الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عطية، أن أبا كبشة السلوليَّ حدّثه، أنه سمع ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكر الحديث.
قلت: رجاله ثقات غير ابن ثوبان، وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العني - بالنون الدمشقي الزاهد، قال النسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم: ثقة. وليّنه ابن معين والعجلي.
وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة": رواه ابن ماجه في (سننه) من طريق سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان دون قوله:"وسددوا وقاربوا".
قلت: رواه ابن ماجه (277) قال: حدَّثنا علي بن محمد، ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استقيموا ولن تُحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلَّا مؤمن".
قال الحاكم (1/ 130): "صحيح على شرط الشيخين، ولست أعرف له علة يعلل بمثلها".
قلت: ظاهره السلامة، وفيه علة خفية، وهي أن سالم بن أبي الجعد الأشجعي مولاهم الكوفي وإن كان وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم، إلَّا أنه لم يسمع من ثوبان ولم يلقه؛ بينهما معدان بن أبي طلحة، وليست هذه الأحاديث بصِحاحٍ، كذا روى الذُّهْلي عن الإمام أحمد.
ولذا قال البوصيري في زوائد ابن ماجه: رجال إسناده ثقات أثبات، إلَّا أن فيه انقطاعًا بين سالم وثوبان، وقال: ولكن أخرجه الدارمي وابن حبان في صحيحه من طريق ثوبان متَّصلًا. انتهي.
قلت: وهو كما قال، فقد أخرج الدارمي في الوضوء (660) وابن حبان (3/ 311 رقم 1037) كلاهما من طريق الوليد بن مسلم به مثله، كما رواه الإمام أحمد وغيره، وليس كما رواه ابن ماجه، وتحرف في الدارمي ابن ثوبان إلى "أبو ثوبان". ولحديث ثوبان طرق أُخرى هذا أجودها. وقد رواه أيضًا ابن ماجه وغيره من حديث عبد الله بن عمرو، وأبي أُمامة، وجابر، وربيعة الحَرَشِي، ولكن كلها ضعيفة ولا يصحّ منها شيء.
7 - باب الغُرِّ المحجّلين من آثار الوضوء
• عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أمتي يدعَوْن يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلين من آثار الوضوء؛ فمن استطاع منكم أن يطيل غُرّته فليفعل".
متفق عليه: رواه البخاري في الوضوء (136) واللفظ له، ومسلم في الطهارة (246) كلاهما من طريق سعيد بن أبي هلال، عن نُعيم بن عبد الله المُجْمِر قال: رقيتُ مع أبي هريرة على ظهر المسجد، فتوضأ فقال: إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكر الحديث. وفي رواية مسلم من طريق عُمارة بن غَزِيَّة الأنصاري، عن نعيم بن عبد الله المُجْمِر قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتَّى أشرع في العَضُد، ثم يده اليسرى حتَّى أشرع في العَضُد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رِجله اليُمنى حتَّى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليُسرى حتَّى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، ثم قال، فذكره.
وفي رواية سعيد بن أبي هلال، عن نعيم بن عبد الله: فغسل وجهه ويديه حتَّى كاد يبلُغ المنكبين.
ولكن أبدى نُعيم بن عبد الله الشك في قوله: "من استطاع أن يُطيل غرته فليفعل" من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة.
رواه الإمام أحمد (8413 و 10778) من طريق فُلَيح بن سليمان، عنه.
وقال الحافظ في الفتح (1/ 236): "ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نُعيم هذه".
وقال الحافظ المنذريّ في الترغيب والترهيب (286): "وقد قيل: إنّ قوله: "من استطاع
…
إلخ" إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة موقوف عليه، ذكره غير واحد من الحفّاظ، والله أعلم".
وذكر نحوه الحافظ ابن القيم في حادي الأرواح (1/ 316)، ثم نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان يقول:"هذه اللّفظة لا يمكن أن تكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنّ الغرّة لا تكون في اليد، لا تكون إلّا في الوجه، وإطالتُه غير ممكنة، إذ تدخل في الرأس فلا تسمّى تلك غرّة" اهـ.
ولكن اختيار الشيخين رواية سعيد بن أبي هلال، عن نُعيم بن عبد الله دليل على صحة هذه الزيادة عندهما، وتابعه على ذلك عُمارة بن غَزِيَّة الأنصاري عند مسلم، ورواه الإمام أحمد (2/ 362) من طريق ليث بن أبي سُليم، عن كعب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم الغر المحجَّلُون يوم القيامة من آثار الوضوء والطهور، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّتَه فليفعل" إلَّا أن ليث بن أبي سليم ضعيف وكعب هو: أبو عامر المديني فإنه لم يوثقه إلَّا ابن حبان ورواه الطبراني في "الأوسط" من طريق ابن الحُوَيْرِث، عن نعيم بدون شك.
ونُعيم نفسه تردد فروى مرة باليقين، وأُخرى بالشك، فيؤخذ بقول مَن روى عنه باليقين وهم سعيد بن أبي هلال، وعُمارة بن غَزِيَّة، وليث بن سليم، وابن الحُوَيْرِث.
وعليه فإن صحّت هذه الزّيادة، فالغرّة يحتاج إلى تأويل فراجع في ذلك ما ذكره الحافظ في الفتح.
وقوله في الحديث (غُرًّا مُحَجَّلين) الغُرّة والتحجيل: بياض في وجه الفرس وقوائمه، وذلك مما يحسنه ويزيّنه، فاستعاره للإنسان، وجعل أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين، كالبياض الذي هو للفرس، ولذلك قال بإسباغ الوضوء؛ فإنه يزيد التحجيل ويطيله.
وتطويل الغرة والتحجيل المقصود منه القدر الزائد على الجزء الذي يجب غسله.
قال ابن القيم في زاد المعاد 1/ 196: "وأما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه غسل يديه حتى أشرع في السّاقين، فهو إنّما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة".
• عن أبي حازم قال: كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمدّ يده حتَّى تبلغ إبْطَه، فقلت له: ما هذا يا أبا هريرة؟ فقال: يا بَني فَرُّوخَ! أنتم ههنا؟ لو
علمتُ أنكم ههنا ما توضأتُ هذا الوضوء، سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول:"تبلغُ الحِليةُ من المؤمن حيث يبلغ الوضوء".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (250) عن قُتيبة بن سعيد، حدَّثنا خَلف، عن أبي مالكٍ الأشجعي، عن أبي حازمٍ. . فذكره.
• وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: "السلام عليكم دارَ قومِ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحِقون، وددتُ أنِّي قد رأيتُ إخواننا"، فقالوا: يا رسول الله! ألسنا بإخوانك؟ قال: "بل أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لم يأتوا بعدُ، وأنا فرَطُهم على الحوض"، فقالوا: يا رسول الله! كيف تعرف مَن يأتي بعدك من أمتك؟ قال: "أرأيتَ لو كان لرَجلٍ خَيلٌ غُرٌّ محَجَّلةٌ في خيلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، ألَّا يعرف خيلَه؟ "، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: "فإنهم يأتون يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلين من الوضوء، وأنا فرطُهم على الحوض، فَلَيُذادَنَّ رِجال عن حَوضي، كما يُذادُ البعيرُ الضالُّ، أُنادِيهم: أَلا هَلُمَّ! أَلا هَلُمَّ! أَلا هَلُمَّ! فيقال: إنهم قد بدّلوا بعدَك، فأقول: فسُحْقًا فسُحْقًا فسُحْقًا".
صحيح: رواه مالك في الطهارة (28) عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر الحديث، واللفظ له، ومسلم في الطهارة (249) من طريق مالك وغيره، عن العلاء بن عبد الرحمن به مثله.
• عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن حوضي لأبعدُ من أيلة من عَدَن. والذي نفسي بيده! إنِّي لأذود عنه الرجال كما يذود الرجلُ الإبلَ الغريبة من حوضه" قالوا: يا رسول الله! وتعرفنا؟ قال: "نعم تَرِدون عَلَّي غُرًّا مُحَجَّلين من آثار الوضوء. ليست لأحدٍ غيركم".
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (248) عن عثمان بن أبي شيبة: ثنا علي بن مُسهر، عن سعد بن طارق، عن رِبعي بن خِراش، عن حذيفة فذكره.
• عن عبد الله بن بُسر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"أُمّتي يوم القيامة غُرٌّ من السجود، محجّلون من الوضوء".
صحيح: رواه الترمذي (607) عن أبي الوليد أحمد بن بكار الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم قال: قال صفوان بن عمرو، أخبرني يزيد بن خُمير، عن عبد الله بن بُسر فذكر مثله.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث عبد الله بن بسر".
ورواه الإمام أحمد (17693) والطبراني في "مسند الشاميين"(995) أتمّ من هذا عن أبي المغيرة قال: حدَّثنا صفوان قال: حدّثني يزيد بن خُمير الرحبي، عن عبد الله بن بسر المازني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"ما من أمّتي من أحد إلَّا أنا أعرفه يوم القيامة" قالوا: وكيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق؟ قال: "أرأيت لو دخلت صُبْرةً فيها خيل دُهم بُهم، وفيها فرس أَغَرُّ محجَّل، أما كنت تعرفه منها؟ " قال: بلى. قال: "فإنَّ أُمّتي يومئذٍ غرٌّ من السجود محجَّلون من الوضوء". وهذا إسناد صحيح.
أبو المغيرة هو: عبد القدوس بن حجّاج الخولاني.
قوله: "بهم" - بضمّ الباء وسكون الهاء - خالصة المواد.
• عن ابن مسعود قال: قيل يا رسول الله! كيف تعرف من لم تر من أمتك؟ قال: "غرٌّ محجَّلون بُلْقٌ من آثار الوضوء".
حسن: رواه ابن ماجه (284) حدَّثنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدَّثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، قال: حدَّثنا حماد، عن عاصم، عن زِرِّ بن حُبَيش، أن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.
وإسناده حسن للكلام في عاصم وهو: ابن أبي النجود. وكذا حسنه أيضًا البوصيري في زوائد ابن ماجه.
وأخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه (1047) من طريق حماد - وهو ابن سلمة به مثله.
وفي الباب عن أبي أُمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أمّتي أحد إلَّا وأنا أعرفه يوم القيامة" قالوا: يا رسول الله! من رأيت ومن لم تر؟ قال: "من رأيتُ ومن لم أر، غُرًّا مُحَجَّلين من آثار الطهور". رواه الإمام أحمد (22257) والطبراني في الكبير (7509) كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن أبي عتبة الكندي، عن أبي أُمامة فذكر مثله.
وأبو عتبة الكندي لم يرو عنه إلَّا معاوية بن صالح، ولم يوثقه أحد، وإنّما ذكره ابن حبّان في "الثقات"(5/ 570).
وعن جابر قال: قيل: يا رسول الله! كيف تعرف من لم تر من أمّتك؟ قال: "غُرًّا - أحسبه قال -: محجَّلون من آثار الوضوء".
رواه البزّار - كشف الأستار - (254) وفيه يحيى بن يمان العجلي الكوفي ضعّفه يحيى بن معين والنسائيّ.
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظة، وهو في نفسه لا يتعمَّد الكذب إلَّا أنّه يخطئ ويشبَّه عليه. "الكامل"(7/ 2691) ولم يذكره ابن حبان في ثقاته مع تساهله، ومع ذلك قال الحافظ الهيثمي في "المجمع" (1/ 225): إسناده حسن. فلعلّه قال ذلك لكثرة شواهده.
وقوله في الحديث: "بُلْقٌ": مِن بَلِقَ الفرَس بَلَقًا، وبُلْقةً: إذا كان فيه سواد وبياض.