المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أصحاب الأخدود 7820 - (م ت) صهيب رضي الله عنه أنَّ - جامع الأصول - جـ ١٠

[ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول: في الوصية عند وقوع الفتن وحدوثها

- ‌الفصل الثاني: فيما ورد ذكره من الفتن، والأهواء الحادثة في الزمان

- ‌الفرع الأول: في ذكر ما سمي من الفتن

- ‌الفرع الثاني: فيما لم يذكر اسمه من الفتن

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌نوع تاسع

- ‌نوع عاشر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر العصبية والأهواء

- ‌الفصل الرابع: من أي الجهات تجيء الفتن، وفيمن تكون

- ‌الفصل الخامس: في قتال المسلمين بعضهم لبعض

- ‌الفصل السادس: في القتال الحادث بين الصحابة والتابعين رضي الله عنهم والاختلاف

- ‌قتل عثمان رضي الله عنه

- ‌وقعة الجمل

- ‌الخوارج

- ‌أمر الحَكَمْين

- ‌أيام ابن الزبير

- ‌ذكر بني مروان

- ‌ذكر الحجاج

- ‌أحاديث متفرقة

- ‌حرف القاف

- ‌الكتاب الأول: في القدر

- ‌الفصل الأول: في الإيمان بالقَدَرْ

- ‌الفصل الثاني: في العمل مع القدر

- ‌الفصل الثالث: في القَدَر عند الخلقة

- ‌الفصل الرابع: في القدر عند الخاتمة

- ‌الفصل الخامس: في الهدى والضلال

- ‌الفصل السادس: في الرضى بالقدر

- ‌الفصل السابع: في حكم الأطفال

- ‌الفصل الثامن: في مُحَاجَّة آدم وموسى

- ‌الفصل التاسع: في ذم القدرية

- ‌الفصل العاشر: في أحاديث شتى

- ‌الكتاب الثاني: في القناعة والعفة

- ‌الفصل الأول: في مدحها والحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في غنى النفس

- ‌الفصل الثالث: في الرضى بالقليل

- ‌الفصل الرابع: في المسألة

- ‌[الفرع] الأول: في ذمها مطلقاً

- ‌[الفرع] الثاني: في ذمها مع القدرة

- ‌[الفرع] الثالث: فيمن تجوز له المسألة

- ‌[الفرع] الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الفصل الخامس: في قبول العطاء

- ‌الكتاب الثالث: في القضاء وما يتعلَّق به

- ‌الفصل الأول: في ذم القضاء وكراهيته

- ‌الفصل الثاني: في الحاكم العادل والجائر

- ‌الفصل الثالث: في أجر المجتهد

- ‌الفصل الرابع: في الرِّشوة

- ‌الفصل الخامس: في آداب القاضي

- ‌الفصل السادس: في كيفية الحكم

- ‌الفصل السابع: في الدعاوى والبيانات والأيمان

- ‌البينة واليمين

- ‌القضاء بالشاهد واليمين

- ‌القضاء بالشاهد الواحد

- ‌تعارض البينة

- ‌القرعة على اليمين

- ‌موضع اليمين

- ‌صورة اليمين

- ‌الفرع الأول: في شهادة المسلمين

- ‌الفرع الثاني: في شهادة الكفار

- ‌الفصل التاسع: في الحبس والملازمة

- ‌الفصل العاشر: في قضايا حَكَمَ فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الكتاب الرابع: في القتل

- ‌الفصل الأول: في النهي عن القتل وإثمه

- ‌الفصل الثاني: فيما يبيح القتل

- ‌الفصل الثالث: فيمن قتل نفسه

- ‌الفصل الرابع: فيما يجوز قتله من الحيوانات وما لا يجوز

- ‌الفواسق الخمس

- ‌الحيَّات

- ‌الوزغ

- ‌الكلاب

- ‌النمل

- ‌الكتاب الخامس: في القصاص

- ‌الفصل الأول: في النفس

- ‌الفرع الأول: في العمد

- ‌الفرع الثاني: في الخطأ وعمد الخطأ

- ‌الفرع الثالث: في الولد والوالد

- ‌الفرع الرابع: في الجماعة بالواحد، والحرّ بالعبد

- ‌الفرع الخامس: في المسلم بالكافر

- ‌الفرع السادس: في المجنون والسكران

- ‌الفرع السابع: فيمن شتم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثامن: في جناية الأقارب

- ‌الفرع التاسع: فيمن قتل زانياً بغير بينة

- ‌الفرع العاشر: في القتل بالمثقَّل

- ‌الفرع الحادي عشر: في القتل بالطب والسُم

- ‌الفرع الثاني عشر: في الدابة والبئر والمعدن

- ‌الفصل الثاني: في قصاص الأطراف والضرب

- ‌السّنّ

- ‌الأُذُن

- ‌اللطمة

- ‌الفصل الثالث: في استيفاء القصاص

- ‌الفصل الرابع: في العفو

- ‌الكتاب السادس: في القسامة

- ‌الكتاب السابع: في القِراض

- ‌الكتاب الثامن: في القصص

- ‌أصحاب الأخدود

- ‌الأطفال المتكلمون في المهد

- ‌أصحاب الغار

- ‌قصة الكِفْل

- ‌قصة ريح عاد

- ‌قصة الأقرع والأبرص والأعمى

- ‌قصة المقترض ألفَ دينارٍ

- ‌أحاديث متفرقة

- ‌الكتاب التاسع: في القيامة وما يتعلق بها أولاً وآخراً

- ‌الباب الأول: في أشراطها وعلامتها

- ‌الفصل الأول: في المسيح والمهدي عليهما السلام

- ‌الفصل الثاني: في الدَّجال

- ‌الفصل الثالث: في ابن صياد

- ‌الفصل الرابع: في الفتن والاختلاف أمام القيامة

- ‌الفصل الخامس: في قرب مبعثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الساعة

- ‌الفصل السادس: في خروج النار قبل الساعة

- ‌الفصل السابع: في انقضاء كل قرن

- ‌الفصل الثامن: في خروج الكَّذابين

- ‌الفصل التاسع: في طلوع الشمس من مغربها

- ‌الفصل العاشر: في أشراط متفرقة

- ‌الفصل الحادي عشر: في أحاديث جامعة لأشراط متعددة

- ‌الفصل الأول: في النفخ في الصور والنشور

- ‌الفصل الثاني: في الحشر

- ‌الفصل الثالث: في الحساب والحكم بين العباد

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌الفصل الرابع: في الحوض، والصراط، والميزان

- ‌الفرع الأول: في صفة الحوض

- ‌الفرع الثاني: في ورود الناس عليه

- ‌الفرع الثالث: في الصراط والميزان

- ‌الفصل الخامس: في الشفاعة

- ‌الفصل السادس: في أحاديث مُفْرَدة، تتعلَّق بالقيامة

- ‌الباب الثالث: في ذِكْر الجنة والنار

- ‌الفصل الأول: في صفتهما

- ‌الفرع الأول: في صفة الجنة

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌نوع تاسع

- ‌نوع عاشر

- ‌الفرع الثاني: في صفة النار

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌الفرع الأول: في ذكر أهل الجنة

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌نوع تاسع

- ‌نوع عاشر

- ‌الفرع الثاني: في ذكر أهل النار

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌الفرع الثالث: في ذكر ما اشتركا فيه

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌الباب الرابع: في رؤية الله عز وجل

- ‌حرف الكاف

- ‌الكتاب الأول: في الكسب والمعاش

- ‌الفصل الأول: في الحث على الحلال واجتناب الحرام

- ‌الفصل الثاني: في المباح من المكاسب والمطاعم

- ‌[النوع] الأول: في مال الأولاد والأقارب

- ‌[النوع] الثاني: أجرة كَتْبِ القرآن وتعليمه

- ‌[النوع] الثالث: في أرزاق العمال

- ‌[النوع] الرابع: في الإقطاع

- ‌[النوع] الخامس: في كسب الحجَّام

- ‌[النوع] السادس: في أشياء متفرقة

- ‌الفصل الثالث: في المكروه والمحظور من المكاسب والمطاعم

- ‌[النوع الأول] منهيات مشتركة

- ‌[النوع الثاني] منهيات مفردة

- ‌كسبُ الإماء

- ‌ثمن الكلب

- ‌كسب الحجام

- ‌عسب الفحل

- ‌القُسامة

- ‌المعدِن

- ‌عطاء السلطان

- ‌التَّكهُّنُ

- ‌المتباريان

- ‌صنائعُ مَنْهيَّة

- ‌المكس

- ‌الكتاب الثاني: في الكذب

- ‌الفصل الأول: في ذمه وذم قائله

- ‌الفصل الثاني: فيما يجوز من الكذب

- ‌الفصل الثالث: في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الكتاب الثالث: في الكبر والعجب

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌حرف اللام

- ‌الكتاب الأول: في اللباس

- ‌الفصل الأول: في آداب اللبس وهيئته

- ‌[النوع] الأول: في العمائم والطيالسة

- ‌[النوع] الثاني: في القميص والإزار

- ‌[النوع] الثالث: في إسبال الإزار

- ‌[النوع] الرابع: في إزرة النساء

- ‌[النوع] الخامس: في الاحتباء والاشتمال

- ‌[النوع] السادس: في الإزار

- ‌[النوع] السابع: في خُمُر النساء ومُروطهن

- ‌[النوع] الثامن: في النعال والانتعال

- ‌[النوع] التاسع: في ترك الزينة

- ‌[النوع] العاشر: في التَّزَيُّن

- ‌الفصل الثاني: في أنواع اللباس

- ‌[النوع] الأول: في القميص والسَّراويل

- ‌[النوع] الثاني: في القَبَاء

- ‌[النوع] الثالث: في الحبرة

- ‌[النوع] الرابع: في الدِّرْع

- ‌[النوع] الخامس: في الجُبَّة

- ‌الفصل الثالث: في ألوان الثياب

- ‌الأبيض

- ‌الأحمر

- ‌الأصفر

- ‌الأخضر

- ‌الأسود

- ‌الفصل الرابع: في الحرير

- ‌[النوع] الأول: في تحريمه

- ‌[النوع] الثاني: في المباح منه

- ‌الفصل الخامس: في الصوف والشَّعَر

- ‌الفصل السادس: في الفرش والوسائد

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الكتاب الثاني: في اللقطة

- ‌الكتاب الثالث: في اللعان ولحاق الولد

- ‌الفصل الأول: في اللعان وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في لحاق الولد، ودعوى النسب والقافة

- ‌[الفرع] الأول: في الولد للفراش

- ‌[الفرع] الثاني: في القافة

- ‌[الفرع] الثالث: فيمن ادَّعى إلى غير أبيه، أو استلحق ولداً

- ‌[الفرع] الرابع: فيمن والى غير مواليه

- ‌[الفرع] الخامس: إسلام أحد الأبوين

- ‌الكتاب الرابع: في اللقيط

- ‌الكتاب الخامس: في اللهو واللعب

- ‌الفصل الأول: في اللعب بالحيوان

- ‌الفصل الثاني: في اللعب بغير الحيوان

- ‌النرد

- ‌لعب البنات

- ‌لعب الحبشة

- ‌الكتاب السادس: في اللعن والسّبّ

- ‌الفصل الأول: في ذم اللعنة، واللاعن

- ‌الفصل الثاني: فيما نُهِيَ عن لعنه وسَبّه

- ‌الدهر

- ‌الريح

- ‌الأموات

- ‌الدابَّة

- ‌الديك

- ‌الفصل الثالث: فيمن لعنهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو سَبَّه مِمَّنْ لم يرد في باب مفرد

- ‌الفصل الرابع: فيمن لعنه [رسول الله صلى الله عليه وسلم] ، أو سبَّه، وسأل الله: أن يجعلها رحمة

الفصل: ‌ ‌أصحاب الأخدود 7820 - (م ت) صهيب رضي الله عنه أنَّ

‌أصحاب الأخدود

7820 -

(م ت) صهيب رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «كانَ مَلِك فيمن كان قبلَكم، وكان له ساحِر، فلما كَبِرَ قال للملك: إِني قد كَبِرْتُ، فابعثْ إليَّ غلاماً أُعلِّمه السحر، فبعث إِليه غلاماً يُعلّمه، وكان في طريقه إذا سَلَك راهب، فقعد إِليه وسمع كلامه، فكان إذا أتى السَّاحر مرَّ بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيتَ الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيتَ أهلك، فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذْ أتى على دابَّة عظيمة قد حبستِ الناسَ، فقال: اليومَ أعلمُ: السَّاحرُ أفضل، أم الراهبُ أفضل؟ فأخذ حجراً، فقال: اللهمَّ إنْ كان أمرُ الراهب أحبَّ إليك من أمر الساحر فاقتلْ هذه الدَّابة، حتى يمضيَ الناسُ، فرماها، فقتَلها، ومضى الناسُ، فأتى الراهبَ فأخبره، فقال له [الراهب] : أيْ بُنَيَّ، أنتَ اليومَ أفضلُ مني، وقد بلغَ مِن أمْرِك ما أرى، وإِنَّك ستُبْتَلى، فإن ابتُليتَ فلا تدلَّ علي، وكان الغلامُ يُبرِئ الأكمَه والأبرصَ، ويداوي الناسَ من سائر الأدْواء، فسمع جليس للملك - كان قد عمي - فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمعُ إن أنت شَفَيتَني، قال: إِني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله عز وجل، فإن آمَنْتَ بالله دعوتُ الله فشفاك، فآمَنَ به، فشفاه الله،

فأتى الملك، فجلسَ إليه كما كان يجلس،

⦗ص: 305⦘

فقال له الملِك: مَنْ رَدَّ عليك بَصرَك؟ قال: ربي، قال: ولك رَبّ غيري؟ ، قال: ربي وربُّكَ [الله] ، فأخذه، فلم يزلْ يعذِّبُهُ، حتى دلَّ على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بُنَيَّ، قد بلغ من سحْرِكَ ما تُبْرِئ الأكمَه والأبرصَ، وتفعلُ وتفعلُ؟ قال: فقال: إني لا أشفي أحداً، إِنما يشفي الله، فأخذه، فلم يزلْ يعذِّبُه، حتى دَلَّ على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دِينِكَ، فأبى، فدعا بالمنشار، فوضَع المنشار على مَفْرِق رأسه، فشقَّه به حتى وقع شِقَّاهُ، [ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دِينك، فأبى، فَوَضع المنشار في مَفْرِق رأسه، فشقّه به حتى وقع شقاه] ثم جيء بالغلام، فقيل له: ارجع عن دِينِكَ، فأبى، فدفعه إلى نَفَر من أصحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعَدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذِرْوَته، فإن رجع عن دِينه، وإلا فاطرحوه، فذهبوا به، فصَعِدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئتَ، فرجف بهم الجبلُ فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقُور، وتوسّطوا به البحر، فإن رَجَعَ عن دِينه، وإلا فاقذفوه، فذهبوا به، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئتَ، فانكفأَتْ بهم السفينةُ، فغَرِقُوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنكَ لستَ بقاتلي حتى تفعلَ

⦗ص: 306⦘

ما آمرك به، قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلُبُني على جِذْع، ثم خذْ سَهْماً من كِنانتي، ثم ضَع السهم في كَبِدِ القوس، ثم قل: بسم الله ربِّ الغلام، ثم ارمِ، فإنك إذا فعلتَ ذلك قتلتني، فجمع الناسَ في صعيد واحد، وصلبه على جذع، وأخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كَبِدِ القوس، ثم قال: بسم الله ربِّ الغلام، ثم رماه، فوقع السهم في صُدغِهِ، فوضع يده في صُدغه، في موضِعِ السهم، فمات، فقال الناسُ: آمنَّا بربِّ الغلام، آمنَّا بربِّ الغلام، آمنا برب الغلام، فأُتِيَ الملكُ، فقيل له: أرأيتَ ما كنت تحذر؟ قَدْ والله نزلَ بكَ حَذَرك، قد آمن الناسُ، فأَمر بالأخدود بأفواه السكك، فخُدَّتْ، وأَضْرَم فيها النيرانَ، وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه (1) فيها - أو قيل له: اقْتَحِم - ففعلوا، حتى جاءت امرأة، ومعها صبيّ لها، فتقاعَسَتْ أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أُمّه، اصبري، فإنكِ على الحق» هذه رواية مسلم.

وفي رواية الترمذي قال: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى العصر هَمَسَ - والهمس في بعضهم قولهم: تَحرُّك شفتيه، كأنه يتكلم - فقيل [له] : يا رسولَ الله، إنك إذا صَلَّيتَ العصر همستَ؟ قال: إن نبيّاً من الأنبياء كان أُعجِبَ بأُمَّتِه، قال: مَنْ يقوم لهؤلاء؟ فأوحى الله إليه: أن خَيِّرْهُمْ بين أن

⦗ص: 307⦘

أنتقِمَ منهم، وبين أن أسَلِّطَ عليهم عَدُوَّهم، فاختاروا النِّقمة، فسَلَّطَ الله عليهم الموتَ، فماتَ في يوم سبعون ألفاً» .

وكان إذا حدَّث بهذا الحديث حدَّث بهذا الحديث الآخر، قال: «كان ملك من الملوكِ، وكان لذلك الملك كاهِن يَكْهَنُ له، فقال الكاهن: انظروا لي غلاماً فَهِماً - أو قال: فَطِناً - لَقِناً فأُعلّمه عِلْمي [هذا] ، فإني أخافُ أن أموتَ، فَيَنْقَطِعَ مِنكم هذا العلم، ولا يكونَ فيكم مَنْ يَعْلَمُهُ، قال: فنظروا له على ما وَصَفَ، فأمروه أن يَحْضُرَ ذلك الكاهِن، وأن يختلف إليه، فجعل يختلف إليه، وكان على طريق الغلام راهب في صَوْمَعَة - قال معمر (2) : أحْسِبُ أنَّ أصحاب الصوامع كانوا يومئذ مسلمين - قال: فجعل الغلامُ يسأل ذلك الراهبَ كلَّما مرَّ به، فلم يزل حتى أخبره، فقال: إنما أعبد الله، قال: فجعل الغلام يمكثُ عند الراهب، ويبطئ عن الكاهن، فأرسل الكاهِنُ إلى أهل الغلام: أنه لا يكادُ يحضُرني، فأخبر الغلامُ الراهِبَ بذلك، فقال له الراهب: أين كنتَ؟ فأخبرهم أنَّكَ كنتَ عند الكاهِنِ، قال: فبينما الغلام على ذلك، إذ مَرَّ بجماعة من الناس كثير، قد حَبَسَتْهُمْ دابة - فقال بعضهم: إن تلكَ الدابةَ كانت أسَداً - فأخذ الغلامُ حَجَراً، فقال: اللهمَّ إن كان ما يقول الراهب حقاً، فأَسأَلك أن أقْتُلَهُ، ثم رَمَى به، فقتل الدابة، فقال الناس: مَنْ

⦗ص: 308⦘

قتلها؟ فقالوا: الغلام، ففزِع الناسُ، وقالوا: قد عَلِمَ هذا الغلامُ علماً لم يعلمْه أحد، قال: فسمع به أعمى، فقال له: إن أنتَ رددتَ بصري، فلك كذا وكذا، قال: لا أُرِيد منك هذا، ولكن أرأيتَ إن رَجَعَ إليك بصرُك أتؤمنُ بالذي ردَّه عليك؟ قال: نعم، قال: فدعا الله، فردَّ عليه بَصَرُه، فآمَنَ الأعْمَى، فبلغ الملكَ أمرهُم، فدعاهم، فأُتِيَ بهم، فقال: لأقْتُلَنَّ كُلَّ واحد منكم قِتْلَة لا أقْتُلُ بها صاحبه، فأمر بالراهب والرجل الذي كان أعمى، فوضع المنشار على مفرِق أحدهما فقتله، وقَتل الآخرِ بِقِتْلَة أخرى،

