الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح: رواه مالك في القرآن (25) عن نُعيم بن عبد الله المجمر، عن عليّ بن يحيى الزرقيّ، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع فذكر مثله.
ورواه البخاريّ في الأذان (799) عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك به مثله، ووهم الحاكم (1/ 225) فاستدركه، وقد رواه أيضًا من طريق مالك به.
• عن أنس بن مالك يقول: سقط النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن فَرَسٍ فجُحِشَ شِقُّه الأيْمَنُ، فدخلنا عليه نعودُه، فحضرتِ الصّلاة، فَصَلَّى بنا قاعدًا. فصلَّينا وراءه قعودًا، فلمّا قضى الصّلاة قال:"إنَّما جُعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا سجد فاسْجُدُوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حَمِدَه فقولوا: ربنَّا ولك الحمد، وإذا صلى قاعدًا فصلوا قُعودًا أجمعون".
متفق عليه: رواه مسلم في الصّلاة (411) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزّهريّ، قال: سمعتُ أنس بن مالك يقول: فذكر الحديث، ورواه البخاريّ في الأذان (805) من طريق سفيان قال غير مرة عن الزّهريّ، قال: سمعت أنس بن مالك فذكر الحديث نحوه، وستأتي بقية الأحاديث في متابعة الإمام، وانظر حديث أبي هريرة في باب التأمين.
وحديث أنس رواه عبد الرزّاق (2909) ومن طريقه الإمام أحمد (12652) عن معمر، عن الزّهريّ، عن أنس بن مالك مقتصرًا على قوله:"إذا قال الإمام: سمع الله لمن حَمِدَه، فقولوا: ربنا لك الحمد".
وفي الباب حديث أبي موسى رواه مسلم في الصّلاة (404). انظر باب التّشهد.
6 - باب الخرور إلى السجود
• عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
صحيح: رواه ابن خزيمة (627)، والدارقطني (1303)، والحاكم (1/ 226)، وعنه البيهقيّ (2/ 100)، والطحاوي في شرحه (1/ 254)، كلّهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراورديّ، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وإسناده صحيح ورجاله ثقات، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال أيضًا: فأما القلب في هذا فإنه إلى حديث ابن عمر أميل لروايات في ذلك كثيرة عن الصّحابة والتابعين. انتهى.
وعلَّقه البخاريّ في صحيحه (قبل حديث: 803)، وعزاه الحافظ لمن عزوت إليهم.
ولكن رُوي عن ابن عمر خلاف ذلك. روى ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه، ويرفع يديه إذا رفع قبل ركبتيه.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 263) عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن
عمر. إِلَّا أن إسناده ضعيف من أجل ابن أبي ليلى فإنه سيء الحفظ.
وأمّا ما جاء عن ابن عمر موقوفًا ومرفوعًا أنه قال: "إذا سجد أحدكم فليضع ركبتيه، فإذا رفع فليرفعهما، فإنَّ اليدين تسجدان كما يسجد الوجه" سيأتي تخريجه. فهو يدل على أن السجدة تكون بوضع اليدين على الأرض مثل وضع الوجه عليها.
فهذا لا يعارض المرفوع كما فهم البيهقيّ (2/ 100، 101) فقال عقب إخراج حديث الدراوردي: "والمشهور عن عبد الله بن عمر في هذا ما أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد المقرئ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حمّاد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال
…
(فذكره).
ثمّ رواه من طريق إسماعيل ابن علية، عن أيوب بإسناده ورفعه قال:"إنَّ اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، فإذا رفعه فليرفعهما" وكذلك رواه أحمد بن سنان عن إسماعيل. والمقصود منه وضع اليدين في السجود، لا التقديم فيهما" انتهى.
فكأنه يقول: إن المرفوع الذي رواه الدراوردي المقصود منه هذا، لا تقديم وضع اليدين في السجود. ولكن المتبادر من السياقين أنهما يختلفان.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه".
صحيح: رواه أبو داود (840)، والنسائي (1091)، وأحمد (8955)، والدارقطنيّ، والبيهقي (2/ 99) كلّهم من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراورديّ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. وإسناده صحيح. محمد بن عبد الله بن الحسن هو المعروف بالنفس الزكية الهاشمي ثقة، وثَّقه النسائيّ وغيره.
وقد أعلَّ البعض بأن الدراوردي تفرّد به عن محمد بن عبد الله بن الحسن.
قلت: ولا يضر تفرده فإنه ثقة، وقد تابعه في الجملة عبد الله بن نافع، عن محمد بن عبد الله بن الحسن به مختصرًا بلفظ:"يعمد أحدكم فيبرك في صلاته بركة الجمل" رواه أبو داود (841).
والنسائي (1090)، والتِّرمذيّ (269) كلّهم من هذا الطريق. وفيه استفهام إنكار.
وعبد الله بن نافع هو: ابن أبي نافع الصائغ، المخزومي مولاهم ثقة من رجال مسلم.
وأعله البخاريّ بالانقطاع فقال في ترجمة محمد بن عبد الله بن حسن في "التاريخ الكبير"(1/ 139): "محمد بن عبد الله بن حسن لا يتابع عليه، وقال: لا أدري أسمع من أبي الزّناد أم لا؟ ".
قلت: قال ذلك بناء على شرطه المعروف وهو: معرفة اللقاء، ولكن الجمهور خالفوه فاكتفوا بمجرد إمكان اللقاء مع أمْنِ التدليس. ومحمد بن عبد الله بن حسين لم يعرف بالتدليس، وقد عاصر شيخه أبا الزّناد طويلًا فإنه مات سنة (145 هـ)، ومات شيخه سنة (130 هـ)، وكان عمره ثلاثًا
وخمسين سنة.
وبهذا صحَّ الحديث. وقد صحَّحه عبد الحق في الأحكام، وقال النوويّ في "المجموع" (3/ 421):"إسناده جيد". وكذا قال أيضًا في الخلاصة (1284) وقال: "ولم يضعفه أبو داود".
وقال الحافظ في "بلوغ المرام": "هو أقوى من حديث وائل بن حجر" وهو الآتي.
ولكن أعلّه الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى: بأنَّ هذا الحديث وقع فيه وهم من بعض الرواة؛ فإنَّ أوَّل الحديث يخالف آخره، فإنَّه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير؛ فإنَّ البعير إنّما يضع يديه أوَّلًا. ولمَّا علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبنا البعير في يديه، لا في رجليه. فهو إذا برك وضع ركبته أوَّلًا، فهذا هو المنهي عنه. ثمّ قال: وهو فاسدٌ لوجوهٍ:
أحدها: أنَّ البعير إذا برك فإنَّه يضع يديه أوَّلًا، وتبقى رجلاه قائمتين.
والثاني: أنَّ قولهم ركبنا البعير في يديه .. كلام لا يُعقل، ولا يعرفه أهل اللغة، وَإِنَّما الرُّكبة في الرجلين، وإن أُطلق على اللتين في يديه اسم الركبة فعلى سبيل التغليب.
والثالث: أنَّه لو كان كما قالوه ثقال: "فليبرك كما يبرك البعير"، وإنَّ أوَّل ما يمسُّ الأرض من البعير يداه.
ثمّ ذكر ابن القيم بقية الوجوه وهي عشرة في ترجيح حديث وائل بن حجر من عشرة وجوه، فانظرها. انظر زاد المعاد (1/ 227).
وحديث وائل بن حجر هو: "رأيتٌ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه".
رواه أبو داود (837) واللّفظ له، والتِّرمذيّ (268)، والنسائي (1089)، وابن ماجة (882)، وابن خزيمة (626)، والدارقطني (1307)، والدارمي (1/ 303) كلّهم من طرق عن يزيد بن هارون، نا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر فذكر مثله.
قال الترمذيّ: "حسن غريب، لا نعرف أحدًا رواه مثل هذا عن شريك وقال: روي همام، عن عاصم هذا مرسلًا، ولم يذكر فيه وائل بن حجر".
قلت: شريك هو: ابن عبد الله النحفي صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، كذا في التقريب.
ولعلَّ هذا مما أخطأ فيه، ولذا قال الدَّارقطنيّ:"تفرّد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به"، ومثله قال أيضًا البخاريّ، وابن أبي داود، والبيهقيّ، بأن شريكًا تفرّد به.
وقال البيهقيّ (2/ 99): "هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضيّ، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلًا. هكذا ذكره البخاريّ وغيره من الحفاظ المتقدمين". انتهى. انظر أيضًا "التلخيص"(1/ 254).
فإذا كان شريك لا يحتج به إذا انفرد، فكيف إذا خالف، فقد روى أصحاب عاصم بن كليب عنه صفة صلاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وسبق ذكر بعضه، ولم يذكر أحد منهم ما ذكره شريك.
وللحديث طريق آخر وهو معلول أيضًا، رواه أبو داود (839) وعنه البيهقيّ (2/ 98) عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر صفة الصّلاة، وقال:"فلمّا سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه". وعبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئًا كما قال ابن معين والبخاري.
والطريق الآخر رواه شقيق قال: حَدَّثَنِي عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكر مثله، وزاد:"وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه". وشقيق لا يعرف.
وكذلك ما رواه الدَّارقطنيّ (1308)، والحاكم (1/ 226) - وصحَّحه على شرط الشّيخين -، من طريق حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس في حديثٍ فيه:"ثم انحط بالتكبير، فسبقتْ ركبتاه يديه". قال الدَّارقطنيّ: تفرّد به العلاء بن إسماعيل، عن حفص بهذا الإسناد.
وكذا قال أيضًا البيهقيّ (2/ 99). وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 254) وهو "مجهول".
وكذلك ما رواه مصعب بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه قال: كنَّا نَضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين.
رواه ابن خزيمة (628) عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حَدَّثَنِي أبيّ، عن أبيه، عن سلمة، عن مصعب به.
تفرّد به إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة، عن أبيه وهما ضعيفان، وفي التقريب: إبراهيم بن إسماعيل "ضعيف"، وأبوه إسماعيل بن يحيى "متروك".
قال الحازمي في كتابه "الاعتبار"(ص 55): "أما حديث سعد ففي إسناده مقال، ولو كان محفوظًا لدل على النسخ، غير أن المحفوظ عن مصعب بن سعد، عن أبيه حديث نسخ التطبيق. انتهى.
وقد أعلّه أيضًا الحافظ ابن القيم قائلًا: "وإنَّما هو في قصَّة التطبيق".
وأشار الحافظ إلى رواية ابن خزيمة وقال: "لكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه، وهما ضعيفان". انتهى.
قلت: ويمثل هذا الحديث الضعيف جدًّا بل مكذوب يستدل ابن خزيمة بأن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ! فلو قال عكس ذلك لكان متجهًا؛ لأنَّ وضع اليدين قبل الركبتين يساعد الضعفاء وكبار السن على الخرور إلى السّجود بخلاف وضع الركبتين قبل اليدين. ومن المعلوم أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما أسنَّ وثقل اختار الوضع الذي يساعده في أداء الصّلاة، فكان أكثر صلاته النافلة في البيت جالسًا، فليكن من آخر الأمرين منه وضع اليدين قبل الركبتين.
هذه خلاصة ما قيل في أحاديث هذا الباب، وللعلماء نفس طويل في دراسة الأحاديث من المصححين