الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال إسحاق بن راهويه: "إنّ طلب العلم واجب، ولم يصح فيه الخبر، إِلَّا أن معناه أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته. . . ".
قال ابن عبد البر: "يريد إسحاق -واللَّه أعلم- أنّ الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم، ولكن معناه صحيح عندهم". "جامع بيان العلم"(1/ 53).
وقال البيهقيّ في "المدخل"(325): "متنه مشهور، وأسانيده ضعيفة لا أعرف له إسنادًا يثبت بمثله الحديث".
وأمّا معناه فقال حسن بن الرّبيع الخشّاب: سألت ابن المبارك قلت: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" أيّ شيء تفسيره؟ قال: "ليس هو الذي يطلبون، إنّما طلب العلم فريضة - أي يقع الرّجل في شيء من أمر دينه فيسأل عنه حتّى يعلمه". "المدخل"(329).
5 - باب الرحلة في طلب العلم
• عن عبد اللَّه بن أُنيس، قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يُحشر النّاس يوم القيامة -أو قال: العباد- عُراةً غُرلًا بُهما". قال: قلنا: وما بُهْمًا؟ قال: "ليس معهم شيءٌ، ثم يناديهم بصوتٍ يسمعه مَن بعُد كما يسمعه مَن قَرُب، أنا الملك، أنا الدّيان، ولا ينبغي لأحد من أهل النّار أن يدخل النّار، وله عند أحدٍ من أهل الجنّة حقٌّ حتّى أُقِصَّه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنّة أن يدخلَ الجنّة وأحد من أهل النّار عنده حقٌّ حتّى أُقِصَّه منه حتّى اللَّطمة" قال: قلنا: كيف وإنّا إنّما نأتي اللَّه عز وجل عُراة غُرلًا بُهْمًا؟ قال: "بالحسنات والسّيئات".
حسن: رواه الإمام أحمد (16402) واللّفظ له، والحارث بن أبي أسامة في "زوائده"(44)، والبخاري في الأدب المفرد (970) وفي خلق أفعال العباد (ص 92)، وابن أبي عاصم في السنة (514)، وصحّحه الحاكم (2/ 437) كلّهم من طرق عن همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد المكيّ، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، أنّه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأشتريتُ بعيرًا، ثم شددتُ عليه رحلي، فسرتُ إليه شهرًا حتّى قدمتُ عليه الشام فإذا عبد اللَّه بن أُنيس، فقال للبّواب: قل له جابر على الباب قال: ابن عبد اللَّه؟ قلت: نعم. فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته، فقلت: حديثًا بلغني عنك أنّك سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيتُ أن تموتَ أو أموتَ قبل أن أسمعه. قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول (فذكر الحديث).
وإسناده حسن من أجل القاسم بن عبد الواحد المكيّ، وشيخه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، فإنهما لم يبلغا درجة "الثّقات" وحسَّنه أيضًا المنذري في "الترغيب والترهيب"(4/ 202)، وإن
كان الهيثميّ رحمه الله ضعّفه في "المجمع"(1/ 133) من أجل عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، ولكن الصواب أنه حسن الحديث إِلَّا إذا خالف فلا يقبل كما قال الذّهبيّ في ترجمته في "الميزان"، وعلقه البخاريّ بصيغة الجزم (1/ 173) وقال:"رحل جابر بن عبد اللَّه مسيرة شهر إلى عبد اللَّه بن أنيس في حديث واحد".
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 174): "وله طريق أخرى أخرجها الطبرانيّ في "مسند الشاميين"، وتمام في "فوائده" من طريق الحجاج بن دينار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وذكر نحوه وقال: وإسناده صالح، وله طريق ثالثة أخرجها الخطيب في "الرحلة" من طريق أبي الجارود العنسيّ -وهو بالنون الساكنة- عن جابر، فذكر نحوه، وفي إسناده ضعف". انتهى.
وقال ابن عباس: "كان يبلغني الحديث عن الرّجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فلو أشاء أن أرسل إليه حتّى يجيء فيحدّثني فعلتُ، ولكني كنتُ أذهبُ إليه، فأقيل على بابه حتّى يخرج إليَّ فيحدّثني".
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: "إن كنتُ لأسير اللَّيالي والأيام في طلب الحديث الواحد".
أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(569 - 570)، والخطيب في "الرحلة"(41 - 42) وغيرهما.
ومن هنا قيل: الرحلة في طلب الحديث سنّة عمن سلف.
وأمّا ما رُوي أنّ أبا أيوب رحل إلى عقبة بن عامر، فأتى مسلمة بن مخلَّد، فخرج إليه، فقال: دلُّوني، فأتى عقبة، فقال: حدّثنا ما سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يبق أحدٌ سمعه. قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من ستر على مؤمن في الدّنيا ستره اللَّه يوم القيامة، فأتى راحلته فركب، فرجع. فهو ضعيف.
رواه الإمام أحمد (17391)، والحميدي في "مسنده"(384)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(567) كلّهم من طريق سفيان، عن ابن جريج، عن أبي سعيد الأعمى، أنّه حدّث عطاءً، فذكر نحوه.
وأبو سعيد الأعمى (وقيل: أبو سعد) لم يرو عنه غير ابن جريج، وليس فيه توثيق لأحد، لذا قال فيه الذّهبيّ وابن حجر:"مجهول".
وأخرجه الطبرانيّ في الكبير (19/ 439) عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن عباد بن عباد المهلبيّ، عن ابن عون، عن مكحول، أنّ عقبة بن عامر أتى مسلمة بن مخلد، وكان بينه وبين البواب شيء، فسمع صوته فأذن له، فقال: إنّي لم آتك زائرًا، ولكن جئتك بحاجة، أتذكر يوم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من علم من أخيه سيئة، فسترها ستر اللَّه عليه يوم القيامة"؟ قال: نعم. قال: لهذا جئتُ".
فهذا إسناد قال فيه الهيثميّ: "رجاله رجال الصحيح" وهو كما قال، لكن المشهور أنّ الذي