المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَاب اللبَاس الحدِيث الأَوّل: [391] : عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه - العدة في إعراب العمدة - جـ ٣

[ابن فرحون، بدر الدين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌الحديث الأوّل والثّاني:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب ما نُهيَ عنه من البيوع

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث [السادس]

- ‌[الحديث السابع]

- ‌الحديث الثّامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌بابُ الرّبا والصّرف

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثَّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثّاني عشر:

- ‌باب اللقطة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب الوصايا

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌باب الفرائض

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌كتاب النكاح

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السّابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌باب الصّدَاق

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌باب العدّة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث [الرّابع]

- ‌كتاب اللعَان

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌[الحديث الثاني]

- ‌الحديث [الثالث]

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌الحديث [الخامس]

- ‌الحديث [السادس]

- ‌الحديث [السابع]

- ‌الحديث [الثامن]

- ‌[كتاب الرَّضاع]

- ‌الحديث [الأوّل]

- ‌الحديث [الثّاني]

- ‌الحديث [الثالث]

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌كتاب القصاص

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌[الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌[الحديث] (1) الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السّابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌بابُ الحُدود

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحدِيث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌باب حدّ السرقة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌باب حَدّ الخمر

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌تنبيه:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌[كتاب] (1) الأَيمان والنّذور

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌[الحديث الرّابع]

- ‌الحديث [الخامس]

- ‌الحديث [السّادس]

- ‌الحديث [السّابع]

- ‌بَابُ النّذُور

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌[الحديث الخامس]

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌ الحديث الخامس

- ‌الحديث السّادس:

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌[فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌[الحديث السّادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌بَاب الصَّيْد

- ‌بَاب الأضَاحِي

- ‌كِتَابُ الأشْرِبَة

- ‌كِتَاب اللبَاس

- ‌كتَاب الجِهَاد

- ‌[باب] (1) العتق

- ‌حرف الألف

- ‌الباقي من حرف "الجيم"] (2)

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء [ق 234]

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف الظاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف [اللام] (3)

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف اللام ألف

- ‌حرف الياء

- ‌[وهذا ما بآخر الكتاب]

الفصل: ‌ ‌كِتَاب اللبَاس الحدِيث الأَوّل: [391] : عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

‌كِتَاب اللبَاس

الحدِيث الأَوّل:

[391]

: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لم يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ"(1).

قوله: "قَالَ: قَالَ": الأولى في محلّ مفعول مرفُوع بالفعل المبني للمفعُول، والثّانية في محلّ نَصْب بها.

و"لا تلبسوا الحرِير": الفِعْلُ مجزُومٌ بالنّهي، وعَلامَةُ جَزْمه حَذْف "النّون". وتقَدّم الكَلامُ على "لا" النّاهية مَع غيرها في الحديث الثّاني من "الاستطابة".

قوله: "فإنّه": "الفَاء" فَاء السّبَبية، وتقَدّم ذِكْرها في السّادس مِن "الاستطابة".

قوله: "مَن لَبِسَه": "مَن" شرْطيّة، مُبتَدأ، والخبرُ في فِعْلها أو جَوَابها على الخِلاف المتقَدِّم (2). و"الهاء" في "لبسه" تعُود على "الحرير". و "في الدّنيا" يتعَلّق بـ"لبسه". و"لم يَلبسه في الآخِرَة" جَوَابُ الشّرْط، و"يَلبسه" مجزومٌ بـ"لم". وتقَدّم ذِكْر "لم" في الحديث الثّالث مِن "باب المذي"، وفي الثّالث من "باب الجنابة".

و"الدُّنيا" تقَدَّم الكَلامُ عليها في الحدِيث الأوّل مِن الكتاب، وهي تأنيثُ "أَدْنَى"، ويرجع إلى "الدّنو" بمعنى "القُرْب"، و"الألِف" فيه للتأنيث. (3)

وتُستَعْمَل تَارَة اسمًا، وتَارَة صِفَة. فإن كَانت صِفَة: فـ"اليَاء" بَدَلٌ من "واو"؛

(1) رواه البخاري (5834) في اللباس، ومسلم (2069)(11) في اللباس والزينة.

(2)

انظر: إرشاد الساري (9/ 401)، عقود الزبرجد (1/ 155)، مغني اللبيب (ص 608، 648)، شرح التسهيل (4/ 86)، همع الهوامع (2/ 554، 566)، شمس العلوم (9/ 5930).

(3)

انظر: البحر المحيط (1/ 455)، إرشاد الساري (10/ 103).

ص: 483

لأنّها مُشْتَقّة مِن "الدنو"، كـ"العُليا"؛ ولذَلك جَرَت صِفَة (1)، قال تعالى:{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 24].

