الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله شاهد من حديث أبي طريف قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف، وكان يُصلي بنا صلاة البصر حتَّى لو أنّ رجلًا رمي لرأي موقع نبله.
رواه الإمام أحمد (15437) وعنه الطبراني في الكبير (22/ 315) عن طريق أزهر بن القاسم الراسبي، حدّثنا زكريا بن إسحاق، عن الوليد بن عبد الله بن شُميلة، عن أبي طريف فذكر مثله.
والوليد بن عبد الله بن شُميلة من رجال "التعجيل" ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حبّان في "الثقات" فهو "مقبول" إذا توبع، ولكنّه لم يُتابع.
وأما قوله: "صلاة البصر" فقال البيهقي (1/ 447) أراد بها صلاة المغرب، وإنّما سُمِّيت صلاة البصر لأنّها تُؤدَّى قبل ظلمة الليل.
وأورده الهيثمي في "المجمع"(1/ 310) وقال: "رواه أحمد وفيه الوليد بن عبد الله بن شُميلة لم أجد من ذكره".
ثم قال: الوليد هذا هو الوليد بن عبد الله بن سميرة كما رواه الطبراني، وكذا ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر روايته عن أبي طريف، وأنّه اختلف في اسم جدّه".
• عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي المغربَ، فيصلي معه رجال من بني سلمةَ، ثم ينصرفون إلى بني سلمة، وهم يُبصرون مواقع النَبْلِ.
حسن: رواه الطبراني في الكبير (19/ 62) وفي الأوسط "مجمع البحرين"(564) عن محمد بن أحمد بن البراء، ثنا المعافي بن سليمان، ثنا موسى بن أعين، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري، أخبرني ابن كعب بن مالك، عن أبيه فذكر الحديث.
قال في الأوسط: "لم يروه عن إسحاق إلا موسى".
قلت: رجاله ثقات إلا إسحاق بن راشد وهو وإن كان من رجال البخاري إلا أنه لم يكن ذلك القوي في الزهري.
قال ابن معين في رواية ابن الجنيد: ليس في الزهري بذاك، وقال ابن خزيمة: لا يحتج بحديثه، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الفسوي: صالح الحديث.
والخلاصة: أنَّه يُحسَّن حديثه، قال الهيثمي "المجمع" (1/ 311):"رجاله ثقات".
قلت: وهو كما قال إلا المعافي بن سليمان فهو صدوق.
وأما ابن كعب بن مالك فهو إما عبد الله، أو عبد الرحمن، وكلاهما ثقان.
15 - باب وقت صلاة العشاء وتأخيرها
• عن عائشة قالت: أعْتَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العِشَاء، وهي التي تُدعَى العتمةُ فلم يخرجْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى قال عمر بن الخطاب: نام النساءُ
والصِّبيانُ، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال لأهْلِ المسجد حين خرج عَليهم: "ما ينتظرها أحدٌ من أهل الأرض غيرُكم، وذلك قبل أن يَفْشوَ الإسلامُ في النَّاس.
وفي رواية قالت: أعْتمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ حتى ذهب عامة اللَّيلِ، وحتى نام أهْلُ المسجد، ثم خرج فصَلَّى فقال:"إنه لوَقْتُها، لولا أن أشقَّ على أمتي".
متفق عليه: رواه البخاري في المواقيت (569)، ومسلم في المساجد (638) كلاهما من حديث ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة واللفظ لمسلم، وقال: وزاد حرملة في روايته: قال ابن شهاب: وذُكِر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وما كان لكم أن تَنْزُرُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة" وذلك حين صاحَ عمرُ بن الخطاب.
وقوله: تَنْزُروا - بالتاء، ثم النون الساكنة، ثم الزاء المضمومة، ثم الراء - أي: تُلِحُّوا عليه، ورُوي بضم أوّلِه، بعدها موحدة، ثم راء مكسورة، ثم زاي - أي: تخرجوا.
وفي لفظ البخاري: "ولا يُصلي يومئذ إلا بالمدينة، وكانوا يُصلُّون فيما بين أن يَغِيبَ الشَّفقُ إلى ثلث اللَّيل الأوَّلِ".
والرواية الثانية عند مسلم أيضًا من وجه آخر عن ابن جريج قال: أخبرني المغيرة بن حكيم، عن أم كلثوم بنت أبي بكر أنها أخبرته عن عائشة قالت فذكرت الحديث.
وفي حديث عبد الرزاق، عن ابن جريج:"لولا أن يَشُقَّ على أمتي".
قلت: والذي في المصنف (2114): "لولا أن أشُقَّ على أمتي" موافقًا لرواية الآخرين، فالله أعلم هل حصل الخطأ من الطابع أو من غيره.
وقوله: "ذهب عامة الليل" - معناه كثير منه، وليس المراد أكثره، ولا بد من هذا التأويل لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنه لوقتها" ولا يجوز أن يكون المراد بهذا القول ما بعد نصف الليل، لأنه لم يقل أحد من العلماء أن تأخيرها إلى ما بعد نصف اللَّيل أفضل. أفاده النووي.
• عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شُغل عنها (أي عن العِشاء) فأَخَّرها حتى رَقَدْنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقَدْنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:"ليس أحد من أهل الأرض ينتظرُ الصلاةَ غيرُكم".
وفي رواية قال ابن عمر: مكثنا ذاتَ ليلةٍ ننتظرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العِشاءِ الآخِرة، فخرج إلينا حين ذهب ثُلُثُ اللَّيلِ أو بعده، فلا نُدْرِيِ أشيء شَغَلَه في أهْلِه أو غير ذلك، فقال حين خرج:"إنكم لتنتظرون صلاةً ما ينتظرها أهْلُ دين غيرُكم، ولولا أن يَثْقُلَ على أمَّتِي لصلَّيْتُ بهم هذه الساعة" ثم أمر المؤذِّنَ فأقام الصلاةَ وصَلَّى.
متفق عليه: رواه البخاري في المواقيت (570)، ومسلم في المساجد (639) كلاهما من عبد
الرزاق، قال: أخبرني ابن جريج، قال: أخبرني نافع، قال: حدثنا عبد الله بن عمر فذكر الحديث، وهو في المصنف (2115).
والرواية الثانية أخرجها مسلم من وجه آخر عن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر فذكر الحديث.
ومضى هذا الحديث في الوضوء، باب إن النوم ليس حدثًا، بل مظنة للحدث.
• عن أنس بن مالك قال: أخَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل، ثم صَلَّى ثم قال:"قد صلَّى الناسُ ونامُوا، أَما إنَّكم في صلاةٍ ما انتظرتموها".
وفي رواية: ثم أقبل علينا بوجهه بعد ما صلَّى فقال: "صلَّى الناسُ ورَقَدُوا، ولم تزالوا في صلاةٍ منذ انتظرتموها" قال (أنس): فكأني أنظُر إلى وَبِيضِ خَاتَمه.
متفق عليه: رواه البخاري في المواقيت (572) وفي الأذان (661)، من طريقين عن حميد الطويل، عن أنسٍ، وملم في المساجد (640) من وجه آخر عن أنسٍ.
• عن أبي موسى قال: كنت أنا وأصْحابي الذين قدِموا معي في السَّفِينة نُزولًا في بَقِيع بُطْحان، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فكان يتناوبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند صلاةِ العِشاءِ كلَّ ليلَةٍ نفرٌ منهم، قال أبو موسى: فوافَقْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنا وأصْحابي، وله بعضُ الشُّغْل في أمره، حتى أَعْتَمَ بالصَّلاةِ حتى أبهارَّ اللَّيلُ، ثم خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصَلَّى بهم، فلَمَّا قضَى صلاتَه قال لمن حضره:"على رِسْلِكم أُعْلِمكم، وأَبْشِرُوا، أنَّ من نعمة الله عليكم أنه ليس من الناس أحد يُصَلِّي هذه الساعة غيرُكم" أو قال: "ما صَلَّى هذه الساعة أحد غيرُكم" - لا ندري أي الكلمتين قال.
قال أبو موسى: فرجعنا فرحين بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه: رواه البخاري في المواقيت (567)، ومسلم في المساجد (641) كلاهما عن أبي أسامة، عن بُريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكر الحديث.
قوله: بقيع بُطحان - البقيع من الأرض المكان المتسع، قال ابن الأثير: لا يسمى بقيعًا إلا وفيه شجر أو أُصولها، وبُطحان: موضع بعينه واد بالمدينة.
وقوله: "يتناوب" فاعله: نفر، أي يأتيه كل ليلةٍ عدة رجال متناوبين غير مجتمعين.
وقوله: "ابهار الليل": انتصف، وبهرةُ كل شيء وسطه، ويؤيد هذا المعنى لما في بعض الروايات: حتى إذا كان قريبًا من نصف الليل.
والشُّغُل المذكور كان في تجهيز جيش، رواه الطبري من وجه صحيح عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 48).
• عن ابن عباس يقول: أَعْتَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ العِشَاءَ، قال: حتى رَقَد ناسٌ واستَيْقَظُوا، ورقدوا واستيقظوا فقام عمر بن الخطاب فقال: الصلاةَ! فقال عطاء: قال ابن عباس: فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم كأنّي أنظر إليه الآن، يَقْطُر رأسه ماءً واضِعًا يدَه على شقِّ رأسِه قال:"لولا أن يَشُقَّ على أُمتي لأمرتُهم أن يُصَلُّوها كذلك".
متفق عليه: رواه البخاري في المواقيت (571)، ومسلم في المساجد (642) كلاهما من حديث عبد الرزاق، قال أخبرني ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أيُّ حين أَحَبُّ إليك أن أُصَلِّي العِشَاءَ التي يقولُها الناس العَتَمَةَ إِمَامًا وخِلْوًا؟ قال: سمعت ابن عباس يقول فذكر الحديث.
والحديث في مصنف عبد الرزاق (2112) من هذا الوجه.
ورواه أيضًا عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، قال: سمعت ابن عباس يقول فذكر مثله.
• عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤَخِّرُ صلاةَ العشاء الآخِرَةِ.
وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الصلوات نحوًا من صَلاتِكم، وكان يُؤَخِّرُ العَتَمَةَ بعد صلاتكم شيئًا، وكان يُخِفُّ الصلاةَ، وفي رواية: يُخَفِّفُ.
صحيح: رواه مسلم في المساجد (643) عن أبي الأحوص، عن سماك، عن جابر، والرواية الثانية: عن أبي عوانة، عن سماك به مثله.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (810) عن قيس، عن سماك، عن جابر بن سمرة ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي الظهر نحو صلاتكم، والعَصْرَ نحو صلاتكم، والمغربَ نحو صلاتكم، وكان يُؤَخِّر العِشاءَ شيئًا.
• عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخَّرتُ صلاة العِشاءِ إلى ثُلثِ الليل".
صحيح: رواه الترمذي (23) قال: حدثنا هنَّاد، حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني فذكر الحديث. قال الترمذي:"حسن صحيح".
قلت: فيه محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، ومن طريقه رواه أيضًا أبو داود (47)، والنسائي في الكبري (3/ 291) إلا أنهما لم يذكرا "تأخير صلاة العشاء" وسبق تخريجه في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك.
وللحديث إسناد آخر رواه الإمام أحمد (17048) قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا حرب - يعني ابن شدَّاد - عن يحيى، حدثنا أبو سلمة، عن زيد بن خالد الجهني فذكر الحديث في السواك
بدون تأخير صلاة العشاء، وهذا إسناد صحيح، ويحيي هو: ابن أبي كثير.
