الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأنعام: 40] أن يكُون جَوابُ الشّرط: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} [الأنعام: 40](1). ورُدَّ: بأنّ جوابَ الشرط لا يكون استفهامًا (2).
وقال الحوفي: جوابُ الشرط: "أرأيتكم"، وقُدّم لدخُول "همزة" الاستفهام (3).
واختار أبو حيّان إضمار الجواب (4)، كما تقدّم.
ويحتمل أن تكون "أرأيت" هنا بمعنى: "أتأمّلت"؛ فلا يكون لها مفعول. وقد اختار ذلك ابن عطية في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الإسراء: 62](5).
وقد تقدّم الكلام على "أرأيت" هذه التي بمعنى "أخبرني" في الحديث الأوّل من "باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم".
الحديث [السادس]
(6):
[258]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ".
قَالَ (7): فَقُلْتُ لابنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا (8).
قوله: "نهى": التقدير: "أنه نهى". فجملة "نهى" في محلّ خبر "أن". و"أن تُتلقى
(1) انظر: الكشاف (2/ 22، 23).
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 509، 510).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 509).
(4)
انظر: البحر المحيط (4/ 510، 511)، (6/ 68، 69).
(5)
انظر: المحرر الوجيز (24/ 469).
(6)
بالنسخ: "السابع".
(7)
هذا من المواطن التي تُستدرك على مصنف "العُمدة"، لأنه يعود على غير مذكور.
(8)
أخرجه البخاري (2158) في البيوع، ومسلم (1521) في البيوع.
الركبان" في محلّ نصب، أو في محلّ جرّ، على الخلاف بين سيبويه والخليل (1).
قوله: "وأن يبيع حاضر": معطوفٌ على "أن تُتلقى". والفعلان منصوبان بـ "أن"، والأوّل مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، وعلامة النصب فتحة مُقدّرة.
قال ابن الأثير: "الحاضر": "المقيم في المدن والقرى"، و"البادي":"المقيم بالبادية". والمنهيُّ عنه: أن يأتي البدوي البلدة ومعه قوتٌ يبغي التسارع إلى بيعه، فيقول له الحضريُّ:"اتركه عندي لأغالي في بيعه". فهذا الصنيع محرّم؛ لما فيه من الإضرار بالغير (2).
قلت: وهذا التفسير خلافُ تفسير ابن عباس.
وهاهنا سُؤالٌ: إن قيل: لِمَ جاء "تُتلقى" مبنيًّا للمفعول، "وأن يبيع" مبنيًّا للفاعل، ولم يجئ الكلام:"أن يَتلقى حاضرٌ باديًا" ولا "أن يُباع لبادٍ"؟
والجواب: أنّ التغليظ في تلقي الركبان جاء أشدّ منه في بيع الحاضر للبادي، حتى قيل: يُفسَخ البيع؛ فأتى الفعلُ مبنيًّا ليفيد معنى التشديد، وذلك أنّ قولك:"افعل ما قيل لك" أبلغ من قولك: "افعل ما قلتُ لك".
قالوا: ومنه قوله تعالى: {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ} [الحديد: 8]، قُرئ بالوجهين (3). قالوا: وبالبناء أبلغ.
قوله: "ما": استفهامية في محلّ رفْع بالابتداء، والخبرُ المستفهمُ عنه، وهو
(1) انظر: شرح الكافية الشافية (2/ 634).
(2)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 6).
(3)
قرأ الجمهور: "وقد أخذ" مبنيًا للفاعل، "ميثاقكُم" بالنصب. وقرأ أبو عمرو "أُخِذ" مبنيًا للمفعول، "ميثاقُكُم" رفعًا. وانظر: البحر المحيط لأبي حيان (10/ 102)، الحجة في القراءات السبع (ص 341).