وأمّا إئباتُ "الواو في "القُصْوَى" و"الحُلْوَى": فشَاذّ.

وإذا كَانت اسمًا: فكَذلك. (2)

وقال أبو بكر ابنُ السّرّاج في "المقصُور والممدُود": تُكتَب بـ"الألِف"، وهذه لُغَة نَجْد وتميم خَاصّة.

إلّا أنّ أهْلَ الحجاز وبني أسَد يُلحقونها ونظائرها بالمصَادر ذَوَات "الواو"؛ فيقُولون: "دَنْوَى"، كـ"شَرْوَى". وكذلك يفعلون بكُلّ "فُعلى"؛ يضعون موضع لامها واوًا، ويفتحُون أوّلها، ويقْلِبون ياءَها وَاوًا.

وأمّا أهْل اللغَة الأُولى: فيَضُمّون "الدّال"، ويقْلبُون "الواو""يَاءً"؛ لأنّهم يستَثقلون الضّمّة و"الواو". (3) وقد تقَدّم الكَلامُ على ذلك.

(1) في البحر المحيط (1/ 455): "لذلك جَرَت صفة على الحيَاة في قوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} ".

(2)

انظر: البحر المحيط (1/ 455)، (5/ 322)، شواهد التوضيح (ص 139)، عُقود الزبرجَد (2/ 168، 169).

(3)

انظر: البحر المحيط (1/ 455)، اللباب لابن عادل (2/ 258)، الدر المصون (1/ 490).

ص: 484

الحَدِيث الثّانِي [والثّالِث](1):

[392]

: عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: "مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لَهُ شَعَرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَيْسَ بِالْقَصِير وَلا بِالطَّوِيل"(2).

اعلم أنّ قبْل هَذا الحديث حَديث لم يتكَلّم عليه الشّيخ تقيّ الدّين، ولعلّ ذلك في بعْض النُّسَخ دون بعْض، وهُو: عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمانِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تَلْبَسُوا الْحرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ، وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلا تَأْكلُوا في [صِحَافِها] (3)، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ"(4).

قوله في الحديث الأوّل: "مَا رَأيتُ": "مَا" نافية، ولها أحكَام تقَدّمَت. والرّؤْية بَصَريّة.

قوله: "مِن ذي لِمّة": "مِن" هُنا زَائدة في المفعُول، وجَاءَت على شرطها في الزيادة مِن تقَدّم النّفي. وفي زِيادتها فَائدة؛ فإنك إذا قُلت:"ما جاءني رَجُل" احتمل أنْ يكُون نافيًا لرَجُل واحِد وقد جَاءَك أكثر من رَجُل، واحتمل أنْ يكُون نافيًا للجِنْس، فإذا دَخَلَت "مِن" كُنت نافيًا للجِنْس؛ فـ"مِن" تُوجِب انتفاءَ الجنس باستغراق. (5)

(1) مزادة لضبط الترقيم.

(2)

رواه البخاري (5901) في اللباس، ومسلم (2337).

(3)

كذا بالنسخ. وفي "العُمدة"(ص 269): "صحافهما".

(4)

رواه البخاري (5834) في اللباس، ومسلم (2067)(5) في اللباس والزينة.

(5)

انظر: مغني اللبيب (ص 425)، الجنى الداني (ص 316، 317)، شرح المفصّل (2/ 74)، (4/ 461).

ص: 485

قَالَ في "الصّحاح": "اللِمَّةُ" بالكسر "الشّعرُ يجَاوز شَحْمَة الأذُن"، فإذا بَلغَت المنكَبين فهي "جمّة". والجمْعُ:"لَمِم" و"لِمَام". (1)

قوله: "في حُلّة": يتعَلّق بصِفَة لمحذُوف، أي:"ما رأيتُ من رَجُل ذي لمة كَائن في حُلّة". و"حمراء" صِفَة لـ"حُلّة". و"أحْسَن" مفعُولُ "رأيتُ"، وهو "أفْعَل" التفضيل، و"مِن رَسُول الله" يتعَلّق [به](2)، و"مِن" لابتداء الغَايَة.

قوله: "لَه شَعْر": يتعَلّق بحَال مِن "ذي لِمَة"، أي:"كَائنًا لَه شَعْر". وصَحّت الحال مِن النكرة؛ لأنّها تخصّصت بالإضَافَة، أو لأنّ ذا الحَال المحذُوف موصوف بـ"ذي"(3). ويحتمَل أنْ تكُون مُسْتَأنفة، لا محلَّ لها.

وجملة "يَضْرب" في محلّ صِفَة لـ"شَعْر"، و" [مِنكبيه] (4) " مفعُولُ "يضرب". ومعنى "يَضْرب مِنْكَبيه" أي: " [يطُوله](5) حتى [

"] (6).

قوله: "بَعيدُ مَا بين المنكبين": يحتمل أنْ تكُون خَبر مُبتدأ محذُوف، [أي:"هُو بَعيد مَا] (7) بين المنْكَبين"، [والجمْلَة](8) لا محلّ لها، ولا يصحّ أنْ تكُون حَالًا مِن "ذي لِمّة" للفَصْل بين الصّفَة والموصُوف بمفعُول "رَأيتُ". (9)

(1) انظر: الصّحاح (5/ 2032).

(2)

في (ب): "بصفة".

(3)

انظر: أوضَح المسَالِك (2/ 259 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 585، 586).

(4)

بالنسخ: "منكبه".

(5)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "لطوله".

(6)

متآكل من الأصل، حوالي سبع كلمات. ولم يظهر لي فيه شيء. ولكن قد يكون المتآكل هو:"يبلغ منكبيه. والمنكب: مجمع عظم العضد والكتف". وانظر: رياض الأفهام (5/ 489).

(7)

متآكل بالأصل. والمضَاف من السياق.

(8)

غير واضحة بالأصل. وبهامش (ب): "متآكل من الأصل".

(9)

راجع: مرقاة المفاتيح (7/ 2721)، عقود الزبرجد (1/ 297)، شرح المفصل =

ص: 486

ويحتمل أنْ تكُون [مُبتدأ، وخبره](1) محذُوف، أي:"ومِن صِفَاته أنّه بَعيد مَا بين مِنكبيه". وتكُون الألف واللام عوضًا من الضّمير، كما جاءت في قوله تعالى:{مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص: 50](2)، وجَاز حَذْف "أنّ" كما جَاء في قَوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: 24]، أي:"أنه يُريكُم البرق"(3). ويكُون "بَعيد" خَبر "أنّ" المقَدّرَة.

و"مَا بين": "مَا" موصُولَة بمَعنى "الذي"، وهي في مَوضِع خَفْض بالإضَافة. و"بين" يتعَلّق بمَحْذُوف، صِلَة للذي، والظّروف والمجْرورات إذا وَقَعَت صِلات قُدّرَت بالجُمَل، ولا تقَدَّر بالمفْرَد، إلا إذا وَقَعْن أحْوَالَا أو صِفَات أو أخْبَارًا فإنّهن يُقَدَّرن بالمفردات؛ لأنّ الأصْلَ في الخبر والحال والنعت أنْ يكُنّ مُفرَدات. (4)

وإن كانت الرّواية "بعيدٌ مَا بين المنكبين" بالتنوين: تكُون "مَا" مُبتدأ، و"بَعيدٌ" خَبر مُقَدّم، و"مَا" موصُولة على كُلّ حَال.

قوله: "ليس بالقَصير": "البَاء" في قوله "بالقَصير" زائدة في خَبر "ليس"، لا تتعلَّق بشيء، أي:"ليس هُو قصيرًا". ويحتمل أن يكُون محلّ "ليس بالقَصير" خَبرًا بعْد خَبر، أي:"هُو بعيد مَا بين [المنكبين] (5)، وهُو ليس بالقَصير".

"ولا بالطّوِيل": مَعْطُوفٌ بـ"الوَاو". و"لا" مُؤَكِّدَة لنَفْي "ليس"(6).

= (2/ 109)، الأصول لابن السراج (1/ 249).

(1)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(2)

انظر: البحر المحيط (1/ 184)، شرح التسهيل (1/ 262)، (3/ 103)، مغني اللبيب (ص 658)، الجنى الداني (ص 199)، شرح المفصل (4/ 118)، الهمع (3/ 79).

(3)

انظر: البحر المحيط لأبي حيان (8/ 383)، إرشاد الساري (5/ 3)، شواهد التوضيح (ص 212)، عقود الزبرجد (2/ 53، 503)، شرح التسهيل (1/ 234).

(4)

انظر: شرح التسهيل (3/ 310)، مغني اللبيب (ص 584).

(5)

سقط من النسخ.

(6)

انظر: الأصول لابن السراج (1/ 403)، شرح المفصل (2/ 115).

ص: 487

الحديثُ الثّاني مِن الحديثين:

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحرير ولا الدّيباج": "لا" نَاهيَة، و"تَلبَسوا" مجْزومٌ بها، وعَلَامةُ جَزْمِه حَذْفُ "النّون"، و"الحرير" مفعُولٌ به، "ولا الدِّيبَاج" معطُوفٌ عَليه، أي:"ولا تَلبسوا الدِّيباج"، وكَذَلك حُكْم مَا عُطِف عَليه.

و"صِحَافها": جمعُ "صَحْفَة"(1). والضّمير يعُود على "الذّهَب والفضّة".

قوله: "فإنّها": يعني "جميع ما تقَدّم مِن المنهيّ عنه". و"لهم" يتعَلّق بخَبر "إنّ"، والضّميرُ يعُود على "المشركين" أو على مَن عَصَى [بها](2) مِن المؤمِنين؛ فإنّه لا يُنَعّم بها في الآخِرة وإنْ دَخَل الجنّة.

قوله: "ولَكُم في الآخِرَة": أي "الاختِصَاص بها لمن اجتَنَبهَا في الدُّنيا".

(1) انظر: الصّحاح (4/ 1384).

(2)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

ص: 488

الحديث [الرّابع](1):

[393]

: عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: "أَمَرْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرْنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الِجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ -أَوْ: الْمُقْسِمِ-، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلامِ. وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ -أَوْ: عَنْ تَخَتُّمٍ- بِالذَّهَبِ، وَعَنْ شُّرْبِ [بِالْفِضةِ] (2)، وَعَنْ الْمَياثِرِ والْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْحرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقَ وَالدِّيبَاجِ"(3).

قَالَ الشّيخُ تقيّ الدِّين: "الْمُقْسِم" بضَمّ "الميم" مكْسُور "السّين"، على حَذْف مُضَاف (4)، يُرِيد أنّ التقدير:"إبْرَارَ يَمين الْمُقْسِم".

ويُروَى: "القَسَم" بفَتْح "القَاف" و"السّين".

قُلتُ: فيُقَدَّر: "الْمُقْسَم به".

ومعنى "البر" فيه: أنّه لا يحلِفُ به حَانثًا؛ فلا يحتاجُ إلى تقدير. (5)

قال: وَيلْزَم الحنْث إذا قَالَ: "والله لتفعلنّ كَذا"، بخِلافِ قوله:"بالله افْعَل كَذا". (6)

(1) بالنسَخ: "الثّالث". وقد رَقّم الشّارح ابن فَرحُون الحديث السابق لهذا الحديث بالثاني، لكنه ضَمّنه حَديثًا آخَر هو حَديث حُذيفة، ورَقّم الحديث الذي سيأتي بالخامس. وقد رَقّم ابن فَرحُون هَذَا الحديث في فهَارس الكتاب بالرّابع في كُلّ الإحَالات إلا مرّة واحِدَة. والظاهر أنه اعتبر حديث حذيفة هو الحديث الثاني (كما في إحكام الأحكام 2/ 294)، وحديث البراء الأول في الحُلة الحمراء هو الحديث الثالث، وحديث البراء الثاني في عيادة المريض هو الحديث الرابع. والله أعلم.

(2)

بالنسخ: "الفضة".

(3)

رواه البخاري (5849)(5863) في اللباس، ومسلم (2066) في اللباس والزينة.

(4)

انظر: إحكام الأحكام (2/ 296).

(5)

انظر: إرشاد الساري (8/ 336)، الإعلام لابن الملقن (10/ 229).

(6)

انظر: إحكام الأحكام (2/ 296).

ص: 489

قوله: "عَن البراء": ولم يقُلْ "وعَنْه"، كما جَرَت عَادَته؛ فهَذَا دَليلٌ على ثبُوت حَديثِ حُذَيفَة الذي فَصَل بين الحَدِيثين. (1)

قوله: "أمَرَنَا

بسَبْع، ونَهانَا عَن سَبْع":["أمَرَنَا" أي](2): "بسَبْع خِصَال"؛ فَأَنّث العَدَد لذَلِك. (3)

و"أمَرَنَا"(4): بَدَلٌ من "أمَرَنَا" الأُولى (5). وتقَدّم الكَلامُ على "أمَرَ" في "باب السِّوَاك".

و"عِيَادَة المريض": مَصْدَر مُضَافٌ إلى مفعُوله، وكذلك "اتباع الجنَازَة وتشْمِيت العَاطِس وإبْرَار المقْسِم ونَصر المظْلُوم وإجَابَة الدّاعِي وإفْشَاء السَّلام" كُلّها مَصَادر مُضَافة إلى مفْعُولها. (6)

وأصْلُ "عِيَادة": "عوادة"؛ لأنّه من "عَاد يعُود"، فقُلِبت "الواو""ياء" لكَسرة "العَين". (7)

قَالَ تَاجُ الدّين الفَاكهاني: "إبرار" مَصْدَر "أبَرّ"، ولم أقف على " [أبرّ] (8) " رُباعيًّا، إلّا "ابن طريف"، فإنّه قَالَ:"بَرّ الرّجُل في يَمينه" و"أبَرّها" رُباعيًّا. قَالَ: ولم

(1) هذا التعليل يصلُح إنْ كَان حَديث حُذيفة بينهما، لكن نُسَخ العُمْدَة وكلامه هُناك يدلّ على أنّ حَديث حُذيفة قبل حَديثي البراء.

(2)

في (ب): "أي: أمرنا".

(3)

انظر: إرشاد الساري (8/ 336).

(4)

وهي التي في قوله: "أمرنا بعيادة المريض".

(5)

انظر: إرشاد الساري (8/ 336).

(6)

انظر: إرشاد الساري (8/ 451)، (9/ 137).

(7)

انظر: إرشاد الساري (8/ 336، 451)، الصّحاح (2/ 514)، النهاية لابن الأثير (3/ 317).

(8)

بالنسخ: "أبرر". والمثبت من المصدر.

ص: 490

أرَه لغَيره. (1)

و"إفْشَاء السَّلَام": اسمٌ للمَصْدَر، مثل:"الكَلَام". والمصْدَر: "التسليم". (2)

قوله: "وتشميت العَاطِس": بـ"الشّين" المعْجَمَة وبـ"السّين" المهْمَلة. وعن القاضي أبي بكْر ابن العَرَبي: هو مَأخُوذٌ من "الشّوَامِت"، وهي "القوائم". وقيل: هو مأخُوذٌ من "السَّمْت" وهو "قَصْدُ الشيء". (3)

قوله: "نهَانَا عَن خَوَاتيم

الذّهَب": أي: "عَن استعمال خَواتيم الذّهَب" أو "إيجاد خَوَاتِيم الذّهَب"، فهُو على حَذْف مُضَاف.

قوله: "أو تختّم": شَكّ مِن الرّاوي.

قوله: ([وعَن] (4) شُرْب بالفضّة": أي: "وعَن شُرْب بآنية الفضّة"، فـ"البَاء" بَاء الإلصَاق، أو للاستِعَانة.

و"الخَواتيم": جمعُ "خَاتم" بكَسر "التَاء" وفتْحها، و"خيتام" و"خَاتَام" أرْبَع لُغَات. (5)

قوله: "والميَاثر": وفي بعْض الروايات: "وَعَنْ مَيَاثِر الْأُرْجُوَان"(6). والأصلُ

(1) انظر: رياض الأفهام (5/ 503، 504).

(2)

انظر: إرشاد الساري (8/ 451).

(3)

انظر: إرشاد الساري (9/ 137)، القبس في شرح موطأ مالك بن أنس لابن العربي (ص 1145)، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (4/ 579)، الإعلام لابن الملقن (10/ 228).

(4)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(5)

انظر: إرشاد الساري (8/ 336، 451)، الإعلام لابن الملقن (4/ 243)، الصّحاح (5/ 1908).

(6)

صحيح مُسلم (2069/ 10)، من حديث أسماء وابن عمر. وروى الترمذي (2788) النهي عن ميثرة الأرجوان، من حديث عمران بن حصين، وقال: حسن غريب، وروى ذلك أيضًا أبو داود (4048) من حديث عمران، (4050) من حديث علي.

ص: 491

في "الميثرة""الواو"، ولكن قُلبت "يَاء" لسكُونها وانكِسَار مَا قبْلها، [كأنّها](1) مِن "الوثار"، وهو "الفراش الوطيء"، أو "الوِثْر"، يُقَال:"ما تحته وِثْر ولا وثار". (2)

وأمّا "القَسِيّ": بفَتْح "القَاف" وكسْر "السّين" المهْمَلَة المشَدّدَة [ق 227]. وبعضُ أهْل الحَديث يقُولون: "القِسي" بكَسر "القَاف"، منسوبٌ إلى بلاد يُقَال لها "القس". وقيل: ثيابٌ مُضَلّعة بالحرير، تُعمَل بـ"القس"، من بلاد "مِصر". (3)

قَالَ تَاجُ الدّين الفاكهاني: قَالَ بعضُ [شيوخنا](4) في "القسّي": "السين"[مُبْدَلة](5) مِن "الزّاي"، أي "القزِّي"، منسُوبة إلى "القز". (6)

قوله: "لُبْس الحرير": بضَم "اللام"، من "لبست الثّوب""ألبِسه" بكسر "الباء" في الماضي، وفتحها في المستقبل. (7)

وأمّا "الإستبرق": فهو "غليظُ الديباج، فارسي مُعَرّب"، قاله الجواليقي.

(1) كذا بالأصل. وفي "إرشاد الساري": "لأنها".

(2)

انظر: إرشاد الساري (8/ 336، 451)، الإعلام لابن الملقن (10/ 236، 238)، الصحاح (2/ 844)، لسان العرب (5/ 278).

