الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع اعتدل، فلم ينصب رأسه، ولم يُقْنِعه، ووضع يديه على ركبتيه".
وقوله: لا يَصُبُّ رأسه - أي لم يُملْه إلى أسفل، وفي رواية الترمذي:"لم يُصوِّب رأسه" من التصويب، وهو تنكيس الرأس إلى أسفل، ومعناهما واحد.
وقوله: ولم يُقْنِع - أي لم يرفع رأسه حتى يكون أعلى من ظهره، من قولهم: أقنع رأسه - إذا نصبه، ولكن كان بين ذلك.
• عن وائل بن حجر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع فرَّج أصابعه، وإذا سجد ضَمَّ أصابعه.
حسن: رواه الطبراني (22/ 19) عن موسى بن هارون، ثنا الحارث بن عبد الله، أخبرنا هُشيم، عن عاصم بن كليب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه وائل بن حجر فذكر مثله.
قال الهيثمي في المجمع (2807): رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن.
قلت: وأخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه (994) عن موسى بن هارون بن عبد الله البزار، حدثني أبو الحسن الحارث بن عبد الله الهمداني - يعرف بابن الخازن، حدثنا هُشيم به إلا أنه لم يذكر "وإذا سجد ضَمَّ أصابعه".
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 224) من طريق عمرو بن عون، عن هُشيم به مثل رواية ابن خزيمة مختصرًا وقال: صحيح على شرط مسلم.
2 - باب ما جاء من الخشوع في الصلاة والإقبال عليها والاعتدال في الركوع والسجود والتورك في الجلوس
قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [سورة المؤمنون: 1، 2].
قال علي بن أبي طالب: الخشوع في القلب، أن لا تلتفت في صلاتك.
وعن مجاهد، عن ابن الزبير أنه كان إذا قام في الصلاة كأنه عود. وحدث أن أبا بكر كان يفعل كذلك، قال: وكان يقال: ذاك الخشوع في الصلاة.
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصَلَّى، فسلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم فردَّ وقال:"ارجع فصَلِّ فإنك لم تُصلِّ" فرجع يُصلِّي كما صَلَّى، ثم جاء فسَلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ارجع فصَلَّ فإنك لم تُصلِّ" - ثلاثًا. فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعَلِّمْنِي، فقال: "إذا قُمت إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعدِلَ قائمًا، ثم اسجد
حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها".
متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (757)، ومسلم في الصلاة (397) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الله، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
هكذا رواه يحيى فقال فيه: "عن أبيه، ورواه غيره عن عبد الله فلم يقولوا فيه: "عن أبيه" وكلاهما صحيح، فإن سعيدًا لم يكن مدلِّسًا، وقد ثبت سماعه من أبي هريرة فصحَّ الإسناد من الطريقين، ولذا أخرج الشيخان من الوجهين.
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أترون قِبلَي هاهنا؟ فوالله! ما يخفي علي خشوعُكم، ولا ركوعُكم، إنِّي لأراكم من وراء ظهري".
متفق عليه: رواه مالك في قصر السفر (70) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
ومن طريق مالك رواه البخاري في الصلاة (418)، وفي الأذان (741)، ومسلم في الصلاة (424) إلا أنه زاد "ولا سجودُكم".
ولمسلم أيضًا (423) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، ثم انصرف فقال: يا فلان! ألا تُحسنُ صلاتَك؟ ألا ينظر المُصَلِّي إذا صلَّى كيف يُصَلِّي؟ فإنما يُصَلِّي لنفسه، إني والله! لأبْصر من ورائي كما أبصر من بين يدي".
وفي الحديث حث أيضًا على الخشوع، وإتمام الركوع والسجود من أكبر أسباب الخشوع.