ثم أَمَرَ بالغلام، فقال: انطلِقوا به إلى جبل كذا وكذا، فأَلقوهُ من رأسه، فانطَلقوا به إلى ذلك الجبل، فلما انتهَوْا إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يُلقُوهُ منه، جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل، ويَتَرَدَّوْنَ، حتى لم يبق منهم إلا الغلام، ثم رجع، فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقوه فيه، فانطلقوا به إلى البحر، فغرَّق الله الذين كانوا معه، وأنجاه، فقال الغلام للملك: إنَّكَ لا تقتلني حتى تصلُبني وترميَني، وتقول إذا رميتني: بسم الله ربِّ هذا الغلام، قال: فأمر به فصلب، ثم رماه فقال: بسم الله رب هذا الغلام، قال: فوضع الغلام يده على صُدغِه حين رُمِيَ، ثم مات، فقال الناسُ: لقد عَلِمَ هذا الغلامُ علماً ما علمه أحد، فإنا نؤمن برب هذا الغلام، قال: فقيل للملك: أجَزِعْتَ أن خالَفَكَ ثلاثة؟ فهذا العالَمُ كلُّهم قد خالَفُوك، قال: فخَدَّ أخْدُوداً ثم ألقى فيها الحطبَ والنارَ، ثم جمع الناسَ، فقال: مَنْ رَجَعَ عن دِينه تركناه

⦗ص: 309⦘

ومن لم يرجع ألقيناه في النار، فجعل يُلقيهم في تلك الأخدود، قال: يقول الله تبارك وتعالى: {قُتِلَ أصحابُ الأخدود. النارِ ذاتِ الوَقُودِ} - حتى بلغ - {العَزِيزِ الحميدِ} [البروج: 4 - 8] قال: فأما الغلام، فإنه دُفن، قال: فيذكر أنه أُخْرِجَ في زَمن عمر بن الخطاب وإصبَعُهُ على صُدْغهِ، كما وضعها حين قُتِلَ» (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(بالمنشار) أشَرْتُ الخشبة بالمنشار: إذا شققتَها، ووشرتُها بالميشار - غير مهموز - لغة فيه، والميشار والمنشار سواء.

(قُرقُور) القُرقُور: سفينة صغيرة.

(فانكفأت) السفينة: أي انقلبت، ومنه: كفأتُ القدر: إذا كببتَها.

(الصعيد) : وجه الأرض، وأراد: أنه جمعهم في أرض واحدة منبسطةٍ ليشاهدوه.

(من كنانتي) الكنانة: الجعبة التي يكون فيها النشاب.

(كبد القوس) : وسطها، والمراد به: موضع السهم من الوَتَرِ والقوس.

(بالأخدود) الأُخدود: الشق في الأرض، وجمعه الأخاديد.

⦗ص: 310⦘

(السكك) جمع سِكة، وهي الطريق.

(أضْرَمتُ) النار: إذا أوقدتَها وأثرتَها.

(اقتحم) الاقتحام: الوقوع في الشيء من غير رؤية ولا تَثَبُّتٍ.

(فتقاعست) التقاعس: التأخُّر والمشي إلى وراء.

(الهمس) : الكلام الخفيُّ الذي لا يكاد يسمع.

(اللقِن) : الرجل الفَهِم الذكيُّ.

(التهافت) : الوقوعُ في الشيء مثل التساقط.

(1) وفي بعض النسخ: فأحموه.

(2)

أحد الرواة.

(3)

رواه مسلم رقم (3005) في الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام، والترمذي رقم (3337) في التفسير، باب ومن سورة البروج.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

1-

أخرجه أحمد (6/16) قال: حدثنا عفان. ومسلم (8/229) قال: حدثنا هداب بن خالد. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (4969) عن أحمد بن سليمان، عن عفان.

كلاهما - عفان، وهداب - قالا: حدثنا حماد بن سلمة.

2-

وأخرجه الترمذي (3340) قال: حدثنا محمود بن غيلان، وعبد بن حميد -المعنى واحد- قالا: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر.

كلاهما - حماد، ومعمر - عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكره.

ص: 304