الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الخامس: في المسلم بالكافر
7779 -
(خ ت س) أبو جحيفة رضي الله عنه قال: قلت لعلي: «يا أمير المؤمنين، هل عندكم سوداءُ في بيضاءَ ليس في كتاب الله؟ قال: لا، والذي فَلَقَ الحبَّة وبَرَأ النَّسَمَةَ، ما علمتُه، إلا فهماً يُعطيه الله رَجُلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: فيها العقل وفَكاك الأسير، وأن لا يقتل مؤمن بكافر» أخرجه البخاري والترمذي والنسائي هكذا مختصراً (1) .
وقد أخرج مسلم، وأبو داود هذا المعنى عن عليٍّ من غير رواية أبي جحيفة وقد ذكرنا ذلك في «كتاب العلم» من «حرف العين» ، وفي «فضل المدينة» ، من «كتاب الفضائل» .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فَلَقَ الحبةَ) فَلْق الحَبَّةِ: شقُّها للإنبات.
⦗ص: 254⦘
(وبرأ النسمة) البرء: الخلق، والنسمة: كل ذي رُوح.
(1) رواه البخاري 12 / 230 في الديات، باب لا يقتل المسلم بالكافر، وفي العلم، باب كتابة العلم، وفي الجهاد، باب فكاك الأسير، والترمذي رقم (1412) في الديات، باب ما جاء في لا يقتل مسلم بكافر، والنسائي 8 / 23 في القسامة، باب سقوط القود من المسلم للكافر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه الحميدي (40) قال: حدثنا سفيان. وأحمد (1/79)(599) قال: حدثنا سفيان. والدارمي (2361) قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا جرير. والبخاري (1/38) قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: أخبرنا وكيع، عن سفيان. وفي (4/84) قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير. وفي (9/13) قال: حدثنا صدقة بن الفضل، قال: أخبرنا ابن عيينة. وابن ماجة (2658) قال: حدثنا علقمة بن عمرو الدارمي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش.
والترمذي (1412) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا هشيم. والنسائي (8/23) قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان.
خمستهم - سفيان بن عيينة، وجرير، وسفيان الثوري، وزهير، وأبو بكر بن عياش - عن مطرف بن طريف، عن عامر الشعبي، عن أبي جحيفة، فذكره.
7780 -
(ت س) قيس بن عباد رضي الله عنه قال: «انطلقت أنا والأشتَرُ إلى علي بن أبي طالب، فقلنا له: هل عَهِدَ إليك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إِلى الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما في هذا، فأخرج كتاباً من قُراب سَيفِهِ، فإذا فيه: المؤمنون تتكافأُ دماؤهم، وهم يَد على من سواهم، ويسعى بذمَّتهم أدناهم، ألا لا يُقْتَلُ مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، من أحدثَ حَدَثاً، فعلى نفسه، ومن أحدث حدثاً أو آوى محدِثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» أخرجه أبو داود والنسائي (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تتكافَأُ) التكافؤ: التماثل والتساوي، أي: أنهم يتساوون في القصاص والديات، لا فضل فيها لشريف على وضيع، ولا كبير على صغير، ولا ذكر على أنثى.
(وهم يَدٌ على من سواهم) أي: أنهم مجتمعون يداً واحدة على غيرهم من أرباب الملل والأديان، فلا يسع أحداً منهم أن يتقاعد عن نصرة أخيه المسلم.
(يسعى بذمتهم أدناهم) أي: أدنى المسلمين إذا أعطى أماناً وعداً كان على الباقين موافقته، وأن لا ينقضوا عهده ولا ذمته.
⦗ص: 255⦘
(أحدث حدَثاً أو آوى محدِثاً) الحدَث: الأمر الحادث، والمراد به الخيانة والجرم، والمحدِث: الذي يجنيها، وآواه: إذا ضمه إليه وحماه.
