الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح: رواه البخاريّ في فضائل القرآن (5026) عن علي بن إبراهيم، حدّثنا روح، حدّثنا شعبة، عن سليمان، سمعت ذكوان، عن أبي هريرة، فذكره.
وبقية أحاديث هذا الباب انظرها في كتاب الزّكاة، واللَّه الموفق.
4 - باب ما جاء في فضل من خرج في طلب العلم
قال اللَّه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [سورة التوبة: 122].
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا، سهَّل اللَّه له به طريقًا إلى الجنّة".
صحيح: رواه مسلم في الذّكر والدّعاء (2699) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وفي رواية قال الأعمش: حدّثنا أبو صالح، عن أبي هريرة، فذكره في سياق طويل. انظر: باب فضل العلم والفقه في الدّين.
• عن زرّ بن حُبيش، قال: أتيتُ صفوان بنَ عسَّال المراديَّ فقال: ما جاء بك؟ قلت: أُنْبِطُ العلم. قال: فإنِّي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِنْ خارجٍ خرج من بيته في طلب العلم إِلَّا وضع له الملائكةُ أجنحتها رضًا بما يصنع".
حسن: رواه ابن ماجه (226) من طريق عبد الرزّاق قال: أنبأنا معمر، عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حيش، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النّجود فإنّه حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات، وصحّحه ابنُ خزيمة (193)، وابن حبان (1319) فروياه من هذا الوجه.
ورواه أيضًا الدّارميّ (369) من طريق حمّاد بن سلمة، عن عاصم، به مرفوعًا.
ولا يضرّ ما رواه الترمذيّ (3535)، والنسائيّ (158)، وابن خزيمة (17)، وابن حبان (1100) كلّهم من طريق سفيان، عن عاصم، بإسناده موقوفًا؛ لأنّ من رواه مرفوعًا عنده زيادة علم.
وقد رواه الترمذيّ (3536) من وجه آخر عن عاصم وفيه: "بلغني أنّ الملائكة تضع أجنحتها" فذكر الحديث.
وهذا يدل على أنه بلغه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو في أقل أحواله من أحد الصّحابة.
ورواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(162) من طريق عارم بن الفضل، عن الصّعق بن حزن، عن علي بن الحكم، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، قال: جاء رجلٌ من مراد يقال له: صفوان بن عسّال إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-وهو في المسجد متكئ على برد له أحمر، قال: يا
رسول اللَّه! إنّي جئتُ أطلبُ العلمَ. . . قال: "مرحبًا بطالب العلم، إنّ طالب العلم لتحفّ به الملائكة، وتظله بأجنحتها فيركب بعضها بعضًا، حتّى تعلو إلى السّماء الدُّنيا من حبّهم ما يطلب. فما جئت تطلب؟ ". قال: يا رسول اللَّه! لا أزال أسافر بين مكة والمدينة، فافتني عن المسح على الخفين. . . ". فذكر الحديث.
ورواه الطبرانيّ (7347) من طريق شيان بن فرّوخ، عن الصّعق بن حزن، به، إِلَّا أنه أدخل عبد اللَّه بن مسعود بين صفوان بن عسّال وبين زر.
والظّاهر أنّ هذا وهم من شيبان؛ فإنّه صدوق يهم.
قال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1/ 159): "حديث صفوان بن عسّال هذا وقفه قومٌ عن عاصم، ورفعه عنه آخرون، وهو حديث صحيح، حسن، ثابت، محفوظ، مرفوع، ومثله لا يقال بالرّأي. . . ". ثم سرد بعض الطّرق الصّحيحة التي ورد بها الحديث موقوفًا على صفوان بن عسّال.
وقوله: "أُنبط العلم" من أنبط الشيءَ واستنبطه أي: استخرجه. والمراد: أي أطلب العلم. وفي بعض روايات الحديث: "فقلت: ابتغاء العلم".
• عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِنْ خارج يخرجُ -يعني من بيته- إِلَّا ببابه رايتان: راية بيد ملك، وراية بيد شيطان، فإنْ خرج لما يحبُّ اللَّه عز وجل، اتَّبعه الملك برايته، فلم يزلْ تحت راية الملك حتّى يرجع إلى بيته، وإنْ خرج لما يسخط اللَّه، اتّبعه الشّيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشّيطان حتّى يرجع إلى بيته".
حسن: رواه الإمام أحمد (8286)، والطَّبرانيّ (مجمع البحرين - 184) من طريق أبي عامر العقديّ، ثنا عبد اللَّه بن جعفر، عن عثمان بن محمد، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن؛ من أجل عثمان بن محمد، وعبد اللَّه بن جعفر، فالأوّل صدوق، والآخر لا بأس به، وحديثهما حسن، وبقية رجاله ثقات.