(3)

انظر: رياض الأفهام (5/ 522، 523)، شرح النووي (14/ 34)، إرشاد الساري (8/ 73، 336، 451)، (9/ 137)، إكمال المعلم (6/ 567)، الإعلام لابن الملقن (10/ 238)، مشارق الأنوار (2/ 193)، مطالع الأنوار (5/ 396، 397)، نيل الأوطار (2/ 101).

(4)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب) أنها متآكلة بالأصل.

(5)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب) أنها متآكلة بالأصل.

(6)

انظر: رياض الأفهام (5/ 523)، إرشاد الساري (8/ 451)، طرح التثريب (3/ 232)، نيل الأوطار (2/ 101).

(7)

انظر: إرشاد الساري (8/ 337)، الإعلام لابن الملقن (10/ 239)، الصحاح (3/ 973)، المصباح (2/ 548).

ص: 492

ويصغّر على "أبيرق"، ويكسّر على " [أبَارِق] (1) " بحذف "السّين" و"التاء" جميعًا. (2)

قال أبو البقاء: أصْلُ "إستبرق" فِعل على "اسْتَفْعَلَ"، فلمّا سُمّي به قُطِعَت همزته. وقيل: هُو أعْجَمي. وقُرئ بحَذف "الهمْزَة" وكسْر "النون"(3)، وهُو سَهْو؛ لأنّ ذَلك لا يكُونُ في الأسْماء، بَل في المصَادِر والأفعَال. (4)

وأمّا "الدّيباج": فالأكثر فيه كسْر "الدّال".

قَالَ ابنُ الأثير: "الدّيباج": الثّيابُ المتّخَذَة مِن الإبريسم، فارِسيّ مُعَرّب، وقد تفْتَح دَاله. ويجمَع على:["دَبابيج" بـ"اليَاء" وبَآءَين](5)؛ . . . . . . . . .

(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "أباريق".

(2)

انظر: إرشاد الساري (8/ 337، 451)، (9/ 137)، الإعلام لابن الملقن (10/ 239)، كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 238)، المخصص (1/ 388)، تاج العروس (25/ 68 وما بعدها).

(3)

المراد: حَذفُ همزة "إستبرق"، ونقل كسرتها إلى نُون "مِن" في قوله تعالى:{بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: 54]. وهي قراءة ورش وأبي بكر، ورويس عن يعقوب، والشموني عن الأعشى، وسالم، وابن محيصن، وأبي سليمان عن قالون، وغيرهم.

انظر: اللباب في عُلوم الكتاب (18/ 345، 346)، معاني القراءات للأزهري (3/ 47)، جامع البيان في القراءات السبع (2/ 564، 613)، شرح طيبة النشر لابن الجزري (ص 96)، المبسوط في القراءات العشر (ص 109، 424)، الكنز في القراءات العشر (1/ 243)، الكامل في القراءات والأربعين الزائدة عليها لليشكري (ص 419).

(4)

انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 1200، 1201)، البحر المحيط (7/ 171)، (10/ 367، 368)، اللباب في علوم الكتاب (12/ 482)، (18/ 345، 346)، (20/ 45، 46)، إرشاد الساري (8/ 337، 451)، (9/ 137)، تاج العروس (25/ 68 وما بعدها).

(5)

كذا بالنسخ. وقد تُقرأ: "ديابيج، بالباء وياءين". وفي "النهاية"(2/ 97): "ويجمع على: ديابيج ودبابيج، بالياء والباء".

ص: 493

لأنّ الأصْلَ: "دباج". (1)

الحدِيث الخَامِس:

[394]

: عَنْ عبد اللَّه بْنِ عُمَرَ، أَن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اصْطَنَعَ خَاتمًا مِنْ ذَهَبٍ، فكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ [في](2) بَاطِنِ كَفِّهِ إذَا لَبِسَهُ، فَصَنَعَ النَّاسُ كَذَلِكَ، ثُمَّ إنَّهُ [جَلَسَ](3) فَنزعَهُ، فَقَالَ: [إنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الخَاتَمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ"، فَرَمَى بِهِ، ثُمَّ قَالَ: "وَاللَّهِ لا أَلْبَسُهُ أَبَدًا"؛ فَنبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ (4).

وَفي لَفْظٍ: "جَعَلَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى"(5).

