج، أو الراوي عنه، وهو عبد الواحد بن زياد. وقال البيهقي:(8/ 235): "وهو ضعيف منقطع".
وقال ابن عبد البر: وهذا الحديث يدور على حجاج بن أرطاة. وليس ممن يُحتجُّ بما انفرد به". "التمهيد" (21/ 59).
وقال الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير"(8/ 743): "هذا الحديث ضعيفٌ مرَّة، وهو مروي من طرق".
وله طريق آخر غير طريق الحجاج، رواه الطبراني في "الكبير" (11/ 233) والبيهقي:(8/ 324 - 325) عن عبدان بن أحمد، ثنا أيوب بن محمد الوزان، ثنا الوليد بن الوليد، ثنا ابن ثوبان، عن محمد بن عجلان، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا:"الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء". قال البيهقي: "هذا إسناد ضعيف، والمحفوظ موقوفٌ. ثمَّ رواه من وجهٍ آخر مرقوفًا على ابن عباسٍ.
وقال ابن القيم: "هذا الحديث يُروى عن ابن عباس بإسناد ضعيف، والمحفوظ أنَّه موقوف عليه، ويروى أيضًا عن الحجاج بن أرطاة، وهو ممن لا يُحتجُّ به
…
ذكر ذلك كلَّه البيهقي". انتهى.
انظر "تحفة المودود"(108). و"المنة الكبرى"(7/ 397 - 398).
وأمَّا كلام أهل العلم في حكم الختان للرجال؛ فذهب جمهور العلماء منهم: مالك، والشافعي، وأحمد، إلى أنَّه واجب، وشدَّد فيه مالك فقال:"من لم يختتن لم تجز إمامته، ولم تقبل صلاته".
وقال أبو حنيفة وأصحابه، وبعض أصحاب الإمام أحمد: إنَّه سنَّة. وكذلك نقل القاضي عياض عن مالكٍ أيضًا وعامَّة العلماء.
وأمَّا حكم ختان النساء؛ فجمهور العلماء ذهبوا إلى أنَّه سنَّة في النساء غير واجب إلا من جعل الأوامر الشرعية سواء للرجال والنساء مثل الصلاة والزكاة والصيام وغيرها. وأما الأحاديث فلم يسلم شيء منها من علة.
10 - باب ذكر الله تعالى في كل حال
• عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
صحيح: رواه مسلم في الحيض (373). من حديث ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن خالد بن سلمة، عن البَهِيَّ، عن عروة، عن عائشة فذكرت الحديث.
11 - باب ما جاء: لا يمس القرآن إلّا طاهر
• عن عمرو بن حزم، قال: كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا يمسُّ القرآن إلّا طاهر".
صحيح وجادة: رواه مالك في كتاب القرآن (1) عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، أنّ في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم كان فيه (فذكر الحديث).
وكذلك رواه عبد الرزاق (1328)، والدارقطني (435)، والبيهقي (1/ 87) كلهم من حديث معمر، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، قال: كان في كتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم (فذكر مثله).
وهذا مرسل فإن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يرويه عن أبيه، وهو أبو بكر، وعن جدّه وهو محمد بن عمرو بن حزم.
ومحمد بن عمرو بن حزم الأنصاري أبو عبد الملك المدني، له رؤية وليس له سماع إلا من الصّحابة؛ ولذا قال الدارقطني:"هو مرسل ورواته ثقات".
وقد روي موصولًا، وسيأتي تفصيله في كتاب الزّكاة.
قال ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث، وقد رُوي مسندًا من وجه صالح، وهو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفة يستغنى بها في شهرتها عن الإسناد".
قلت: ويشهد له الأحاديث الآتية في الباب، وإن كان أحد منها لا يخلو من ضعف.
ومنها ما رُوي عن حكيم بن حزام، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تمسَّ القرآن إلّا وأنت طاهر".
رواه الطبرانيّ في الكبير (3/ 229) عن بكر بن مقبل البصري، ثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب القُوهي، قال: سمعت أبي، ثنا سويد أبو حاتم، ثنا مطر الورّاق، عن حسان بن بلال، عن حكيم بن حزام، قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، قال (فذكر الحديث).
ورواه الدّارقطني (440)، وصحّحه الحاكم (3/ 485) كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم، بإسناده، مثله. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وفيه سويد أبو حاتم الجحدريّ الحباط، واسم أبي حاتم: إبراهيم، مختلف فيه، فقال أبو زرعة: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف، وأفحش القول فيه ابن حبان، ولكن قال ابن معين: أرجو أن لا بأس به، وقال الحافظ في التقريب:"صدوق سيء الحفظ له أغلاط". وحسّن الحازميّ إسناده، كما نقله في "التلخيص".
وشيخه مطر الوراق، مختلف فيه أيضًا قضعّفه النّسائيّ وابن سعد، ومشّاه الآخرون إلّا حديثه عن عطاء ففيه ضعف، كما في "التقريب" وقال:"صدوق كثير الخطأ".
وقد نقل بعض العلماء عن الدارقطني أنه قال: "كلّهم ثقات".
إلّا أني لم أقف على قوله هذا في كتابه "السنن".
فتحسين الحازمي له وجه، وإن كانت النّفس لا تطمئن إلى تحسينه.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: "لا يمس القرآن إلّا طاهر". رواه الطبرانيّ في الكبير (13217)، وفي الصغير (1162)، والدارقطني (437)، وعنه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 88)،
وفي "الخلافات"(298)، والجوزجاني في "الأباطيل"(1/ 371 - 372)، كلّهم من حديث سعيد بن محمد بن ثواب، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى، قال: سمعت سالمًا يحدّث عن أبيه، قال (فذكر الحديث).
وسليمان بن موسى وهو الأشدق مختلف فيه، فقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث، ووثقه يحيى بن معين، ودحيم، والترمذي، وابن عدي وغيرهم فهو "صدوق في حديثه بعض لين" كما في التقريب.
وقال الحافظ في التلخيص (1/ 131): إسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أنّ أحمد احتجّ به". وقال الهيثميّ أيضًا في "المجمع" (1/ 276):"رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجاله موثقون".
وقال الجوزجانيّ في الأباطيل (1/ 372): "هذا حديث مشهور حسن".
وفي الباب أيضًا عن عثمان بن أبي العاص مرفوعًا: "لا تمسَّ القرآن إلّا وأنت طاهر". رواه الطبراني في الكبير (9/ 33) عن أحمد بن عمرو الخلال المكيّ، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا هشام بن سليمان، عن إسماعيل بن رافع، عن محمد بن سعيد بن عبد الملك، عن المغيرة بن شعبة، عن عثمان بن أبي العاص، فذكر حديثًا طويلًا في زكاة الماشية وغيرها، وفيها الجزء المذكور.
وذكره الزّيلعيّ في "نصب الرّاية"(1/ 198).
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 277) وقال: "فيه إسماعيل بن رافع ضعّفه يحيى بن معين والنسائي، وقال البخاري: ثقة مأمون".
وقال أيضًا (3/ 74): "فيه هشام بن سليمان، وقد ضعّفه جماعة من الأئمّة، ووثّقه البخاريّ.
ولكن قال الحافظ في التلخيص (1/ 131): "في رواية الطبراني من لا يعرف".
وقال "ورواه ابن أبي داود في المصاحف (738)، وفيه انقطاع".
قلت: لأنه من رواية القاسم بن برزة، عن عثمان بن أبي العاص قال: كان فيما عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمس المصحف، وأنت غير طاهر".
والقاسم لم يدرك عثمان، والراوي عنه إسماعيل بن مسلم المكي ضعيف، تركهـ بعضهم.
وخلاصة القول في هذا الباب: إنّ الحديث صحيح وجادة، وأحاديث الباب تقوّي هذه الوجادة، والنّفس تطمئن إلى صحة مثل هذا الحديث، وقد قال به عدد من الصحابة والتابعين والأئمّة المهديين بعدهم.
قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص: "كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككتُ.
فقال سعد: لعلّك مسستَ ذكركَ؟ قلت: نعم. فقال: قم فتوضأ. فقمتُ فتوضّأت ثم رجعت".
رواه مالك في الطهارة (59) عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص. وإسناده صحيح.
وقد كره سالم وعطاء وطاوس والقاسم وعامر الشعبي القراءة في المصحف على غير وضوء. ذكره الجوزجاني في الأباطيل (1/ 373).
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 10 - 11): "وأجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسه إلا الطّاهر، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم، والثوري، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وأبي عبيد، وهؤلاء أئمّة الرّأي والحديث في أعصارهم. ورُوي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء، وهؤلاء من أئمّة التابعين بالمدينة ومكة واليمن والكوفة والبصرة.
قال إسحاق بن راهويه: "لا يقرأ أحدٌ في المصحف إلّا هو متوضّئ، وليس ذلك لقول الله عز وجل: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [سورة الواقعة: 79]، ولكن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلّا طاهر". انتهى ما في الاستذكار.
وأجاز قومٌ مسّ المصحف على غير وضوء مستدلين بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "المؤمن لا ينجس" وهو متفق عليه.
وحملوا النّهي في حديث الباب على الجنب والحائض، وقولهَ تعالى:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} بأنه كتاب الله الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة المطّهرون.
قال البغوي في شرح السنة (2/ 48): "وجوّز الحَكَم وحماد وأبو حنيفة حمله ومسّه. وقال أبو حنيفة: لا يمس الموضع المكتوب".
وروى عبد الرزّاق (1347) عن شيخ من أهل مكة، قال: سمعت سفيان العصفريّ يقول: "رأيت سعيد بن جبير بال ثم غسل وجهه، ثم أخذ المصحف فقرأ فيه".
قال أبو بكر (هو عبد الرزّاق): وسمعته من مروان بن معاوية الفزاريّ. انتهى.
قلت: ومروان بن معاوية كوفيٌّ سكن مكة، فلعلّ عبد الرزاق ما عرفه أوّلًا، ثم تبيّن له أنه هو والإسناد متصل.
ورواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف (760) عن عبد الله بن بشار، قال: نا يحيى (بن سعيد القطان)، نا أبو الورقاء (وهو سفيان بن زياد العصفريّ)، قال: سمعت سعيد بن جبير، فذكر مثله.
وروى أيضًا بإسناده الشعبيّ قال: منّ المصحف ما لم تكن جنبًا. انتهى.
وممن ذهب إلى هذا ابن عباس، والضّحاك، وغيرهما كما ذكره الشّوكانيّ في نيل الأوطار (1/ 316)، ولعل قول أبي حنيفة والشعبي وغيرهما الذين ذكرهم ابن عبد البر يحمل على الجنب والحائض، والله أعلم بالصّواب.
وأما قراءة القرآن للجنب والحائض بدون مسّ المصحف فقد روي عن ابن عمر مرفوعا: "لا
يقرأ القرآن الجنبُ ولا الحائض" فهو ضعيف، أخرجه الترمذي (131) وابن ماجه (595) كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر الحديث.
قال الترمذي: "لا نعلمه يُرْوَى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه".
قلت: في الإسناد إسماعيل بن عياش، وهو منكر الحديث عن أهل الحجاز، كما قال البخاري. وقال الإمام أحمد: هذا حديث يتفرد به إسماعيل بن عياش، وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج به.
وقال ابن أبي حاتم في عِلله (1/ 49): سمعت أبي، وذكر حديث إسماعيل بن عياش هذا، فقال: خطأ، إنما هو قول ابن عمر. انتهي.
وللحديث طرق أخرى ذكرها الدارقطني في "العلل"(1/ 117)، إلا أنها كلها ضعيفة لا تقوم بها حجة.
وكذلك ما روي عن جابر بن عبد الله مرفوعا: "لا يقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئًا" فهو أيضًا ضعيف، رواه الدارقطني (2/ 87) من طريق محمد بن الفضل، عن أبيه، عن طاوس، عن جابر، فذكر الحديث.
ومحمد بن الفضل ضعيف جدا، رواه ابن عدي في الكامل وأعله بمحمد بن الفضل، وأغلظ في تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين.
ورواه الدارقطني أيضًا (1/ 121) موقوفا على جابر، وفيه ابن أبي أنيسة، ضعيف.
وكذلك ما روي عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال، ما لم يكن جنبا".
رواه أصحاب السنن: أبو داود (229) والترمذي (1/ 214) واللفظ له، والنسائي (266) وابن ماجه (594) كلهم من طريق عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سَلِمة، عن علي بن أبي طالب، قال الترمذي: حسن صحيح.
قلت: والصواب أنه ضعيف؛ لأن مداره على عبد الله بن سلمة.
قال المنذري: ذكر أبو بكر البزار أنه لا يُروى عن عَليّ إلا من حديث عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة. وحكى البخاري عن عمرو بن مرة: كان عبد الله - يعني ابن سلمة - يحدثنا، فنعرف وننكر، وكان قد كبر، ولا يتابع على حديثه. وذكر الشافعي هذا الحديث وقال: لم يكن أهل الحديث يثبتونه.
قال البيهقي: وإنما نوقف الشافعي في ثبوت هذا الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي، وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما رَوَى هذا الحديث بعدما كَبِر، قاله شعبة. هذا آخر كلامه.
وقوله "ليس الجنابة" معناه: غير الجنابة.