الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
قال الترمذي: سمعتُ محمدًا (البخاري) يقول: حديث الأعمش، عن مجاهد في المواقيت أصح من حديث محمد بن فُضَيل، عن الأعمش، وحديث محمد بن فُضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فُضيل" انتهى.
ثم روى الترمذي عن هنّاد، حدثنا أبو أسامة، عن أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش، عن مجاهد قال: كان يقال: إن للصلاة أوَّلًا وآخرًا فذكر نحو حديث محمد بن فُضَيل عن الأعمش بمعناه. انتهى.
وما قال به البخاري قاله غير واحد من أهل الحديث منهم: أبو حاتم نقل عنه ابنه في العلل (1/ 101): "هذا خطأ، وهم فيه ابن فُضيل يرويه أصحاب الأعمش، عن الأعمش عن مجاهد قوله".
ومنهم الدارقطني فإنه قال أيضًا بعد أن أخرج الحديث في سننه (1/ 262) من حديث ابن فُضَيل: هذا لا يصح مسندًا وَهِمَ في إسناده ابن فُضيل، وغيرهُ يرويه عن الأعمش، عن مجاهد مرسلًا، ثم ساقه من طريق زائدة بن قدامة، عن الأعمش، عن مجاهد، وقال: وهو أصح من قول ابن فُضَيل، وقد تابع زائدة عبثرُ بن القاسم. انتهى.
ومنهم البيهقي: أخرجه في سننه (1/ 376) من طريق زائدة، عن الأعمش، عن مجاهد مرسلًا وقال بعد أن روى الحديث المذكور من طريق محمد بن فُضَيل: يقول العباس بن محمد الدوري: سمعتُ يحيى بن معين، يُضعِّف حديث محمد بن فُضَيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال البيهقي: أحسب يحيى يريد أن للصلاة أوَّلًا وآخرًا. انتهى.
وهذه التعليلات مبنية على سبر روايات الأعمش، وهو منهج معروف لدى المحدثين، وقد استعملوه للتنقيح والتهذيب.
وأمَّا قول ابن الجوزي: وابن فُضَيل ثقة يجوز أن يكون الأعمش سمعه من مجاهد مرسلًا وسمعه من أبي صالح مسندًا، وكذالك قول ابن القطان: ولا يبعد أن يكون عند الأعمش في هذا طريقان: إحداهما مرسلة، والأخرى مرفوعة، والذي رفعه صدوق من أهل العلم، وثَّقه ابن معين وهو محمد بن فضيل، "نصب الراية"(1/ 231).
فهو مجرد احتمال لا تكفي للرد على من سبر الروايات، والحكم عليها بالخطأ.
3 - باب فضل الصلاة لوقتها
• عن عبد الله بن مسعود قال: سألتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: أي العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أيٌّ؟ قال: "برُّ الوالدين"، قال: ثم أيٌّ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله".
قال: حدثني بهِنَّ ولو استزدته لزادني.
متفق عليه: رواه البخاري في المواقيت (527) واللفظ له، ومسلم في الإيمان (85) كلاهما من حديث شعبة، عن الوليد بن العَيزَار أنه سمع أبا عمرو الشَّيباني يقول: حدثنا صاحب هذه الدار، وأشار إلى دار عبد الله بن مسعود فذكر الحديث.
وروى ابن مسعود هذا الحديث بلفظ آخر وهو قوله مرفوعًا: "الصلاة في أول وقتها" وهو من زيادة ثقات صحيح.
رواه ابن خزيمة (327) قال: حدثنا بندار بن بشَّار، حدثنا عثمان بن عمر، نا مالك بن مغول،
عن الوليد بن العيزار، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبد الله بن مسعود فذكر الحديث.
ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 188) عن أبي عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن السماك - الثقة المأمون ببغداد - ثنا الحسن بن مكرم، ثنا عثمان بن عمر به ولفظه:"الصلاة في أول وقتها" قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قلت: ثم أي؟ قال: "برُّ الوالدين" قال الحاكم: "هذا حديث يُعرف بهذا اللفظ بمحمد بن بشار بندار، عن عثمان بن عمر، وبندار من الحفاظ المتقنين الأثبات".
ثم روي من جهة ابن خزيمة، عن بندار به مقتصرًا على ذكر الصلاة في "أول وقتها". ثم قال: "فقد صحت هذه اللفظة باتفاق الثقتين بندار بن بشار والحسن بن مكرم على روايتهما عن عثمان بن عمر، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شواهد في هذا الباب. انتهى.
وأورده البيهقي في الخلافيات (1/ 522، 523) ووافق على أنه على شرط البخاري ومسلم وقال: لأن رواته متفق على عدالتهم، والزيادة مقبولة عند الثقة عندهما، وعند الفقهاء إذا انضم إلى روايته ما يؤكدها.
ثم ذكر له متابعًا تبعًا للحاكم من طريق حجاج بن الشاعر، ثنا علي بن حفص المدائني، ثنا شعبة، عن الوليد بن العيزار، قال: سمعت أبا عمرو الشيباني، قال: حدثنا صاحب هذه الدار - وأشار إلى دار عبد الله بن مسعود ولم يسمه فذكر الحديث، وفيه:"الصلاة في أول وقتها".
قال الحاكم: "وقد روي هذا الحديث جماعة عن شعبة، ولم يذكر هذه اللفظةَ غير حجاج بن الشاعر، عن علي بن حفص، وحجاج حافظ ثقة، وقد احتج مسلم بعلي بن حفص المدائني". وتبعه البيهقي وقال: "والباقون متفق على ثقتهم".
ثم ذكر البيهقي اللفظ المخرج في الصحيحين بأنه "الصلاة لوقتها".
وحديث حجاج بن الشاعر أخرجه الدارقطني (1/ 246) عن الحسين بن إسماعيل، عن حجاج ابن الشاعر به وذكر فيه:"الصلاة في أول وقتها".
وأما الشواهد التي أوردها البيهقي من ابن عمر "الصلاة في أول وقتها" ففيه يعقوب بن الوليد قال الحاكم: هذا شيخ من أهل المدينة سكن بغداد وليس من شرط هذا الكتاب إلا أنه شاهد عن
عبد الله. انتهى. وتعقبه الذهبي فقال: يعقوب كذَّاب.
قلت: حديث ابن عمر رواه أيضًا الترمذي (172) عن أحمد بن منيع، ثنا يعقوب بن الوليد المدني، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا:"الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله". قال الترمذي: غريب.
وروى البيهقي في سننه (1/ 435) من طريق أحمد بن منيع شيخ الترمذي، ونقل عن ابن عدي أنه قال:"هذا الحديث بهذا الإسناد باطل"، ثم قال البيهقي:"هذا حديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدني، ويعقوب منكر الحديث، ضعفه يحيى بن معين، وكذّبه أحمد بن حنبل وسائر الحفاظ، ونسبوه إلى الوضع، نعوذ بالله من الخذلان".
وحديث أم مروة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ فقال: "الصلاة في أول وقتها".
رواه أبو داود (426)، والترمذي (170) كلاهما من حديث عبد الله بن عمر العمري، عن القاسم بن غنام، عن عمته أم فروة، وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ فقال: "الصلاة لأول وقتها".
قال الترمذي: "حديث أم فَروة لا يُروي إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث، واضطربوا عنه في هذا الحديث، وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه". انتهى.
قلت: وقد تكلم فيه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي فأطال في بيان الاضطراب وقال في نهاية الدراسة: "الحديث ضعيف بكل حال، لجهل الواسطة بين القاسم بن غنام وبين أم فَروة".
وفي الباب عن جرير، وابن عباس، وعلي بن أبي طالب، وأنس، وأبي محذورة، وأبي هريرة، وكلها معلولة. انظر: التلخيص الحبير (1/ 180 - 181).
• عن عائشة قالت: ما صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةً لوقتها الآخر حتى قبضه الله.
صحيح: رواه الحاكم في المستدرك (1/ 190) وعنه البيهقي في السنن (1/ 435) عن محمد بن صالح بن هانئ، ثنا الحسين بن الفضل البجلي، ثنا هاشم بن القاسم، ثنا الليث بن سعد، عن أبي النظر، عن عمرة، عن عائشة فذكرته.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
وأورده البيهقي في الخلافيات (1/ 525) ونقل قول الحاكم بأنه صحيح على شرط الشيخين.
قلت: هذا أصح الأسانيد لهذا الحديث. وكون أصحاب الليث اختلفوا عليه لا يُضِعِّف ما صَحَّ.
ومن هؤلاء قتيبة بن سعيد فإنه روي عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن إسحاق بن عمر، عن عائشة، قالت:"ما صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخِر مرتين حتى قبضه الله".
رواه الترمذي (174) عن قتيبة بن سعيد به، وقال: هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل.