الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"السنن الكبري"(1/ 140)؛ فإنه أورد حديث عقيل بن جابر من طريق أبي داود ولم يتكلم عليه بشيء، وذكر عددًا من الآثار، وحكم على حديث أبي الدرداء السابق في الباب الذي قبله بالاضطراب - أحببت ذكر حديث جابر لأنه من أقوى أدلة من لم ير نقضَ الوضوء من خروج الدم من غير السبيلين، وهم مالك والشافعي وجماعة من الصحابة والتابعين.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عائشة بلفظ: "من أصابه قيءٌ أو رُعاف أو قلس أو مذي فلينصرف، فليتوضّأ
…
" الحديث.
رواه ابن ماجه (1221) من حديث إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة.
وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده الشاميين، وشيخه هنا ابن جريج حجازي.
ومع ذلك فقد خالف أصحاب ابن جريج فروره مرسلًا، ولم يذكروا ابن أبي مليكة، وهو الصّواب كما قاله الدارقطني في العلل (3707).
وكذلك أعلّه أبو حاتم الرّازيّ في العلل (57) بالإرسال من وجه آخر.
قال الخطابي: "وقال أكثر الفقهاء: سيلان الدم من غير السبيلين ينقض الوضوء. وهذا أحوط المذهبين وبه أقول، وقول الشافعي قوي في القياس، ومذاهبهم أقوى في الاتباع" انتهى.
قال عبد الله بن أحمد: سألتُ أبي عن كلّ ما خرج من السّبيلين؟ قال: فيه الوضوء. وإن كان من الجسد؟ قال: إذا فحش توضأ، وقال: الفاحش لا أُحِدُّه فإذا فحش عنده توضّأ.
قال عبد الله: سمعت أبي يقول في الدّم: إذا فحش أعاد الوضوء، وإذا لم يستفحِشْه لا بأس به". مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله (1/ 76).
انظر للمزيد: "المنة الكبرى"(1/ 14 - 66).
36 - باب الوضوء من المذي، والنضح بعدَه
• عن علي بن أبي طالب قال: كنت رجلًا مذّاءً، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمر المقداد بن الأسود فسأله فقال:"يغسل ذكره، ويتوضأ".
متَّفقٌ عليه: رواه البخاري في الوضوء (178) ومسلم في الحيض (303) كلاهما من طريق الأعمش، عن منذر بن يعلى (أبي يعلي)، عن محمد بن الحنفية، عن علي، فذكره. واللفظ لمسلم، وفي لفظ عند البخاري (269) من وجه آخر:"توضّأ، واغْسلْ ذَكرَك" قوله: "واغْسل ذكرَك" هذا مما لا خلاف فيه.
وفي مسلم عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: "تَوَضّأ، وانْضَحْ فَرْجَكَ".
قوله: "وانضحْ فرْجك" أي الثوب الذي أصابه المذي يكفيه فيه رَشُّ الماء قليلا، وبه قال أحمد، وقال الشافعي:"لا يجزئ إلا الغَسْل" انظر للمزيد: المنة الكبرى (1/ 30 - 32).
وأما ما رواه مالك في الطهارة (53) عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فيه:"إذا وجد أحدكم فلينضح فرْجَه بالماء، وليتوضأ وضوءَه للصلاة" فهو منقطع، لأن سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد ولا من علي، وبين سليمان بن يسار وعلي - ابن عباس كما في إسناد مسلم.
• عن سهل بن حُنيف قال: كنتُ ألقَى من المذي شدّة، وكنت أُكثِرُ من الاغتسال، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال:"إنما يجزيك من ذلك الوضوء" قلت: يا رسول الله! فكيف بما يُصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك بأن تأخذ كفًّا من ماءٍ، فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه".
حسن: رواه أبو داود (210) والترمذي (115) وابن ماجه (506) كلهم من حديث محمد بن إسحاق، حدثني سعيد بن عبيد السباق، عن أبيه، عن سهل بن حُنيف، فذكره.
وصححه ابن خزيمة (291) وابن حبان (1103)، كلاهما من هذا الوجه.
ورجاله ثقات غير ابن إسحاق؛ فهو صدوق، وهو مُدلِّس إلَّا أنه صرح بالسماع.
قال الترمذي: حسن صحيح، ولا نعرفه إلَّا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا.
• عن عبد الله بن سعد الأنصاري قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عما يُوجِبُ الغُسْل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال:"ذاك المَذي، وكل فَحْل بَمذي، فتَغْسِلُ من ذلك فرجَك وأُنثَييك، وتَوَضَّأ وضوءَك للصلاة".
حسن: رواه أبو داود (211) قال: حدَّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا عبد الله بن وهب، حدَّثنا معاوية - يعني ابن صالح - عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري، فذكر الحديث.
إسناده حسن ورجاله ثقات غير حرام بن حكيم؛ فوثقه العجلي والدراقطني، وضعَّفه غيرهما، غير أنه لا ينزل عن درجة "صدوق". وأما الحافظ فجعله في درجة "ثقة".
ثم اعلم أن هذا الحديث جزء من الحديث الذي يرويه عبد الله بن سعد الأنصاري، والجزء الآخر من الحديث أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال: "لك ما فوق الإزار" وذكر مؤاكلة الحائض أيضًا.
هكذا يراه أبو داود، فإنه أوَّلًا روي حديث إبراهيم بن موسى كما سبق، ثم روى عن هارون بن محمد بن بكار، ثنا مروان - يعني ابن محمد - ثنا الهيثم بن حميد، ثنا العلاء بن الحارث، عن حرام