الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الترمذي عن حديث حَمنة: حسن صحيح.
قلت: الصواب أنه حسن فقط، فقد اختلف في عبد الله بن محمد بن عقيل؛ فضعفه يحيى بن معين. ووثّقه العجلي فقال: مدني تابعي جائز الحديث. وجعله الحافظ في مرتبة "صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بآخره".
ولما قال ابن منده: "حديث منة لا يصح عندهم من وجه من الوجوه؛ لأنه من رواية ابن عقيل، وقد أجمعوا على ترك حديثه" ردّ عليه ابن التركماني قائلًا: "واعلم أن هذا من ابن منده عجيب؛ فإنَّ أحمد وإسحاق والحميدي كانوا يحتجون بحديثه، وحسن البخاري حديثه، وصحّحه ابن حنبل والترمذي كما تقدم، وقد ذكرنا فيما مضى أن الترمذي صحّح في أبواب الفرائض حديثًا آخر وحسنه، وفي سنده ابن عقيل". "الجوهر النقي"(1/ 339).
ولكن شكّ البخاري في سماع ابن عقيل من إبراهيم؛ فأجاب ابن التركماني: بأن ابن عقيل سمع من ابن عمر وجابر وأنس وغيرهم، وهم نظراء شيوخ إبراهيم، فكيف يُنكر سماعه منه. انتهى. انظر للمزيد:"المنة الكبرى"(1/ 227 - 229).
وقوله: "ركضة من ركضات الشيطان" قال الخطابي: "أصل الركض الضرب بالرِّجل، والإصابة بها، يريد به الإضرار والإفساد، كما تركض الدابة وتصيب برجلها. ومعناه - والله أعلم -: أن الشيطان قد وجد بذلك طريقًا إلى التلبيس عليها في أمر دينها ووقت طهرها وصلاتها حتَّى أنساها ذلك؛ فصار في التقدير كأنه ركضة نالتها من ركضاته. وإضافة النسيان في هذا إلى فعل الشيطان كما هو في قوله تعالى: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [سورة يوسف: 42] وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أنساني الشيطانُ شيئًا من صلاتي فسَبِّحوا" أو كما قال، أي: إن لبَّس عليَّ". (معالم السنن:
1/ 89).
19 -
باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة
• عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله! إنِّي امرأة أُستحاضُ فلا أطْهر؛ أفأدعُ الصلاةَ؟ قال: "لا؛ إنَّما ذلك عِرقٌ، وليستْ بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتكِ فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرتْ فاغْسِلي عنكِ الدمَ ثمَّ صلِّي".
قال: وقال أبي: ثمَّ توضَّئي لكلِّ صلاةٍ حتَّى يجيء ذلك الوقت.
متَّفقٌ عليه: رواه البخاري في الوضوء (228) عن محمد، قال: ثنا أبو معاوية، ومسلم (333) عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، مقرونًا بعبد العزيز بن محمد. ومن طرقٍ أُخرى كلُّهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة .. فذكرت الحديثَ. واللفظ للبخاري. ومحمد هذا غير منسوبٍ، ولأبي ذرٍّ:"هو ابن سلام".
وقوله: "قال" أي: هشام بن عروة. وقوله: "قال أبي" أي: عروة بن الزبير.
فاختلف أهل العلم في هذا الجزء من الحديث؛ هل هو متصل أم معلق؟ فذهب الزيلعي وغيره إلى أنه معلق، وذهب الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 332) إلى أنه متصل، قال رحمه الله تعالى:"وادعى بعضُهم أن هذا معلق، وليس بصواب، بل هو بالإسناد المذكور عن محمد، عن أبي معاوية، عن هشام. وقد بيّن ذلك الترمذي في روايته. وادّعى آخر أن قوله "ثم توضّئي" من كلام عروة موقوفًا عليه. وفيه نظر؛ لأنه لو كان كلامه لقال: "ثم تتوضأ" بصيغة الإخبار، فلما أتي بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع وهو قوله: "فاغتسلي" انتهى.
هذا كلام جيد، وأبو معاوية لم ينفرد برواية زيادة قوله: "توضّئي
…
" بل تابعه غيره، وإن كان أهل العلم قد اختلفوا في هذه الزيادة. انظر: كلام الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على جامع الترمذي.
ورواه أبو داود (298) وابن ماجه (624) كلاهما من حديث وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة .. وفيه:"أجتنبي الصلاة أيام محيضكِ، ثمَّ اغتسلي وتوضَّئي لكلِّ صلاةٍ وإن قطر الدم على الحصيرِ".
وحبيب بن أبي ثابت ثقةٌ، وثقه ابن معين، والنسائي، إلَّا أنَّه كان كثير الإرسال والتدليس. وقد يقال: إنَّه لم يسمع من عروة.
وضعَّف هذا الإسناد أبو داود كما سيأتي.
وذهب أكثر الفقهاء إلى أنَّ المستحاضة تتوضَّأ لكلِّ صلاةٍ.
• عن فاطمة بنت أبي حُبَيش أنها كانت تُستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا كان دمُ الحيضة - فإنه دم أسود يُعرف - فإذا كان ذلك فأمْسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضّئِي وصَلِّي؛ فإنما هو عرق".
حسن: رواه أبو داود (286) قال: حدَّثنا محمد بن المثنى، حدَّثنا محمد بن أبي عدي، عن محمد - يعني ابن عمرو - قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حُبَيش، فذكرت الحديث.
قال أبو داود: وقال ابن المثنى: حدَّثنا به ابن أبي عدي من كتابه هكذا، ثم حدَّثنا به بعدُ حفظًا، قال: حدَّثنا محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن فاطمة كانت تُستحاض، فذكر معناه. فرجع الحديث إلى مسند عائشةَ.
ورجاله ثقات غير محمد بن عمرو بن علقمة؛ فإنه حسن الحديث إذا لم يخطئ.
وأمَّا حديث عدي بن ثابت عن أبيه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم:"تدعُ الصلاةَ أيام أقْرائِها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل وتتوضَّأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي" فهو ضعيف. رواه أبو داود (297) والترمذي (126) وابن ماجه (625) كلهم من طريق شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت.
قال الترمذي: هذا حديث قد تفرد به شريك، عن أبي اليقظان. وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقلت: علي بن ثابت، عن أبيه، عن جده؛ جدّ عدي ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه، وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين: إن اسمه (دينار) فلم يعبأ به.
وقال أبو داود: حديث عدي بن ثابت والأعمش، عن حبيب وأيوب أبي العلاء كلها ضعيفة لا تصح. انتهى.
قلت: علته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، قال ابن معين: ثقة يغلط. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة سيئ الحفظ. والخلاصة كما قال الحافظ: صدوق يخطئ كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلًا فاضلًا عابدًا شديدًا على أهل البدعة.
وأبو اليقظان هو عثمان بن عُمير - بالتصغير - الكوفي الأعمى: ضعيف اختلط، وكان يدلس ويغلو في التشيع" التقريب.
انظر للمزيد: "المنة الكبرى (1/ 225).
• * *