الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأبو سفيان طريف بن شهاب السعدي ضعيف؛ فقد ضعّفه ابن معين وأبو حاتم، وقال البخاري: ليس بالقوي. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث.
وأما ما رواه الحاكم (1/ 132) من طريق سعيد بن مسروق الثوري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به مثله وقال:"صحيح الإسناد على شرط مسلم" فيبدو أنه وقع خطأ في الطباعة، لأنه يقول عقبه: وشواهده عن أبي سفيان عن أبي نضرة كثيرة. فقد رواه أبو حنيفة وحمزة الزيات وأبو مالك النخعي وغيرهم عن أبي سفيان" ولم يسبق ذكر أبي سفيان أصلًا. فذكر سعيد بن مسروق الثوري خطأ من الناسخ أو من الطابع وإنما هو أبو سفيان، وكون الذهبي ذكر في تلخيصه أيضًا سعيد بن مسروق فإما أن يكون هو الآخر من وهم لوجوده في نسخة الحاكم هكذا، أو أن المصححين أثبتوه ليكون موافقًا لما في الأصل. وممن أخرج حديث أبي سعيد من طريق أبي سفيان المذكور الدارقطني (1/ 359) من شيوخ الحاكم إلَّا أنه لم يذكر الواسطة بينه وبين أبي سعيد وهو أبو نضرة. وأما الزيلعي فتجاهل ذكر سعيد بن مسروق أو أبي سفيان وإنما نقل قول الحاكم: "وحديث عبد الله بن عقيل عن ابن الحنفية عن علي أشهر إسنادًا، لكن الشيخين أعرضا عن ابن عقيل أصلًا" وهذا يدل على أن الطريق الذي رواه الحاكم هو الذي فيه أبو سفيان، ولو كان سعيد بن مسروق لجعله متابعًا له، وقوَّى أمره، والحمد لله على توفيقه.
4 - باب ما جاء في ثواب الطهور
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرجت من وجهه كلُّ خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء، (أو مع آخر قطر الماء)، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كلُّ خطيئةٍ بطشتها يداه مع الماء (أو مع آخر قطر الماء)، فإذا غسل رجليه خرجت كلُّ خطيئةٍ مشتها رجلاه مع الماء (أو مع آخر قطر الماء)، حتَّى يخرج نقيًّا من الذنوب".
صحيح: رواه مالك في الطهارة (31) عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر الحديث. ومن طريقه رواه مسلم في الطهارة (244).
• عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجَتْ خطاياه من جسدِه، حتَّى تخرج من تحت أَظْفاره".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (245) عن محمد بن معمر بن ربعي، حدَّثنا أبو هشام المخزومي، عن عبد الواحد، (وهو ابن زياد) حدَّثنا عثمان بن حكيم، حدَّثنا محمد بن المنكدر، عن حُمْران، عن عثمان بن عفان .. فذكر الحديث.
• عن حُمْران مولى عثمان قال: أتيت عثمان بن عفان بوضوء، فتوضأ ثم قال:
إن ناسًا يتحدَّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث لا أدري ما هي؟ إلَّا أنِّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال:"من توضأ هكذا غُفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (229) عن قتيبة بن سعيد، وأحمد بن عبدة الضبِّي، ثنا عبد العزيز - وهو الدراوردي -، عن زيد بن أسلم، عن حُمْران مولى عثمان .. فذكره.
• عن إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: حدثني أبي، عن أبيه قال: كنت عند عثمان بن عفان، فدعا بطهور فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيُحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلَّا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم يُؤت كبيرةً، وذلك الدهرُ كله".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (228) عن عبد بن حميد، وحجاج الشاعر، كلاهما عن أبي الوليد: حدَّثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص به.
• عن حُمْران بن أبان قال: كنت أضع لعثمان طهوره، فما أتي عليه يومٌ إلَّا وهو يفيض عليه نُطفةً. وقال عثمان: حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافنا من صلاتنا هذه - قال مِسعر: أراها العصر - فقال: "لا أدري أُحدِّثكم بشيء أو أسكت"، فقلنا: يا رسول الله! إن كان خيرًا فحدَّثنا، وإن كان غيرَ ذلك فالله ورسوله أعلم، قال:"ما من مسلم يتطهر، فيتم الطهور الذي كتب الله عليه، فيصلي هذه الصلوات الخمس، إلَّا كانت كفارات لما بينها".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (231) عن أبي كُرَيب محمد بن العلاء، وإسحاق بن إبراهيم جميعًا، عن وكيعٍ. قال أبو كريب: حدَّثنا وكيع، عن مسعر، عن جامع بن شدَّاد، قال: سمعت حُمْران .. فذكر مثله.
