الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن حكيم به، وذكر الجزء الثاني من الحديث، ثم قال:"وساق الحديث" أي الحديث الأوَّل.
ونظرًا لكون الحديث يشتمل على أكثر من مسألة فإني فرقته في ثلاثة كتب؛ في الوضوء، وفي الحيض، انظر باب ما جاء في مؤاكلة الحائض، تبعًا للترمذي وابن ماجه. وجزء آخر رواه ابن ماجه (1378) في كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في التطوع في البيت. وسيأتي ذكره في الصلاة أيضًا.
وفي الباب عن أُبِي بن كعب رواه الإمام أحمد (21110) وابن ماجه (507) وفيه مصعب بن شيبة وهو إن كان من رجال مسلم فقد قال فيه النسائي: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحمدونه ليس بقويٍّ، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ولا بالحافظ، وشيخه أبو حبيب يعلى بن مُنْيَة مجهول.
37 - باب ما رُوي من ترك الوضوء من القُبلة
رُوي عن عائشة أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضّأ. قال: قلت: من هي إلّا أنتِ؟ قال: فضحكتْ.
رواه أبو داود (179)، والترمذي (86)، وابن ماجه (502) كلّهم من طريق وكيع، قال: حدّثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرت الحديث.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الإمام أحمد (25766)، وأعله الترمذي فقال:"سمعت أبا بكر العطار البصريّ يذكر عن علي بن المديني قال: ضعّف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث جدًّا، وقال: هو شبه لا شيء".
وقال أيضًا: سمعت محمد بن إسماعيل يُضعِّف هذا الحديث. وقال حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة".
وقال: "وقد رُوي عن إبراهيم التيميّ عن عائشة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قبلها ولم يتوضّأ، وقال: وهذا لا يصح أيضًا، ولا نعرف إبراهيم التّيمي سماعًا من عائشة، وليس بصح عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الباب شيء" انتهى كلامه.
وحديث إبراهيم بن زيد التّيمي عن عائشة، رواه أبو داود (178)، والبيهقي (1/ 126 - 127)، والنسائي (170) من طريق الثوريّ، عن أبي روق، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة.
قال أبو داود: "وهو مرسل، إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة شيئًا. وقال: مات إبراهيم التيميّ، ولم يبلغ أربعين سنة، وكان يكنى أبا أسماء" انتهى.
وقال البيهقيّ بعد أن نقل كلام أبي داود مختصرًا بأنه مرسل: "أبو روق ليس بقوي، ضعّفه يحيى بن معين وغيره، ثم قال: "وقد روينا سائر ما رُوي في هذا الباب، وبينا ضعفها في "الخلافيات" الحديث الصحيح عن عائشة في قبلة الصّائم، فحمله على الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها، ولو صحَّ إسناده تقلنا به إن شاء الله تعالى" انتهى.
وقال الدارقطني في سننه (488): "والصّواب عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: كان يقبّل وهو صائم".
وقد أطال في سننه (من رقم 484 إلى 512) النَّفَسَ في تعليل هذا الحديث من جميع طرقه فراجعه إن شئت.
منها ما رواه من طريق الوليد بن صالح، حدّثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن عائشة: أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُقبل ثم يصلي ولا يتوضّأ. قال: "إن الوليد بن صالح وهم في قوله: عن عبد الكريم، إنّما هو حديث غالب (هو ابن عبيد الله وهو متروك كما قال).
ورواه الثوري، عن عبد الكريم، عن عطاء من قوله، وهو الصّواب" انتهى.
ثم ذكر الترمذيّ مذاهب الفقهاء فقال إثر حديث عائشة: وقد رُوي نحو هذا عن غير واحد من أهل العلم من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم والتابعين. وهو قول سفيان الثوريّ وأهل الكوفة. قالوا: ليس في القبلة وضوء.
وقال مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق في القبلة وضوء، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم والتابعين، وإنّما ترك أصحابنا حديث عائشة في هذا لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد". ثم ذكر العلل التي سبق إيرادها.
قلت: قول جمهور أهل العلم بأن في القبلة وضوءًا فيه تفصيل، وهو أنّ القبلة قد تكون بشهوة، وقد تكون برحمة، فمن أوجب الوضوء قال: إن كانت ذلك بشهوة، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعليه يحمل قول جماعة من الصحابة منهم عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وابن مسعود وجماعة، والتلف من بعدهم مثل الزهريّ وزيد بن أسلم ومكحول ويحيى الأنصاري وربيعة والأوزاعي وغيرهم. ومن الفقهاء مالك وغيره من أهل المدينة.
والرواية الثانية عند الإمام أحمد لا تنقض الوضوء، ويحمل هذا إن كانت ذلك بدون شهوة، أو كانت ذلك رحمة، وبه قال جماعة من الصحابة: علي، وابن عباس، وجماعة من التابعين ومن بعدهم منهم: عطاء، وطاوس، والحسن، ومسروق، وهو قول الكوفيين أبي حنيفة وغيره.
والرواية الثالثة عند الإمام أحمد أنه ينقض الوضوء بكل حال، وهو مذهب الشّافعي.
ودليل الشافعي عموم قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] فجعل مجرد اللّمس ناقضًا للوضوء.
وحمل ابن عباس وغيره بأن المراد باللمس هنا كناية عن الجماع، فلا دليل فيه بنقض الوضوء بمجرد اللّمس الذي قد لا يسلم منه أحد، ولم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين.
ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عندما سئل عن لمس المرأة فذكر فيه ثلاثة مذاهب وقال: "والصحيح في المسألة أحد قولين: إما عدم النّقض مطلقًا، وإما النقض إذا كان بشهوة. وأما وجوب الوضوء من مجرد مسّ المرأة لغير شهوة فهو أضعف الأقوال. ولا يعرف هذا