• عن النعمان بن بشير قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة، كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيها لسقوط القمر الثالثة.
صحيح: أخرجه أبو داود (419)، والترمذي (165)، والنسائي (529) كلهم من طريق أبي عوانة، عن أبي بِشْرٍ، عن بَشِير بن ثابتٍ، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير فذكر مثله.
وإسناده صحيح، إلا أنه اختلف على أبي بِشْرٍ وهو: جعفر بن إياس فرواه أبو عوانة كما تراه وتابعه شعبة فروي عن أبي بِشْرٍ نحو رواية أبي عوانة.
ومن طريق شعبة رواه الإمام أحمد (18396) والدارقطني (1/ 270)، والحاكم (1/ 194) كلهم من طريق يزيد بن هارون عنه، ولفظه في المسند: إني لأعلم الناس - أو من أعلم الناس - بوقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم العِشَاء، كان يُصَلِّيها مقدارَ ما يَغيبُ القمر ليلةَ ثالثةٍ أو رابعةٍ.
قال الدارقطني: شك شعبة.
قال الترمذي: حديث أبي عوانة أصَحُّ عندنا، لأن يزيد بن هارون روي عن شعبة، عن أبي بِشْرٍ نحو رواية أبي عوانة. انتهى
قال الدارقطني: ورواه هُشيم ورَقَبة وسفيان بن حسين، عن أبي بِشْرٍ، عن حبيب، عن النعمان وقالوا: ليلة ثالثة، ولم يذكروا بَشيرًا. انتهى.
قلت: من طريق هُشَيم رواه ابن أبي شيبة (1/ 330)، والحاكم (1/ 194)، قال الحاكم: تابعه رَقَبة بن مصقلة، عن أبي بِشْرٍ.
هكذا اتفق رَقَبة وهُشيم على رواية هذا الحديث عن أبي بِشْرٍ، عن حبيب بن سالم، وهو إسناد صحيح، وخالفهما شُعبة وأبو عوانة فقالا: عن أبي بِشْرٍ عن بَشِير بن ثابت، عن حبيب بن سالم. انتهى.
قلت: أما رواية رَقَبة بن مصقلة فأخرجها النسائي (528) عن جعفر بن إياس وهو: أبو بِشْرٍ بن أبي وَحْشِيَّة. وأبو بِشْرٍ وإن كان ثقةً إلا أن شعبةَ ضَعَّفَه في حبيب بن سَالِم.
وأما حديث سفيان بن حسين، عن أبي بِشْرٍ، عن حبيب بن سالم عن النعمان فقد أشار إليه الدارقطني كما مضى.
وقد رجح الترمذي وأبو زرعة وغيرهما رواية من أثبت (بشير بن ثابت) بين أبي بِشْرٍ وحبيب بن سالم، بل وقد خطأ أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" (1/ 277) قائلًا:"وخطأ من أخطأ فيه لا يُخرجه عن الصحة".
وقال شعبة: أبو بِشْرٍ لم يسمع من حبيب بن سالم ولذا ضَعَّفه فيه، كما سبق.
وبهذا صَحَّ قول الترمذي بأن حديث أبي عَوانة أصَحُّ عندنا.
والحديث يدل على تعجيل صلاة العِشاء بعد دخول وقتها، والأحاديث الأخرى تدل على
استحباب تأخيرها، والضابط في هذا ما ذكره جابر بن عبد الله بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العِشاءَ أحيانًا وأحيانًا، إذا رآهم اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أبطأوا أخَّر كما مضى في باب التوقيت.
• عن أبي سعيد الخدري قال: صَلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ العَتَمَةِ، فلم يخرجْ حتى مَضَى نحو من شَطر اللَّيلِ فقال:"خذوا مقاعدكم" فأخذنا مقاعدنا، فقال:"إن الناس قد صَلُّوا وأخذوا مَضَاجِعَهم، وإنَّكم لن تَزَالُوا في صلاةٍ ما انتظرتُم الصلاةَ، ولولا ضَعْفُ الضِّعِيفِ، وسُقْمُ السَّقيم لأخَّرتُ هذه الصلاةَ إلى شطر اللَّيلِ".
