الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الطلاق
الحديث الأوّل:
[314]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَغَيَّظَ [فيه](1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:"لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عز وجل"(2).
وَفِي لَفْظٍ: "حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً، سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا"(3).
وَفِي لَفْظٍ: "فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاقِهَا، وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"(4).
وتقدّم في أوّل الكتاب أنّ "الحديث" مُبتدأ، و"الأوّل" صفته، وما بعد إلى آخر الحديث الخبر. ويحتمل أن يكون التقدير:"هذا الحديث الأوّل".
قوله: "أنّه طلّق": في محلّ مفعول الفعل المتعلّق به حرف الجر.
قال الجوهري: يُقال: "طلقت المرأة" بفتح "اللام" و"الطاء"، "تطلق" فهي "طالق" و"طالقة". قال الأخفش: لا يُقال: "طَلُقت" بالضّم (5). وقال غيره: يُقال (6).
وأمّا "طلق النفساء": فالفعل منه بضم "الطّاء" وكسر "اللام"، قاله في
(1) في بعض نسخ العُمدة: "منه".
(2)
رواه البخاري (5258) في الطلاق، ومسلم (1471) في الطلاق.
(3)
رواه مسلم (1471) في الطلاق.
(4)
رواه مسلم (1471) في الطلاق.
(5)
انظر: الصحاح (4/ 1519).
(6)
انظر: رياض الأفهام (4/ 681)، مشارق الأنوار (1/ 319).
"الصّحاح"(1)، بمعنى: لا يُستعمل إلا مبنيًا للمفعول (2).
قوله: "وهي حائض": "الواو" واو الحال من "امرأته"، أو من ضَمير الفاعل.
قوله: "فذكر ذلك عُمر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": الجملة معطوفة، و"ذلك" مفعول "ذَكَر"، و"عُمر" الفَاعِل.
قوله: "فتغيّظ فيه رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم": الضّمير في "فيه" يعُود على ذلك. و"تغيظ" مُطاوع "غظته، فتغيظ"(3).
قوله: "ثُمَّ قَال": يحتمل أنْ تكُون "ثُم" هنا بمعنى "الواو"؛ لأنّ قوله مُقارن تغيظه. ويحتمل أن تكُون على بابها، وأنّ قوله بعد زَوَال الغَيظ (4).
و"اللام" في "ليراجعها" لام الأمر، والفعل معها مجزوم، وكذلك ما عُطف عليه. ويجوز في المعطُوف الرّفع على الاستئناف، أي:"ثُم هو يمسكها"(5).
قوله: "حتى تطهر": منصُوبٌ بإضمار "أنْ" بعد "حتى".
قوله: "ثمَّ تحيض وتطهر": معطُوفات.
قوله: "فإنْ بَدَا له": "بَدَا" من "البُدُو"، وقد تقدّم ذكْره ومادّته في الثّاني عشر من "باب صفة الصّلاة".
قوله: "أن يُطلّقها": هو الفاعل، أي:"بَدَا طلاقها".
قوله: "فليُطلّقها قبل أنْ يمسّها": تقدّم ذكْر "قبل" في الرّابع من "باب تسوية
(1) انظر: الصحاح (4/ 1517).
(2)
انظر: لسان العرب (10/ 225).
(3)
انظر: إرشاد الساري (10/ 230).
(4)
انظر: إرشاد الساري (10/ 230).
(5)
انظر: إرشاد الساري (10/ 230).
الصّفوف"، وفي الثّالث من "التيمم". وجملة "أن يمسّها" في محلّ جَر. والعَاملُ في "قبل" قوله: "فليُطلّقها".
قوله: "فتلك العدّة": مُبتدأ وخبر. [ويحتمل](1) أن تكُون "العدّة" صفة لـ "تلك"، والخبر:"كما أمر اللَّه"، أي:"كائنة"، فتتعلّق "الكاف" بالخبر. وإن قدّرتها اسمًا كان ما بعدها في محلّ جَر بالإضَافة.
ويحتمل أن يكُون قوله: "كما أمَرَ اللَّه" حَالًا، أي:"مثل ما أمر اللَّه"، وتكون "ما" موصُولة، و"أمَرَ اللَّه" صِلتها، والعائدُ محذوفٌ على التدريج، أي:"أمَرَ اللَّه به".
ويحتمل أن تكُون مَصدَريّة، أي:"كأمْر اللَّه". وهذا التخريجُ يجري على مذهب سيبويه.
ويحتمل أن تكُون "الكاف" للتعليل، أي:"فتلك العدّة لأجْل أمْر اللَّه". وتحتمل "ما" الوَجْهين المتقَدِّمين.
ويحتمل أن يكُون الخبر محذُوفًا، أي:"فتلك العدّة الواجِبة"، ويكون "كما أمَر اللَّه" نعتًا لمصدَر محذُوف، أي:"الواجبة وجُوبًا كما أمَر اللَّه".
وكونُ "الكاف" تجيء للتعليل أثبته كثيرون، وشَرطوا أنْ تكون "الكاف" مكفوفة بـ "ما".
قال ابن هشام: كحكاية سيبويه: "كما أنّه لا يعلم فتجاوَز اللَّه عنه"(2).
قال ابن هشام: والحقُّ جَوازه في المجرّدة من "ما"، نحو قوله تعالى:{وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 82].
(1) بالأصل: "وتحتمل".
(2)
انظر: البحر المحيط (2/ 299)، الكتاب (3/ 140)، مُغني اللبيب (ص 234)، شرح التصريح (1/ 666)، الجنى الداني (ص 84).
قالوا: وقد تجيء "الكاف" بمعنى "الباء"، كما قيل في قولهم لمن قيل له:"كيف أصبحت؟ " قال: "كخير"، أي:"بخير". (1)
وهذا المعنى صَحيح هنا، أي:"فتلك العدّة [بما] (2) أمَرَ اللَّه عز وجل"، أي:"بأمر اللَّه".
قوله: "وفي لفظٍ": يُقدّر لحرف الجر مُتعلّق، إمّا "رُوي" على ما تقدّم، أو "جاء". ويختلف محلّ الجملة باختلاف التقديرين.
"حيضة"(3): مصدَر عَدَدي.
قوله: "سوى حيضتها": "سوى" ظرْف. وقيل: بمعنى "غير".
دليلُ الأوّل: مجيئها صِلَة، كقَولك:"جاء في الدّار سواك".
ودليلُ الثّاني: وقوعها فاعلة، في نحو قول الشّاعر:
[ولم](4) يبق سوى العدوا
…
ن. . . . . . . . . . (5)
وتقدّم الكَلام عليها في الثّامن من "باب الجنازة". (6)
(1) انظر: مُغني اللبيب (ص 234، 235).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من "ب".
(3)
قبلها بياض بسيط بالأصل، لعل بموضعه:"قوله".
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي "ب": "فلم". والمثبت من المصادر.
(5)
البيت من الهزج، وهو للشَّاعر الفند الزماني -واسمه: شهل بن شَيبان بن ربيعة بن زمَان الحنفي- قاله في حرب البسوس. وبقية البيت: "دِنَّاهم كَمَا دانوا"، أي:"جازيناهم كما جازوا". انظر: شرح ديوان الحماسة للتبريزي (ص 5، 6)، خزانة الأدب (3/ 431 وما بعدها)، اتفاق المباني وافتراق المعاني لابن بنين (ص 192)، أوضح المسالك (2/ 240)، شرح الأشموني (1/ 520)، المعجم المفصل (8/ 105).
(6)
انظر في الكلام على "سوى": البحر المحيط (7/ 347 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 187 وما بعدها)، التبيين عن مذاهب النحويين (ص 421)، أوضح المسالك =
و"حيضتها" مخفوض بـ "سوى".
[قوله](1): "التي طلّقها فيها": صِفَة لـ "حيضتها". وضَمير "طلّقها" يعود على "الزّوجة". وضمير "فيها" يعود على "الحيضة".
قوله: "وفي لفظٍ": تقدّم مثله. والجملة بعده في محلّ معمول متعلّق حرف الجر.
قوله: "فحُسبت": مبني لما لم يُسَمّ فاعله، [والمفعول](2) الذي لم يُسَمّ فاعله ضمير يعُود على "الطّلقة". و"من طلاقها" يتعلّق بـ "حُسبت". و"راجَعَها" معطوفٌ على "حُسبت".
قوله: "كما أمَرَ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم": يحتمل [ما](3) تقدّم من الأوْجُه، أي:"راجَعَها لأمر رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
أو يكون حالًا من المصدَر المفهُوم من الفعل المتقدّم المحذُوف بعد الإضمار على طريق الاتساع، أي:"فراجعها المراجعة في هذه الحالة". هذا اختيار سيبويه (4).
واختار الفارسي ومَن تبعه أنها نعْتٌ لمصدر محذُوف (5)، أي: "راجعها مراجعة
= (2/ 239 وما بعدها)، شرح الأشموني (1/ 517)، إعراب لامية الشنفري (ص 58)، والهمع (2/ 160 وما بعدها).
(1)
كشط بالأصل. والأقرب أنّ بموضعه: "قوله".
(2)
غير واضحة بالأصل. وفي "ب": "المفعول".
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي "ب": "كما".
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 110، 555)، (3/ 714)، اللباب لابن عادل (3/ 424)، إرشاد الساري (9/ 248)، الكتاب (1/ 227، 228)، (2/ 345 وما بعدها)، الأصول لابن السرّاج (1/ 193 وما بعدها)، شرح التسهيل (2/ 204)، شرح المفصل (2/ 250 وما بعدها)، شرح الأشموني (2/ 331)، أوضح المسالك (3/ 287)، توضيح المقاصد (2/ 964)، الهمع (2/ 144 وما بعدها).
(5)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 30)، البحر المحيط (1/ 110، 555)، (2/ 93)، =