• عن رِفاعة بن رافع قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد فدخل رجل فصلى ركعتين، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرمقه في صلاته فرد عليه السلام ثم قال له:"ارجع فصل فإنك لم تصل" فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ثم قال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" حتى كان عند الثالثة أو الرابعة فقال: والذي أنزل عليك الكتاب! لقد جهدت وحرصت فأرني وعلمني. قال: "إذا أردت أن تصلي فتوضأ فأحسن وضوءك، ثم استقبل القبلة، فكبر، ثم اقرأ، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن قاعدًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع، فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد تمت، وما انتقصتَ من هذا فإنما تنتقصه من صلاتك".
صحيح: رواه النسائي (1314) من طريق داود بن قيس، قال: حدّثني علي بن يحيى بن خلّاد بن رافع بن مالك الأنصاريّ، قال: حدّثني أبي، عن عمّ له بدريّ، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فذكر الحديث.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الحاكم (1/ 242، 243).
وهذا إسناد صحيح، وقد اختلف فيه على عَليّ بن يحيى بن خلَّاد، فرواه عنه داود بن قيس هكذا، وقد صحَّح البيهقيّ رواية داود بن قيس ومن وافقه.
قلت: وممن وافقه:
1 -
محمد بن عجلان. ومن طريقه رواه النسائيّ (1313)، والإمام أحمد (18997).
2 -
ومحمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي عليّ بن يحيى بن خلَّاد، عن أبيه، عن عمّه رفاعة بن رافع. ومن طريقه أخرجه أبو داود (860)، وابن خزيمة (597)، والحاكم (1/ 243)، والبيهقي (2/ 133، 134).
3 -
وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. ومن طريقه أبو داود (858)، والنسائيّ (1136)، وابن ماجة (460) كلّهم من طريق همّام بن يحيى، حَدَّثَنَا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، قال: حَدَّثَنِي عليّ بن يحيى بن خلَّاد، عن أبيه، عن عمّه رفاعة بن رافع، فذكر الحديث.
وخالفهم محمد بن عمرو، فرواه عن عليّ بن يحيى بن خلَّاد ولم يذكر أباه.
ومن طريقه رواه أحمد (18995)، وأشار البيهقيّ (2/ 373) إلى رواية محمد بن عمرو، عن عليّ بن يحيى بن خلَّاد، عن رفاعة ولم يذكر فيه:"عن أبيه".
ولكن رواه أبو داود (859) من طريق محمد بن عمرو فقال: عن عليّ بن يحيى بن خلَّاد، عن أبيه، عن رفاعة.
فهل هذا خطأ مطبعيّ، أو اختلاف على محمد بن عمرو، والذي يظهر أنه خطأ مطبعيّ، يدل عليه ما نقله ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 82) عن أبيه قال:"رواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وداود بن قيس، وابن عجلان، عن عليّ بن يحيى بن خلَّاد، فقالوا: عن أبيه رفاعة. وحماد بن سلمة، ومحمد بن عمرو لا يقولان: "عن أبيه، والصحيح عن أبيه، عن عمّه رفاعة".
قلت: وكذلك اختلف على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، فأقام همام بن يحيى إسناده كما قال الحاكم (1/ 241) فإنّه حافظ ثقة، وكلّ من أفسد قوله فالقول قول همّام". انتهى.
وخالفه حمّاد بن سلمة، فرواه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة فلم يذكر في إسناده أباه كما قال أبو حاتم وغيره.
والخلاصة: إنَّ هذا الحديث صحيح ثابت لا اضطراب فيه كما قال بعض أهل العلم، وهو موافق لحديث أبي هريرة.
قال البيهقيّ: "فالقول قول من حفظ، والرّواية التي ذكرناها بسياقها موافقة للحديث الثابت عن أبي هريرة في ذلك وإن كان بعض هؤلاء يزيد في ألفاظها وينقص، وليس في هذا الباب حديث أصح
من حديث أبي هريرة". (2/ 373).
