الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرجه الحارث في مسنده "بغية الباحث"(81) وعبد الرزاق (769) كلاهما من طريق محمد بن سيرين، عن أبي أيوب - بدون واسطة - ولم يرفعه.
43 - باب ما جاء في التوقيت في المسح على الخفين
• عن شُريح بن هانئ قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فَسَلْه؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله، فسألناه فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أيَّامِ ولياليهنَّ للمسافر، ويومًا وليلةً للمقيم.
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (276) عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مُخيمِرة، عن شُريح بن هانئ، قال: أتيتُ عائشة، فذكر الحديث.
قال مسلم: وكان سفيان إذا ذكر عمرو بن قيس أثنى عليه.
قلت: وهو في مصنف عبد الرزاق (1/ 203 رقم 789) كما رواه أيضًا عبد الرزاق (788) عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد، عن القاسم بن مخيمرة به مثله.
• عن صفوان بن عسّال قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنّا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهن إلَّا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم.
حسن: رواه الترمذي (96) والنسائي (126، 127) وابن ماجه (478) من حديث عاصم بن أبي النجود، عن زِرِّ بن حُبَيش، عن صفوان بن عسَّال، فذكر مثله.
قال الترمذي: "حسن صحيح". وقال: قال محمد (ابن إسماعيل البخاري): أحسن شيء في الباب حديث صفوان بن عسال.
وصححه أيضًا ابن خزيمة (196) وابن حبان (1100) من هذا الوجهِ.
قلت: رجاله ثقات غير عاصم بن أبي النجود، إلَّا أنه لا ينزل عن درجة "صدوق"، وله متابعات.
قال الترمذي: "وقد رُوِي هذا الحديث عن صفوان بن عسال أيضًا من غير حديث عاصم".
قلت: قال الحافظ في تلخيصه (1/ 157): وذكر ابن مندة أبو القاسم أنه رواه عن عاصم أكثر من أربعين نفسًا، وتابع عاصمًا عليه عبد الوهاب بن بخت، وإسماعيل بن أبي خالد، وطلحة بن مُصرِّف، والمنهال بن عمرو، ومحمد بن سوقه. وذكر جماعة معه، ومراده أصل الحديث؛ لأنه في الأصل طويل مشتمل على التوبة، والمرء مع من أحب. انتهى.
وقوله (سفرًا) جمع سافر، كما يقال: تأجر: تجر، راكب: ركْب.
وقوله (لكن من غائط وبول ونوم) قال الخطابي: كلمة (لكن) موضوعة للاستدراك، وذلك لأنه قد تقدمه نفي واستثناء، وهو قوله: "كان يأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهن إلَّا من
جنابة"، ثم قال: "لكن من بول وغائط ونوم"، فاستدركهـ بـ (لكن) ليُعِلمَ أنَّ الرخصة إنما جاءت في هذا النوع من الأحداث دون الجنابة؛ فإنَّ المسافر الماسح على خفه إذا أجنب كان عليه نزع الخف، وغسل الرجلين مع سائر البدن، وهذا كما تقول: ما جاءني زيد لكن عمرو، وما رأيت زيدًا لكن خالدًا. اهـ. انظر للمزيد: "المنة الكبرى" (1/ 179).
تنبيه: انظر هذا الحديث في كتاب العلم مُطوَّلًا كما رواه النسائي وغيره.
• عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسح على الخفين للمسافر ثلاثةَ أيَّامٍ، وللمقيم يوم وليلة".
صحيح: رواه أبو داود (1/ 109) عن حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن الحكم وحماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، فذكر الحديث.
قال أبو داود: رواه منصور بن المُعتمِر، عن إبراهيم التيمي بإسناده قال فيه:"ولو استزدناه لزادنا".
قلت: وإبراهيم في الإسناد الأول هو ابن يزيد النخعي الفقيه المشهور.
ورواه الترمذي (95) عن قتيبة، ثنا أبو عوانة، عن سعيد بن مسروق، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، فذكر الحديث مثل إبراهيم النخعي، ولم يذكر ما ذكره أبو داود عن منصور بن المُعتمِر، عن إبراهيم التيمي.
قال الترمذي: وذكر عن يحيى بن معين أنه صحَّح حديث خزيمة في المسح، وقال: أبو عبد الله الجدلي اسمه: عبد بن عبد، ويقال: عبد الرحمن بن عبد الله. كذا في بعض النسخ. ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.
وصحّحه أيضًا ابن حبَّان (1329) من طريق إبراهيم التيمي به.
ورواه ابن ماجه (553) عن علي بن محمد، ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثًا، ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسًا. وقال: حدَّثنا محمد بن بشّار، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن سلمة بن كُهَيل، قال: سمعت إبراهيم التيمي، يُحدِّث عن الحارث بن سُوَيد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثةَ أيَّامٍ - أحسبه قال: - ولياليهن للمسافر في المسح على الخفين".
ونظرًا لوجود الاختلاف في الإسناد والمتن حكم عليه بعض أهل العلم بالاضطراب، وقالوا: إن فيه ثلاث علل:
الأولى: الاختلاف في الإسناد والزيادة في المتن.
الثانية: الانقطاع، قال البخاري: لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح؛ لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي سماع من خزيمة. كان شعبة يقول: لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي
عبد الله الجدلي حديث المسح. انتهى
والثالثة: ذكر ابن حزم أن أبا عبد الله الجدلي لا يعتمد على روايته.
وأجاب عن هذه العلل بالتفصيل الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في الإمام، والحافظ ابن القيم في تهذيب السنن.
وخلاصته: أن ما زاده بعض الرواة في المتن - وهو "لو استزدناه لزادنا"، وفي رواية ابن ماجه:"لجعلها خمسًا" - هذا كله ظن وحسبان، والحجة إنما تقوم بقول صاحب الشريعة لا بظن الراوي، فهذه الزيادة في المتن لا تعكر ما صحّ؛ لأن حديث خزيمة بن ثابت موافقٌ لما رواه غيره من الصحابة.
وأما الانقطاع - كما قال البخاري - فيحمل على مذهبه، وهو ثبوت اللقاء، والجمهور على ثبوت المعاصرة، وهو حاصل.
وأما قول ابن حزم فمردود؛ فإنَّ أبا عبد الله الجدلي وثقه الأئمة منهم أحمد ويحيى، وقد سبق أن صحّح الحديث ابن معين والترمذي.
وكون إبراهيم النخعي روي مرة عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة؛ وأخرى عن أبي عبد الله الجدلي، فإنْ صحَّ ذلك فلعله سمعه من عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي أوَّلًا، ثم تيسر له السماع عن أبي عبد الله الجدلي مباشرةً. فرواه عنه. ولهذا أمثلة كثيرة في كتب الحديث.
• عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص للمسافر - إذا توضأ ولبس خفيه، ثم أحدث وضوءًا - أن يمسح ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة.
حسن: رواه ابن ماجه (556) قال: حدَّثنا محمد بن بشّار وبشر بن هلال الصواف، قالا: حدَّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال: حدَّثنا المهاجر أبو مخلَد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكر الحديث.
ورجاله ثقات غير المهاجر أبي مخلد؛ فليَّنه أبو حاتم. وقال الساجي: صدوق معروف. وهو قريب إلى "صدوق"؛ وقد صحّح الشافعي والخطابي وغيرهما هذا الحديث. انظر: التلخيص (1/ 157).
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (192) وابن حبان (1324) كلاهما من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد به، ولفظه:"عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخَّص للمسافر ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهن، وللمقيم يومًا واحدًا إذا تطهّر فلبس خفَّيه أن يمسح عليهما".
قال الترمذي في علله الكبير: سألت محمدًا - يعني البخاري - أي حديث أصحّ عندك في التوقيت في المسح على الخفين؟ فقال: حديث صفوان بن عسال، وحديث أبي بكرة حديث حسن. انتهى. العلل الكبير (1/ 175 - 176).
• عن عبد الله بن عمر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نمسح على الخفين يومًا وليلة في الحضر، وللمسافر ثلاثًا.
صحيح: رواه الطبراني في الأوسط "مجمع البحرين"(1/ رقم 469) قال: حدَّثنا عبدان بن محمد المروزي، عن قتيبة بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن الرواسي، عن الحسن القصاب، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر الحديث. وقال: لم يروِه عن نافع إلَّا الحسن.
ورجاله ثقات غير الحسن القصَّاب؛ فلم يوثقه أحد، وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 161).
ورواه أيضًا من طريق عبد الرزاق: ثنا معمر، عن الزّهريّ، عن سالم أن عبد الله كان يمسح على الخفين، ويقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. قال الزيلعي: وهذا سند صحيح. "نصب الراية"(1/ 173).
• عن عوف بن مالك الأشجعي، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على الخفين في غزة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلةً للمقيم.
حسن: رواه أحمد (23995) والبزار (2757) والطبراني في الكبير (18/ 40) وفي الأوسط (1167) والدارقطني (1/ 197) كلهم من طريق هشيم، قال: أنبأنا داود بن عمرو، عن بسر بن عبيد الله الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف بن مالك الأشجعي، فذكر الحديث.
قال الطبراني: لا يُروى عن عوف إلَّا بهذا الإسناد؛ تفرد به هشيم.
