الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب البيوع
الحديث الأوّل والثّاني:
[250]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ"(1). (2)
[251]
: [عن](3) حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّعَانِ بِالخيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا -أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا- فَإنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي [بَيْعِهِمَا] (4). وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"(5).
قوله: "عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": "عن" هنا وما بعدها إلى آخر الحديثِ في محلِّ رفعٍ لمتعلِّق "عن" الأولى، التقدير:"رُوي عن عبد اللَّه بن عمر هذا اللفظ". ويَحتمِل أن يُقدَّر "أنه رُوي عن النبي". والأولُ أقلُّ في الحذف، وأَدقُّ إعرابًا، فيكون "أنه رُوي" جملةً محذوفةً معمولةً لـ "روي" المقدَّرِ، وسياق الكلام يدلّ على ذلك. ومتى قُدِّر "أنه رُوي" يكون "أنه قال" في محلّ مفعولٍ به للفعلِ المقدَّرِ.
قولُه: "إذا تبايع الرجلان فكلُّ": "كلُّ" مبتدأ، والخبر في قوله:"بالخيار"، و"منهما" يتعلَّقُ بصفةِ لـ "واحد"، وجَوابُ "إذا":"فكلُّ". وجاء جوابها جملةً اسميةً بـ "الفاءِ"، وهذا مما رُجِّح به عملُ فعلِ "إذا" على جوابها، وفي مثل هذا يجعلون العامل
(1) بعده في المتن المطبوع (ط دار الثقافة، ص 175): "وما في معناه من حديث".
(2)
أخرجه البخاري (2112) في البيوع، ومسلم (1531) في البيوع.
(3)
سقط من النسخ. وفي موضعه بياض صغير بالأصل.
(4)
سقط من النسخ. والمثبت من مصدر التخريج ومتن العمدة المطبوع.
(5)
رواه البخاري (2079) في البيوع، ومسلم (1532) في البيوع.
من معنى الجملة، فالتقديرُ هنا:"إذا تبايع الرجلان اختار كلُّ واحدٍ منهما"، أو:"فلْيَخْتَرْ".
قالوا: ويحذف جوابُ الشرطِ جوازًا إذا كان فعل الشّرط ماضيًا، كما وقع ههنا، أو كان منفيًّا بـ "لم"، نحو:"إن لم يقم زيدٌ فعمروٌ قائمٌ"(1).
قولُه: "ما لم يتفرقا": "ما" هنا ظرفية مصدَريّة، والمراد هنا:"تأقيتُ الخيارِ".
قولُه: "وكانا جميعًا": هذه الجملة مؤكِّدة لما قبلها، لكن الجملة الأولى منفيةٌ، والثانية مثبَتةٌ، فالمؤكِّد للمفهوم المنطوقُ. ويحتمل أنّ "الواو" للحَال، أي:"في حالِ كونِهما جميعًا"، فتكون حالًا مُؤكِّدة. وتقدّم الكَلام على ["جميعًا"](2) في الحديث الثّاني من "باب الجنابة"، وفي الثّالث من "باب صلاة الخوف".
قوله: "أو يخيِّر أحدُهما الآخرَ": هذا معطوفٌ على قوله: "ما لم يتفرقا"، أي:"ما لم يتفرّقا، وما لم يخير أحدُهما الآخرَ"، فهو مجزوم بالعطف على "يتفرقا".
قوله: "فيتبايعا على ذلك": معطوفٌ على قوله: "أو يخير" المجزوم، أي:"ما لم يتبايعا على ترك الخيار"، أي:"أوّل العقد". ويَحتمِل أن يكون الفعلُ مجزومًا بلام الأمر مقدَّرة، أي:"فليتبايعا على ذلك". وقد جاء من ذلك قوله:
محمّدٌ تفْدِ نفْسَك كُلُّ نَفْسٍ
…
. . . . . . . . . . . . . (3)
أي: "لتفدِ نفسَك"(4). وهذا يُوافق مُقتضى الحديثِ، ويُؤكِّد معناه.
(1) انظر: البحر المحيط (5/ 451).
(2)
بالنسخ: "جميعها".
(3)
البيتُ من الوافر، وهو لأبي طالب. وعجزه:"إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالَا". وقد سبق تخريجه. انظر: معاني القرآن للأخفش (1/ 82)، الإعلام لابن الملقن (1/ 649)، سر صناعة الإعراب (2/ 69)، والمعجم المفصل (6/ 39).
(4)
انظر إرشاد الساري (4/ 359)، الكتاب (3/ 8)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين =