الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي أيضًا عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء" وهو حديث منكر، رواه الدارقطني (1/ 75) والبيهقي (1/ 12) من حديث المسيب بن واضح، نا مبشر ابن إسماعيل، عن الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
قال البيهقي في السنن الكبري (1/ 11): "هذا حديث مختلف فيه على المسيب بن واضح، وهو واهم فيه في موضعين: في ذكر ابن عباس، وفي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، والمحفوظ من قول عكرمة غير مرفوع"، انتهى.
2 - باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده في الإناء قبل غسلهما
• عن أبي هريرة، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يُدخلها في وضوئه؛ فإن أحدكم لا يدري أين بانت يدُه".
متفق عليه: رواه مالك في الطهارة (9) عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه البخاريّ في الوضوء (162) من طريق مالك، به. إلا أنّه جمع هذا الحديث مع حديث:"إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر"، ولعله لاتحاد سندهما، وأما مالك ففرَّقه، وكذا مسلم؛ فإنه رواه في الطهارة (278) من طريق المغيرة الحِزامي، عن أبي الزّناد عنه به، ورواه أيضًا من طرق أخرى عن أبي هريرة.
3 - باب أن الماء إذا كان قُلَّتين لا يُنَجِّسه شيء
• عن عبد اللَّه بن عمر قال: سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبَث".
صحيح: رواه أبو داود (63، 64) والترمذي (67)، والنسائي (52) وابن ماجه (517) كلّهم عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه عبد اللَّه بن عمر، إلا الترمذيّ فإنه قال: عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر.
وإسناده صحيح، وصحّحه أيضًا ابن خزيمة (92)، وابن حبان (1249)، والحاكم (1/ 132 - 133) وقال: صحيح على شرط الشّيخين، فقد احتجاج بجميع رواته ولم يخرجاه وأظنّهما -واللَّه أعلم- لم يخرجاه لخلاف فيه على أبي أسامة، عن الوليد بن كثير. انتهى
وعبيد اللَّه المصغَّر وعبد اللَّه المكبر كلاهما ثقتان، يرويان عن أبيهما عبد اللَّه بن عمر، كنية عبيد اللَّه أبو بكر، وهو شقيق سالم، وكنية عبد اللَّه أبو عبد الرحمن المدني، توفي عبيد اللَّه سنة 106 هـ، وتوفي عبد اللَّه سنة 105 هـ.
انظر للمزيد: "المنة الكبرى"(1/ 278).
وقوله: (ينوبه) إذا تردد إليه مرة بعد مرة، ونوبة بعد نوبة، مِن ناب المكان وانتابه.
والقُلّة: إناء للعرب كالجرة الكبيرة، وقد قدرها الفقهاء مائتين وخمسين رطلا إلى ثلاثمائة.
• عن ابن عباس قال: اغتسل بعضُ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جَفْنةٍ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضّأَ منها -أو يغتسلَ- فقالت له: يا رسول اللَّه! إني كنت جنبًا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن الماء لا يُجْنِبُ".
حسن: رواه أبو داود (68) والترمذي (65) والنسائي (325) وابن ماجه (370، 371) كلّهم من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس.
قال الترمذيّ: حسن صحيح.
قلت: إسناده حسن لأجل سماك بن حرب، وقد أعِلَّ بأنه كان يقبل التلقين، ولكن رواه ابن خزيمة (91)، من طريق شعبة عنه، وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم. وصحَّحه أيضًا ابن حبان (1242)، والحاكم (1/ 159) كلاهما من هذا الوجه، وقال الحاكم:"هذا حديث صحيحٌ في الطهارة ولم يُخرجاه، ولا يُحفظ له علَّة". والجَفْنةُ: القصعة الكبيرة.
• عن أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول اللَّه! أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يُطرح فيها الحيضُ ولحوم الكلاب والنَّتْنُ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"الماء طهور لا يُنَجِّسه شيء".
حسن: رواه أبو داود (66) والترمذي (66) والنسائي (326) كلّهم من طريق الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع، عن أبي سعيد الخدري.
قال أبو سعيد في رواية عند النسائي: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النَّتْن؟ فقال: "الماء لا ينجسه شيء".
قال الترمذيّ: حديث حسن، وقد جوّد أبو أسامة هذا الحديث؛ فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة (عن الوليد بن كثير)، وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد. انتهى.
قلت: إسناده حسن لغيره ورجاله ثقات غير عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع؛ فلم يوثقه أحد، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 71).
ولكن للحديث طرق أخرى كما قال الترمذيّ، منها ما رواه أبو داود (67) من طريق محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يقال له: إنه يُستقى لك من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها لحومُ الكلاب والمحايِض وعِذَر النّاس، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن الماء طهور لا ينجسه شيء".
محمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعن، وسليط بن أيوب ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 430)
وقال الحافظ: "مقبول" أي عند المتابعة.
ورواه النسائي (328) من طريق مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: "الماء لا ينجسه شيء".
وفيه خالد بن أبي نوف، ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 264) وقال الحافظ:"مقبول" أي عند المتابعة.
وللحديث أسانيد أخرى كلها معلولة؛ ولذا نقل ابن الجوزي عن الدارقطني أنّه قال: "إنّه ليس بثابت". وتعقَّبه النووي في الخُلاصة (1/ 65) فقال: حسَّنه الترمذيّ، وفي بعض النسخ:"حسن صحيح" وقال الإمام أحمد بن حنبل: "هو صحيح" وكذا قال آخرون، وقولهم مقدَّمٌ على قول الدارقطني:"إنَّه غير ثابت". انتهى.
وكذلك صحَّحه أيضًا يحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم كما في "التلخيص الحبير"(1/ 13).
وأمّا قول الدارقطني: "إنّه ليس بثابتٍ" فيقول الحافظ: "ولم نر ذلك في العلل له ولا في السنن" انتهى.
قلت: قاله الدّارقطني في حديث أبي هريرة في العلل (8/ 157).
ثم إن صحَّ هذا الحديث المطلق فهو مقيد بحديث ابن عمر السابق، وهو أن يكون الماء قلتين فأكثر ما لم يتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه، فهو طاهر بالإجماع كما حكاه ابن المنذر في كتابه "الإجماع"(ص 33).
وأمّا الأحاديث الواردة عن ثوبان، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"الماء طهور إلّا ما غلب على طعمه أو ريحه". رواه الدّارقطني وغيره، فهو ضعيف.
وكذلك ما روي عن أبي أمامة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الماء لا ينجسه شيء إلّا ما غلب على طعمه وريحه ولونه".
رواه ابن ماجه (521) وغيره، فهو ضعيف أيضًا.
وكذلك لا يصح ما روي عن جابر بن عبد اللَّه، رواه ابن ماجه (520) وفيه طريف بن شهاب أجمعوا على تضعيفه.
وفي الباب ما رُوي عن سهل بن سعد السّاعديّ قال: "سقيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيدي من بضاعة".
رواه الإمام أحمد (22860) عن حسين بن محمد، حدّثنا الفضيل -يعني ابن سليمان-، حدّثنا محمد بن أبي يحيى، عن أمّه، قالت: سمعت سهل بن سعد يقول (فذكر الحديث).
ورواه الدّارقطنيّ (48) من وجه آخر عن فضيل بن سليمان النّميريّ، عن أبي حازم، عن سهل ابن سعد، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الماء لا ينجسه شيء".
وإسناده ضعيف من أجل الكلام في فضيل بن سليمان النميريّ، فقد ضعّفه ابن معين والنسائي،
وقال أبو زرعة: لين الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ليس بالقوي.
قلت: روى له الجماعة وكان علي بن المديني مع تعنته في الرجال روي عنه، فلعله انتقى من حديثه.
ولا تنفعه متابعة حاتم بن إسماعيل لاضطرابه في إسناده فقد رواه أبو يعلى (7519)، والطبرانيّ في الكبير (6026)، والبيهقيّ في السنن (1/ 259)، وفي المعرفة (1823) كلّهم من طرق عن حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن أبي يحيى، عن أبيه، قال: دخلتُ على سهل بن سعد السّاعدي في نسوة فقال: "لو أني أسقيكم من بضاعة لكرهتم ذلك، وقد -واللَّه- سقيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيدي منها".
قال البيهقي: هذا إسناد حسن موصول.
ولكن رواه الطحاوي في شرحه (4) من هذا الطريق وقال: "عن أمه" بدلا من "أبيه" وهو موافق لما رواه الفضيل بن سليمان عند الإمام أحمد، وأمُّه لا تعرف من هي وما حالها، فكيف يكون إسناده حسنًا مع اضطرابه في الإسناد والمتن.
وله إسناد آخر أضعف من هذا وهو ما رواه القاسم بن أصبغ في "مصنفه" قال: ثنا محمد بن وضاح، ثنا عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد، قال: قالوا: يا رسول اللَّه! إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما يُنجي الناسُ والمحائض والخبث، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"الماء لا ينجسه شيء".
وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن في مستخرجه على سنن أبي داود: حدّثنا محمد بن وضاح به، قال ابن وضاح: لقيت ابن أبي سكينة بحلب، فذكره. وقال قاسم بن أصبغ: هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة، وقال ابن حزم: عبد الصمد ثقة مشهور، قال قاسم: ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها، فاعلم ذلك. انتهى كلام ابن القطّان.
وقال الحافظ: ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور، قال ابن عبد البر وغير واحد: إنه مجهول، ولم نجد عنه راويا إلا محمد بن وضاح. انتهى.
انظر: التلخيص الحبير (1/ 13).
قلت: وهو كما قال فإنّي لم أقف على ترجمته في الكتب المتداولة، فكيف يكون مثله مشهورًا؟ ! .
فائدة:
قال الشافعي: كانت بئر بضاعة كبيرة واسعة، وكان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونًا ولا طعمًا ولا يظهر له ريح.
وقال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عُمُقِها قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة. قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة