الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث:
[271]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَلا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا"(1).
تقدّم الكلام على هذا الحديث في أوّل حديث من "باب ما ينهى عنه من البيوع" إلا قوله: "ولَا تسأل المرأة طلاق أختها".
و"أن يبيع": في محلّ نصب أو جر بإسقاط الخافض على الخلاف بين سيبويه والخليل (2)، وهنا محذوف تقديره: قال: "نهى عن أن يبيع".
وقال: "ولَا تناجشوا، ولَا يبع الرّجُل": "لا" ناهية، والأفعال بعدها مجزومة بها (3).
والمراد بـ "البيع على البيع" و"الخِطبة على الخِطبة": عند حالة التراكن والتوافق، وكذلك عند التقارب.
قوله: "لتكفئ": تقدّم الكلام عليه في الحديث الثّامن من أوّل الكتاب.
و"الصحْفة" هنا: "إناء كالقصعة المبسوطة" ونحوها، وجمعها:"صحاف"(4).
وهذا مثل يريد به الاستئثار عليها، فتكون كمَن استفرغ صَحْفَةَ غيره وقلب ما في إنائه إلى إناء نفسه، ومَثَّل هذا بعضهم بأن يخطب الرجُل المرأة، وله زوجة، فتقول:"لا أتزوجك حتى تطلق التي معك". وحمل بعضهم الصحفة كناية عن
(1) رواه البخاري (2140) في البيوع، ومسلم (1413)(52) في النكاح.
(2)
انظر: شرح الأشمونى (1/ 486).
(3)
انظر: الجنى الداني (ص 350)، ملحة الإعراب (ص 80)، اللمحة (2/ 849).
(4)
انظر: الصحاح (4/ 1384).
"الوطء"، وأنها أرادت أن يكون الرجل كُله لها، لا يقسم معها. وفي هذا التفسير نظر.
قوله: "لتكفئ ما في صحفتها": "ما" موصولة بمعنى "الذي"، والصّلة في المجرور، و"ما" مع صلتها في محل نصب بـ "تكفئ" واللام في "لتكفئ" متعلق بـ "تسأل".
قال الشّيخ تقيّ الدّين: استعمل في هذا الحديث مجازات، جعل طلاق المرأة بعد عقد نكاحها بمثابة تفريغ الصّحفة بعد امتلائها.
وفيه معنى آخر، وهو الإشارة إِلَى الرزق؛ لما يوجبه النكاح من النفقة، فإنّ الصحفة وملئها من باب الأرزاق، وإكفاؤها قلبها (1).
* * *
(1) انظر: إحكام الأحكام (2/ 141).