وقال الهيثمي في "مجمع البحرين"(1/ 259): رجاله موثقون.
قلت: وهو كما قال غير أنَّهم اختلفوا في داود بن عمرو، وهو الأزدي الدمشقي؛ قال ابن معين: مشهور. وقال الدارمي: ثقة. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وفي التقريب: "صدوق يخطئ".
وقد نقل البيهقي عن الترمذي أنه سأل البخاري عن هذا الحديث فقال: حديث حسن. "السنن الكبرى"(1/ 275 - 277).
وهو الصواب؛ فإنَّ داود بن عمرو مع خفة ضبطه لم يُخطئ في هذا الحديث؛ فإنه روى على المشهور.
ونقل الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 168) عن صاحب "التنقيح" قال أحمد: هذا من أجود حديث في المسح على الخفين؛ لأنه في غزوة تبوك، وهي آخر غزوة غزاها. انتهى
الأحاديث الصحيحة والصريحة تدل على توقيت المسح بثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، - أي له أن يصلي خمس عشرة صلاة فقط -، ويوم وليلة للمقيم، - أي له أن يصلي خمس صلوات فقط - وبه قال الجمهور.
وأما الأحاديث الواردة في عدم التوقيت: فكلّها معلّلة، مثل حديث أبي بن عمارة قال: يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: "نعم"، قال: يومًا؟ قال: "يومًا" قال: يومين؟ قال: "يومين"، قال: ثلاثة؟ قال: "ثلاثة، وما شئت". رواه أبو داود (1/ 110) وقال: وقد اختلف في إسناده، وليس بالقوي. ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن إسحاق والسليخي، عن يحيى بن أيوب،
وقد اختلف في إسناده. انظر: للمزيد: "المنة الكبرى"(1/ 181 - 182).
أو مثل حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه، فليصل فيهما، وليمسح عليهما، ثم لا يخلعهما إن شاء إلَّا من جنابة".
رواه الحاكم في المستدرك (1/ 181) وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال أيضًا: رواته عن آخرهم ثقات.
وحمله ابن الجوزي على مدة الثلاث.
ومثله: حديث ميمونة، سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المسح فقالت: يا رسول الله! أكل ساعة بمسح الإنسان على الخفين ولا ينزعهما؟ قال: "نعم". رواه أحمد (26827) واللفظ له، وأبو يعلى (6/ رقم 7059) كلاهما من طريق أبي بكر الحنفي، ثنا عمر بن إسحاق بن يسار أخو محمد بن إسحاق، قال: قرأت كتابا لعطاء بن يسار مع عطاء بن يسار قال: سألت ميمونة رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
، فذكر الحديث. ولفظ أبي يعلى: قرأت لعطاء كتابا معه؛ فإذا فيه: حدثتني ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله! أيخلع الرجل خفَّيه كل ساعة؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا، ولكن يمسحهما ما بدا له".
ورواه أيضًا الدارقطني (1/ 199) من جهة أحمد بن حنبل، ونقل الهيثمي عن الدارقطني أنه قال: عمر بن إسحاق بن يسار ليس هو بالقوي. وقال: وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: "مجمع الزوائد"(1/ 258).
قلت: وإن صحّ فهو محمول على التوقيت.
ومنها: حديث عقبة بن عامر الجُهَني أنه قدم على عمر بفتح دمشق قال: وعليّ خفان، فقال لي عمر: كم لك يا عقبة لم تتزع خفيك؟ فتذكرت من الجمعة إلى الجمعة، فقلت: منذ ثمانية أيام، قال: أحسنت وأصبت السنة.
رواه الدارقطني (1/ 199) من طريق حيوة، سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول: حدثني عبد الله بن الحكم، عن علي بن رباح. ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 180) من وجه آخر عن موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر. قال: صحيح على شرط مسلم
وقال الدارقطني في العلل: إن عمر بن الحارث ويحيى بن أيوب والليث بن سعد رووه عن يزيد فقالوا: أصبت، ولم يقولوا: السنة. وهو المحفوظ. وقال: ورواه جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن علي بن رباح، عن عقبة. وأسقط من الإسناد عبد الله بن الحكم البلوي. وقال فيه: أصبت السنة كما قال ابن لهيعة. انتهى. انظر: نصب الراية (1/ 180).
قلت: والصحيح الثابت عن عمر بن الخطاب مثل الجمهور؛ ثلاثةَ أيَّامٍ للمسافر ويوم وليلة للمقيم، كما رواه عبد الرزاق (1/ 206 رقم 797) عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب الجُهَني قال: كنا بأذربيجان فكتب إلينا عمر بن الخطاب: أن نمسح على الخفين ثلاثًا إذا