الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب ما زاد على سورة الفاتحة فهو حسن
• عن أبي هريرة قال: في كل صلاة يُقْرأُ، فما أسمعنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنَّا أَخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأتْ، وإن زدتَ فهو خير".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (772)، ومسلم في الصّلاة (396: 42) كلاهما من حديث إسماعيل بن إبراهيم قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أنه سمع أبا هريرة يقول فذكر مثله.
زاد في مسلم: فقال له رجل: إن لم أزِد على أم القرآن؟ ! فقال: إن زدتَ عليها فهو خير، وإن انتهيت إليها أجزأتْ عنك.
هذه الزيادة تُشْعر بالوقف، ولكن رواه مسلم من حديث أبي أسامة، عن حبيب بن الشهيد قال: سمعتُ عطاءً يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة إِلَّا بقراءة" قال أبو هريرة: فما أَعَلَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أعلنَّاه لكم، وما أخفاه أخفيناه لكم، فهذا يُشعر بأن جميع ما قاله أبو هريرة حكمه حكم الرفع.
والمقصود بالقراءة هنا قراءة الفاتحة التي لا تصح الصّلاة إِلَّا بها، وأمّا ما زاد عليها فهو مستحب، هذا الذي يدل عليه الأحاديث الصحيحة، وعليه جمهور أهل العلم: مالك والشافعي وأحمد وغيرهم.
• عن أبي هريرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخرج فنادِ، أنه لا صلاة إِلَّا بقراءة فاتحة الكتاب، فما زاد".
وفي لفظ: "لا صلاة إِلَّا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد".
والبعض لم يذكر لفظ: "فما زاد".
حسن: رواه أبو داود (819، 820)، وأحمد (9529)، والدارقطني (1224)، وابن حبان (1791)، والحاكم (1/ 239)، والبيهقي (2/ 37، 59، 375)، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام (7) كلّهم من طرق عن جعفر بن ميمون، قال: حَدَّثَنَا أبو عثمان النهديّ، عن أبي هريرة، فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح لا غبار عليه، فإن جعفر بن ميمون العبدي من ثقات البصريين، ويحيى بن سعيد لا يحدث إِلَّا عن الثّقات".
وقال الذّهبيّ: الصَّحيح لا غبار عليه، وجعفر ثقة".
قلت: ليس كما قالا، فإنَّ جعفر بن ميمون وهو أبو عليّ بياع الأنماط مختلف فيه، فضعَّفه ابن معين وأحمد والنسائي.
وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان في "الثّقات" وأخرج له في "صحيحه"، وقال
الدَّارقطنيّ: يعتبر به، وقال ابن عدي: لم أر أحاديثه منكرة، وأرجو أنه لا بأس به. فمثله إذا تُوبع يحسن وإلَّا فلا.
فوجدنا أن البيهقيّ رواه أيضًا في القراءة (46) من طريق منصور بن سعد، عن عبد الكريم بن رُشيد، عن أبي عثمان النهديّ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، فنادى في طرق المدينة: أن "لا صلاة إِلَّا بقراءة ولو بفاتحة الكتاب" ومن هذا الطريق رواه أيضًا الطبرانيّ في الأوسط كما في نصب الراية (1/ 367) ولكن في طريقه الحجاج بن أرطاة وهو مدلِّس إِلَّا أنه توبع أيضًا.
وعبد الكريم بن رُشيد أو ابن راشد وثَّقه ابن معين.
وقال النسائيّ: ليس به بأس. وفي "التقريب": "صدوق". وهي متابعة قوية لجعفر بن ميمون.
وبهذين الطريقين يصح هذا الحديث أو يُحسّن.
• عن أبي سعيد قال: "أُمِرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر".
صحيح: رواه أبو داود (818)، قال: حَدَّثَنَا أبو الوليد الطّيالسيّ، حَدَّثَنَا همّام، عن قتادة، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد، فذكر الحديث. وإسناده صحيح.
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 243): "وسنده قوي". وقال في "التلخيص": إسناده صحيح".
وهمّام هو: ابن يحيى العَوَذيّ ثقة، وثَّقه ابن سعد والعجليّ والحاكم، وقال أبو زرعة:"لا بأس به".
من رجال الجماعة.
وأبو نضرة هو: المنذر بن مالك بن قُطَعة - بضم القاف، وفتح المهملة - العَوَقيّ - بفتح المهملة، والواو، ثمّ قاف - البصريّ، مشهور بكنيته، ثقة، وثَّقه ابن معين وأبو زرعة وأحمد والنسائي وغيرهم.
وصحّحه ابن حبان، فأخرجه في صحيحه (1790) من طريق عبد الصّمد، ثنا همّام به، مثله.
وعن عبد الصمد أخرجه الإمام أحمد (10998).
جعل بعض المحدثين هذا الحديث شبيهًا بقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "فاقرأ ما تيسّر من القرآن". أي بعد الفاتحة، جمعًا بين الروايات؛ لأنَّ ضم السورة مع الفاتحة ليس بواجب في قول الجمهور، بل هو مستحب. وبه قال مالك والشافعي وأحمد.
وأمّا ما رواه الترمذيّ (238)، وابن ماجة (839) كلاهما من طريق أبي سفيان طريف السّعديّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، مرفوعًا:"لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة - الحمد لله وسورة في فريضة أو غيرها" واللّفظ لابن ماجة. فهو ضعيف، وإن كان الترمذيّ حسَّنه، فلعلَّه لما ذكره من لفظ الحديث:"مفتاح الصّلاة الطّهور، وتحريمها التّكبير، وتحليلها التسليم". ثمّ ذكره كما ذكره ابن ماجة، وسبق ذكره في كتاب الطهارة (276) إِلَّا أنَّ الترمذيّ لم يذكر في هذا الموضع قراءة الحمد لله وسورة من القرآن.
فلعلّ هذا مما اضطرب فيه أبو سفيان طريف السّعدي لأنه ضعيف، ضعّفه أبو حاتم وابن معين. وقال النسائي:"متروك".
ثم وقفت على كلام البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 357) في ترجمة طريف بن شهاب أبي سفيان أنه أعل حديث أبي سعيد بعد أن ذكره معلقًا فقال: "وقال ابن فضيل، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقرأ فاتحة الكتاب وما تيسر"، بحديث آخر لأبي سعيد وهو ما رواه عن مسدد نا يحيى، عن العوام بن حمزة، نا أبو نضرة، سألت أبا سعيد، عن القراءة خلف الإمام، قال: فاتحة الكتاب.
قال البخاري: "وهذا أولى، لأن أبا هريرة وغير واحد ذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" وقال أبو هريرة: إن زدت فهو خير، وإن لم تفعل أجزأك". انتهى.
قلت: النص الأول لم ينفرد به أبو سفيان طريف بن شهاب عن أبي نضرة، بل تابعه قتادة كما رأيت، بخلاف النص الثاني فإنه تفرد به أبو سفيان طريف بن شهاب، معنى النص الأول يختلف عن معنى النص الثاني، إذ النص الأول يوجب قراءة شيء مع الفاتحة، بخلاف النص الثاني، والله تعالى أعلم.
• عن رفاعة بن رافع الزرقي، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاء رجلٌ ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، - فذكر الحديث في إساءته للصلاة ثم ذكر توجيه النبي صلى الله عليه وسلم له وجاء فيه -:"ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله أن تقرأ".
حسن: رواه أبو داود (859) قال: حدثنا وهب بن بقية، عن خالد، عن محمد - يعني ابن عمرو - عن علي بن يحيى بن خلاد (عن أبيه) عن رفاعة بن رافع فذكره.
والحديث سيأتي بكامله في باب الاعتدال في الركوع والسجود، ورواه الإمام أحمد (18995) عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو به وفيه: "ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت".
وصحَّحه ابن حبان (1787) فرواه من هذا الطريق.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمر وهو ابن علقمة، حسن الحديث.
وتابعه على هذا اللفظ محمد بن عجلان، عن علي بن يحيى بن خلاد به، وفيه:"عن أبيه، عن عمه رفاعة".
• عن جابر بن عبد الله قال: كان معاذ يُصَلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع فيُصَلِّي بأصحابه ثم ذكر قصة معاذ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم للفتي: "وكيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت؟ " قال: أقرأ بفاتحة الكتاب، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما دندنتك ولا دندنةَ معاذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني ومعاذٌ حول هاتين"