الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الخطّابي: "نهى أن يُعترض العلماء بصعاب المسائل التي يكثر فيها الغلط، ليُستنزلوا بها، ويسقط رأيهم فيها، وفيه كراهية التّعمق والتّكلف لما لا حاجة بالإنسان إليه من المسألة، ووجوب التوقف عما لا علم للمسؤول به".
انظر: معالم السنن، وغريب الحديث (1/ 354) له.
20 - باب ما جاء من الوعيد للعالم الذي لا يعمل بعلمه، وإن كان علمه ينتفع به غيره
قال اللَّه تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [سورة البقرة: 44].
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [سورة الصف: 2 - 3].
قد شبه اللَّه اليهود بالحمار في قوله: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [سورة الجمعة: 5].
• عن أسامة بن زيد، قال: قيل له: ألا تدخلُ على عثمان فتُكلِّمَه؟ فقال: أترونَ أنِّي لا أُكلِّمه إِلَّا أُسمِعُكم؟ واللَّه! لقد كلَّمْتُه فيما بيني وبينه، ما دون أن أفتتَح أمرًا لا أُحبُّ أن أكونَ أوّل مَنْ فتحه، ولا أقول لأحد يكون عليَّ أميرًا: إنّه خير النّاس بعد ما سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى بالرّجل يوم القيامة، فيلقى في النّار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرَّحى، فيجتمعُ إليه أهل النّار. فيقولون: يا فلان! مالك؟ ألم تكنْ تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المنكر، فيقول: بلى قد كنتُ آمرُ بالمعروف ولا آتيه، وأنْهى عن المنْكر وآتيه".
متفق عليه: رواه البخاريّ في بدء الخلق (3267)، ومسلم في الزّهد والرّقائق (2989) كلاهما من طريق الأعمش، عن شقيق، عن أسامة بن زيد، فذكره.
قوله: "فتندلق أقتاب بطنه". أقتاب: جمع قِتْب -بكسر القاف وسكون المثناة- وهي الأمعاء، واندلاقها خروجها بسرعة.
• عن زيد بن أرقم، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول:"اللَّهُمَّ! إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لا يستجاب لها".
صحيح: رواه مسلم في الذّكر والدّعاء (3722) من حديث أبي معاوية، عن عاصم، عن عبد اللَّه بن
الحارث، وعن أبي عثمان النّهديّ، عن زيد بن أرقم، فذكره في حديث أطول، وسيأتي في موضعه.
• عن أبي برزة الأسلميّ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تزولُ قدما عبدٍ يوم القيامة حتّى يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه".
حسن: رواه الترمذيّ (2417) عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن، أخبرنا الأسود بن عامر، حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد اللَّه بن جريج، عن أبي برزة الأسلميّ، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح".
وفي معناه ما رُوي عن ابن مسعود مرفوعًا: "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربِّه حتّى يُسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم".
رواه الترمذيّ (2416) عن حُميد بن مسعدة، حدّثنا حصين بن نُمير أبو مِحْصن، حدّثنا حسين ابن قيس الرّحبيّ، حدّثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، عن ابن مسعود، فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن مسعود، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا من حديث الحسين بن قيس، والحسين يضعّف في الحديث من قبل حفظه".
• عن أسامة بن زيد، قال: سمعتُ رسول اللَّه يقول: "يؤتى بالرّجل الذي كان يطاع في معصية اللَّه، فيُقْذف في النّار، فتندلِقُ به أقتابه، فيستدير فيها كما يستديرُ الحمار في الرَّحى، فيأتي عليه أهلُ طاعته من النّاس فيقولون: أيْ فُلُ! أين ما كنتَ تأمرُنا به؟ فيقول: إنّي كنتُ آمرُكم بأمر وأخالفُكم إلى غيره".
حسن: رواه أحمد (21794) عن عبد الصمد، ثنا حمّاد، عن عاصم، عن أبي وائل، قال: قيل لأسامة بن زيد، فذكره. وإسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النّجود- فإنّه صدوق، وباقي رجاله ثقات. ورواه الحاكم (4/ 89) من هذا الوجه، وصحّحه.
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مررتُ ليلة أُسري بي على قومٍ تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال: قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خطباء من أهل الدُّنيا ممّن كانوا يأمرون النّاس بالبر، وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون".
صحيح: رواه أحمد (12211) عن وكيع، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس، فذكر الحديث.
وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف علي بن زيد، وهو ابن جُدعان، لكنّه متابع.
فرواه أبو يعلى (4069) من طريق معتمر بن سليمان.
وأبو نعيم في الحلية (8/ 172) من طريق ابن المبارك كلاهما عن سليمان التيميّ، عن أنس، والإسنادان صحيحان. ورواه ابن حبان (53) من وجه آخر عن أنس، وصحّحه.
• عن أبي تميمة عن جندب بن عبد اللَّه الأزديّ صاحب النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: انطلقتُ أنا وهو إلى البصرة، حتّى أتينا مكانًا يقال له: بيت المسكين، وهو من البصرة على مثل الثَّوِيَّة من الكوفة، فقال: هل كنت تدارس أحدًا القرآن؟ قلت: نعم، قال: فإذا أتينا البصرة، فأتني بهم، فأتيته بصالح بن مسرح، وبأبي بلال، ونَجدة، ونافع بن الأزرق، وهم في نفسي يومئذ من أفاضل أهل البصرة، فأنشأ يحدِّثني عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال جندب: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مثلُ العالم الذي يعلِّمُ النَّاسَ الخيرَ وينسى نفسه، كمثل السِّراج يُضيء للنّاس ويُحْرق نفسه". وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَحُولَنَّ بين أحدِكم وبين الجنّة وهو ينظر إلى أبوابها مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دم مُسلمٍ أَهْراقَهُ ظُلْمًا". قال: فتكلّم القومُ، فذكروا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، - وهو ساكت يستمع منهم، ثم قال: لم أرَ كاليوم قطّ أحقّ بالنّجاة إن كانوا صادقين".
حسن: رواه الطبرانيّ في الكبير (1681) من طريق هشام بن عمار، عن علي بن سليمان الكلبي، حدثني الأعمش، عن أبي تميمة، عن جندب بن عبد اللَّه الأزديّ، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل علي بن سليمان الكلبي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسًا، صالح الحديث، ليس بالمشهور.
وقد جاء عن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أنه قال: "يُفسد الزّمان ثلاثة: أئمّة مضلّون، وجدال منافق بالقرآن -والقرآن حقّ-، وزلّة العالم". انظر تخريجه في "المدخل"(833).
وعن ابن عباس، قال:"ويل للأتباع من عثرات العالم، قيل: وكيف ذلك يا ابن عباس؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه، فيلقى من هو أعلم منه برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم". "المدخل"(836).
وعن أبي الدّرداء قال: "إنّي لآمركم بالأمر، وما أفعله، ولكن لعلّ اللَّه أن يأجرني فيه". المدخل (838).
وأنشأ ابنُ عيينة يقول:
خذ بعلمي وإن قصرتُ في عملي
…
ينفعك علمي ولا يضرُّك تقصيري
وعن ابن عباس قال: "خذ الحكمة ممن سمعت، فإنّ الرّجل يتكلّم بالحكمة وليس بالحكيم، فتكون كالرمية خرجت من غير رامٍ". "المدخل"(843).
وعن سعيد بن أبي بردة، قال:"كان يقال: الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها حيث وجدها".