الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث [الثّاني]
(1):
[329]
: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِنّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلادَةِ"(2).
[330]
: وَعَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: "إنّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَ مَا أنْزِلَ الحجَابُ، فَقُلْت: وَاللَّهِ لا آذَنُ لَهُ حَتَّى أسْتَأْذِنَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَإنَّ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ: لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَني، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْني امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ فَيَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْني امْرَأَتُهُ. قَالَ: ائْذَنِي لَهُ؛ فَإنَّهُ عَمُّك، تَرِبَتْ يَمِينُك"(3).
قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: "حَرِّمُوا مِنْ الرِّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ".
وَفي لَفْظٍ: "اسْتَأْذَنَ عَليَّ أَفْلَحُ، فَلَمْ آذَنْ لَهُ. فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّك؟ فَقُلْت: كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرْضَعَتْك امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي. قَالَتْ: فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: صَدَقَ أَفْلَحُ، ائْذَنِي لَهُ"(4).
[331]
: وَعَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا؟ قُلْت: أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ. فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ انْظُرْنَ مَنْ إخوَانُكُنَّ؛ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ"(5).
قوله: "إن الرضاعة تُحَرِّم": كُسرت "إنّ" لأنها وقعت بعد القول (6)، وجملة
(1) بالأصل: "الثامن". وفي (ب): "التاسع". والمثبت الصواب.
(2)
رواه البخاري (5099) في النكاح، ومسلم (1444) في الرضاع.
(3)
رواه البخاري (5239) في النكاح، ومسلم (1445)(5) في الرضاع.
(4)
رواه البخاري (2644) في الشهادات.
(5)
رواه البخاري (5102) في النكاح، ومسلم (1455) في الرضاع.
(6)
انظر: شرح ابن عقيل (1/ 352 وما بعدها).
"تُحَرِّم" في محل خبر "إنَّ".
قوله: "ما يَحْرُم من الولادة": "ما" موصولة بمعنى "الذي"، و"يَحْرُم" مبني للفاعل مخففًا، وفاعله ضمير يعود على "ما"، و"من الولادة" يتعلق بـ "يحرُم"، والجملة من "ما" وصلتها في محلّ مفعول.
وفاعل "تُحَرِّم" -المشدّدِ "الرّاء"- ضمير يعود على "الرَّضاعة"، والمراد:"إن الرضاعة تُحَرّم مثل تحريمٍ يُحَرَّم من الولادة"، وبهذا التقدير يتم المعنى.
قوله: "وعنها": أي: "وعن عائشة"، معطوفٌ على ما قبله، فالتقدير:"وروي عنها أنها قالت"، فـ "أنها" في محلّ رفع بـ "رُوي".
قوله: "أنَّ أفلح. . . إلى آخره" معمولُ القول.
و"أخا أبي القعيس": بدَل من "أفلح"، وعلامة نصبه "الألِف". و"أبي" مُضاف إليه، وعلامة جره "الياء"، و"القعيس" مضافٌ إليه.
وجملة "استأذن عليَّ" في محل [خبر](1)"أنَّ".
والعاملُ في "بعد": "استأذن"، و"ما" بعد "بعد" مصدَريّة، أي:"بعد إنزال الحجاب"، أي:"آية الحجاب"، أو "حُكم الحجاب".
و"أُنزل" مبني لما لم يُسمّ فاعله، و"الحجابُ" مفعول لم يُسمّ فاعله.
قوله: "فقلت": معمول القول جملة القسَم وجوابه، وتقدّم الكلام على حروف القسَم في العاشر من "الصلاة"، وجواب القسم [في الثاني](2) من "باب الصفوف".
والجواب هو حرفُ النفي. [و"اللام" في "له"](3) للتبيين.
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
غير واضحة بالأصل، ولكنها قريبة الشكل من هذا، ولأنّ "اللام" تأتي للتبيين. انظر: البحر المحيط (1/ 33).
قوله: "حتى أستاذن": الفعلُ منصوب بإضمار "أنْ" بعد "حتى". وتقدّم الكلام على "حتى" في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.
و"رسول اللَّه" مفعول بـ "أستأذن"، وتقدّم الكلام على "رسول" في [الحديث](1) الأوّل من "باب التشهد".
قوله: "فإن أخا أبى القعيس": تقدّم مثله.
و"ليس هو أرضعني": جملة في محلّ خبر "إنّ". وتقدّم الكلام على "ليس"، واسمها ضمير يعود على "أخا أبي القعيس"، وهو تأكيدٌ له.
ويحتمل أن يكون "هو" فصل، [أي] (2):"ليس [أرضعني] (3) "، فلا يكُون لها محلّ من الإعراب، على الصّحيح. أو يكون "هو" مبتدأ، و"أرضعني" جملة في محلّ الخبر.
قوله: "ولكن أرضعتني امرأته": تقدّم الكلام على "لكن" في الحديث الأوّل من "باب الحيض".
قوله: "فدخل عليَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": أي: "دخل البيت"، "فقلت: يا رسول اللَّه، إنّ الرجُل. . . "، هذا الكلام فيه اقتضاب؛ لأنّ الذي وقع قولها: "واللَّه لا آذن له. . . إلى آخره"، فاقتصرت عن كلامها المتقدّم، وأتت بالمقصود من ذلك.
قوله: "فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ائذني له": الجملة معمولة للقول، وسيأتي القول في "أَذِن"، وتقدّم في العاشر من "باب [فسخ] (4) الحج".
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
غير واضحة بالأصل، وفي (ب):"أرضعتني".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
قوله: "فقلت: إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته": هذه الجملة كلها تقدّمت من قولها الأوّل، وإنما كسرت "همزة" الأمر لأنه من "أَذِنَ، يَأْذَنُ" ثلاثي الماضي، مفتوح عين مُضارعه، فكسر أوّله على القَاعدة (1)، وأبدِلت "همزة" الفعل "ياء" لانكسار ما قبلها (2).
قال النحاس: "أذن" إذا دخل عليها "الواو" و"الفاء" فهجاؤها في الخط: "ألف وذال ونون" بغير "ياء". وأما إن دخلت "ثُم" فهجاؤها: "ألف وياء وذال ونون". [والفرق](3): أنّ "ثُم" يُوقف عليها وينفصل، بخلافهما (4).
قوله: "فإنه عمُّكِ، تربت يمينك": "الفاء" هنا فيها [معنى](5) التعليل والسببية، كقوله تعالى:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 1 - 2]، ونحو:"ائتني فإنى أكرمك"(6). و"تربت يمينك": بمعنى: "استغنت"، وقيل: بمعنى "افتقرت"، والعرب تستعملها لا تريد به معناها (7).
قوله: "قال عروة: فبذلك كانت عائشة تقول": "الباء" كما تقدّم سببية، أي "بسبب ذلك كانت عائشة تقول".
(1) يعني قاعدة حركة همزة الوصل؛ إذ يبدأ الأمر من "أذن" بهمزة وصل كما هو حال الثلاثي.
انظر: التسهيل لابن مالك (203).
(2)
انظر: اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 448)، المفتاح في الصرف (80).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: إعراب القرآن للنحاس (2/ 121، 122).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: تفسير ابن عرفة (4/ 351)، مغني اللبيب لابن هشام (ص 221)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 138).
(7)
انظر: التمهيد لابن عبد البر (8/ 340)، ورياض الأفهام (5/ 107، 108).
قوله: "وفي لفظ: استأذن عليَّ أفلح": تقدّم الكلام على متعلّق حرف الجر، وسيأتي مثله.
قوله: "فلم آذن له": معطوفٌ على "استأذن عليّ أفلح".
وجملة "استأذن" معمولة لمتعلّق حرف الجر.
قوله: "فقال" أي: "أفلح": "أتحتجبين": "الهمزة" للإنكار، و"تحتجبين" فعل مضارع وفاعل، وهو "الياء"، و"النون" علامة الرفع.
و"مِنِّي" متعلق بـ "تحتجبين". وفي "من" معنى السببية، وذلك إشارة إلى معنى العُمومة. وجملة "وأنا عمّك": حالٌ من الفاعل.
قوله: "فقلت: كيف ذاك": "ذاك" مبتدأ، والخبر "كيف"، وتقدّم الكلام على "كيف" في الحديث العاشر من "صفة الصلاة".
قوله: "قال" أي: "أفلح": "أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي"، فـ "أرضعتك" فعل وعلامة التأنيث ومفعول، و"امرأة" فاعل، و"بلبن" يتعلق بحال، أي:"متلبسة بلبن أخي"؛ لأنّ اللبن للفحل.
قوله: "فسألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": معموله محذوف، أي:"عن ذلك". "فقال: صدق" فاعله: ضمير "أَفْلَح".
قوله: "وعنها": الإعراب واحد، إما أن تقدّر:"وجاء في لفظ"، [أو:"روي] (1) في لفظ". أو تقدّر الجملة مبتدأ على الحكاية، والخبر متعلّق للمجرور.
قوله: "قال دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم": الجملة معمولة للقول، و"عليَّ" يتعلّق بـ "دخل"، ومفعول "دخَل" محذوف، أي:"البيت"، وقيل: هو [ظرْف](2). وتقدّم الكَلام على "دخل" في الرابع من "باب الاستطابة".
(1) بالأصل: "أو تقدّر أو روي"، وفوق "أو تقدّر" علامة الحذف والإسقاط.
(2)
غير واضحة بالأصل، وتظهر كأنها:"ظرفه". والمثبت من (ب).
قوله: "وعندي رجلٌ": مبتدأ وخبر، الخبر في الظّرف.
قوله: "فقال: يا عائشة": معطوفٌ على "رجُل"، وهو جملة مُعترضة.
و"مَن هذا؟ " مبتدأ وخبر، وكلاهما مبنيٌّ.
فأمّا "مَن": فلأنها من أسماء الاستفهام، وأسماء الاستفهام بُنيت لتضمّنها معنى حرف الاستفهام (1).
وأمّا "هذا": فمن أسماء الإشارة، وبُنيت؛ لأنها افتقرت إلى مُشار إليه.
قوله: "قلتُ: أخي من الرضاعة": "أخي" خبر مبتدأ محذوف، أي:"هو أخي"، والجملة معمولة للقول، و"من الرضاعة" يتعلّق بحال، أي:"أخي كائنًا من الرضاعة"، أو يتعلّق بـ "أخي"؛ لأنه بمعنى "مُؤَاخٍ من الرضاعة".
قوله: "فقال" أي: "النبي صلى الله عليه وسلم": "يا عائشة" معمولُ القول.
و"انظرن" بمعنى: "اعرفن"، يتعدّى إلى مفعول واحد، ولكن [علّق](2) عنه بالاستفهام؛ فـ "مَن" مبتدأ، و"إخوانكن" خبره، والجملة في محل نصب بـ "انظرن".
قوله: "فإنما الرّضَاعة من المجَاعة": "إنما" هنا للحَصر التام، و"الرضاعة" مبتدأ، و"من المجاعة" يتعلّق بالخبر، وتقدّم الكلام على "إنما" في أوّل حديث من الكتاب، وعلى "مِن" الجارة في الحديث العاشر من أوّل الكتاب.
قال الشيخ تقيّ الدّين: "إنما" للحصر، لأنّ المقصود هو [حصر](3) الرضَاعة المحرِّمة في المجاعة، لا مجرّد إثبات الرّضاعة في زمَن المجَاعة (4).
(1) انظر: شرح ابن عقيل (1/ 28، وما بعدها)، وجامع الدروس العربية (2/ 206).
(2)
بالنسخ: "دلق"، والصواب المثبت، فالفعل "نظر" معلّق عن العمل بالاستفهام. انظر: إرشاد الساري (4/ 349).
(3)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من المصدر.
(4)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 215).