الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - كيفية غسل الحائض
ِ
• عن عائشة قالت: إن امرأة من الأنصار سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن غسلها من الحيض، فأمرها كيف تغتسلُ، قال:"خُذي فِرْصةً من مسك، فتطهري بها". قالت: كيف أتطهّر بها؟ قال: "تطهري بها". قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها". فاجتذبتُها إليّ، فقلت: تتبّعي بها أثر الدم.
متَّفقٌ عليه: رواه البخاريّ في الحيض (314، 315) ومسلم في الحيض (332) كلاهما من طريق منصور بن صفية، عن أمه صفية، عن عائشة.
ونسب إلى أمه صفية لشهرتها، وهي صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية. وأم أبيه عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة العبدري. إِلَّا أن البخاريّ لم يذكر كيف تغتسل.
وإنما بيَّنه مسلم في رواية إبراهيم بن المهاجر قال: سمعت صفية تحدث عن عائشة أن أسماء (وهي بنت شكل) سألت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن غُسل المحيض؟ فقال: "تأخذ إحداكنَّ ماءها وسدرتها فتطهَّر، فتُحسنُ الطهور، ثم تَصُبُّ على رأسها فتَدْلُكهـ دلكًا شديدًا حتَّى تبلغَ شؤونَ رأسِها، ثم تَصبُّ عليها الماء، ثم تأخذ فِرصة مُمسَّكةً فتطهر بها"، فقالت أسماء: كيف تطهر بها؟ فقال: "سبحان الله! تطهرين بها"، فقالت عائشة (كأنّها تخفي ذلك): تتَّبعين أثرَ الدم. وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: "تأخذ ماء فتطهر، فتحسن الطهور أو تُبْلِغ الطهور، ثم تَصُبُّ على رأسها فَتَدْلُكه، حتَّى تَبْلغ شؤونَ رأسها، ثم تفيض عليها الماء". فقالت عائشة: نعم النساءُ نساءُ الأنصار! لم يكن يمنعهن الحياءُ أن يتفقَّهن في الدين.
وفي رواية: دخلت أسماء بنت شكل على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! كيف تغتسل إحدانا إذا طهرت من الحيض؟ وساق الحديث. ولم يذكر فيه غسل الجنابة، وكلها في صحيح مسلم.
والفِرصة: القطعة من صوف أو قطن، أي: بعد انقطاع الدم إذا اغتسلت أخذت قطعة من مسك، أو خرقة فتطيبه بمسك، فتطيب بها مواضع الدم ليذهب ريحه.
وفي رواية عند أبي داود: "قَرْصة" بالقاف، يعني: شيئًا يسيرًا يؤخذ من المسك، مثل القَرْصة بأطراف الأصبعين.
وقوله: "شؤون رأسها" مواصل قبائل الرأس وملتقاها، والمراد: إيصال الماء إلى منابت الشعر، مبالغة في الغسل. ذكر ابن الأثير في جامع الأصول" (7/ 320 - 321).
وانظر بقية أحاديث غسل الحائض والمستحاضة في كتاب الحيض.
10 - باب الاسْتَتار في الغُسْلِ والبَول والبَرَازِ
• عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفتح،
فوجدتُه يَغْتَسِلُ، وفاطمةُ ابنتُه تستُره بثوبٍ.
متفق عليه: رواه مالك في قصر الصّلاة (28) عن أبي النَّضْر مولي عمر بن عبيد الله، أنَّ أبا مُرَّة مولى عقيل بن أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول، فذكرت الحديث في سياق أطول سيأتي في كتاب صلاة الضحى. ومن طريقه رواه البخاريّ (280) ومسلم في الحيض (336) مختصرًا كما ذكرته.
وهو طرفٌ من حديثٍ طويلٍ، وسيأتي ذكره في صلاة الضحى.
• عن ميمونة قالت: وضعتُ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم ماءً، وسترتُه فاغتسلَ.
صحيح: رواه مسلم في الحيض (337) عن إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرني موسى القارئ، ثنا زائدة، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كُريب، عن ابن عبَّاسٍ، عن ميمونة فذكرته.
وهو طرف من حديثها المذكور في كيفية الغسل.
• عن عبد الله بن جعفر قال: أرْدَفني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خَلْفَه، فأسرَّ إلى حديثًا لا أحَدِّثُ به أحدًا من الناس، وكان أحبَّ ما استتر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هَدَفٌ، أو حائِشٌ نَخْلٍ.
وقال في رواية: يعني حائط نخْلٍ.
صحيح: أخرجه مسلم في الحيض (342) من طريق مهدي بن ميمون، ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر فذكر الحديث.
