المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول: في الوصية عند وقوع الفتن وحدوثها

- ‌الفصل الثاني: فيما ورد ذكره من الفتن، والأهواء الحادثة في الزمان

- ‌الفرع الأول: في ذكر ما سمي من الفتن

- ‌الفرع الثاني: فيما لم يذكر اسمه من الفتن

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌نوع تاسع

- ‌نوع عاشر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر العصبية والأهواء

- ‌الفصل الرابع: من أي الجهات تجيء الفتن، وفيمن تكون

- ‌الفصل الخامس: في قتال المسلمين بعضهم لبعض

- ‌الفصل السادس: في القتال الحادث بين الصحابة والتابعين رضي الله عنهم والاختلاف

- ‌قتل عثمان رضي الله عنه

- ‌وقعة الجمل

- ‌الخوارج

- ‌أمر الحَكَمْين

- ‌أيام ابن الزبير

- ‌ذكر بني مروان

- ‌ذكر الحجاج

- ‌أحاديث متفرقة

- ‌حرف القاف

- ‌الكتاب الأول: في القدر

- ‌الفصل الأول: في الإيمان بالقَدَرْ

- ‌الفصل الثاني: في العمل مع القدر

- ‌الفصل الثالث: في القَدَر عند الخلقة

- ‌الفصل الرابع: في القدر عند الخاتمة

- ‌الفصل الخامس: في الهدى والضلال

- ‌الفصل السادس: في الرضى بالقدر

- ‌الفصل السابع: في حكم الأطفال

- ‌الفصل الثامن: في مُحَاجَّة آدم وموسى

- ‌الفصل التاسع: في ذم القدرية

- ‌الفصل العاشر: في أحاديث شتى

- ‌الكتاب الثاني: في القناعة والعفة

- ‌الفصل الأول: في مدحها والحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في غنى النفس

- ‌الفصل الثالث: في الرضى بالقليل

- ‌الفصل الرابع: في المسألة

- ‌[الفرع] الأول: في ذمها مطلقاً

- ‌[الفرع] الثاني: في ذمها مع القدرة

- ‌[الفرع] الثالث: فيمن تجوز له المسألة

- ‌[الفرع] الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الفصل الخامس: في قبول العطاء

- ‌الكتاب الثالث: في القضاء وما يتعلَّق به

- ‌الفصل الأول: في ذم القضاء وكراهيته

- ‌الفصل الثاني: في الحاكم العادل والجائر

- ‌الفصل الثالث: في أجر المجتهد

- ‌الفصل الرابع: في الرِّشوة

- ‌الفصل الخامس: في آداب القاضي

- ‌الفصل السادس: في كيفية الحكم

- ‌الفصل السابع: في الدعاوى والبيانات والأيمان

- ‌البينة واليمين

- ‌القضاء بالشاهد واليمين

- ‌القضاء بالشاهد الواحد

- ‌تعارض البينة

- ‌القرعة على اليمين

- ‌موضع اليمين

- ‌صورة اليمين

- ‌الفرع الأول: في شهادة المسلمين

- ‌الفرع الثاني: في شهادة الكفار

- ‌الفصل التاسع: في الحبس والملازمة

- ‌الفصل العاشر: في قضايا حَكَمَ فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الكتاب الرابع: في القتل

- ‌الفصل الأول: في النهي عن القتل وإثمه

- ‌الفصل الثاني: فيما يبيح القتل

- ‌الفصل الثالث: فيمن قتل نفسه

- ‌الفصل الرابع: فيما يجوز قتله من الحيوانات وما لا يجوز

- ‌الفواسق الخمس

- ‌الحيَّات

- ‌الوزغ

- ‌الكلاب

- ‌النمل

- ‌الكتاب الخامس: في القصاص

- ‌الفصل الأول: في النفس

- ‌الفرع الأول: في العمد

- ‌الفرع الثاني: في الخطأ وعمد الخطأ

- ‌الفرع الثالث: في الولد والوالد

- ‌الفرع الرابع: في الجماعة بالواحد، والحرّ بالعبد

- ‌الفرع الخامس: في المسلم بالكافر

- ‌الفرع السادس: في المجنون والسكران

- ‌الفرع السابع: فيمن شتم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الثامن: في جناية الأقارب

- ‌الفرع التاسع: فيمن قتل زانياً بغير بينة

- ‌الفرع العاشر: في القتل بالمثقَّل

- ‌الفرع الحادي عشر: في القتل بالطب والسُم

- ‌الفرع الثاني عشر: في الدابة والبئر والمعدن

- ‌الفصل الثاني: في قصاص الأطراف والضرب

- ‌السّنّ

- ‌الأُذُن

- ‌اللطمة

- ‌الفصل الثالث: في استيفاء القصاص

- ‌الفصل الرابع: في العفو

- ‌الكتاب السادس: في القسامة

- ‌الكتاب السابع: في القِراض

- ‌الكتاب الثامن: في القصص

- ‌أصحاب الأخدود

- ‌الأطفال المتكلمون في المهد

- ‌أصحاب الغار

- ‌قصة الكِفْل

- ‌قصة ريح عاد

- ‌قصة الأقرع والأبرص والأعمى

- ‌قصة المقترض ألفَ دينارٍ

- ‌أحاديث متفرقة

- ‌الكتاب التاسع: في القيامة وما يتعلق بها أولاً وآخراً

- ‌الباب الأول: في أشراطها وعلامتها

- ‌الفصل الأول: في المسيح والمهدي عليهما السلام

- ‌الفصل الثاني: في الدَّجال

- ‌الفصل الثالث: في ابن صياد

- ‌الفصل الرابع: في الفتن والاختلاف أمام القيامة

- ‌الفصل الخامس: في قرب مبعثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الساعة

- ‌الفصل السادس: في خروج النار قبل الساعة

- ‌الفصل السابع: في انقضاء كل قرن

- ‌الفصل الثامن: في خروج الكَّذابين

- ‌الفصل التاسع: في طلوع الشمس من مغربها

- ‌الفصل العاشر: في أشراط متفرقة

- ‌الفصل الحادي عشر: في أحاديث جامعة لأشراط متعددة

- ‌الفصل الأول: في النفخ في الصور والنشور

- ‌الفصل الثاني: في الحشر

- ‌الفصل الثالث: في الحساب والحكم بين العباد

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌الفصل الرابع: في الحوض، والصراط، والميزان

- ‌الفرع الأول: في صفة الحوض

- ‌الفرع الثاني: في ورود الناس عليه

- ‌الفرع الثالث: في الصراط والميزان

- ‌الفصل الخامس: في الشفاعة

- ‌الفصل السادس: في أحاديث مُفْرَدة، تتعلَّق بالقيامة

- ‌الباب الثالث: في ذِكْر الجنة والنار

- ‌الفصل الأول: في صفتهما

- ‌الفرع الأول: في صفة الجنة

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌نوع تاسع

- ‌نوع عاشر

- ‌الفرع الثاني: في صفة النار

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌الفرع الأول: في ذكر أهل الجنة

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌نوع تاسع

- ‌نوع عاشر

- ‌الفرع الثاني: في ذكر أهل النار

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌الفرع الثالث: في ذكر ما اشتركا فيه

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌الباب الرابع: في رؤية الله عز وجل

- ‌حرف الكاف

- ‌الكتاب الأول: في الكسب والمعاش

- ‌الفصل الأول: في الحث على الحلال واجتناب الحرام

- ‌الفصل الثاني: في المباح من المكاسب والمطاعم

- ‌[النوع] الأول: في مال الأولاد والأقارب

- ‌[النوع] الثاني: أجرة كَتْبِ القرآن وتعليمه

- ‌[النوع] الثالث: في أرزاق العمال

- ‌[النوع] الرابع: في الإقطاع

- ‌[النوع] الخامس: في كسب الحجَّام

- ‌[النوع] السادس: في أشياء متفرقة

- ‌الفصل الثالث: في المكروه والمحظور من المكاسب والمطاعم

- ‌[النوع الأول] منهيات مشتركة

- ‌[النوع الثاني] منهيات مفردة

- ‌كسبُ الإماء

- ‌ثمن الكلب

- ‌كسب الحجام

- ‌عسب الفحل

- ‌القُسامة

- ‌المعدِن

- ‌عطاء السلطان

- ‌التَّكهُّنُ

- ‌المتباريان

- ‌صنائعُ مَنْهيَّة

- ‌المكس

- ‌الكتاب الثاني: في الكذب

- ‌الفصل الأول: في ذمه وذم قائله

- ‌الفصل الثاني: فيما يجوز من الكذب

- ‌الفصل الثالث: في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الكتاب الثالث: في الكبر والعجب

- ‌نوع أول

- ‌نوع ثان

- ‌نوع ثالث

- ‌نوع رابع

- ‌نوع خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوع سابع

- ‌نوع ثامن

- ‌حرف اللام

- ‌الكتاب الأول: في اللباس

- ‌الفصل الأول: في آداب اللبس وهيئته

- ‌[النوع] الأول: في العمائم والطيالسة

- ‌[النوع] الثاني: في القميص والإزار

- ‌[النوع] الثالث: في إسبال الإزار

- ‌[النوع] الرابع: في إزرة النساء

- ‌[النوع] الخامس: في الاحتباء والاشتمال

- ‌[النوع] السادس: في الإزار

- ‌[النوع] السابع: في خُمُر النساء ومُروطهن

- ‌[النوع] الثامن: في النعال والانتعال

- ‌[النوع] التاسع: في ترك الزينة

- ‌[النوع] العاشر: في التَّزَيُّن

- ‌الفصل الثاني: في أنواع اللباس

- ‌[النوع] الأول: في القميص والسَّراويل

- ‌[النوع] الثاني: في القَبَاء

- ‌[النوع] الثالث: في الحبرة

- ‌[النوع] الرابع: في الدِّرْع

- ‌[النوع] الخامس: في الجُبَّة

- ‌الفصل الثالث: في ألوان الثياب

- ‌الأبيض

- ‌الأحمر

- ‌الأصفر

- ‌الأخضر

- ‌الأسود

- ‌الفصل الرابع: في الحرير

- ‌[النوع] الأول: في تحريمه

- ‌[النوع] الثاني: في المباح منه

- ‌الفصل الخامس: في الصوف والشَّعَر

- ‌الفصل السادس: في الفرش والوسائد

- ‌الفصل السابع: في أحاديث متفرقة

- ‌الكتاب الثاني: في اللقطة

- ‌الكتاب الثالث: في اللعان ولحاق الولد

- ‌الفصل الأول: في اللعان وأحكامه

- ‌الفصل الثاني: في لحاق الولد، ودعوى النسب والقافة

- ‌[الفرع] الأول: في الولد للفراش

- ‌[الفرع] الثاني: في القافة

- ‌[الفرع] الثالث: فيمن ادَّعى إلى غير أبيه، أو استلحق ولداً

- ‌[الفرع] الرابع: فيمن والى غير مواليه

- ‌[الفرع] الخامس: إسلام أحد الأبوين

- ‌الكتاب الرابع: في اللقيط

- ‌الكتاب الخامس: في اللهو واللعب

- ‌الفصل الأول: في اللعب بالحيوان

- ‌الفصل الثاني: في اللعب بغير الحيوان

- ‌النرد

- ‌لعب البنات

- ‌لعب الحبشة

- ‌الكتاب السادس: في اللعن والسّبّ

- ‌الفصل الأول: في ذم اللعنة، واللاعن

- ‌الفصل الثاني: فيما نُهِيَ عن لعنه وسَبّه

- ‌الدهر

- ‌الريح

- ‌الأموات

- ‌الدابَّة

- ‌الديك

- ‌الفصل الثالث: فيمن لعنهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو سَبَّه مِمَّنْ لم يرد في باب مفرد

- ‌الفصل الرابع: فيمن لعنه [رسول الله صلى الله عليه وسلم] ، أو سبَّه، وسأل الله: أن يجعلها رحمة

الفصل: ‌الكتاب الثامن: في القصص

‌الكتاب الثامن: في القصص

قصة إبراهيم وإسماعيل وأمِّه عليهم السلام

7819 -

(خ) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من حديث أيوبَ بن أبي تميمة السَّختياني، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وَداعة - يزيد أحدهما على الآخر - عن سعيد بن جبير، قال: قال ابن عباس: «أولُ ما اتخذَ النِّساءُ المِنْطَق: من قِبَلِ أم إسماعيل، اتخذت مِنْطَقاً - قال الأنصاريُّ عن ابن جريج (1) قال: أمَّا كثير بن كثير: فحدَّثني، قال: إني وعثمان بن أبي سليمان جلوسٌ مع سعيد بن جبير، فقال: ما هكذا حدَّثني ابنُ عباس، ولكنَّه قال: أقبل إبراهيم بإسماعيل وأمِّه وهي ترضعه، معها شَنَّة» لم يرفعه، ولم يزد الأنصاري على هذا.

قال الحميديُّ في أول هذا الحديث عند البرقانيِّ: من حديث عبد الرزاق

⦗ص: 296⦘

عن معمر عن أيوب، وكثير، ولم يذكر البخاري «أن سعيد بن جبير، قال: سلوني يا معشر الشباب، فإني قد أوشَكْتُ أن أذهبَ [من] بين أظهركم، فأكثر الناس مسألتَه، فقال له رجل: أصلحكَ الله، أَرأَيت هذا المقام، أَهُوَ كما [كنَّا] نتحدث؟ قال: وما كنت تتحدّث؟ قال: كنا نقول: إِن إِبراهيم عليه السلام حين جاء عَرضت عليه امرأةُ إسماعيل النزولَ، فأَبَى أن ينزلَ، فجاءت بهذا الحجَر، فقال: ليس كذلك» (2) .

من هاهنا ذكر البخاري عن أيوب، وكثير عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس: «أول ما اتخذتِ النساءُ المِنْطَق: من قِبَل أُمِّ إسماعيل، اتخذت مِنْطَقاً لِتُعفّي أثرها على سارَة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل، وهِيَ تُرضعه حتى وضعها عند البيت، عند دَوحَةٍ فوق زمزمَ في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أَحد، وليس بها ماء، فوضعهما هناك، ووضع عندهما جِراباً فيه تمر، وسِقاء فيه ماء، ثم قَفَّى إبراهيم مُنْطلقاً، فتَبعَته أمُّ إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهبُ وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس (3) ، ولا شيء؟ ، فقالت له ذلك مِرَاراً، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمركَ بهذا؟ قال: نعم، قالت: إِذن لا يُضيِّعنا، ثم رجعتْ، فانطلق إبراهيم عليه السلام، حتى إذا كان عند الثنية - حيث لا يرونه

⦗ص: 297⦘

استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاءِ الدعواتِ، فرفع يديه، فقال:{رَبَّنا (4) إِنِّي أسكنتُ من ذُرِّيَّتي بوادٍ غيرَ ذي زرعٍ} - حتى بلغ - {يشكرون} [إبراهيم: 37] وجَعَلَتْ أُمُّ إِسماعيل تُرْضِعُ إسماعيل، وتشربُ من ذلك الماء، حتى إذا نَفِد ما في السقاء عَطِشَتْ، وَعَطِش ابنُها، وجعلتْ تنظر إِليه يتلَوَّى - أو قال: يتلبَّط - فانطلقت كراهيةَ أن تنظر إليه، فوجدتِ الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلتِ الواديَ تنظر هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، فهبطتْ من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رَفَعَتْ طرَف دِرْعها، ثم سَعَتْ سعيَ الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتتِ المروَةَ، فقامت عليها، فنظرت، هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات - قال ابن عباس: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: فلذلك سَعَى الناس بينهما - فلما أشرفَتْ على المروة سمعتْ صوتاً، فقالت: صَه - تريد نفسها - ثم تسمَّعت فسمعت أيضاً، فقالت: قد أسمعتَ إن كان عندك غُواث، فإذا هي بالملَكِ عند موضِع زمزم، فبحث بعقَبِه - أو قال: بجناحه - حتى ظهر الماءُ، تُحوِّضه، وتقول بيدها هكذا، وجعلت تَغْرِفُ من الماء في سقائها، وهو يفورُ بعدما تغرف - وفي رواية: بقدر ما تغرف -» قال ابن عباس: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَرْحَمُ الله أمَّ إسماعيل، لو تركت زمزم - أو قال: لو لم تغرِفْ من الماء - لكانت زمزمُ عيناً مَعِيناً، قال: فشربتْ وأرضعتْ ولدها، فقال لها

⦗ص: 298⦘

المَلك: لا تخافوا الضيعةَ، فإن هاهنا بيتاً لله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يُضِيع [أهله] ، وكان البيتُ مرتفعاً من الأرض كالرَّابية، تأتيه السيول، فتأْخذ عن يمينه، وعن شماله، فكانت كذلك، حتى مرَّتْ بهم رُفقةُ من جُرْهُم - أو أهلُ بيت من جرهم - مُقْبِلين من طريق كَدَاء، فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائراً عائفاً، فقالوا: إنَّ هذا الطائر لَيَدُورُ على ماء، لَعَهْدُنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جَرِيَّاً أو جَرِيَّيْنِ، فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم، فأقبلوا - وأُمُّ إسماعيل عند الماء - فقالوا: أتَأْذنين لنا أن ننزلَ عندَكِ؟ قالت: نعم، ولكن لاحقَّ لكم في الماء، قالوا: نعم. قال ابن عباس: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: فألفَى ذلك أمَّ إسماعيل وهي تُحب الأُنْس، فنزلوا فأرسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم، حتى إذا كان بها أهلُ أبيات منهم، وشَبَّ الغلام - وتعلم العربية منهم، وأنفسَهَم وأعجبهم حين شَبَّ - فلما أدركَ زوَّجوه امرأة منهم، وماتت أُمُّ إسماعيل، فجاء إبراهيم، بعدما تزوج إسماعيل، يطالع تَركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأتَه عنه؟ فقالت: خرج يبتغي لنا - وفي رواية: ذَهَبَ يصيد - ثم سألها عن عَيْشهم وهيئتهم؟ فقالت: نحن بِشَرٍّ، نحن في ضِيق وشِدَّة، وشكتْ إليه، قال: فإذا جاء زوجُكِ فاقْرَئي عليه السلام، وقولي له: يُغَيِّرْ عَتَبَة بابه، فلما جاء إسماعيل كأنه آنَس شيئاً، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنكَ،

⦗ص: 299⦘

فأخبرتُهُ، فسألني: كيف عيشُنا؟ فأخبرتُه: أَنَّا في جَهد وشدة، قال: فهل أوصاكِ بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول لك: غَيِّر عَتَبَةَ بَابِكَ، قال: ذاكَ أبي، وقد أمرني أن أفارقَكِ، الحَقي بأهلِكِ، فطلَّقها، وتزوَّجَ منهم أخرى، فلبثَ عنهم إبراهيمُ ما شاء الله أن يلبثَ، ثم أتاهم بعدُ، فلم يجده، فدخل على امرأته، فسأل عنه؟ قالت: خَرَج يبتغي لنا، قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخير وسَعَة، وأثنتْ على الله عز وجل، فقال: ما طعامُكم؟ قالت: اللحم، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماءُ، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ولم يكن لهم يومئذ حَبّ، ولو كان لهم دعا لهم فيه، قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه - وفي رواية: فجاء فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأتُه: ذهب يصيد، فقالتْ امرأته: ألا تنزل فتَطْعَمَ وتَشرَبَ؟ قال: فما طعامكم، وما شرابكم؟ قالت: طَعامُنا اللحم، وشرابنا الماء، قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم، قال: فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: بركة دعوة إبراهيم - رجع إلى ما في الإسناد الأول - قال: فإذا جاء زوجُكِ فاقْرئي عليه السلام، ومُرِيه يُثْبِتْ عَتَبَةَ بابه، فلما جاء إسماعيل، قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حَسَن الهيئة - وأثنت عليه - فسألني عنكَ؟ فأخبرته، فسألني، كيف عيشنا؟ فأخبرته أنَّا بخير، قال: فأوصاكِ بشيء؟ قالتْ: نعم، يقرأ عليك

⦗ص: 300⦘

السلام، ويأمرك أن تُثبتَ عتبة بابك، قال: ذاكَ أبي، وأنتِ العتبةُ، أمَرني أن أُمْسِكَكِ، ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يَبرِي نَبْلاً له تحت دَوحة قريباً من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولد بالوالد، ثم قال: يا إسماعيل، إن الله أمَرَني بأمْر، قال: فاصنع ما أمرك ربُّك، قال: وتُعينُني؟ قال: وأُعينُك، قال: فإن الله أمرني أن أبنيَ بيتاً هاهنا - وأشار إلى أكَمة مرتفعة على ما حَولها - فعِنْدَ ذلك رَفَعَ القواعدَ من البيت، فجعل إسماعيل يأْتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناءُ جاء إبراهيم بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان:{رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السميعُ العَليمُ} [البقرة: 127] قال: فجعلا يبنيان، حتى يدورا حول البيت، وهما يقولان:{رَبَّنا تقبلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السميعُ العَليم} » . وفي رواية: عن إبراهيم بن نافع عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما كان من أمر إبراهيم ومن أهله ما كان: خرج بإسماعيل، وأم إسماعيل، ومعهم شَنَّة فيها ماء، فجعلتْ أُمُّ إسماعيل تشرب من الشَّنَّةِ، فيَدِرّ لبنها على صَبِيِّها، حتى قَدِمَ مكة، فوضعها تحت دوحة، ثم رجع إبراهيم إلى أهله، فاتَبَعَتْه أم إسماعيل، حتى لما بلغوا كَدَاءَ، نادته من ورائه: يا إبراهيم، إلى مَنْ تتركنا؟ قال: إلى الله، قالت: رضيتُ

⦗ص: 301⦘

بالله، قال: فرجعتْ، فجعلتْ تشربُ من الشَّنَّة، ويَدِرّ لبنها على صَبيِّها، حتى لما فَني الماءُ، قالت: لو ذهبتُ فنظرتُ، لعلي أُحِسُّ أحداً، قال: فذهبتْ، فَصَعدَتِ الصَّفا، فنظرتْ ونظرتْ هل تُحِسُّ أحداً؟ فلم تُحِسَّ [أحداً] ، فلما بَلغتِ الواديَ سَعَتْ، وأتتْ المروةَ، وفعلتْ ذلك أَشْواطاً، ثم قالت: لو ذهبتُ فنظرتُ ما يفعل الصبيُّ؟ فذهبتْ، فنظرتْ، فإذا هو على حاله كأنه يَنْشَغُ للموت، فلم تُقِرَّها نفسُها، فقالت: لو ذهبت، فنظرتُ، لعلي أُحِسُّ أحداً؟ فذهَبَتْ، فَصَعِدَت الصفا، فنظرتْ ونظرتْ، فلم تحسَّ أحداً، حتى أتَمَّتْ سبعاً، ثم قالت: لو ذَهبتُ فنظرتُ ما فعل؟ فإذا هي بصوت، فقالت: أغِثْ إن كان عندك خير، فإذا جبريل، قال: فقال بِعَقِبه هكذا - وغَمَزَ بعقبه على الأرض - فانبثقَ الماءُ، فَدُهِشَتْ أم إسماعيل، فجعلت تَحْفِن - وفي أخرى: تحفِر - ولو تركَتْهُ كان الماء ظاهراً، وكان عَيْناً مَعِيناً

وذكر الحديث بطوله نحوه، أو قريباً منه، والأول أتم - إلى قوله: فوافى إسماعيلَ من وراءِ زمزم يصلح نَبْلاً له، فقال: يا إسماعيل، إن ربك أمرني أن أبني له بيتاً، قال: أطع ربك، قال: إِنه قد أمرني أن تعينني عليه، قال: إذن أفعل - أو كما قال – فقاما، فجعل إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان:{رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السميعُ العَليمُ} حتى ارتفع البناءُ، وضَعُفَ الشيخُ عن نقل الحجارة، فقام على حَجَرِ المقام، فجعل يناوله

⦗ص: 302⦘

الحجارة، ويقولان:{رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السميعُ العليمُ} .

وأخرج في رواية طرفاً منه: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله أم إسماعيل، لولا أنها عَجِلَتْ لكان زمزمُ عيناً مَعيناً» أخرجه البخاري (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(المِنطَق) : هو ما تشد به المرأة وسطها عند عمل الأشغال لترفع ثوبها، وهو أيضاً النطاق.

