الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله! إني أرى الرؤيا، ويؤذّن بلال، قال:"فأقم أنت" فأقام عمي، ومحمد بن عمرو الواقفي ضعيف.
فتعارض حديثان ضعيفان فمن أخذ بحديث الصدائي وهو الشافعي قال: من أذَّن فهو يُقيم، وجعل حديث الصدائي ناسخًا لتأخره، وذهب أكثر أهل العلم منهم مالك وأبو حنيفة إلى جواز ذلك لحديث عبد الله بن زيد، انظر للمزيد:"المنة الكبرى" (1/ 3
84).
8 -
باب ما جاء في الأذان قبل الفجْرِ
• عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم"، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا يُنادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ.
متفق عليه: رواه مالك في الصلاة (14) عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر فذكر الحديث.
ورواه أيضًا (15) عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله مرسلًا.
قال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في الإسناد الأول أنه موصول، وأما هذا فرواه يحيى وأكثر الرواة مرسلًا، ووصله القعنبي فقال: عن أبيه. انتهى.
قلت: ومن طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي رواه البخاري في الأذان (617) كما رواه أيضًا (620) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن عبد الله بن دينار به مثله.
وأما مسلم فرواه في الصوم (1092) من أوجه عن ابن شهاب وغيره ولم يخرج من طريق مالك.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا البخاري في الأذان (623) عن إسحاق، وفي الصوم (1918) عن عبيد بن إسماعيل - كلاهما عن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله، وبهذا الإسناد أخرجه أيضًا من مسند عائشة الذي سيأتي.
وإسحاق هو: ابن راهويه على القول الراجح عند الحافظ ابن جحر.
تنبيه: حديث ابن عمر رواه الإمام أحمد (5424) عن عفان، حدثنا شعبة، قال: عبد الله بن دينار أخبرني قال: سمعتُ ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بلالًا ينادي بليل - أو ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم"، هكذا رواه عفان عن شعبة على الشك، ورواه أبو داود الطيالسي عنه جازمًا بالأول، ورواه أبو الوليد عنه جازمًا بالثاني. ولشعبة فيه إسناد آخر فإنه رواه عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عمته أنيسة على الشك أيضًا. وسيأتي حديثه، ولذا تجنب الشيخان رواية شعبة. هذا هو الصحيح من حديث ابن عمر.
وأما ما رواه حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر:"أن بلالًا أذَّن بليلٍ فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي: إن العبد نام" فهو ضعيف لم يثبت انظر: "المنة الكبرى"(2/ 385) فقد رواه
أبو داود (364)، والطحاوي (1/ 139)، والدارقطني (1/ 244)، قال أبو داود: هذا الحديث لم يروه عن أيوب إِلَّا حمّاد بن سلمة، وقال الترمذيّ (1/ 394)، "هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روي عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع، عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث كما سبق، وقال: وروى عبد العزيز بن أبي روَّاد، عن نافع أن مؤذنا لعمر أذَّن بليل، فأمره عمر أن يُعيد الأذان، وهذا لا يصح أيضًا، لأنه عن نافع، عن عمر منقطع، ولعل حمّاد بن سلمة أراد هذا الحديث".
وقال: "والصحيح رواية عبد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر، والزهريّ، عن سالم، عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل".
وقال: "ولو كان حديث حمّاد صحيحًا لم يكن لهذا الحديث معنًى، إذ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ" فإنما أمرهم فيما يستقبلُ، فقال: "إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ"، ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذَّن قبل طلوع الفجر لم يقل: إن بلالَّا يؤذِّن بليل" قال عليّ بن المديني: حديث حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غير محفوظ، وأخطأ فيه حمّاد بن سلمة". انتهى.
وروى البيهقيّ في "الكبري (1/ 383) عن شيخه أبي عبد الله الحاكم، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: سمعت أبا بكر المطرز، يقول: سمعتُ محمد بن يحيى يقول: حديث حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن بلالًا أذَّن قبل طلوع الفجر شاذ غير واقع على القلب، وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر".
وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا شعيب بن حرب، قال: قلت لمالك بن أنس: إن الصبح ينادي لها قبل الفجر فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن بلالًا يؤذن بليلٍ فكلوا واشربوا" قلت: أليس قد أمره النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن يعيد الأذان؟ قال: لا، لم يزل الأذان عندنا بليلٍ، وقال ابن بكير: قال مالك: لم يزل الصبح ينادي بها قبل الفجر، فأما غيرها من الصّلاة فإنا لم نر ينادي لها إِلَّا بعد أن يحل وقتها".
"نصب الراية"(1/ 285).
قال الترمذيّ: "وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل، فقال بعض أهل العلم: إذا أذَّن المؤذِّن بالليلِ أجزأه، ولا يعبده، وهو قول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: إذا أذَّن بليلٍ أعاد. وبه قال سفيان الثوري". انتهى.
وممن ذهب إلى أن الأذان قبل الفجر لا يجوز: أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأحسن ما استدل له حديث حمّاد بن سلمة، وقد عرفت أنه لا يصح، ومن أدلته ما رواه أبو داود (534) قال: حَدَّثَنَا زهير بن حرب، حَدَّثَنَا وكيع، حَدَّثَنَا جعفر بن بُرقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"لا تؤذِّن حتَّى يستبين لك الفجر هكذا" ومدَّ يديه عرضًا.
قال أبو داود: شداد مولى عياض لم يدرك بلالًا.
• عن ابن مسعود عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنعنَّ أحدكم - أو أحدًا منكم - أَذانُ بلالٍ من سَحوره، فإنه يؤذِّن - أو ينادي - بليلٍ ليرجعَ قائمكم، ولينتبه نائمُكم، وليس أن يقول: الفجرُ أو الصبحُ، وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق، وطأطأ إلى أسفل - حتَّى يقول هكذا".
وقال زهير (وهو ابن معاوية الجعفي) بسَبَّابته إحداهما فوق الأخرى، ثم مدَّها عن يمينه وشماله.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (621)، ومسلم في الصيام (1093) كلاهما من طريق سليمان التيميّ، عن أبي عثمان النهديّ، عن عبد الله بن مسعود فذكر الحديث.
• عن عائشة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ، فكلوا واشربوا، حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (622) عن إسحاق قال: أخبرنا أبو أسامة قال: عبيد الله حَدَّثَنَا عن القاسم بن محمد، عن عائشة فذكرت الحديث.
ورواه مسلم في الصيام (1092) من وجه آخر عن عبيد الله بإسناده إِلَّا أنه لم يسق لفظه، وأحال إلى حديث ابن عمر.
ورواه البخاريّ في الصوم (1919) عن عبد الله بن إسماعيل، عن أبي أسامة به مثله وفيه:"فإنه لا يؤذِّن حتَّى تطلع الفجر" قال القاسم (هو ابن محمد): ولم يكن بين أذانهما إِلَّا أن يرقي ذا وينزل ذا.
هذا مرسل لأنَّ القاسم بن محمد تابعي لم يدرك القصة، ولكن جاء موصولًا عن عائشة من طريقه قالت:"ولم يكن بينهما إِلَّا أن ينزل هذا ويصعد هذا".
رواه النسائيّ والطحاوي كلاهما عن عبد الله بن عمر، عن القاسم، عنها.
ورواه البخاريّ (623) أيضًا بإسناد آخر معطوفًا على إسحاق فقال: وحدثني يوسف بن عيسى المروزيّ، قال: حَدَّثَنَا الفضلُ، قال: حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر به مثل حديث إسحاق.
• عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ ابن مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا، حتَّى يؤذن بلال، فإن بلالًا لا يؤذِّن حتَّى يرى الفجر".
صحيح: أخرجه ابن خزيمة (406) من طريق عبد العزيز - يعني ابن محمد - (الدراوردي) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
قال ابن خزيمة: "هذا خبر صحيح من جهة النقل، وليس هذا الخبر يُضاد خبر سالم عن ابن عمر، وخبر قاسم عن عائشة، إذ جائز أن يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد كان جعل الأذان بالليل نوائب بين بلال وبين ابن أم مكتوم، فأمر في بعض الليالي بلالًا أن يؤذن أوَّلًا بالليل، فإذا نزل بلال صعد ابن
أم مكتوم فأذَّن بعده بالنهار، فإذا جاءت نوبة ابن أم مكتوم بدأ ابن أم مكتوم فأذَّن بليلٍ، فإذا نزل صعد بلالٌ فأذَّن بعده بالنهار. وكانت مقالة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن بلالًا يؤذِّن بليل في الوقت الذي كانت النوبة لبلال في الأذان بليلٍ، وكانت مقالة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن ابن أم مكتوم يؤذِّن بليلٍ في الوقت الذي كانت النوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أم مكتوم، فكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يعلم الناس في كل الوقتين أن الأذان الأوّل منهما هو أذان بليلٍ لا بنهار، وأنه لا يمنع من أراد الصوم طعامًا ولا شرابًا، وأن أذان الثاني إنّما يمنع الطعام والشراب، إذ هو بنهار لا بليلٍ". انتهى.
قال الحافظ ابن حجر: "وأنكر عليه الضياء وغيره، وقيل: لم يكن نوبًا، وإنَّما كانت لهما حالتان مختلفتان، فإن بلالًا كان في أول ما شرع الأذان يؤذن وحده، ولا يؤذن للصبح حتَّى يطلع الفجر
…
ثم أردف بابن أم مكتوم وكان يؤذن بليل، واستمر بلال على حالته الأوّلى، وعلى ذلك تنزل رواية أنيسة وغيرها، ثم في آخَّر الأمر أر ابن أم مكتوم لضعفه، ووكل به من يراعي له الفجر، واستقر أذان بلال بليل". "الفتح" (2/ 103).
وأمّا ما رواه أبو إسحاق عن الأسود بن يزيد، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أذَّن عمرو فكلوا واشربوا، فإنه رجل ضرير البصر، وإذا أذنَّ بلال فارفعوا أيديكم، فإن بلالًا لا يؤذن حتَّى يصبح"، رواه ابن خزيمة (407) عن أحمد بن منصور الرماديّ، نا أبو المنذر، نا يونس، عن أبي إسحاق به؛ فقد قال ابن خزيمة: لم أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود.
قلت: لأن أبا إسحاق مدلِّس فلابد من التصريح بالسماع.
• عن سمرة بن جندب يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يغرَّنَّ أحدَكم نداءُ بلال من السحور، ولا هذا البياضُ حتَّى يستطيرَ".
وفي رواية: "لا يمنعنكم من سحوركم أذانُ بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكنِ الفجرُ المستطيرُ في الأفق".
صحيح: الرواية الأوّلى أخرجها مسلم في الصيام (1094) من طرق عن عبد الله بن سوادة القشيريّ، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، وفي رواية شعبة، عن سوادة به بلفظ: "لا يغرنكم نداءُ بلال، ولا هذا البياض حتَّى يبدوُ الفجرُ، أو قال: حتَّى ينفجر الفجرة ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا النسائيّ (2171) وقال: قال أبو داود (الطيالسي) عن شعبة: وبسط يديه يمينًا وشمالًا.
والرّواية الثانية أخرجها الترمذيّ (706) من طريق أبي هلال، عن سوادة به، ورواه أبو داود (2346) من طريق حمّاد بن زيد، عن عبد الله بن سوادة به ولفظه:"لا يمنعن من سحوركم أذانُ بلال، ولا بياض الأفق الذي هكذا حتَّى يستطير".
• عن أنيسة بنت خُبيب قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أذَّن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذَّن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا" فإن كانت المرأة منا ليبقى عليها