صحيح: أخرجه أبو داود (422)، والنسائي (538)، وابن ماجة (693) كلهم من طريق داود ابن أبي هند، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد فذكره.
واللفظ لأبي داود. وأبو نَضْرة هو: المنذر بن مالك بن قُطَعة العَبدي.
وقوله: "صلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمةِ" - أي صلاة المغرب كما في النسائي وابن ماجة، لأن العرب كانوا يطلقون على صلاة المغرب العَتَمة، وقد نُهينا عن ذلك.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، صحّحه ابن خزيمة، وأخرجه في صحيحه (345) من طرق عن داود بن أبي هند.
هكذا رواه بِشْرٍ بن المفضل وغيره عن داود بن أبي هند، وخالفهم أبو معاوية الضرير، عن داود ابن أبي هند فقال: عن جابر بن عبد الله، وهو سيأتي فيما بعد.
• عن معاذ بن جبل يقول: بَقَينا النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العَتَمَة فأَخَّر حتى ظنَّ الظَّان أنه ليس بخارج، والقائل منا يقول: صَلَّى، فإنا لكذلك، حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له كما قالوا: فقال لهم: "أَعْتِنموا بهذه الصلاة، فإنكم قد فُضِّلْتُم بها على سائر الأمم، ولم تُصَلِّها أمةٌ قبلكم".
صحيح: أخرجه أبو داود (421) قال: حدثنا عمرو بن عثمان الحِمصي، ثنا أبي، ثنا حَريز - يعني ابن عثمان - عن راشد بن سعد، عن عاصم بن حُميد السَّكوني، أنه سمع معاذ بن جبل يقول: فذكر الحديث.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات غير عاصم بن حُميد السكوني صاحب معاذ فقد شك البزار في سماعه من معاذ، والصواب أنه سمع منه، وهو الحمصي المخضرم من الطبقة العليا من تابعي أهل الشام.
والإعتام - الدخول في العَتَمة، وهي ظلمة الليل.
وقوله: بَقَينا - بفتح الباء والقاف، بوزن رَمينا.
قال الخطابي: "معناه - انتظرنا. يقال: بَقَيتُ الرجل أبقيه إذا انتظرته".
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على المؤمنين لأمرتُهم
بتأخير العِشاءِ، وبالسواك عند كل صلاة".
صحيح: رواه أبو داود (46)، وابن ماجة (690) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.
وقد سبق تخريج هذا الحديث في كتاب الطهارة، باب السواك من طريق مالك عن الزناد، به
إلا أن مالكًا لم يذكر في حديثه تأخير العِشاء، وهو الذي اعتمده الشيخان كما أن مُسلما رواه من حديث سفيان ولم يذكر فيه تأخير العِشاء أيضًا، وروى عنه عدد منهم قتيبة بن سعيد، وعنه رواه أبو داود عن سفيان وجمع بين تأخير العشاء وبين السواك عند كل صلاة.
قال ابن خزيمة (139) بعد أن أخرج الحديث من طرق منها سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان:"لم يؤكد المخزومي تأخير العِشاء".
فالذي يظهر أن الرواة اختلفوا على سفيان بن عيينة، فالأكثر منهم لم يذكروا تأخير العشاء.
وأما مالك فلم يختلف الرواة عليه، فكل من روى عنه لم يذكروا تأخير العشاء أكَّد ذلك ابن خزيمة بعد أن رواه من طريق روح بن عبادة، عن مالك قال: ورواه الشافعي وبشر بن عمر كرواية روح وهو: "لولا أن أَشُقَّ على أمتي لأمرتُهم بالسواك مع كل وضوء". انتهى.