• عن أنس بن مالك، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"أقيموا الركوعَ والسجودَ، فوالله! إني لأراكم من بَعدي - وربما قال: من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (742)، ومسلم في الصّلاة (452) كلاهما عن محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر غندر، ثنا شعبة، قال: سمعتُ قتادة، عن أنس فذكر الحديث.
عن حذيفة أنه رأى رجلًا لا يُتم الركوعَ والسجودَ قال: "ما صلَّيتَ، ولو مُتَّ مُتَّ على غير الفطرةِ التي فطر الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ".
وفي رواية: "مُتَّ على غير سنة محمد صلى الله عليه وسلم".
صحيح: رواه البخاريّ في الأذان (791، 808) من الوجهين، عن حذيفة.
أدخل البخاريّ هذا الحديث في الجامع على رأي الجمهور بأن الصحابي إذا قال: سنة محمد، أو فطرته كان حديثًا مرفوعًا، وقد خالف فيه قوم قال الحافظ: والراجح الأوّل.
وأمّا ما رواه الإمام أحمد (23258) من طريق الأعمش، والنسائي (1312) من طريق طلحة بن مصرف، كلاهما عن زيد بن وهب، قال: دخل حذيفةُ المسجدَ، فإذا رجل يُصَلِّي مما يلي أبواب كِندة، فجعل لا يُتم الركوعَ ولا السجود، فلمّا انصرف قال له حذيفة: منذ كم هذه صلاتُك؟ قال: منذ أربعين سنة. قال: فقال له حذيفة: ما صليتَ منذ أربعين سنةً، ولو مُتَّ، وهذه صلاتُك لمُتَّ على غير الفطرة التي فطر عليها محمَّد صلى الله عليه وسلم قال: ثمّ أقبلَ عليه يُعَلِّمه فقال: إن الرّجل ليُخِفُّ في صلاته، وإنه ليُتم الركوعَ والسجودَ.
فإسناده وإن كان صحيحًا فلعله يحمل على المبالغة، لأن حذيفة مات سنة ست وثلاثين، فعلي هذا يكون ابتداء صلاة المذكور قبل الهجرة بأربع سنوات أو أكثر، ولعل الصّلاة لم تكن فُرِضتْ بعد. فلعله أطلق وأراد المبالغة. انظر "فتح الباري"(2/ 275).
• عن إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، حَدَّثَنِي أبيّ، عن أبيه، قال: كنت عند عثمان فدعا بطَهورٍ فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرئ مسلمٍ تحضره صلاة مكتوبة فيُحسن وضوءَها، وخشوعَها، وركوعَها، إِلَّا كانت كفَّارةَ لما قبلها من الذنوب، ما لم يُؤت كبيرةً، وذلك الدَّهر كلّه".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (228)، عن عبد بن حُميد، وحجَّاج بن الشاعر، كلاهما عن أبي الوليد، حَدَّثَنَا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، فذكره.
• عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصّلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله ربّ العالمين، وكان إذ ركع لم يُشْخِصْ رأسه ولم يُصوِّبْه ولكن بين ذلك، وكان
إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتَّى يستوي قائمًا، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجُدْ حتَّى يستوي جالسًا، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفْرِشُ رجْلَه اليُسرى، وينصِبُ رجله اليُمنى، وكان ينهى عن عُقْبَة الشّيطان، وينهي أن يفترِشَ الرّجل ذِراعَيه افتراش السبُعِ، وكان يختم الصّلاة بالتسليم.
صحيح: رواه مسلم في الصّلاة (498) من طريق حسين المعلم، عن بُديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة فذكرتِ الحديث.
وقوله: "لم يشخص رأسه ولم يُصوِّبْه" الأشخاص هو الرفع، والتصويب الخفض، أي كان يعدل فيه بين الأشخاص والتصويب.
وقوله: "عُقبة الشّيطان" وفي رواية أخرى: عَقِب، فسره أبو عبيدة وغيره بالإقعاء المنهي عنه، وهو أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب سباقيه، ويضع يديه على الأرض، كما يُفْرِش الكلب وغيره من السباع.
• عن أبي مسعود البدري قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُجْزِئُ صلاةُ الرّجل حتَّى يُقيمَ ظَهره في الركوع والسجود".
صحيح: رواه أبو داود (855) والتِّرمذيّ (265)، والنسائي (1027)، وابن ماجة (870) كلّهم من طريق الأعمش، عن عُمارة بن عُمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود الأنصاري البدري فذكر مثله.
وفي رواية النسائيّ: "حتَّى يُقيم الرّجل صُلْبَه في الركوع والسجود"، وأمّا الترمذيّ فجعل كلمة "صلبه" تفسيرًا. قال الترمذيّ: حسن صحيح.
قلت: وهو كما قال، فإن رجاله ثقات وإسناده صحيح.
وقد صحَّحه ابن خزيمة (592)، وابن حبَّان (1893) فروياه من هذا الطريق.
وأبو مسعود اسمه: عقبة بن عمرو، واختلف في نسبته إلى بدر فقيل: لم يشهد بدرًا، إنّما نسب إليه لأنه نزل ماء ببدر، والصواب أنه ممن شهد بدرًا، وبه قال البخاريّ ومسلم وأبو عبيد والحاكم أبو أحمد، انظر "فتح الباري"(7/ 246).
• قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى فَقَالَ: أَلَا أُرِيكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَقُلْنَا: بَلَى. قَالَ: فَقَامَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، حَتَّى أَخَذَ كُلُّ عُضْوٍ مَأْخَذَهُ، ثُمَّ رَفَعَ حَتَّى أَخَذَ كُلُّ عُضْوٍ مَأْخَذَهُ، ثُمَّ سَجَدَ حَتَّى أَخَذَ كُلُّ عُضْوٍ مَأْخَذَهُ، ثُمَّ رَفَعَ حَتَّى أَخَذَ كُلُّ عَظْمٍ مَأْخَذَهُ، ثُمَّ سَجَدَ حَتَّى أَخَذَ كُلُّ عَظْمٍ مَأْخَذَهُ، ثُمَّ رَفَعَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
حسن: رواه الإمام أحمد (15371) عن هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبَ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام الخفيف في ضمرة وهو ابن ربيعة الفلسطيني وشيخه ابن شوذب، وهو عبد الله بن شوذب الخراساني غير أنهما حسن الحديث.
• عن سالم البراد، قال: أتينا عقبة بن عمرو الأنصاريّ أبا مسعود فقلنا له: حَدَّثَنَا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين أيدينا في المسجد، فكبَّر فلمّا ركع وضع يده على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك، وجافي بين مرفقيه، حتَّى استقر كل شيء منه، ثمّ قال: سمع الله لمن حمده، فقام حتَّى استقر كل شي منه، ثمّ كبَّر وسجد، ووضع كفيه على الأرض، ثمّ جافي بين مرفقيه حتَّى استقرَّ كل شيء منه، ثمّ رفع رأسه، فجلس حتَّى استقر كل شيء منه. ففعل مثل ذلك أيضًا. ثمّ صلى أربع ركعات مثل هذه الركعة، فصلى صلاته، ثمّ قال: هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي.
حسن: رواه أبو داود (863) عن زهير بن حرب، حَدَّثَنَا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سالم البرَّاد، فذكره.
وجرير ممن روى عن عطاء بن السائب بعد اختلاطه، وتابعه على ذلك زائدة بن قدامة عند النسائيّ (2/ 186)، وأحمد (17081)، والبيهقي (2/ 121) وهو أيضًا ممن روي بعد الاختلاط.
ولكن رواه أبو عوانة عند الإمام أحمد (22359) عنه وهو ممن روي قبل الاختلاط وبعده، ومتابعة هؤلاء تؤكد أنه لم يختلط في هذا الحديث؛ ولأن ما رواه مجتمعًا جاء متفرقًا في الأحاديث الأخرى.