قوله: "اصطَنَع خَاتمًا مِن ذَهَب، فكَانَ يجْعَل فَصّه": أي: "أمَر بأنْ يُصنَع له". (6)

والأصْلُ في "اصطنع": "اصتنع" بـ "التّاء"، فلمّا جَاوَرَت "التاء""الصّاد""التّاء" حَرْف مستعل، و"الصّاد" حَرْف مُستعل مُطبق مُنَافر للتّاء- أبْدَلوا منها حَرْفًا مُنَاسبًا للصّاد، وكانت "الطّاء" أوْلى مِن غَيرها؛ لأنها مِن مخْرَج "التّاء"، وإن كانت "الدّال" أيضًا من ذلك المخْرَج، لكن "التّاء" إلى "الطّاء" أقْرَب منها إلى "الدّال"، على ما هو مُقَرّر عنْد النّحَاة. (7)

(1) انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 97).

وراجع: شرح النووي (14/ 34)، إرشاد الساري (8/ 451).

(2)

بالنسخ: "من". والمثبت من المصادر.

(3)

وفي بعض نسَخ العُمدة والمصادر: "جلس على المنبر".

(4)

رواه البخاري (5865) في اللباس، ومسلم (2091) في اللباس والزينة.

(5)

رواه البخاري (5876) في اللباس، ومسلم (2091) في اللباس والزينة.

(6)

انظر: إرشاد الساري (9/ 378).

(7)

انظر: إرشاد الساري (8/ 456).

ص: 494

و"الفَصّ": بفَتْح "الفَاء" وكَسْرها، والفَتْحُ أفْصَح. (1)

و"الكَفّ" مُؤَنّثة. (2)

و"نَزَع": مُضَارعه: "يَنْزِع" بالكَسر، وإنْ كَانت لامُه حَرْفَ حَلْق. (3)

قوله: "مِن ذَهَب": يتعَلّق بصِفَة لـ"خَاتم".

قوله: "فكَانَ يجْعَل فَصّه": اسمُ "كَان": "ضَميرُ النّبي صلى الله عليه وسلم"، والخبرُ في "يجعل". و"جَعَل" يتعَدّى إلى مفْعُولَين، الأوّل "فَصّه"، والثّاني في المجْرُور، وتقَدّمَت في الرّابع مِن أوّل الكِتَاب.

و"إذَا" تقَدّمَت في ثاني حَديثٍ منه أيضًا، وجَوَابها يدُلُّ عليه مَا قبْله، أي:"إذَا لَبسه جَعَلَ فَصّه".

قوله: "فصَنَع الناسُ كَذَلك": "الكَافُ" مفعُولُ "صَنَع"، أي:"مثل ذلك". ويحتمل أنْ تكُون نعتًا لمصدَر محذُوف، أي:"صَنَع النّاسُ صُنعًا مثل ذلك".

قوله: "ثُم إنّه جَلَس": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم""فنزَعَه": جملة "جَلَس" في محلّ خَبر "إنّ"، وجملة "نزَعَه" معطوفة على التي قبْلَها. وجملة "قَالَ" معطُوفَة أيضًا، ويحتمل أن تكُون في محلّ الحال، أي:"جَلَس وقد قَال"؛ فيكُون قولُه قبْلَ جُلوسه أو مَعَ جُلوسه. (4)

وجملة "إنّي كُنتُ" معْمُولَة للقَول، وجملة "كنتُ" خَبر "إنّ"، وجملة "ألبس"

(1) انظر: إرشاد الساري (9/ 378)، الصّحاح (3/ 1048)، المصباح (2/ 474)، مجمع بحار الأنوار (4/ 143، 144).

(2)

انظر: الإعلام لابن الملقن (2/ 136)، المصباح (2/ 702).

(3)

انظر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 9).

(4)

انظر: إرشاد الساري (9/ 378).

ص: 495

خَبر "كَان"، و"هَذَا الخَاتم" مفْعُول "لبس"، و"الخَاتم" نعْته. و"أجْعَل" فِعْلُ مُضَارع، وتقَدّم الكَلامُ على "جَعَل" في الحديث الرّابع مِن أوّل الكتاب.

قوله: " [فرَمَى به] (2101) ": أي: "رَمَى النبي صلى الله عليه وسلم به"، أي:"بالخَاتم".

قوله: "ثُم قَال: والله لا ألبسه أبدًا": [الجلالَة](2102) خفض بالقَسَم، وجَوابُ القَسَم:"لا ألبسه". و"أبَدًا" ظَرْفُ زَمَان. وقد تقدّم ذِكر حُروف القَسَم في العَاشر مِن "الصّلاة"، وذِكْر جَوَاب القَسَم في الحديث الثّاني مِن "باب الصّفوف"، وذِكْر "أبَدًا" في الحديث الثّاني عشر من "كتاب النكاح".

قوله: "فَنَبَذ الناسُ خَواتيمهم": جملة مِن فِعْل وفَاعِل ومفعُول، معطُوفَة على مَا قبله. و"الفَاءُ" للتسبيب.

قوله: "وفي لَفْظٍ": يتعَلّق حَرف الجر إمّا بفِعْل مُقَدّر -كما تقَدّم- أو بخَبر عن محلّ الجمْلَة الواقِعَة بَعْده مُبتدأ على الحكَاية.

الحدِيث السّادِس:

[395]

: عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، "أَن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ إلَّا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُصْبُعَيْهِ، السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى"(2103).

وَلِمُسْلِمٍ: "نَهَى نَبيّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ"(2104).

قوله: "نهى عن لَبُوس": "اللّبُوس" بمَعنى "الملبُوس"، كـ"الرّكُوب" بمعنى

(2101) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(2102)

كذا بالنسخ. ولعل بالموضع سقطًا، ولعل السقط أن يكون:"لفظ الجلالة"، أو:"محلّ لفظ الجلالة".

(2103)

رواه البخاري (5829) في اللباس، ومسلم (2069)(14) في اللباس والزينة.

(2104)

رواه مسلم (2069)(15) في اللباس والزينة.

ص: 496

"المركُوب"(1)، قَالَ كَعْب:

.................... لَبُوسُهُمُ

مِنْ نَسْج دَاود في الهيجا سَرَابِيلُ (2)

قوله: "إلّا هَكَذا": "إلّا" حَرفُ استثناء، و"الهاءُ" للتنبيه. و"كَذَا":"الكاف" فيه اسم بمَعنى "مثْل"، أي:"إلّا عَن لُبس مثل ذَا"؛ فمَحَلّها نَصب بالاستِثْنَاء [المتّصِل](3) من النّهي.

ويحتمل أنْ يكُون الاستثناء من "اللبس"، أي:"نهى عن لُبس الحرير إلّا لُبس كذا". ويحتمل أنْ يكُون مُنقَطعًا، يعني:"إلّا هَكَذا، فإنه لم ينه عنه".

وتقَدّم الكَلامُ على "كَذَا"[في الحديث الثّاني مِن "باب التيمم" .... ](4) مُقَدّرَة باسم مُضَاف إلى محْذُوف.

و"رَفَع لنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه": الإشَارة [بهَذَا](5) إلى "أصبعيه"، ولم يقُل:"إلّا كهَاتين"؛ لأنّه أرَاد ["الموضِع"](6)، يُفَسّره رِوَاية "مُسْلِم".

و"السّبَّابَة والوسْطَى": بَدَلٌ من "أصبعيه".

وفي "الأصبع" عشر لُغَات: فتْحُ "الهمزة" وضَمّها وكَسْرها، وكذلك "الباء"،

(1) انظر: البحر المحيط (7/ 456)، إرشاد السّاري (7/ 241)، لسان العَرَب (6/ 202).

(2)

البيتُ من البسيط، وهو لكَعب بن زُهير. وأوله:"شُمُّ العَرانِينِ أَبْطالٌ لَبوسُهُمُ". انظر: لسان العرب (11/ 335)، المعجم المفصّل (6/ 320).

(3)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(4)

متآكل بالأصل، وقد أثبتنا ما التقط منه أو فُهم، وينقص حوالي سبع كلمات أخرى لم تقرأ.

(5)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(6)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

ص: 497

فهَذه تِسْع، والعَاشرة:"أصبوع". (1)

قوله: "ولمسْلِم": إمّا أنْ يتعَلّق بفِعْل محذُوف، أي:"وَجَاء لمسْلِم"، أو:"وفي رِوَاية لمسْلم"؛ فتكُون نعْتًا لـ"رِوَايَة" أُقِيم مَقَام مَنْعُوتِه. أو [يُقَدّر](2): "ورُوي لمسْلِم".

قوله: "إلّا مَوضِع [أُصبعين] (3) ": منصُوبٌ بالاستثناء، والتقدير أيضًا:"إلّا لُبس مَوضِع [أصبعين] (4) ".

وأنَّثَ "ثَلَاث" و"أرْبَع"؛ لأنّه أرَاد: "ثَلاث أصَابع" أو "أرْبَع أصَابع". (5)

(1) انظر: الإعلام لابن الملقن (1/ 586، 587)، مشارق الأنوار (1/ 47)، المصباح (1/ 332)، لسان العرب (8/ 192).

(2)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "مُقدّر".

(3)

بالنسخ: "أصبع".

(4)

بالنسخ: "أصبع".

(5)

هذا سَهو من الشارح، فلفظ "أصبع" مُؤنّث، ولهذا ذُكّر "ثلاث" و"أربع". وقيل في "أصبع" أنه يُذَكّر أيضًا.

وانظر: المصباح المنير (1/ 332).

ص: 498