والهدف: ما ارتفع من الأرض، ومنه الهدف المتَخَذُ للرَّمْيِ.
وحائش نخلٍ: بستان النخل، وفسَّره الراوي بقوله: يعني حائط نخل.
• عن عبد الرحمن قال: انطلقتُ أنا وعمرو بن العاص إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فخرج ومعه دَرَقةٌ، ثم استتر بها، ثم بال، فقلنا: انظروا إليه يَبولُ كما تَبولُ المرأة، فسمع ذلك فقال:"ألم تَعلمُوا ما لقي صاحبُ بني إسرائيل؟ كانوا إذا أصابهم البولُ قطعوا ما أصابه البول منهم؛ فنهاهم فعُذِّب في قبره".
صحيح: أخرجه أبو داود (22) والنسائي (30) وابن ماجة (346) كلّهم من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عنه به. واللّفظ لأبي داود.
زيد بن وهب: هو الجهني أبو سليمان الكوفيّ، أسلم في حياة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ورحل إليه مهاجرًا، فقُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق فلم يُدركهـ، قال يعقوب بن سفيان: في حديثه خلل كثير. وردّ عليه الحافظ في التقريب: "لم يصب من قال: في حديثه خلل"، مات بعد الثمانين، وقيل: سنة ست وتسعين.
وبقية رجاله ثقات. قال الحافظ في "فتح الباري"(1/ 328): هو حديث صحيح، صحَّحه الدَّارقطنيّ وغيره".
وقال أبو داود: "قال منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى في هذا الحديث قال: "جلْدَ أحدهم"، وقال عاصم، عن أبي وائل، عن أبي موسى، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "جسد أحدهم". يقصد اختلاف الألفاظ.
والدَّرَقة - بفتح الدال والراء المهملتين والقاف - الجحفة، والمراد بها: الترس إذا كان من جلود وليس فيها خشب وعصب.
وقوله: "فقلنا انظروا إليه"، في رواية النسائيّ وابن ماجة:"فقال بعض القوم"، وهذا هو الظاهر؛ فقوله:"قلنا" حكاية عن قولهم؛ لأنَّ قائل هذا لا يكون مسلمًا؛ لما فيه من سوء الأدب مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى الفرض أنَّ قائله مسلم فيحمل على التعجب من هذا الفعل؛ لأنه كان خلافًا لعادة العرب.
وقوله: "يبول كما تبول المرأة" فيه تشبه في الستر أو الجلوس، وقد فهم منه السترَ النسائيّ؛ فبوَّب بقوله:"البول إلى السترة يستر بها"، وبوَّب أبو داود بقوله:"الاستبراء من البول"، وبوَّب ابن ماجة بقوله:"باب التشديد في البول"، ولم يبوَّب أحد من هؤلاء:(البول قائمًا)، وهو أقرب إلى التشبيه، وقد نقل بعض أهل العلم أنَّ العرب كانوا يرون البول قائمًا من الشهامة من الرجال دون النساء، وأمّا كشفُ العورة فلم يكن مُتفشِّيًا فيهم، وإن كانوا غير مبالين به.
وقوله: "إذا أصابهم البولُ قطعوا ما أصابه البولُ" أي: الثياب؛ فالروايات الصحيحة هي بذكر الثوب، وما جاء في بعض الروايات بذكر الجلد أو الجسد فيحمل على حذف المضاف، يعني: ثوب جسدهم أو جلدهم؛ لأنَّ الحمل على الظاهر - وهو الجلد أو الجسد - يؤدي إلى قطع كل أجسادهم لتكرار الوقوع، والله لم يكلف أحدًا من عباده - في أي زمن أو مكان - ما لا يطيقون.
• عن يعلى بن أمية أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يغتسل بالبَراز بلا إزار، فَصَعِدَ المنبرَ، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"إنَّ الله عز وجل حَيِيٌّ سِتِّير يُحبّ الحياءَ والسِّتْرَ؛ فإذا اغتسل أحدكم فليستتر".
حسن: رواه أبو داود (4012) والنسائي (406) كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عليّ بن نُفَيل، قال: ثنا زهير، عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزميّ، عن عطاء، عن يعلى، فذكر الحديث.
وعطاء هو: ابن أبي رباح، لم يسمع من يعلى بن أمية.
ثم أخرج أبو داود (4013)، والنسائي (407)، وأحمد (17970) كلّهم من طريق أبي بكر بن عَيَّاش، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه نحوه.
وهذا الإسناد متصل غير أنَّ أبا بكر بن عياش مختلف في توثيقه؛ فوثَّقه أحمد والعجلي. وقال