• عن كثير بن قيس، قال: كنتُ جالسًا مع أبي الدّرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجلٌ فقال: يا أبا الدّرداء! إنّي أتيتُك من مدينة الرّسول في حديثٍ بلغني أنَّك تحدِّثُه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الدّرداء: أما جئتَ لحاجة، أما جئتَ لتجارة، أما جئتَ إِلَّا لهذا الحديث؟ قال: نعم. قال: فإنِّي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللَّه به طريقًا من طرق الجنّة، والملائكةُ تضعُ أجنحتهَا رضًا لطالب العلم، وإنَّ العالم يستغفرُ له مَنْ في السموات ومن في الأرض، والحيتانُ في الماء، وفضلُ العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا،
وأورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظّ وافر".
حسن: رواه أبو داود (3641)، وابن ماجه (223) كلاهما من طريق عبد اللَّه بن داود الخريبيّ، قال: سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس، فذكر الحديث. وصحّحه ابنُ حبان (88) ورواه من هذا الوجه.
قلت: فيه داود بن جميل، ويقال: الوليد، ذكره ابن حبان في الثّقات، ولكن قال الدّارقطنيّ:"مجهول". وقال مرة: "هو ومن فوقه إلى أبي الدّرداء ضعفاء".
وكذلك فيه كثير بن قيس، ويقال: قيس بن كثير، شاميّ، فذكره أيضًا ابن حبان في "الثّقات". ولكن ضعّفه الدّارقطنيّ.
وأمّا ما رواه الإمام أحمد (21715) والتِّرمذيّ (2862) كلاهما من حديث محمد بن يزيد الواسطيّ، حدّثنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن قيس بن كثير، قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدّرداء وهو بدمشق، فقال (فذكر الحديث) ففيه انقطاع كما قال الترمذيّ. وهذا لفظه:"ولا نعرف هذا الحديث إِلَّا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس، عن أبي الدّرداء، عن النبيّ. وهذا أصح من حديث محمود بن خداش" انتهى.
وقول الترمذيّ: "ولا نعرف هذا الحديث إِلَّا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة" حسب اطلاعه وإلّا فقد جاء الحديث من وجه آخر، رواه أبو داود (3642) عن محمد بن الوزير الدّمشقيّ، حدّثنا الوليد، قال: لقيت شبيب بن شية، فحدثني به عن عثمان بن أبي سودة، عن أبي الدّرداء -يعني عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمعناه.
وفي إسناده شبيب بن شيبة وهو مجهول.
ولكن قال الحافظ في التهذيب (4/ 308) في ترجمة شبيب بن شيبة: "وقال عمرو بن عثمان، عن الوليد، عن شعيب بن رزيق، عن عثمان (أي ابن أبي سودة) وهو أشبه بالصَّواب".
قلت: إذا يكون إسناد هذا الحديث حسنًا؛ لأنّ شعيب بن رزيق هو أبو شيبة الشّاميّ، ذكره ابنُ حبان في الثّقات (8/ 308)، وفي التقريب:"صدوق يخطئ". ولعلّه لم يخطئ في هذا الحديث لوجود متابعات كما سبق، وله طرق أخرى جمعها الحافظ ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1/ 160 - 170).
وذكر البخاريّ في صحيحه في كتاب العلم: باب العلم قبل القول والعمل: "إنّ العلماء هم ورثة الأنبياء، ورّثوا العلم، من أخذه أخذ بحظٍّ وافر، ومن سلك طريقًا يطلب به علمًا سهل اللَّه له طريقًا إلى الجنّة".
قال الحافظ في "الفتح"(1/ 160): "-قوله: "إن العلماء" إلى قوله: "وافر"- طرف من حديث أبي داود، والترمذيّ وابن حبان والحاكم مصححا من حديث أبي الدّرداء، وحسّنه حمزة الكنانيّ،
وضعّفه باضطراب في سنده، لكن له شواهد يتقوّى بها، ولم يفصح المصنِّف بكونه حديثًا، فلهذا لا يُعدّ في تعاليقه، لكن إيراده له في الترجمة يُشعر بأنَّ له أصلًا، وشاهده في القرآن {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [سورة فاطر: 32] ". انتهى.
• عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خرج في طلب العلم كان في سبيل اللَّه حتّى يرجع".
حسن: رواه الترمذيّ (2647) عن نصر بن علي، قال: حدّثنا خالد بن يزيد العتكيّ، عن أبي جعفر الرازيّ، عن الرّبيع بن أنس، عن أنس بن مالك، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم فلم يرفعه".
قلت: ومن هذا الوجه رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(271)، والبيهقيّ في "المدخل"(371).
ورواه أيضًا أبو نعيم في الحلية (1/ 290)، والآجريّ في أخلاق العلماء (48) كلاهما من حديث خالد بن يزيد، بإسناده مثله.
وإسناده حسن من أجل الكلام في خالد بن يزيد العتكيّ، وأبي جعفر الرّازيّ وهو عيسى بن أبي عيسى المشهور بكنيته، والربيع بن أنس؛ فإنّ هؤلاء جميعًا دون الثّقات، وقد تكلّم في حفظهم ولم يتهم أحدٌ منهم حتّى يسقط حديثهم، فمثلهم يحسّن حديثهم في الفضائل لا سيما إذا كان له شواهد ولم يكن في حديثهم ما ينكر عليهم.
• وعن أبي أمامة صُدي بن عجلان الباهليّ، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"من غدا إلى المسجد لا يريد إِلَّا أن يتعلم خيرًا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (8/ 111) عن عبدان بن أحمد، ثنا هشام بن عمار، ثنا محمد ابن شعيب، ثنا نور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة فذكره.
وإسناده حسن من أجل هشام بن عمار فإنه حسن الحديث.
وقال العراقي في تخريج الإحياء: "إسناده جيد".
• عن سهل بن سعد، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من دخل مسجدي هذا يتعلّم خيرًا، أو يعلّمه كان كالمجاهد في سبيل اللَّه تعالى، ومن دخله لغير ذلك كان كمنزلة الذي يرى الشيء يُعجبه وهو لغيره".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (6/ 215)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 254) -واللّفظ له- كلاهما من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد السّاعديّ، فذكر الحديث.
قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث أبي حازم، عن سهل بن سعد، تفرّد به عنه ابنُه عبد العزيز".
قلت: عبد العزيز بن أبي حازم ثقة فقيه، وثقه ابن معين والنسائي فلا يضر تفرّده وخاصة في روايته عن أبيه. قال الإمام أحمد:"لم يكن يعرف بطلب الحديث إِلَّا كتب أبيه فإنهم يقولون: إنه سمعها، وكان يتفقّه، لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه".
ولكن في الإسناد يعقوب بن حميد بن كاسب مختلف فيه، فقال ابن معين مرة:"ثقة"، وأخرى "ليس به بأس". وضعّفه أبو حاتم والنسائي وغيرهما، ولكن قال البخاريّ: لم يزل خيرًا، هو في الأصل صدوق، وقال ابن عدي:"لا بأس به وبرواياته وهو كثير الحديث كثير الغرائب".
قلت: الخلاصة فيه إن كان لحديثه أصل فهو حسن الحديث، وهذا منه.
• عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"من دخل مسجدنا هذا ليتعلّم خيرًا، أو ليُعلمه كان كالمجاهد في سبيل اللَّه، ومن دخله لغير ذلك كان كالنَّاظر إلى ما ليس له".
حسن: رواه الإمام أحمد (8603، 10814)، وابن ماجه (227)، وصحّحه ابن حبان (87)، والحاكم (1/ 91) كلّهم من حديث أبي صخر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي صخر وهو حميد بن زياد مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجّا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علّة". كذا قال، وحميد بن زياد لم يخرج له البخاريّ، إنّما أخرج له مسلم فقط، إِلَّا أنه حسن الحديث.
وسئل الدّارقطنيّ عن هذا الحديث فقال: "اختلف فيه على سعيد المقبريّ، فرواه أبو صخر حميد بن زياد، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وخالفه عبيد اللَّه بن عمر فرواه عن سعيد المقبريّ، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن كعب الأحبار قوله.
ورواه ابن عجلان، عن سعيد المقبريّ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن كعب الأحبار قوله، وقول عبيد اللَّه بن عمر أشبه بالصواب" اهـ.
قلت: كلام الدّارقطنيّ من حيث الإسناد أقوى، ولكن الحكم لمن زاد، فإن مثل هذا لا يقال بالرأي كما هو معروف، فلعل التابعي نفسيه رواه على الوجهين، فلا يُعلّ أحدهما الآخر.
وأمّا ما رُوي عن عدد من الصّحابة: "اطلبوا العلم ولو بالصّين، فإنّ طلب العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم" فلا يثبت منها شيء.
قال الإمام أحمد: "لا يثبت عندنا في هذا الباب شيءٌ".