(1) رواه أبو داود رقم (4530) في الديات، باب أيقاد المسلم بالكافر، والنسائي 8 / 19 في القسامة، باب القود بين الأحرار والمماليك في النفس، وهو حديث صحيح بشواهده.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (1/122)(993) . وأبو داود (4530) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، ومسدد. والنسائي (8/19) قال: أخبرني محمد بن المثنى.
ثلاثتهم - أحمد، ومسدد، وابن المثنى - قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن قيس بن عباد، فذكره.
7781 -
(د) عمرو بن شعيب رحمه الله عن أبيه، عن جده قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأُ دماؤهم، ويسعى بذمَّتهم أدناهم، ويُجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يَرُدُّ مُشِدُّهم على مُضْعِفهم ومُتَسَرِّيهم على قاعدهم، ولا يقتَل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده» . أخرجه أبو داود (1) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(يجير عليهم أقصاهم) يعني أن أبعد المسلمين داراً يجير عليهم ويمنعهم ممن يريدونه إذا كان قد أعطاه بذلك عهداً، وقيل: هو إذا وَجه الإمام سرية فأجاروا أحداً أمضاه.
(يرد مُشِدهم على مُضْعفهم) المشدّ: الذي دوابُّه شديدة قوية، والمضعِف: الذي دوابُّه ضعاف.
(ومُتَسرِّيهم على قاعدهم) المتسرِّي: الذي مضى في السرية إلى قصد العدو، وهم طائفة من الجيش يوجهون في الغزو، والمعنى: أنه يرد على القاعد منهم سهمه من الغنيمة التي يغنمها.
⦗ص: 256⦘
(لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده) الكافر هاهنا: هو المخالف للإسلام عند الشافعي، حربياً كان أو ذمياً، وهو الظاهر من إطلاق هذا الاسم بلا خلاف في الشرع، وقد خصصه أبو حنيفة بالحربي دون الذمي، فإن من مذهبه: أن المسلم يقتل بالذمي، والشافعي لا يقتله به، قوله:" ولا ذو عهد في عهده " أي ولا مشرك أُعطي أماناً، فدخل دار الإسلام، فلا يقتل حتى يعود إلى مأمنه، وقيل: ولا ذو عهد في عهده بكافر، ومعنى ذلك وبيانه: أن له تأويلين بمقتضى اختلاف المذهبين، أما من ذهب إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقاً، معاهداً كان أو غير معاهد، فهو مذهب الشافعي فإنه حمل اللفظ على ظاهره، ولم يُضمر له شيئاً، فقال:" لا يقتل مسلم بكافر " والكافر من خالف ملة الإسلام، سواء كان مشركاً أم كتابياً، معاهداً أو غير معاهد، وأما قوله:" ولا ذو عهد في عهده " فمعناه عند الشافعي: النهي عن قتل المعاهد، قال: وفائدة ذكره هاهنا - بعد قوله: " ولا يقتل مسلم بكافر " - أي أنه لما نفى القود عن المسلم- إذا قتل الكافر - عقّبه بقوله: " ولا ذو عهد في عهده " لئلا يتوهم منهم أنه قد نفى عنه القود بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتله كان حكمه كذلك، فقال:" ولا يقتل ذو عهدٍ في عهده " ويكون الكلام معطوفاً على ما قبله، منتظماً في سلكه، من غير تقدير شيء، وأما من ذهب إلى أن المسلم يقتل بالذمي - وهو أبو حنيفة - فاحتاج أن يضمر في الكلام
⦗ص: 257⦘
شيئاً مقدراً، ويجعل فيه تقديماً وتأخيراً، فيكون التقدير: لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر، فكأنه قال: لا يقتل مسلم ولا كافر معاهَد بكافر، فإن الكافر قد يكون معاهداً، وغير معاهد.
