الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - كتاب الوضوء
1 - باب إيجاب النية للوضوء
قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5].
• عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها، أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه".
متَّفقٌ عليه: رواه البخاري (1) ومسلم (1907)، كلاهما من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب، فذكر الحديث.
وبه بوّب ابن خزيمة في صحيحه (1/ 73) قائلًا: "باب إيجاب إحداث النية".
واشتراط النية في الوضوء مذهب جمهور أهل العلم منهم مالك والشافعي وأحمد.
2 - باب التسمية في الوضوء
• عن أنس قال: طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل مع أحدٍ منكم ماءٌ؟ ". فوضع يده في الماء ويقول: "توضئوا باسم الله"، فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه حتَّى توضئوا من عند آخرهم. قال ثابت: قلت لأنس: كم تراهم؟ قال: نحوًا من سبعين.
صحيح: رواه النسائي (78) وأحمد (12694) كلاهما من حديث عبد الرزاق - وهو في مصنفه (20535) - قال: حدَّثنا معمر، عن ثابت وقتادة، عن أنس فذكر مثله. وصحّحه ابن خزيمة (144) فأخرجه من طريق عبد الرزاق به.
واستدل به النسائي وابن خزيمة على مشروعية التسمية عند الوضوء وبوّبا به. وأصل القصة في الصحيحين بدون ذكر التسمية وسيأتي في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال البيهقي بعد أن أخرج الحديث: "إنه أصح ما في التسمية" السنن الكبرى (1/ 43).
وأما ما رُوي عن أبي هريرة، وعائشة، وأبي سعيد، وسهل بن سعد، وأسماء بنت سعيد بن زيد عن أبيها من قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، فكلها معلولة؛ ولذا قال الإمام أحمد بن حنبل: "لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيّد".
وقال أحمد بن حفص السّعدي: "سئل أحمد عن التّسمية في الوضوء فقال: لا أعلم فيه حديثًا
يثبت. أقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد، عن رُبيح (وهو ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدريّ)، ثم ذكر رُبيحا - أي: من هو؟ ومن أبوه؟ يعني: الذي روى حديث سعيد بن زيد أنهم مجهولون، وضعَّف إسناده. المغني (1/ 146).
وقال ابن ملقِّن: "هذا الحديث مشهورٌ، وله طرقٌ متكلَّم في كلِّها".
انظر: "البدر المنير"(2/ 69).
وقال الإمام البخاري: "أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن".
قلت: هذا حديث رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن جدته، عن أبيها، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" رواه الترمذي (25) من طريق بشر بن المُفضَّل، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي ثِفال المُرّي، عن رباح، ثم رواه أيضًا (26) من وجه آخر عن يزيد بن عياض، عن أبي ثفال المُرّي به، ولم يذكر لفظ الحديث، وإنما أحال على الحديث السابق. ورواه أيضًا ابن ماجه (398) من طريق يزيد بن عياض به، وزاد في أول الحديث:"لا صلاة لمن لا وضوء له".
ومداره على أبي ثفال وهو: ثُمامة بن وائل بن حُصين المُرِّي بضم الميم ثم راء - مشهور بكنيته، قال فيه البخاري: في حديثه نظر. وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 157 - 158) وبعد ما ذكر الحديث قال: "ولكن في القلب من هذا الحديث؛ لأنه قد اختلف على أبي ثفال فيه".
وفي إسناد ابن ماجه أيضًا يزيد بن عياض الليثي أبو الحكم المدني نزيل البصرة كذّبه مالك وغيره، وضعّفه ابن المديني والدارقطني. وقال البخاري ومسلم: منكر الحديث. إلَّا أن الترمذي رواه من طريق عبد الرحمن بن حرملة.
أما رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان نفسه فلم يوثقه أحد، وذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته، ولذا قال فيه الحافظ:"مقبول"؛ أي: إذا توبع، وإلا فلين الحديث.
فإذا كان هذا حال حديث رباح بن عبد الرحمن الذي قال فيه الإمام البخاري: "أحسن شيء في هذا الباب" فما بال أحاديث غيره، إلَّا أن بعض أهل العلم يرون أن مجموع الشواهد يجعل الحديث حسنًا لغيره. انظر تخريج هذه الأحاديث في نصب الراية (2/ 64 - 66).
قال المنذري في الترغيب والترهيب: "ولا شك أن الأحاديث التي وردت فيها وإن كان لا يسلم شيء منها عن مقال، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها، وتكتسب قوة".
ولذا قال الإمام أحمد في رواية أنها واجبة، وحكى الترمذي عن إسحاق بن راهويه:"إنْ تركها عامدًا أعاد الوضوء، وإن كان ناسيًا أو متأوِّلًا أجزأه".
انظر للمزيد: "المنة الكبرى"(1/ 134، 135).