الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث [السّادس]
(1):
[360]
: عَن الأشْعَث بن قيس قَال: كَان بيني وبين رَجُل خُصُومة، [فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ". قُلْت: إذَن يَحْلِفُ وَلا يُبَالِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّه عز وجل وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"](2)(3).
وَجَب إعادة "بين" هنا ليصحَّ العطف على الضّمير المجرور (4)، واسم "كان":"خصومة"، والخبر في الظّرف.
وتأتي "بين" في الكتاب العزيز على أنحاء: فتارة تُعرَبُ، كقوله تعالى:"لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنُكُمْ"(5)، وهَذَا على الاتساع في الظرْف.
وقيل: هو بمعنى "وصلُكم"(6).
ومنه قوله تعالى: {فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] بجرِّ "بينِك".
ومنه: {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5].
وتارة يبقى على نصبه، نحو قوله تعالى:{لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} [الشورى: 15] بالنصب، {اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشورى: 15].
(1) بالنسخ: "الخامس".
(2)
سقط من الأصل وتم إثباته من عمدة الأحكام، حديث رقم (369).
(3)
رواه البخاري (6677) في الأيمان والنذور، ومسلم (138) في الأيمان.
(4)
انظر: شرح ابن عقيل (3/ 239، 240).
(5)
سورة [الأنعام: 94]. قرأ المدنيان والكسائي وحفص بنصب (بينكم)، وقرأ الباقون بالرفع، والأخير هو المثبت أعلاه. انظر: الوافي في شرح الشاطبية (ص 263)، والكنز في القراءات العشر (2/ 471)، والبحر المحيط (4/ 588).
(6)
انظر: البحر المحيط (4/ 588)، والدر المصون (5/ 54).
[فالأوّل](1) الذي يدخُله الجر إنما يكُون في الشيئين المتلابسين المشتركين، فيأتي ذلك في قوله تعالى:{فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]؛ لأنّ الفُرقة اشتركا فيها جميعًا، وكذلك {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5] حالهما في الحجاب واحد.
وأمّا الثّاني الذي لا اشتراك فيه: فنحو قوله تعالى: {لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} [الشورى: 15]، فالظّرف فيه باق على أصله من النصب، ويكون له محلّ من الإعراب، فيعمل فيه استقرار مُقدّر. ويكون عريًّا عن ذلك؛ [فيعمل فيه فِعْلٌ](2) أو معنى فِعْلٍ على القَاعِدة في سائر الظروف (3).
ومن هذا قوله في الحديث: "كان بيني وبين رجل خصومة"؛ [لأنّه](4) لا اشتراك بينهما في سَبب الخصُومة، وهو "المِلْك"؛ لأنّ أحدهما يده على "الملك" أو على الشيء، والآخر يخاصمه فيه ويدّعيه عليه.
قوله: "في بئر": يتعلّق بـ "خصومة"؛ لأنّه مصْدَر "خاصم"، أو اسم مصدر، وكلاهما يتعلّق به حرف الجر.
قوله: " [فاختصمنا] (5) إلى رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم": تعدّى "اختصم" بـ "إلى"؛ لأنّه بمعنى: "ترافعا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
قوله: "فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: شاهداك أو يمينه": "شاهداك" إمّا فاعل لفعل
(1) بالنسخ: "فالأولى". وهي مؤنثة، لا تناسب ما جاء بعدها بلفظ المذكر.
(2)
بياض في (ب).
(3)
انظر: تفسير القرطبي (7/ 43)، والكشاف للزمخشري (2/ 746)، والدر المصون (5/ 54 - 56)، وشرح المفصل لابن يعيش (1/ 422) وشرح ابن عقيل (2/ 191 - 193)، وجامع الدروس العربية (3/ 48).
(4)
غير واضحة بالأصل. وبياض في (ب).
(5)
بالنسخ: "فاختصما".
مُقدَّر، أي:"يحضر شاهداك أو فحقّك يمينه"، و"يمينه" خبر مبتدأ محذوف:"أوْ لك يمينه"، فتكون مبتدأ، والخبر في المجرور.
ويحتمل أن يكون "شاهداك" خبر مبتدأ محذوف، أي:"الواجب شاهداك أو يمينه".
ولو قال: "شاهديك" على أنّه منصوب بفعل مُقدّر، أي:"أحضِر شاهديك أو اقبل يمينَه"، لجاز. ولكن الرّواية تُتّبع.
قوله: "فقلت: إذن يحلف": "إذن" حرفُ جواب، وهي تنصب الفعل المضارع بشروط ثلاثة: -
أحدها: أن تكون أوَّلًا، فلا يعتمد ما بعدها على ما قبلها، كما تقول في جواب من قال:"أزورك": "إذن أكرمَك"، بالنصب. فإن اعتمد ما بعدها على ما قبلها رفعْتَ، نحو قولك:"أنا إذن أكرمُك".
الشرط الثاني: أن يكون مُستقبلًا، فلو كان حالًا وجَب الرفع، نحو قولك لمن قال:"جاء الحاج": "إذن أفرحُ"، تريد الحالة التي [أنت فيها](1).
الشّرط الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفعل بفاصل، [ما] (2) عدا القَسَم. والنداء و"لا". [فإن دخَل عليها حَرف] (3) عطف جاز في الفعل وجهان: الرّفع والنّصب، والرّفع أكثر، نحو قوله تعالى:{وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76](4).
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
غير واضح بالأصل، والمثبت من (ب) وإرشاد الساري.
(4)
انظر: إرشاد الساري للقسطلاني (9/ 394)، شرح ابن عقيل (4/ 6، 7)، وشرح التسهيل (4/ 20، وما بعدها).
والفعل هنا في الحديث إنْ أريد به الحال فهو مرفُوع، وإن أريد به الاستقبال فهو منصوبٌ. (1) وتُتّبع الرّواية.
قوله: "ولا يبالي": جملة في محلّ الحال من ضمير "يحلف"، أي:"يحلفُ غيرَ مبالٍ"، أو يكون في محلّ خبر مبتدأ محذوف، أي:"يحلف وهو لا يبالي".
قال في "الصّحاح": وقولهم: "لا أُبالِيهِ"، أي:"لا أكترث له".
وإذا قالوا: "لم أبل"، حذفوا "الألِف" تخفيفًا لكثرة الاستعمال، كما حذفوا "الياء" من قولهم:"لا أدر"، وكذلك يفعلون في المصدر، فيقولون:"ما أباليه بالة"، والأصل:"بالية"، مثل:"عافاه عافية"، حذفوا "الياء" منها بناء على قولهم:"لم أبل"(2).
قوله: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ": تقدّم إعراب هذه الجملة كلها آنفًا.
(1) انظر: إرشاد الساري (9/ 394).
(2)
انظر: الصحاح (6/ 2285).