• عن عليّ بن شيبان، وكان من الوفد قال: خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلَّينا خلفه، فلمح بمؤْخِر عَيْنِه رجلًا لا يُقيم صلاتَه - يعني صُلْبَه في الركوع والسجود، فلمّا قضى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قال: يا معشر المسلمين! لا صلاة لمن لا يُقيمُ صُلْبَه في الركوع والسجود".
صحيح: أخرجه ابن ماجة (871) عن أبي بكر بن أبي شية، قال: حَدَّثَنَا ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عليّ بن شيبان، عن أبيه عليّ بن شيبان فذكر الحديث.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح، وصحَّحه أيضًا ابن خزيمة (593)، وابن حبَّان (1891) فرويا من طريق ملازم بن عمرو به مثله.
قال البوصيري في زوائد ابن ماجة: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
• عن أبي حُميد الساعدي في عشرة من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة الحارث بن رِبْعيّ، فقال أبو حميد الساعدي: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: لِم؟ ما كنتَ أكثرَنا له اتباعًا، ولا أقْدَمنا له صحبةً؟ قال: بلى، قالوا:
فأعرض علينا، قال: فقال "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصّلاة أعتدل قائمًا، ورفع يديه حتى يُحاذِيَ بهما منكبَيْه، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يُحاذِيَ بهما منكبيه، ثمّ قال: الله أكبر، وركع، ثمّ اعتدل، فلم يُصَوِّبْ رأسه، ولم يُقْنِع، ووضع يديه على ركبتيه، ثمّ قال: سمع الله لمن حَمِده، ورفع يديه واعتدل، حتَّى يرجعَ كلُّ عظْمٍ في موضعه معتدلًا، ثمّ أهوَى إلى الأرض ساجدًا ثمّ قال: الله أكبر، ثمّ جافى عَضُديه عن إِبْطَيه، وفتح أصابع رجليه، ثمّ ثني رجله اليُسْرَى وقعد عليها، ثمّ اعتدل، حتَّى يرجعَ كل عظْمٍ في موضعه معتدلًا، ثمّ أهوى ساجدًا، ثمّ قال: الله أكبر، ثمّ ثنى رِجْلَه وقعد، واعتدل حتَّى يرجع كل عظمٍ في موضعه، ثمّ نهض، ثمّ صنع في الركعة الثانية مثل ذلك حتَّى إذا قام من السجدتين كَبَّر، ورفع يديه حتى يُحاذِيَ بهما منكبَيْه كما صنع حين افتتح الصّلاة، ثمّ صنع كذلك حتَّى كانت الركعة التي تَنْقَضِي فيها صلاتُه أخَّر رجله اليُسرى وقعد على شِقِّه مُتَورِّكًا، ثمّ سلم".
صحيح: رواه أبو داود (963)، والتِّرمذيّ (304)، والنسائي (1039)، وابن ماجة (862) كلّهم من طرق عن عبد الحميد بن جعفر، ثنا محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حُميد السَّاعدي فذكر الحديث، واللّفظ للترمذي وقال: حسن صحيح، ولفظ النسائيّ مختصر، وسبق ذكر الحديث في باب رفع اليدين في الصّلاة. وصحَّحه ابن حبَّان (1870).
قال الحافظ في التلخيص (1/ 223): "وأعله الطحاويّ بأن محمد بن عمرو لم يدرك أبا قتادة قال: ويزيد ذلك بيانًا أن عطاف بن خالد رواه عن محمد بن عمرو وقال: حَدَّثَنِي رجل أنه وجد عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسًا ثمّ نقل قول ابن حبَّان وقال: والسياق يأبي ذلك كل الإباء، والتحقيق عندي أن محمد بن عمرو الذي روى عطاف بن خالد عنه هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقَّاص الليثي المدنيّ، وهو لم يلق أبا قتادة ولا قارب ذلك، إنّما يرُوي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وغيره من كبار التابعين، وأمّا محمد بن عمرو الذي روى عبد الحميد بن جعفر عنه فهو محمد بن عمرو بن عطاء تابعي كبير جزم البخاريّ بأنه سمع من أبي حميد وغيره، وأخرج الحديث من طريقه، وللحديث طرق عن أبي حُميد سَمَّى في بعضها من العشرة: محمد بن سلمة وأبو أسيد وسهل بن سعد، وهذه رواية ابن ماجة من حديث عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، ورواها ابن خزيمة من طرق أيضًا". انتهى.
أما عبد الحميد فقال ابن حبَّان في صحيحه (5/ 184): "أحد الثّقات المتقنين، قد سبرتُ أخباره فلم أره انفرد بحديث منكر لم يُشَارك فيه، وقد وافق فُليحُ بن سليمان وعيسى بن عبد الله بن مالك، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد، عبد الحميد بن جعفر في هذا الخبر". انتهى.
• عن ابن عمر قال: جاء رجل من الأنصار إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كلمات أسأل عنهن. قال: "اجلس" وجاء رجل من ثقيف فقال: يا رسول الله! كلمات أسأل عنهن. فقال صلى الله عليه وسلم: "سبقك الأنصاري". فقال الأنصاري: إنه رجل غريب وإن للغريب حقًّا فابدأ به، فأقبل على الثقفي فقال:"إنَّ شئت أجبتك عما كنت تسأل، وإن شئت سألتني وأخبرك". فقال: يا رسول الله! بل أجبني عما كنت أسألك قال: "جئت تسألني عن الرّكوع والسّجود والصّلاة والصوم". فقال: لا والذي بعثك بالحق ما أخطأتَ مما كان في نفسي شيئًا قال: "فإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتين ثمّ فرج بين أصابعك ثمّ امكث حتَّى يأخذ كل عضو مأخذه، وإذا سجدت فمكن جبهتك ولا تنقر نقرًا، وصلِّ أوَّل النهار وآخره". فقال: يا نبي الله! فإن أنا صليت بينهما؟ قال: "فأنت إذا مصلي".
حسن: رواه ابن حبَّان (1887)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 294)، والبزّار - كشف الأستار (1082) كلّهم من حديث يحيى بن عبد الرحمن الأرحبيّ، حَدَّثَنِي عبيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن سنان بن الحارث بن مصرف، عن طلحة بن مصرف، عن مجاهد، عن ابن عمر، فذكر حديثًا طويلًا، وهذا جزء منه.
والجزء الثاني منه سيأتي في كتاب الحج باب فضل يوم عرفة.
وإسناده حسن من أجل يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، وسنان بن الحارث بن مصرف ذكره ابن حبَّان في الثّقات (6/ 424، 8/ 299) وذكر من الرواة عنه القاسم بن الوليد، ومحمد بن طلحة.
وترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 254) وزاد من الرواة عنه صالح بن حيي والد حسن بن صالح.
وقال البيهقيّ: "إسناده حسن". وقال الهيثميّ: "رجال البزّار موثقون".
وقال البزّار: وقد روي هذا الحديث من وجوه، ولا نعلم له أحسن من هذا الطريق".
قلت: وهو كما قال، فقد رواه عبد الرزّاق (8830) وعنه الطبرانيّ (3566) عن ابن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عمر، قال (فذكر الحديث بطوله).
ولم يسم عبد الرزّاق ابن مجاهد من هو؟ فإن كان هو عبد الوهّاب، فقال وكيع: كانوا يقولون: "إنَّ عبد الوهّاب بن مجاهد لم يسمع من أبيه". أي فيه انقطاع. ثمّ هو ضعيف جدًّا؛ كذبه سفيان وقال ابن معين: ضعيف. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يتابع عليه".