الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جُموع أبواب الأذان
1 - باب بدء الأذان
• عن ابن عمر أنه كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيَّنون الصلاة ليس يُنادَي لها، فتكلموا يومًا في ذلك، فقال بعضُهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقًا مثل قرن اليهود. فقال عمر: أَوَلا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بلال قُم فنادِ بالصلاة".
متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (604) واللفظ له، ومسلم في الصلاة (377) كلاهما من طريق عبد الرزاق وهو في مصنفه (1/ 456) قال: أخبرنا ابن جُريج، قال: أخبرني نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول فذكر الحديث، ولم يذكر مسلم "بوقًا" بل قال:"قرْنًا مثل قرْن اليهود".
وقوله: قم يا بلال فناد بالصلاة - أي الصلاة الصلاة، وليس الأذان المعهود الذي رآه عبد الله بن زيد.
• عن أنس بن مالك قال: ذكروا النارَ والناقوس، فذكروا اليهودَ والنصارىَ، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، وأن يُوتر الإقامة.
متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (603)، ومسلم في الصلاة (378) كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذَّاء، عن أبي قلابة، عن أنس فذكره واللفظ للبخاري، وفي لفظ المسلم: وذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يُنَوِّروا نارًا، أو يضربوا ناقوسًا. فأُمر بلال أن يشفع الأذان ويُوتر الإقامة.
وفي رواية: "أن يورُوا نارًا".
وقوله: "أن يوروا نارًا" أي يوقدوا ويشعلوا.
• عن أبي محذُورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه هذا الأذان: "الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أنَّ محمدًا رسولُ الله" ثم يعود فيقول: "أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله. حيَّ على الصلاة (مرتين) حيَّ على الفلاح (مرتين) زاد إسحاق: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
صحيح: رواه مسلم في الصلاة (379) عن أبي غسان المِسْمَعي مالك بن عبد الواحد وإسحاق بن
إبراهيم، قال أبو غسَّان: حدثنا مُعاذ: وقال إسحاق: أخبرنا معاذ بن هشام صاحب الاستوائي، وحدثني أبي، عن عامر الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن مُحَيرِيز، عن أبي محذُورة فذكر الحديث.
قلت: اختلف في أذان أبي محذورة بين تثنية التكبير في أول الأذان وتربيعه.
فأما التثنية فكما ترى رواه مسلم - هكذا في النسخ الموجودة، ولكن قال القاضي عياض: ووقع في بعض طرق الفارسي في صحيح مسلم "أربع مرات" قاله النووي في شرح مسلمه.
فالظاهر أنه وقع خطأ في النقل، وإلا فجمعٌ من الرواة رووا عن معاذ بن هشام وذكروا فيه التربيع، منهم: ما أخرجه أبو عوانة في مسنده عن علي بن المديني، والبيهقي (1/ 391) عن عبد الله بن سعد، والنسائي (2/ 405) من طريق إسحاق بن إبراهيم (وهو ابن راهويه شيخ مسلم) فهؤلاء جميعًا رووا عن معاذ بن هشام بالتربيع.
قال ابن القطان: إن الصحيح عن عامر المذكور في هذا الحديث إنما هو التربيع، هكذا رواه عنه جماعة منهم: عفان وسعيد بن عامر وحجاج، وبذلك يصح كون الأذان تسع عشرة كلمة كما ورد. انتهى. انظر:"نصب الراية"(1/ 258).
وكذلك أخرجه أبو داود (502) عن همام (ابن يحيى): ثنا عامر الأحول، حدثني مكحول، أن ابن مُحيريز حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمه الأذان تسع عشرة كلمة. والإقامة سبع عشرة كلمة فذكر الأذان بالتفصيل ورواه أيضًا النسائي (630) عن همام بن يحيى به إلا أنه اكتفى بقوله: الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، ثم عدَّها أبو محذورة تسع عشرة كلمة وسبع عشرة.
قال ابن عبد البر: "اختلفت الروايات عن أبي محذورة، إذ علَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان بمكة عام حنين، فروي عنه فيه تربيع التكبير في أوله، وروي عنه فيه تثنيتُه. والتربيع فيه من روايات الثقات الحُفّاظ، وهي زيادة يجب قبولها، والعمل عندهم بمكة في آل أبي محذورة بذلك إلى زماننا، وهو في حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد، انظر: نصب الراية (1/ 258).
وأما مالك فذهب إلى تثنية التكبير، ولعل من أدله حديث أبي داود (505) عن نافع بن عمر الجمحي، عن عبد الملك بن أبي محذورة، أخبره عن عبد الله بن مُحيريز الجمحي، عن أبي محذورة، وكذا رواه أيضًا النسائي (629) عن بشر بن معاذ قال: حدثني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: حدثني أبي، عبد العزيز وجدي، عبد الملك، عن أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقعده فألقى عليه الأذان حَرْفًا حَرْفًا، قال إبراهيم: هو مثلُ أذاننا هذا.
قلت له: أعِد عليَّ فذكر نحوه وثنى فيه: "الله أكبر".
والظاهر أنه وقع فيه غلط من الرواة فإن الصحيح الثابت عن عبد الملك بن أبي محذورة وعبد الله بن محيريز عن أبي محذورة التربيع، واستمر عليه العمل في مكة في آل أبي محذورة وهي تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة كما سبق.
وقد ثبت التربيع أيضًا في حديث عبد الله بن زيد.
• عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، كيف يجمع الناس لها؟ فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضًا، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القُنْع - يعني الشَّبُّور - وقال زياد: شبور اليهود، فلم يعجبه ذلك، وقال:"هو من أمر اليهود"، قال: فذكر له الناقوس، فقال:"هو من أمر النصاري" فانصرف عبد الله بن زيد [بن عبد ربه] وهو مهتم لهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرِي الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: يا رسولَ الله! إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آتٍ فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يومًا، قال: ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له:"ما منعك أن تخبرني؟ " فقال: سبقني عبد الله بن زيْد، فاستحييت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا بلالُ! قُمْ فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيْد فافعله" قال: فأذَّن بلال، قال أبو بشر: فأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضًا لجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنًا.
صحيح: رواه أبو داود (498) عن عباد بن موسى الختّلي وزياد بن أيوب، وحديث عباد أتم، قالا: حدثنا هُشَيم، عن أبي بشْر، قال زياد: أخبرنا أبو بشر، عن أبي عمير بن أنس فذكره.
إسناده صحيح، ورجاله ثقات غير أبي عمير بن أنس بن مالك فقد تكلم فيه بعض أهل العلم إلا أنه ثقة أيضًا قال فيه ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب":"ثقة"، وصحَّح هذا الإسناد في "الفتح" (2/ 81) وقال: قال أبو عمر بن عبد البر: روي قصة عبد الله بن زيد جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، ومعان متقاربة، وهي من وجوه حسان وهذا أحسنها".
• عن عبد الله بن زيد: لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالرؤيا فقال: "إن هذه الرؤيا حق، فقم مع بلال، فإنه أندي، أو أمدَّ - صوتًا منك، فألق عليه ما قيل لك، فينادي بذلك" قال: ففعلت، فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه وهو يقول: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق! لقد رأيت مثل الذي قال: فقال رسول الله: "فلله الحمد".
حسن: بهذا السياق رواه ابن خزيمة (363) من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، عن أبيه، نا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه فذكر الحديث.
ومن طريق سعيد بن يحيى: أخرجه الترمذي (189) مثله، وأخرجه أبو داود (899) وابن ماجه (706) كلاهما من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي فذكرا الأذان بكامل ألفاظه.
وفيه تصريح ابن إسحاق بالتحديث فانتفت عنه تهمة التدليس.
وسياقهما أيضًا يدل على أن أذانه كان بعد حديث ابن عمر، وإليكم الآن ألفاظ الأذان:
"الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: "الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح، قد قامتِ الصلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
قال الخطابي: روي هذا الحديث والقصة بأسانيد مختلفة وهذا الإسناد أصَحُّها، وفيها أنه ثنَّى الأذان، وأفرد الإقامة.
وقد نقل البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 391) تصحيح البخاري له.
قال ابن خزيمة: سمعت محمد بن يحيى يقول: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا، لأن محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه، وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد الله بن زيد". صحيح ابن خزيمة (1/ 193).
والمقصود من حديث ابن أبي ليلى هو: ما رواه ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد قال: كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعًا شفعًا في الأذان والإقامة.
قال الدارقطني (1/ 241) بعد أن رواه من طريق عقبة بن خالد، عن ابن أبي ليلى: "ابن أبي ليلى هو: القاضي محمد بن عبد الرحمن ضعيف الحديث سيء الحفظ، وابن أبي ليلى [يعني عبد الرحمن ابن أبي ليلى] لا يثبتُ سماعه من عبد الله بن زيد، وقال الأعمش والمسعودي عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل ولا يثبت، والصواب ما رواه الثوري وشعبة، عن عمرو بن مرة وحسين بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ليلى مرسلا، وحديث ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه متصل، وهو خلاف ما رواه الكوفيون. انتهى.
وقال محمد بن يحيى الذهلي: ابن أبي ليلى لم يدرك ابن زيد قال ابن خزيمة: فهذا خبر العراقيين الذين احتجوا به عن عبد الله بن زيد في تثنية الأذان والإقامة، وفي أسانيدهم من التخليط ما بينتُه، وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، ولا من عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب الأذان، فغير جائز أن يحتج بخبر غير ثابت على أخبار ثابتة" صحيح ابن خزيمة (1/ 200).
وقال البيهقي: "والحديث مع الاختلاف في إسناده مرسل، لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم