الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب ما جاء في فضل الوضوء والصلاة عقبه
• عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر:"يا بلال! حدِّثني بأرجى عمل عملتَه في الإسلام، فاني سمعتُ دفَّ نعليك بين يديَّ في الجنة" قال: ما عملت عملًا أرجى عندي، أنِّي لم أتطهر طُهورًا في ساعة ليل أو نهارٍ إلَّا صلَّيتُ بذلك الطهور ما كُتِب لي أن أصَلِي.
متَّفقٌ عليه: رواه البخاري في التهجد (1149) ومسلم في فضائل الصحابة (2458) كلاهما من حديث أبي أسامة، عن أبي حيَّان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة فذكر مثله واللفظ للبخاري.
وفي لفظ مسلم: "يا بلال! حدِّثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعةً، فإني سمعتُ الليلة خَشْفَ نعليك بين يدي في الجنة".
• عن حُمْران مولى عثمان بن عفان، أن عثمان بن عفان جلس على المقاعد، فجاء المؤذن فآذنه بصلاة العصر، فدعا بماء فتوضأ، ثم قال: والله! لأحدِّثنكم حديثًا لولا أنه في كتاب الله ما حدَّثتكموه، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرئ يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يصلي الصلاة إلَّا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأُخرى حتَّى يُصليها".
قال يحيى: قال مالك: أُراه يريد هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [سورة هود: 114].
متَّفقٌ عليه: رواه مالك في الطهارة (29) واللفظ له، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حُمْران به. ورواه البخاري في الوضوء (160) من وجه آخر عن ابن شهاب، ومسلم في الطهارة (227) من وجه آخر عن هشام، كلاهما عن عروة، عن حُمْران به، وفيهما: قال عروة: الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [سورة البقرة 159]، ولم تقع في رواية مالك تعيين الآية، فقال من قبل نفسه. وسيأتي تفصيل الوضوء في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.
• عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسًا، ما تقول ذلك، يُبقي من دَرَنه؟ " قالوا: لا يُبقي من دَرَنه شيئًا، قال:"فذلك مثل الصلوات الخمس؛ يمحو الله بِهِنَّ الخطايا".
مَّتفقٌ عليه: رواه البخاري في مواقيت الصلاة (528) واللفظ له ومسلم في المساجد (667) كلاهما من طريق يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
وفي رواية: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس
مرات، فماذا يبقين من دَرَنه؟ ". رواه أحمد (9692) من وجه آخر صحيح عن أبي هريرة.
• عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ جارٍ غَمْرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يومٍ خمس مرات".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (668)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، قالا: حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر .. فذكره.
• عن عثمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أرأيت لو كان بفِناء أحدِكم نهرٌ يجري يغتسل منه كل يوم خمس مرات، ما كان يبقى من دَرَنه؟ " قال: لا شيء، قال:"فإنَّ الصلاة تُذهب الذنوب كما يُذهب الماءُ الدرنَ".
حسن: رواه ابن ماجه (1397) قال: حدثنا عبد الله بن أبي زياد، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني ابنُ أخي ابن شهاب، عن عمه، حدثني صالح بن عبد الله بن أبي فروة، أن عامر بن سعد أخبره قال: سمعتُ أبان بن عثمان يقول: قال عثمان، فذكر الحديث.
رجاله ثقات إلَّا صالح بن عبد الله بن أبي فروة؛ فقال عباس الدوري عن ابن معين: صالح بن عبد الله بن أبي فروة وإخوته ثقات إلَّا إسحاق. وقال أبو جعفر الطبري في التهذيب: ليس بمعروف في أهل النقل عندهم. وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 462) وقال: يروي عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، وعنه الزهري، مات سنة (120).
قلت: ومثله يكون "صدوقًا".
وابن أخي ابن شهاب هو: محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، وعمه هو محمد بن مسلم بن شهاب الإمام.
• عن سعد وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كان رجلان أخوان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدهما أفضل من الآخر، فتوفي الذي هو أفضلهما، ثم عُمِّر الآخر بعده أربعين ليلة، ثم توفي، فذُكِر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الأوَّل على الآخر، فقال:"ألم يكن يُصلي؟ " فقالوا: بلى يا رسول الله! فكان لا بأس به، فقال:"ما يدريكم ماذا بلغت به صلاتُه"، ثم قال عند ذلك:"إنما مثل الصلاة كمثل نَهرِ جارٍ بباب رجل، غَمْرٍ عَذْب، يقتحم فيه كلَّ يوم خمس مرات، فماذا ترون يُبقي ذلك من دَرَنه".
حسن: رواه أحمد (1534) قال: حدَّثنا هارون بن معروف - قال عبد الله: وسمعته أنا من هارون - حدَّثنا عبد الله بن وهب، حدثني مخرمة، عن أبيه، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت سعدًا، فذكر الحديث.
وصحّحه أيضًا ابن خزيمة (310) والحاكم (1/ 200) وروياه من طريق عبد الله بن وهب. قال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، فإنهما لم يخرجا لمخرمة بن بكير، والعلة فيه أن طائفة من أهل مصر ذكروا أنه لم يسمع من أبيه لصغر سنه، وأثبت بعضهم سماعه منه" انتهى.
وإسناده حسن من أجل مخرمة فإنه مختلف فيه، فوثَّقه أحمد وابن سعد، وضعَّفه ابن معين. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
والحديث في موطأ مالك في كتاب قصر الصلاة (91) إلَّا أنه رواه بلاغًا عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، وفيه:"ألم يكن الآخر مسلمًا؟ " بدلًا من "ألم يكن يصلي؟ "، كما أنه كرر فيه آخر الحديث:"لا تدرون ما بلغت به صلاته".
و"النهر الغمر": الكثير الماء.
وحديث سعد بن وقاص هو الأصح.
وقد رُوِي عن طلحة بن عبيد الله قال: إن رجلين من بَلِيِّ قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إسلامهما جميعًا، فكان أحدهما أشدَّ اجتهادًا من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستشْهِد، ثم مكث الآخر بعده سنة، ثم توفي.
قال طلحةُ: فرأيت في المنام: بينا أنا عند باب الجنة إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة، فأذِن للذي توفي الآخر منهما، ثم خرج، فأذن للذي استشهد، ثم رجع إليَّ فقال: ارجع فإنك لم يأنِ لك بعد. فأصبح طلحةُ يحدث به الناسَ، فعجبوا لذلك. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدَّثوه الحديثَ فقال:"من أي ذلك تعجبون؟ " فقالوا: يا رسول الله! هذا كان أشدَّ الرجلين اجتهادًا، ثم استشهد، ودخل هذا الآخر الجنةَ قبله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أليس قد مكث هذا بعده سنةً؟ " قالوا: بلى، قال:"وأدرك رمضان فصام، وصلَّى كذا وكذا من سجدة في السنة؟ " قالوا: بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض".
رواه ابن ماجه (3925) وابن حبان (2952) وأحمد (1403) والبيهقي (3/ 371 - 372) كلهم من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن طلحة بن عبيد الله فذكر مثله، وفيه انقطاع، فإنَّ أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من طلحة بن عبيد الله شيئًا، كما قال علي بن المدني وابن معين وغيرهما.
ولكن رواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة فأدخل بينهما أبا هريرة. هكذا رواه الإمام أحمد (8399) عن محمد بن بشر، حدَّثنا محمد بن عمرو، حدَّثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: كان رجلَان من بَليٍّ - حَيٍّ من قُضاعة - أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستُشهد أحدُهما، وأخِّر الآخر سنة. قال طلحة بن عبيد الله: فأريتُ الجنة. فرأيتُ المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجبت لذلك، فأصبحتُ فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، أو ذُكِر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس
قد صام بعده رمضان، وصلَّى ستة آلاف ركعة - أو كذا وكذا ركعة - صلاة السنة؟ " ثم رواه الإمام أحمد أيضًا (8400) عن يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن طلحة بن عبيد الله فذكر الحديث. فاضطرب فيه محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وهو وإن كان من رجال الجماعة ولكن سئل عنه ابن معين فقال: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من روايته، ثم يحدث به مرة أُخرى عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقال الجوزجاني: ليس بقويِّ الحديث، ويُشتَهى حديثه.
قلت: هو حسن الحديث إذا لم يخالف عليه.
• عن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يُذنب ذنبًا فيتوضأ، فيُحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين، ويستغفر الله إلَّا غفر الله له".
حسن: رواه أبو داود (1521) والترمذي في تفسير سورة آل عمران، وحسّنه، وابن ماجه (1395) كلهم من طرق عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة الوالبيّ، عن أسماء بن الحكم الفزاري، عن علي بن أبي طالب قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر حدّثني - وصدق أبو بكر - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال، فذكر الحديث.
وإسناده حسن؛ لأجل أسماء بن الحكم؛ فإنه صدوق.
إلَّا أنَّه أُعِلَّ الحديثُ به، فإنَّ أسماء بن الحكم الفزاري مختلف فيه؛ فقال البزار (رقم 11): إنه مجهول. وقال البخاري بعد أن ذكر الحديث في التاريخ الكبير (2/ 54): "لم يُرو عنه إلَّا هذا الحديث، وحديث آخر لم يتابع عليه، وقد روى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم عن بعضٍ ولم يحلف بعضهم بعضا".
قلت: أسماء بن الحكم الفزاري قال فيه موسى بن هارون: ليس بمجهول. ووثّقه العجلي وابن حبان، وأخرج هذا الحديث في صحيحه، وحسنه الترمذي. وروى عنه علي بن ربيعة والركين بن الربيع، وجوَّد الحافظ ابن حجر إسناد هذا الحديث، وقال في التقريب:"صدوق".
وأما قول البخاري: "لم يتابع عليه" فقال المزي في ترجمة أسماء بنت الحكم من تهذيب الكمال: "ما ذكره البخاري رحمه الله لا يقدحُ في صحَّة هذا الحديث، ولا يوجب ضَعفه، وأمَّا كونه لم يُتابع عليه؛ فليس شرطًا في صحَّة كلِّ حديثٍ صحيح أن يكون لراويه مُتابعٌ عليه، وفي الصحيح عدَّة أحاديثَ لا تُعرف إلَّا من وجهٍ واحدٍ".
ثمَّ قال: "وأمَّا ما أنكره من الاستحلافِ؛ فليس فيه أنَّ كلَّ واحدٍ من الصحابةِ كان يستحلف من حدَّثه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل فيه أنَّ عليًّا رضي الله عنه كان يفعل ذلك، وليس ذلك بمنكرٍ، أن يحتاط في حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما فعل عمر في سؤاله البيِّنة مِن بعض مَن كان يروي له شيئًا عن النبيِّ