الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقريب إِلَّا أنَّه خالفه ابن أبي شيبة فرواه في المصنَّف" (1/ 232) عن ابن فُضيل وأبي معاوية به موقوفًا. ورواه أيضًا النسائيّ في "عمل اليوم والليلة" (850) عن محمد بن العلاء، عن أبي معاوية موقوفًا. ورُوي موقوقا أيضًا من وجه آخر عن الأعمش.
والخلاصة: أنَّه لم يثبت دعاء الاستفتاح بقوله: "سبحانك اللَّهُمَّ .... ". إِلَّا عن عمر رضي الله عنه، والظاهر أنه أخذه من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأن عمر بن الخطّاب كغيره من الصّحابة كان أكثر النَّاس بُعدًا من الابتداع في الدين، وكثرة الأحاديث الواردة في هذا الباب تدل على أنَّ له أصلًا وهي تقوي أثر عمر بن الخطّاب.
قال الحافظ ابن رجب في شرحه للبخاريّ "فتح الباري"(4/ 346): "صحَّ هذا عن عمر بن الخطّاب، رُوي عنه من وجوه كثيرة".
وقال: "قال الإمام أحمد: نذهب فيه إلى حديث عمر، وقد روي فيه وجوه ليست بذاك - فذكر حديث عائشة وأبي هريرة".
فصرَّح بأنْ الأحاديث المرفوعة ليست قويّة، وأن الاعتماد على الموقوف عن الصّحابة؛ لصحة ما رُوي عن عمره انتهى.
11 - باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال
• عن سهل بن سعد أنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرّجلُ اليد اليُمني على ذراعه اليُسرى في الصّلاة.
قال أبو حازم: لا أعلم إِلَّا أنه يَنْمي ذلك.
صحيح: رواه مالك في قصر الصّلاة (47) عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد فذكره. ومن طريقه أخرجه البخاريّ (740).
وقوله: كان الناس يؤمرون
…
هذا حكمه الرفع، لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ينمي ذلك - بفتح أوله، وسكون النون، وكسر الميم. قال أهل اللغة: نميتُ الحديث إلى غيري - رفعتُه وأسندتُه. صرَّح بذلك معن بن عيسيّ، وابن يونس عن الإسماعيلي والدارقطني. وزاد ابن وهب: ثلاثَتُهم عن مالك بلفظ: "يرفع ذلك، ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي: ينميه فمراده يرفع ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولو لم يقيده. انظر: "الفتح" (2/ 225).
وقوله: على ذراعه اليُسرى - فإنه يستلزم منه وضعهما على الصدر، وهو الصَّحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رُوي عن وضعهما فوق السرة فهو ضعيف.
وأنصح هنا بالرجوع إلى كتاب "فتح الغفور في وضع الأيدي على الصدور" للعلامة الشّيخ
محمد حياة السندي بتحقيقي، الطبعة الثالثة عام 1419 هـ بالمدينة النبوية.
• عن وائل بن حُجْر أنه رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصّلاة. كبَّر - وصف همام حيال أذنيه - ثمّ التحف بثوبه، ثمّ وضع يده اليُمنى على اليُسْرى. فلمّا أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثمّ رفعهما، ثمّ كبَّر فركع، فلمّا قال: "سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلمّا سجد، سجد بين كفيه.
صحيح: رواه مسلم في الصّلاة (401) عن زهير بن حرْب، حَدَّثَنَا عفّان، حَدَّثَنَا همَّام، حَدَّثَنَا محمد بن جحادة، حَدَّثَنِي عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل ومولى لهم، أنهما حدَّثاه عن أبيه وائل بن حُجْر فذكر الحديث.
وقد أبهم الراوي موضع اليدين، وروى ابن خزيمة في صحيحه (479) عن أبي موسى، نا مؤمّل، نا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:"صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره".
وقال البيهقيّ في "المعرفة"(2/ 340): "ورويناه في بعض طرق حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حُجر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ وضعهما على صدره".
قلت: حديث ابن خزيمة ذكره النوويّ في "شرح مسلم"(4/ 115)، و"شرح المهذب"(3/ 313)، و"الخلاصة"(1096)، والحافظ في "الفتح"(2/ 224)، وفي "بلوغ المرام"(ص 53)، وفي "التلخيص"(1/ 224)، وابن الملقن في "تحفة المحتاج"(1/ 336)، وابن عبد الهادي في "المحرر"(1/ 185).
وسكت هؤلاء جميعًا، ولم يتكلموا على مؤمّل، فهو عندهم إما صحيح بالمتابعات والشواهد، وإما حسن.
قال الشّيخ المحقق عبد الحي اللكنوي في تعليقه على موطأ محمد: "وثبت عند ابن خزيمة وغيره من حديث وائل الوضع على الصدر". التعليق الممجَّد (2/ 67).
ويقول العلامة المباركفوري: "فالظاهر من كلام الحافظ هذا أن حديث وائل عنده صحيح أو حسن، لأنه ذكر هنا لغرض تعيين محل وضع اليدين ثلاثة أحاديث: حديث وائل، وحديث هُلْب، وحديث عليّ، فضعَّف حديث عليّ وقال: إسناده ضعيف، وسكت عن حديث وائل، وحديث هُلْب، فلو كانا هما أيضًا ضعيفين عنده لبَيَّن ضعفهما". انتهى. انظر "أبكار المنن"(ص 196).
وأمّا مؤمّل: فهو ابن إسماعيل العدويّ، مولى آل الخطّاب، وقيل مولى بني بكر، أبو عبد الرحمن البصريّ، روى عن شعبة والسفيانين وغيرهم، وعنه أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المدينيّ، وغيرُهم.
قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ثقة.
وقال عثمان الدَّارميّ: قلت لابن معين: أي شيء حاله؟ فقال: ثقة.
وقال أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ.
وقال ابن سعد: ثقة كثير الغلط.
تنبيه: وقع في التهذيب وأصله تهذيب الكمال، وميزان الذّهبيّ (4/ 228)، أن البخاريّ قال في مؤمّل بن إسماعيل:"منكر الحديث".
والبخاري ترجم مؤمّل بن إسماعيل في التاريخ الكبير (8/ 49)، والصغير (219) ولم يقل فيه:"منكر الحديث"، بل لم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وأمّا الضعفاء فلم يترجم له فيه.
فأخشى أن يكون هذا من سبق نظر فإنه ترجم بعد مؤمّل بن إسماعيل، مؤمّل بن سعيد وقال فيه:"منكر الحديث" فتنبه والله أعلم.
فمثل هذا يعتبر حديثه إذا وافق عليه الثّقات الآخرون، وقد وجدنا من وافق على روايته حديث وضع اليدين على الصدر. انظر في ذلك "فتح الغفور في وضع الأيدي على الصدور".
• عن ابن مسعود أنه كان يُصَلِّي فوضع يده اليُسرى على اليُمنى، فرآه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فوضع يده اليُمنى على اليُسرى.
حسن: أخرجه أبو داود (755)، والنسائي (888)، وابن ماجة (811) كلّهم من طريق هشيم بن بشير، عن الحجاج بن أبي زينب، قال: سمعتُ أبا عثمان يحدث عن ابن مسعود فذكره.
قال النوويّ في "شرح المهذب"(3/ 312): "إسناده صحيح على شرط مسلم".
قلت: هو كما قال إِلَّا أن الحجاج بن أبي زينب وإن كان من رجال مسلم إِلَّا أن فيه لين.
وخلاصة القول فيه أنه: "صدوق يخطئ".
ورواه أحمد (15090)، والطَّبرانيّ في "الأوسط"(7853)، والدارقطني (1106) كلّهم من طريق محمد بن الحسن الواسطيّ، حَدَّثَنَا أبو يوسف الحجّاج - يعني ابن أبي زينب -، عن أبي سفيان، عن جابر، قال:"مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يصليّ، وقد وضع يده اليسرى على اليمين، فانتزعها ووضع اليمني على اليسرى".