• عن حُمْران مولى عثمان قال: توضأ عثمان يوما وضوءًا حسنًا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال:"من توضأ هكذا، ثم خرج إلى المسجد لا يَنْهَزُه إلَّا الصلاة غُفِر له ما خلا من ذَنْبه".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (232) عن هارون بن سعيد الأيلي، حدَّثنا ابن وهبٍ، وأخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن حُمْران .. فذكر مثله.
وقوله: (ما خلا من ذنبه) أي: ما مضى من ذنبه.
• عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان،
والحمد لله تملأُ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبايع نفسه فمُعْتِقها أو موبقها".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (223). عن إسحاق بن منصور، حدَّثنا حَبَّان بن هلال، حدَّثنا أبان، حدَّثنا يحيى، أن زيدًا حدثه، أن أبا سلام حدثه، عن أبي مالك الأشعري قال: فذكر الحديث.
قلت: هذا من جملة المواضيع التي تكلم فيها الدارقطني في "التتبع"(رقم 34) وأعَلَّ هذا الطريق بالانقطاع بين أبي سلام وأبي مالك الأشعري، بناء على ما رواه معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن عبد الرحمن بن غَنْم، أن أبا مالك الأشعري حدثه فذكر الحديث، فأدخل معاوية بن سلام بين أبي سلام وبين أبي مالك "عبد الرحمن بن غَنْم" فجعل آل الرجل أدرى بروايته من غيرهم، فمعاوية أدرى برواية أخيه من يحيى (وهو ابن أبي كثير) الذي روى من طريقه مسلم.
وممن رجح رواية معاوية بن سلام - النسائي في "عمل اليوم والليلة"(168) فإنه بعد أن أخرج من طريق يحيى بن أبي كثير قال: وخالفه معاوية بن سلام - رواه عن أخيه زيد، عن أبي سلام، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن أبي مالك فذكر الحديث مُختصرًا، وأجاب عنه النووي في شرحه لمسلم قائلًا:"بأن الظاهر من حال مسلم أنه علم سماع أبي سلام لهذا الحديث من أبي مالك، فيكون أبو سلام سمعه من أبي مالك: وسمعه أيضًا من عبد الرحمن بن غَنْم، عن أبي مالك. فرواه مرة عنه، ومرة عن عبد الرحمن، وكيف كان فالمتن صحيح لا مطعن فيه".
وتعقبه العلائي في "جامع التحصيل"(ص 138) قائلًا: "ورجح بعضهم قول الدارقطني بأن أبا مالك الأشعري توفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وقد قالوا في رواية أبي سلام عن علي وحذيفة وأبي ذر أنها مرسلة، فروايته عن أبي مالك أولى بالإرسال".
قلت: إن صحَّ ما نقله العلائي في تاريخ وفاة أبي مالك فلا شك أن رواية مسلم مرسلة، وهي مبنية على أن أبا مالك الأشعري غير الحارث بن الحارث الأشعري الذي يكنى أيضًا أبا مالك، وأما أبو مالك شيخ عبد الرحمن بن غَنْم فهو مختلف في اسمه فقيل: كعب بن عاصم، وقيل عبيد، وقيل: عمرو، وقيل: الحارث وقيل غير ذلك. فقد ثبت سماع أبي سلام من الحارث بن الحارث الأشعري الذي تأخرت وفاته، ولم يثبت سماعه من أبي مالك الذي توفي في طاعون عمواس عام ثماني عشرة. لأن أبا سلام ولد بعد وفاة أبي مالك الأشعري. فتنبه لذلك فإنَّ في بعض الروايات تصريح أبي سلام بالتحديث من الحارث الأشعري كما في حديث: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها
…
" الحديث بطوله في كتاب الايمان.
رواه الترمذي في الأمثال (2863) وابن خزيمة (930) والحاكم (1/ 236) كلهم من طريق زيد
ابن سلام، أن أبا سلام حدَّثه، أن الحارث الأشعري حدَّثه فذكر الحديث.
• عن أبي أمامة قال: قال عمرو بن عَبَسة السُّلَمي: كنتُ وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعتُ برجل بمكة يُخبر أخبارًا، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيًا، جُرَءَاءُ عليه قومُه، فتلطّفُ حتَّى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ قال: "أنا نبي"، فقلت: وما نبي؟ قال: "أرسلني الله"، فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: "أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يُوحَّد الله لا يُشرَكُ به شيء"، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: "حرّ وعبد". - قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به - فقلت: إنِّي متّبعك! قال: "إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظَهرتُ فأتني". قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر الأخبار وأسأل الناس حين قدم المدينة، حتَّى قدم عليَّ نفر من أهل يثرب من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سِراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك. فقدمتُ المدينة، فدخلت عليه، فقلتُ: يا رسول الله! أتعرفني، قال:"نعم، أنت الذي لقيتني بمكة؟ "، فقلتُ: بلى، فقلت: يا نبي الله! أخبرني عما علّمك الله وأجهلُه، أخبرني عن الصلاة؟ قال:"صلّ صلاة الصبح، ثم أَقْصِر عن الصلاة حتَّى تطْلُعَ الشمسُ حتَّى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرنَي شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار، ثم صلّ، فإنَّ الصلاة مشهودة محضورة، حتَّى يستقل الظلُّ بالرُّمْح، ثم أَقْصِر عن الصلاة، فإنَّ حينئذ تُسجَرُ جهنم، فإذا أقبل الفيءُ فصلِّ، فإنَّ الصلاة مشهودة محضورة حتَّى تصلي العصر، ثم أَقْصِر عن الصلاة حتَّى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرنَي شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار". قال: قلت: يا نبي الله! فالوضوء، حدثني عنه، قال: "ما منكم رجلٌ يُقرّب وَضُوءَه فيتمضمض ويستنشق فينتشر إلَّا خرَّت خطايا وجهه وفِيه وخَياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلَّا خرَّت خطايا وجهه من أطراف لِحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلَّا خرَّت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلَّا خرَّت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسلُ قدميه إلى الكعبين إلَّا خرَّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلَّى، فحمد الله وأثنى عليه،
ومجَّده بالذي هو له أهل، وفرَّغ قلبه لله، إلَّا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه".
فحدث عمرو بن عَبَسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أُمامة: يا عمرو بن عبسة! انظر ما تقول في مقام واحد يُعْطى هذا الرجل؟ فقال عمرو: يا أبا أُمامة! لقد كَبِرَت سنِّي، ورقَّ عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا مرة أو مرتين أو ثلاثًا - حتَّى عدَّ سبع مرات - ما حدَّثت به أبدًا، ولكنِّي سمعته أكثر من ذلك.
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (832)، عن أحمد بن جعفر المَعقري، حدَّثنا النضرُ بن محمد، حدَّثنا عكرمة بن عمَّار، حدَّثنا شدَّاد بن عبد الله أبو عمَّار، ويحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي أُمامة .. فذكر الحديثَ.
واقتصر النسائي (147) على الوضوء.
قوله: "يقرب وَضوءه" - بفتح الواو - هو الماء الذي يتوضأ به.
• عن أبي أُمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من خرج من بيته مُتطهِّرًا إلى صلاةٍ مكتوبةٍ فأجره كأجر الحاج المُحرِم، ومن خرج إلى تسبيح الضُحى لا ينصبه إلَّا إياه فأجره كأجر المُعتَمِر، وصلاةٌ إثرَ صلاةٍ لا لَغوَ بينهما كتابٌ في عِلِّيِّين".
حسن: رواه أبو داود (558) عن أبي توبة، حدَّثنا الهيثم بن حُميد، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أُمامة فذكر مثله.
وإسناده حسن لأجل الكلام في القاسم بن عبد الرحمن الشامي الدمشقي، غير أنه حسن الحديث.
• عن أبي أُمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. - وقال عبد الوهاب: أبو أُمامة الحِمصي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوضوء يُكفِّر ما قبله، ثم تصير الصلاة نافلة".
فقيل له: أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاث، ولا أربع، ولا خمس.
حسن: رواه أحمد (22162) قال: حدَّثنا محمد بن بشر، حدَّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب وعبد الوهاب، عن هشام وأزهر بن القاسم، حدَّثنا هشام، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أُمامة.
ورواه أيضًا أبو داود الطيالسي (2/ 541 رقم 1225) والطبراني في الكبير (7570) كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة به.
ورجاله ثقات غير شهر بن حوشب؛ فقد تكلم فيه ابن حبان وابن عدي. وقال ابن معين: ثبت. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال العجلي: شامي تابعي ثقة. وجعله الحافظ في مرتبة "صدوق كثير الإرسال والأوهام".
إلَّا أنه لم ينفرد به، بل توبع؛ فقد رواه أبو داود الطيالسي (1231) واللّفظ له، وأحمد (5/ 254) والطبراني في الكبير (8071) كلهم من طريق أبي غالب، عن أبي أُمامة قال:"إذا توضأ المسلم فأحسن الوضوء خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه؛ فإنْ قعد قعد مغفورًا له، وإن صلَّى كانت له فضيلة"، فقيل له: أو نافلة؟ فقال: "إنما كانت النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم". اختلف في رفعه ووقفه، والصواب رفعه.
وأبو غالب صدوق.
ورواه مسدد ومحمد بن يحيى بن أبي عمر من طريق شمر بن عطية، عن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه؛ فإنْ قعد قعد مغفورًا له".
ويبدو أنه سقط بعد شمر بن عطية (شهر بن حوشب)؛ فإنَّ شمر بن عطية لم يلق أبا أُمامة.
ورواه أحمد بن منيع من طريق أبي مسلم قال: دخلت على أبي أُمامة وهو يتفلَّى في المسجد ويَدْفُن القمل في الحصا، فقلت: يا أبا أُمامة! إن رجلًا حدثني عنك أنك قلت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من توضأ فأسبغ الوضوء؛ غسل يديه ووجهه، ومسح رأسه وأذنيه، ثم قام إلى صلاة مفروضة، غفر الله له في ذلك اليوم ما مشت إليه رجليه، وقبضت عليه يديه، وسمعت إليه أذنيه، ونظرت إليه عينيه، وحدثت به نفسه من سوء" فقال: والله لقد سمعته من نبي الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصيه.
هكذا رجليه ويديه وأذنيه وعينيه، والصواب أن تكون هذه الكلمات مرفوعة.
وللحديث طرق أُخرى أوردها البوصيري في "إتحاف الخيرة"(1/ 396 - 397). وأبو عبيد في الطهور (20 - 23).
• عن عقبة بن عامر قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل يُعالج نفسه إلى الطهور، وعليه عُقَد، فيتوضأ، فإذا وضَّأ يديه انحلتْ عقدةٌ، فإذا وضَّأ وجْهَه انحلتْ عقدةٌ، وإذا مسح برأسه انحلتْ عقدةٌ، وإذا وضَّأ رجليه انحلتْ عقدةٌ؛ فيقول الله للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يُعالج نَفْسَه يسألني، ما سألني عبدي فهو له".
صحيح: رواه أحمد (17791) والطبراني في الكبير (17/ رقم 301) كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن أبا عُشَّانة حدثه، أنه سمع عقبة بن عامر، فذكر الحديث. واللفظ لأحمد.
وإسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو عُشَّانة هو حيُّ بن يؤمِن المصري، مشهور بكنيته، وثقه أحمد وابن معين وغيرهما. وقد صحّحه ابن حبان (2555)، ورواه من هذا الوجه.
والحديث رواه أيضًا الإمام أحمد في مواضع أُخرى، ولكن فيه ابن لهيعة. انظر:(17458)، ولكن في بعض طرقه روى عنه عبد الله بن المبارك، وهو ممن سمع منه قديمًا، وروايته عنه صحيحة. وفي الباب أحاديث أُخرى. انظر: صلاة الليل.
وأما ما رُوِي عن عبد الله الصُنابحي مرفوعًا بلفظ: "إذا توضأ العبدُ المؤمن فتمضمض، خرجتِ الخطايا من فيه، وإذا استشر خرجتي الخطايا من أنفه. فإذا غسل وجهَه خرجتِ الخطايا من وجهه، حتَّى تخرجَ من تحت أشْفار عينيه. فإذا غسل يديه خرجتِ الخطايا من يديه حتَّى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجتي الخطايا من رأسه حتَّى تخرجَ من أُذنيه. فإذا غسل رجليه خرجتِ الخطايا من رجليه حتَّى تخرج من تحت أظفار رجليه قال: "ثم كان مشيُه إلى المسجد وصلاته نافلة له".
رواه مالك في الطهارة (30) عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصُنابحي فذكر مثله.
ورواه النسائي (103) من طريق مالك به، وابن ماجه (282) من وجه آخر عن زيد بن أسلم به مثله.
والصواب أن الحديث مرسل، فإنَّ عبد الله الصُنابحي من التابعين.
قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(2/ 190): "قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي فذكر الحديث. فقال لي: وهم مالك في قوله: عبد الله الصُنابحي، وإنما هو أبو عبد الله، واسمه: عبد الرحمن بن عُسيلة، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث مرسل".
قال ابن عبد البر: "هو كما قال البخاري". ونقل في "التمهيد"(4/ 3 - 4) عن ابن معين: أن أحاديثه مرسلة ليست له صحبة. ثم قال: "صدق يحيى بن معين، ليس في الصحابة أحد يقال له عبد الله الصُنابحي" وإنما في الصحابة الصنابح الأحمسي، وهو الصُنابح بن الأعسر كوفي، روى عنه قيس بن أبي حازم أحاديث، منها حديثه في الحوض، ولا في التابعين أيضًا أحد يقال له: عبد الله الصُنابحي، فهذا أصح قول من قال إنه: أبو عبد الله، لأن أبا عبد الله الصُنابحي مشهور في التابعين، كبير من كبرائهم، واسمه: عبد الرحمن بن عُسيلة، وهو جليل، كان عبادة بن الصامت كثير الثناء عليه" انتهى.
فهؤلاء ثلاثة وهم يحيى بن معين والبخاري وابن عبد البر من أساطين هذا الفن شهدوا على أن عبد الله الصُنابحي هو: أبو عبد الله الصُنابحي من التابعين وحديثه مرسل. وإن مالكًا وهم فجعله صحابيًّا.