الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب قتال تارك الصّلاة والزّكاة
• عن أبي هريرة، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل النّاس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمرتُ أن أقاتل النّاس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله. فمن قال: لا إله إلَّا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلَّا بحقه، وحسابه على الله". فقال أبو بكر: والله! لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزّكاة، فإن الزّكاة حق المال، والله! لو منعوني عقالًا كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر: فوالله! ما هو إلَّا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنّه الحقّ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الزّكاة (1399)، ومسلم في الإيمان (20) كلاهما من حديث الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، فذكره، واللّفظ لمسلم.
4 - باب حكم تارك الصلاة متعمدًا
• عن جابر يقول: سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تركَ الصلاة".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (82) من طريقين: أبو سفيان، وأبو الزبير، كلاهما عن جابر بن عبد الله قال: فذكره.
قال الترمذي (2618) بعد أن رواه من طريق أبي سفيان: اسمه: طلحة بن نافع.
• عن بريدة بن الحُصيب الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العَهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر".
حسن: رواه الترمذي (2621)، والنسائي (464) وابن ماجه (1079) كلهم من طريق حسين بن واقد، قال: حدَّثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه فذكر مثله.
قال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وإسناده حسن، فإنَّ الحين بن واقد المروزي أبو عبد الله القاضي في درجة "صدوق" وثَّقه ابن معين، وقال الإمام أحمد: ليس به بأس، وكذا قال أبو حاتم والنسائي، وأبو داود، وقال ابن سعد: كان حسن الحديث، فهو لا يرتقي إلى درجة "ثقة" كما قال الحافظ في التقريب، ثم هو جمع بين "ثقة" وبين "له أوهام" وهو جمع غير مستحسن، وأما الحاكم (1/ 6 - 7) فصحّحه وقال: لا تعرف له علة بوجه من الوجوه، فقد احتجا جميعًا بعبد الله بن بريدة، عن أبيه، واحتج مسلم بالحسين بن واقد، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما". انتهى.
قلت: وهو حديث أبي هريرة الآتي، ولكنه ليس بمحفوظ، كما سيأتي بيانه.
كما صححه أيضًا ابن حبان (1454) فرواه من طريق الحسين بن واقد به مثله.
• عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاةُ، فإذا تركها فقد أشرك".
صحيح: رواه اللالكائيّ في أصول الاعتقاد (1521) من طريق شعيب بن إسحاق الدّمشقيّ، ثنا أبو المغيرة (هو عبد القدوس بن الحجاج)، ثنا الأوزاعي، ثنا الوليد بن هشام، ثنا معدان بن أبي طلحة، قال: قلت لثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّثنا حديثًا ينفعنا الله به، فسكت، فقلت: حدّثنا حديثًا ينفعنا الله به، قال (فذكره).
قال اللالكائي: إسناد صحيح على شرط مسلم.
وعزاه له المنذري في "الترغيب والترهيب"(818): وقال: "إسناده صحيح".
وقال ابن القيم في "كتاب الصلاة"(ص 46): "وإسناده صحيح على شرط مسلم".
• عن أبي الدرداء قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن: "لا تُشركْ بالله شيئًا، وإن قُطِّعتَ وحُرِّقْتَ، ولا تتركْ صلاةً مكتوبةً متعمدًا فمن تركها متعمِّدًا فقد برِئت منه الذمَّة، ولا تشرب الخمرَ، فإنَّها مفتاح كلِّ شرٍّ".
حسن: رواه ابن ماجه (4034) من طريق راشد أبي محمد الحِمَّاني، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا البخاري في الأدب المفرد (18)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (1524).
وشهر فيه كلام غير أنه لا ينزل عن درجة حسن الحديث إذا لم يخالف.
ومن شواهده ما رُوي عن أنس بن مالك، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ليس بين العبد والشرك إلّا ترك الصّلاة، فإذا تركها فقد كفر".
رواه ابن ماجه (1080) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدّمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدّثنا الأوزاعيّ، عن عمرو بن سعيد، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالك، فذكره.
ويزيد هو ابن أبان الرّقاشيّ كان رجلًا صالحًا زاهدًا بكّاء، فغفل عن مذاكرة الحديث ولذلك ضعّفه جمهور أهل العلم.
ورُوي أيضا عن أنس بن مالك مرفوعًا بلفظ: "من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر جهارًا".
رواه الطبراني في الأوسط (3372) قال: حدثنا جعفر، ثنا محمد بن أبي داود الأنباري، ثنا هاشم بن القاسم، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس فذكر الحديث.
وقد سئل الدّارقطني عن هذا الحديث فقال: "وخالفه علي بن الجعد، فرواه عن أبي جعفر، عن الرّبيع مرسلًا، والمرسل أشبه بالصّواب".
قلت: ومداره أيضًا على أبي جعفر الرّازيّ وهو عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان، ذكره ابن حبان في المجروحين (702)، فقال:"كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يعجبني الاحتجاج بخبره، إلَّا فيما وافق الثقات، ولا يجوز الاعتبار بروايته إلّا فيما لم يخالف الأثبات".
وقال الحافظ في التقريب: "صدوق سيء الحفظ". فلعله مما أخطأ فيه، فزاد كلمة "جهارًا".
فإنه لم يتابع على هذه الزّيادة.
وأما تعليل الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 295) بقوله: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون إلّا محمد بن أبي داود فإني لم أجد من ترجمه، وقد ذكر ابن حبان في الثقات محمد بن أبي داود البغدادي فلا أدري هو هذا أم لا؟ ".
قلت: هو من رجال التهذيب جعله الحافظ في مرتبة "صدوق". وأبو داود هو سليمان الأنباريّ أبو هارون بن أبي داود، ولعل الهيثميّ لما لم يعرف اسم أبيه اشتبه عليه.
ومن شواهده ما رُوي عن أمّ أيمن أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تترك الصّلاة متعمّدًا، فإنّه من ترك الصّلاة متعمدًا فقد برئتْ منه ذمّة الله ورسوله".
رواه الإمام أحمد (27364) عن الوليد بن مسلم، قال: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن أمّ أيمن، فذكرته. ورواه عبد بن حميد (1594) عن عمر بن سعيد الدّمشقيّ، عن سعيد بن عبد العزيز التَّنوخيّ، بإسناده أطول من هذا، قال عمر: ثنا غير سعيد أن الزهري قال: كان الموصى بهذه الوصية ثوبان.
قلت: وفي الإسناد مكحول وهو الشامي لم يسمع من أمّ أيمن.
قال أبو حاتم: سألت أبا مسهر: هل سمع مكحول من أحد من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما صحّ عندنا إلّا أنس بن مالك.
وقد أكّد المزي وغيره أن روايته عن أمّ أيمن مرسلة.
ومن شواهده ما رُوي عن معاذ قال: "أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات، قال: لا تشركْ بالله شيئًا وإن قُتلتَ وحرِّقتَ، ولا تعقنَّ والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركنَّ صلاةً مكتوبة، فإنّ من ترك صلاةً مكتوبة متعمّدًا، فقد برئت منه ذمّة الله، ولا نشربنَّ خمرًا فإنّه رأسُ كلِّ فاحشة، وإيّاك والمعصية، فإنّ بالمعصية حلَّ سخطُ الله عز وجل، وإيّاك والفرار من الزّحف وإن هلك النّاس، وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبُت، وأنفق على عيالك من طوْلك، ولا ترفعْ عنهم عصاك أدبًا، وأخفهم في الله".
رواه الإمام أحمد (22075) عن أبي اليمان، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن
عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرميّ، عن معاذ، فذكره.
وعبد الرحمن بن جبير بن نفير لم يدرك معاذًا، وروايته عنه مرسلة.
انظر: تحفة التحصيل (ص 196).
وله إسناد آخر، رواه الطبراني في الكبير (20/ 82) من طريق عمرو بن واقد، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس الخولانيّ، عن معاذ بن جبل، أنّ رجلًا قال: يا رسول الله! علّمني عملًا إذا ما عملته دخلتُ الجنة. قال: "لا تشرك بالله
…
" الحديث بنحوه، وزاد: "لا تنازع الأمر أهله وإن رأيت أن لك".
ولكن هذا الإسناد لا يفرح به؛ لأنّ فيه عمرو بن واقد وهو الدّمشقيّ ضعيف جدًّا، ضعّفه جماهير أهل العلم، وفي التقريب:"متروك".
وقال الهيثمي في "المجمع"(1/ 138) في حديث آخر: عمرو بن واقد رمي بالكذب، وهو منكر الحديث.
ومن شواهده ما رُوي عن أميمة مولاة النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: "كنتُ أوضِّئه يومًا، أفرغ على يديه الماء، إذْ جاءه أعرابيٌّ، فقال: أوصني يا رسول الله! فإني أريد اللّحوق بأهلي، قال: "لا تشركنّ بالله شيئًا، وإن قطعت وحرّقت بالنّار، وأطع والديك فيما أمراك، وإن أمراك أن تخلي من دنياك وأهلك، فتخلّى منها، ولا تدعنّ صلاة متعمّدًا، فإنه من تركها، فقد برئتْ منه ذمة الله تعالى، وذمّة رسوله صلى الله عليه وسلم".
رواه المروزيّ في تعظيم قدر الصلاة (912) عن محمود بن آدم، قال: حدّثنا الفضل بن موسى، قال: حدّثنا أبو فروة الرّهاويّ، عن أبي يحيى الكلاعيّ، عن حبيب بن نفير، عن أميمة مولاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكرته.
وأبو فروة هو يزيد بن سنان، ومن طريقه أخرجه الحاكم (4/ 41) وزاد فيه، ولم يتكلّم بشيء. وقال الذهبي: سنده واه.
قلت: فيه يزيد بن سنان الّتميميّ أبو فروة الرّهاويّ جمهور أهل العلم على تضعيفه، وبه أعلّه المنذريّ في الترغيب والترهيب (828).
وقد ذكر الحافظ المنذري هذه الأحاديث وغيرها في الترغيب والترهيب، وتكلّم في أسانيد بعضها.
كما أن ابن نصر المروزيّ أخرج هذه الأحاديث في كتاب "تعظيم قدر الصلاة" وقام المحقّق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي بدراسة أسانيدها والحكم عليها فراجعه.
ونظرا لكثرة هذه الشّواهد ذهب بعضُ أهل العلم إلى تحسينه، والله الموفق.
وقد وردت آثار عن جماعة من الصّحابة والتابعين ومن بعدهم بأنهم لا يرون فرقًا بين الكفر والإيمان إلا ترك الصلاة.