قال الدَّارقطنيّ في "العلل"(5/ 339): "قول هشيم أصح".
• عن الحارث بن غُطيف أو غُطيف بن الحارث قال: ما نسيتُ من الأشياء، لم أنس أني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينَه على شماله في الصّلاة.
حسن: رواه أحمد (169685)(22497)، والطَّبرانيّ في الكبير (3/ 312)، وابن قانع في مُعْجَم الصّحابة (2/ 316)، وابن أبي شيبة (1/ 390) كلّهم من طريق معاوية بن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن غُطيف، أو غُطيف بن الحارث فذكره.
ورجاله ثقات غير يونس بن سيف وثَّقه الدَّارقطنيّ وغيره، وقال ابن سعد:"كان معروفًا".
ومعاوية بن صالح هو: ابن حُدَير بن سعيد الحضرمي الحمصي من رجال مسلم وثَّقه أبو زرعة والنسائي والعجلي وغيرهم، وتكلم فيه يحيى بن سعيد، غير أنه حسن الحديث إذا لم يخطئ.
قال الهيثميّ في "المجمع"(2/ 283): "رواه أحمد والطبرانيّ، ورجاله ثقات".
ولا مجال للشك في كون الحارث بن غُطيف صحابي أم لا؟ بعد أن ثبت أنه رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصلي واضعًا يمينه على شماله.
وأمّا كونه الحارث بن غُطيف أو غُطيف بن الحارث فهذا الشك من معاوية بن صالح، ونقل ابن السكن عن ابن معين بأن الصواب: الحارث بن غُطيف. "الإصابة"(1/ 287).
• عن ابن عباس، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نُعجل الإفطار، ونُؤخر السحور، وأن نَضرب بأيماننا على شمائلنا".
صحيح: رواه الطبرانيّ في الكبير (10851) عن العباس بن محمد المجاشعي الأصبهانيّ، ثنا محمد بن أبي يعقوب الكرمانيّ، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس فذكر الحديث.
إسناده صحيح، وعباس بن محمد المجاشعيّ الأصبهانيّ ثقة، كما قال أبو نعيم الأصبهاني في "أخبار أصبهان"(2/ 142)، وقول ابن القطّان:"لا يعرف" هو حسب علمه واطلاعه، وإلَّا فهو ثقة، وثَّقه أبو نعيم وهو أعرف به؛ لأنه من بلده.
ورواه أيضًا الطبرانيّ (11485) من وجه آخر قال: حَدَّثَنَا أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى، ثنا جدي حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث قال: سمعتُ عطاء بن أبي رياح، قال: سمعتُ ابن عباس فذكر الحديث. ومن طريق حرملة بن يحيى رواه أيضًا ابن حبان في صحيحه (1770).
وإسناده صحيح، قال الهيثميّ في مجمعه (2/ 105):"رواه الطبرانيّ في الكبير ورجاله رجال الصَّحيح".
وأمّا ما رواه الدَّارقطنيّ (1/ 284)، وأبو داود الطيالسي (ص 346). وعنه البيهقيّ (4/ 238) من طريق طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس فذكر مثله، ففيه طلحة بن عمرو قال فيه أحمد: متروك الحديث، وقال ابن معين: ضعيف ليس بشيء. وهذا الطريق الضعيف لا يُعلّ ما ثبت من الطرق الصحيحة.
وأمّا ما رُوي عن عليّ رضي الله عنه: "من السنة في الصّلاة وضعُ الأكف على الأكفِ تحت السرة" فهو ضعيف بالاتفاق. رواه أبو داود (756) من حديث عبد الرحمن بن إسحاق الكوفيّ، عن زياد بن زيد، عن أبي جحفة، عن عليّ فذكره. وعبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطيّ، قال فيه الإمام أحمد: ليس بشيء منكر الحديث. وقال البخاريّ: فيه نظر. وقال ابن معين: ضعيف، وقال مرة