(1) رقم (4531) في الديات، باب أيقاد المسلم بالكافر، وإسناده حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (2/180)(6692) قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق. وفي (2/205)(6917) قال: حدثنا موسى بن داود، قال: حدثنا ابن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث. وفي (2/215) (7012) قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس وحسين بن محمد، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث يبن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة. وفي (2/216) (7024) و (7026) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق. وفيه (2/216) (7027) قال: حدثنا يعقوب وسعد، قالا: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، يعني محمدا، قال: حدثني عبد الرحمن بن الحارث. والبخاري في الأدب المفرد (570) قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني عبد الرحمن بن الحارث. وأبو داود (1591)(2751) قال: حدثنا قتيبة سعيد، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن إسحاق. وفي (2751) و (453) قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثنا هشيم، عن يحيى بن سعيد. وابن ماجة (2659) و (2685) قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الحارث. والترمذي (1413) قال: حدثنا عيسى بن أحمد، قال: حدثنا ابن وهب، عن أسامة بن زيد. وفي (1585) قال: حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا حسين المعلم. وابن خزيمة (2280) قال: حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن إسحاق.
خمستهم - محمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن الحارث، ويحيى بن سعيد، وأسامة بن زيد، وحسين المعلم - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، فذكره.
(شرحالغريب) :
يجير عليهم أقصاهم: يعني أن أبعد المسلمين دارا يجير عليهم ويمنعهم ممن يريدونه إذا كان قد أعطاه بذلك عهدا، وقيل: هو إذا وجه الإمام سرية فأجاروا أحدا أمضاه.
يرد مشدهم على مضعفهم، المشد: الذي دوابه شديدة قوية، والمضعف: الذي دوابه ضعاف.
ومتسريهم على قاعدهم: المتسري: الذي مضى في السرية إلى قصد العدو، وهم طائفة من الجيش يوجهون في الغزو، والمعنى: أنه يرد على القاعد منهم سهمه من الغنيمة التي يغنمها.
لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهد: الكافر هاهنا: هو المخالف للإسلام -عند الشافعي-، حربيا كان أو ذميا، وهو الظاهر من إطلاق هذا الاسم بلا خلاف في الشرع، وقد خصصه أبو حنيفة بالحربي دون الذمي، فإن من مذهبه: أن المسلم يقتل بالذمي، والشافعي لا يقتله به، وقوله:«ولا ذو عهد في عهده» أي ولا مشرك أعطي أمانا، فدخل دار الإسلام، فلا يقتل حتى يعود إلى مأمنه، وقيل: ولا ذو عهد في عهده بكافر، ومعنى ذلك وبيانه: أن له تأويلين بمقتضى اختلاف المذهبين، أما من ذهب إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا، معاهدا كان أو غير معاهد، فهو مذهب الشافعي فإنه حمل اللفظ على ظاهره، ولم يضمر له شيئا، فقال:«لا يقتل مسلم بكافر» والكافر من خالف ملة الإسلام، سواء كان مشركا أو كتابيا، معاهدا أو غير معاهد، وأما قوله:«ولا ذو عهد في عهده» فمعناه عند الشافعي: النهي عن قتل المعاهد، قال: وفائدة ذكره هاهنا، بعد قوله:«ولا يقتل مسلم بكافر» . أي أنه لما نفى القود عن المسلم، إذا قتل الكافر، عقبه بقوله:«ولا ذو عهد في عهده» لئلا يتوهم متوهم أنه قد نفى عنه القود بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتله كان حكمه كذلك، فقال:«ولا يقتل ذو عهد في عهده» ويكون الكلام معطوفا على ما قبله، منتظما في سلكه، من غير تقدير شيء، وأما من ذهب إلى أن المسلم يقتل بالذمي، وهو أبو حنيفة فاحتاج أن يضمر في الكلام شيئا مقدرا، ويجعل فيه تقديما وتأخيرا، فيكون التقدير: لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر، فكأنه قال: لا يقتل مسلم ولا كافر معاهد بكافر، فإن الكافر قد يكون معاهدا، وغير معاهد.