ولحديث أبي هريرة إسناد آخر رواه الترمذي (167) وابن ماجة (691) كلاهما عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأخرتُ صلاة العِشاء إلى ثلث الليل، أو نصف الليل".
هكذا بالشك من "ثلث الليل" أو "نصف الليل"، ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 146) من طريق عبد الرحمن السراج، عن سعيد، عن أبي هريرة وفيه:"إلى نصف الليل" بغير شك مع ذكر السواك.
قال الحاكم: وهو صحيح على شرطهما وليس له علة.
وعبد الرحمن سراج هو: ابن عبد الله البصري.
فالذي يظهر من هذا أن الشك من أحد الرواة عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وللحديث أسانيد، أخرى انظر مسند الإمام أحمد (2/ 258، 259).
قال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
• عن جابر بن عبد الله قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة وهم ينتظرون العِشَاء فقال: "صَلَّى الناس ورَقَدوا، وأنتم تنتظرونها، أما إنكم في صلاةٍ ما انتظرتُموها" ثم قال: "لولا ضَعْفُ الضعيفٍ، وكِبرُ الكبير، لأخَّرتُ هذه الصلاة إلى شطر اللَّيلِ".
صحيح: أخرجه أبو يعلى (2/ 367)(1935 تحقيق الأثري)، قال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا محمد
ابن حازم (وهو أبو معاوية الضرير)، حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن جابر فذكر مثله.
ومن طريق أبي يعلى - أخرجه ابن حبان في صحيحه (1529) مثله.
وتابعه ابن أبي شيبة (1/ 402) وسعدان بن نصر عند البيهقي (1/ 375) فرويا عن أبي معاوية به مثله.
وله طريق آخر عند أحمد (14949) عن أبي الجَوَّاب، حدثنا عمَّار بن رُزيق، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: جَهَّز رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جيشًا ليلةً حتى ذهب نصفُ الليلِ، أو بلغ ذلك، ثم خرج فقال:"قد صلَّى الناس ورقدوا، وأنتم تنتظرون هذه الصلاة، أما إنكم لن تزالوا في صلاةٍ ما انتظرتموها". وهي متابعة قوية ورجال الإسنادين ثقات.
وأبو الجوَّاب هو: الأحوص بن جوَّاب - بفتح الجيم، وتشديد الواو - الضَّبِّي - وثَّقه ابن معين، وأخرج له مسلم، قال أبو حاتم: صدوق، وجعله الحافظ في مرتبة "صدوق ربما وهم".
وأبو سفيان هو: طلحة بن نافع الواسطي وهو: "صدوق".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 312): "رواه أحمد وأبو يعلى، وإسناد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح".
• عن عائشة قالت: سُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن وقت العشاء فقال: "إذا ملأ الليلُ بطن كُلِّ وادٍ".
حسن: أخرجه الطبراني في الأوسط - مجمع البحرين (1/ 434)(567) عن علي بن سعيد الرازي، ثنا قطن بن نُسير الذِّراع، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عائشة فذكرته.
وإسناده حسن، قطن بن نُسير الغُبري الذراع وجعفر بن سليمان ومحمد بن عمرو - الليثي كلهم صدوق، لا يرتقون إلى درجة الثقة، وإن كان كلهم من رجال مسلم. ولذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 313): رجاله رجال الصحيح.
• عن ابن مسعود قال: أخَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ العشاءِ ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة قال:"أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحدٌ يذْكر الله هذه الساعة غيرَكم". قال: وأنزل هؤلاء الآيات: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} حتى بلغ: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 113 - 115].
حسن: أخرجه أحمد (3760)، وأبو يعلى (5/ 139)(5285 الأثري)، والبزار "كشف الأستار"(1/ 190)، والحارث بن أبي أسامة: في "بغية الباحث"(1/ 255)(132) كلهم من طريق عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
ورواه الطبراني في "الكبير"(10209) من طريق الأعمش، عن زِرّ به.