(شَنَّة) الشَنَّة: القربة البالية يكون فيها الماء.

(دَوْحة) الدَّوحة: الشجرة العظيمة، وجمعها الدوح.

(قفَّى) الرجل: إذا ولاك قفاه راجعاً عنك.

(الثنية) : الطريق في العقبة، وقيل: هو المرتفع من الأرض فيها.

(التلبُّط) : الاضطراب والتقلُّب ظهراً لِبَطْنٍ.

(صه) اسكت، وقوله: تريد: «تَعني نفسها» معناه: لما سمعت الصوت سكّتت نفسها لتتحققه.

(غواث) الغواث والغياث والغوث: المعونة، وإجابة المستغيث.

(تحوِّضه) أي: تجعل له حوضاً يجتمع فيه الماء.

(معينا) المعين: الماء الظاهر الجاري الذي لا يتعذَّر أخذه.

⦗ص: 303⦘

(الضيعة) : الضياع والحاجة.

(كَداء) بالفتح والمد: الثنية من أعلى مكة مما يلي المقابر، وبالضم والقصر: من أسفلها مما يلي باب العمرة. (عائفاً) العائف: المتردِّد حول الماء.

(الجريُّ) : الرسول والوكيل.

(وأنْفَسَهم) أي: صار عندهم نفيساً مرغوباً فيه.

(تَرْكته) التركة: بسكون الراء - ولد الإنسان، وهو في الأصل: بيضة النعام، هكذا قاله الزمخشري في " الفائق "، ولو روى بكسر الراء، لكان وجهاً، والتركة: اسم للشيء المتروك.

(يبتغي لنا) قولها: يبتغي لنا: يطلب لنا الرزق ويسعى فيه.

(آنس) شيئاً أي: أبصر شيئاً، وأراد: كأنه رأى أثر أبيه وبركة قدومه.

(أكمة) الأكمة: ما ارتفع من الأرض كالرابية.

(النشغ) : الشهيق، حتى يكاد يبلغ له الغشي، يقال: نشغ ينشغ نشغاً، وإنما يفعل الإنسان ذلك أسفاً على صاحبه وشوقاً إليه، وقيل: نشغ الصبي: إذا امتص بفيه.

(انبثاق) الماء: انفتاحه وجريه.

(1) قوله: " قال الأنصاري عن ابن جريج

إلى قوله: معها شنة " قال الحافظ في " الفتح ": هكذا ساقه مختصراً ومعلقاً، وقد وصله أبو نعيم في " المستخرج " عن فاروق الخطابي عن عبد العزيز بن معاوية عن الأنصاري، وهو محمد بن عبد الله، لكنه أورده مختصراً أيضاً، وكذلك أخرجه عمر بن شبة في " كتاب مكة " عن محمد بن عبد الله الأنصاري.

(2)

قال الحافظ في " الفتح ": ورواه الأزرقي من طريق مسلم بن خالد الزنجي، والفاكهي من طريق محمد بن جشعم كلاهما عن ابن جريج، وأخرجه الإسماعيلي من طرق عن معمر.

(3)

وفي بعض النسخ: إنس.

(4)

في رواية الكشميهني: رب، والرواية التي أثبتناها هي الموافقة للتلاوة.

(5)

رواه البخاري 6 / 282 - 288 في الأنبياء، باب قول الله تعالى:{واتخذ الله إبراهيم خليلا} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (1/253)(2285) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا عطاء بن السائب. وفي (1/347)(3250) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن أيوب، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة. والبخاري (3/147 و4/172) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، وكثير بن كثير. وفي (4/172) قال: حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن أيوب، عن عبد الله بن سعيد بن جبير مختصرا. وفي (4/175) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، قال: حدثنا إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (5600) عن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، وكثير بن كثير. (ح) وعن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، عن أبي عامر العقدي، وعثمان بن عمر.

كلاهما - عن إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير.

أربعتهم - عطاء بن السائب، وأيوب، وكثير، وعبد الله بن سعيد - عن سعيد بن جبير، فذكره.

أخرجه أحمد (1/360)(3390) قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أيوب، قال: أنبئت عن سعيد بن جبير، فذكره. مختصرا.

ص: 295