الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
ليس عدَد المصدر مصدرًا، ولا عدد الظرف ظرفًا حيث وقع لمعنى يعرض في مثل ذلك، كقوله تعالى:{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142]، فـ "أربعين" في هذا مفعول ثان بتقدير:"وواعدنا موسى تمام أربعين"، فـ "أربعين" لا يجوز نصبه على الظرفية وإن كان عَدَد ظرف؛ لئلا يلزم وقوع "المواعَدة" في كُل فرد من أفراده، ولم تقع "المواعدة" كذلك.
وكذلك لو قلت: "سمعت أربعين [جلدة"] (1) كان مفعولًا، لا مصدرًا؛ لأن التقدير:"سمعتُ صوت أربعين". (2)
الحديث الثاني:
[354]
: عَنْ أَبي بُرْدَةَ هَانِئِ بْنِ نِيَارٍ أنّه سَمِع رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ"(3).
قوله: "هانئ بن نيار": بَدَل من "أبي بردة". وضمير "أنه" يعُود على "أبي بردة".
و"سَمع" تقدّم قريبًا، وقد تعدّى هُنا إلى ذات، فتكون جملة "يقول" في محلّ الحال على رأي سيبويه، أو في محلّ مفعول على رأي أبي علي (4)، وتقدّم الكلام على ذلك في أوّل حديث من الكتاب.
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 593)، البحر المحيط (5/ 160، 161)، اللباب في علوم الكتاب (9/ 297، 298)، إرشاد الساري (9/ 401)، شرح الأشموني (2/ 6)، شرح التصريح (1/ 576)، الهمع (1/ 545).
(3)
رواه البخاري (6848)(6850) في الحدود، ومسلم (1708) في الحدود.
(4)
انظر: البحر المحيط (3/ 472، 473)، (7/ 446، 447)، (8/ 163)، إرشاد السّاري للقسطلاني (8/ 188)، (9/ 401)، (10/ 15)، الإعلام لابن الملقن (1/ 165، 166)، شَرْح التسهيل لابن مالك (2/ 84).
وجملة "لا يجلد" معمُولة للقول، وهو خبر بمَعنى الأمر. والفعل مبني لما لم يُسَمّ فاعله، والمفعول الذي لم يسمّ فاعله محذوف يدلّ عليه السياق، أي:"لا [يُجْلَد] (1) أحَد". و"فوق" ظرف، وهو نعت لمصدر محذوف، أي:"جلدًا فوق". و"عشرة" مُضاف إليه.
ويُروى: "لا يَجْلِد"(2) بفتح "الياء"، والمعنى:"لا يجْلِد أحَد".
[وتقدير](3)"أحَد" فاعلًا قد جاء في باب الاستثناء، في نحو:"ما قام إلّا زيد"، على أحَد الوجهين. (4)
ومنه في الصّحيح: "وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ إِلّا غَلَبَهُ"(5)، أي:"لن يشاد الدّين أحَدٌ إلا غلبه". (6)
قوله: "إلّا في حَد": المجرور يتعلّق بـ "يجلد"؛ فيكون الاستثناء مفرغًا؛ لأن ما قبل "إلا" عمل فيما بعدها. (7) و"من حُدود اللَّه" يتعلّق بصفة لـ "حَد"، والتقدير: "إلّا
(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب).
(2)
قال النووي في "شرح صحيح مسلم"(11/ 221) بتعليقه على الحديث الذي في صحيح مسلم (1708/ 40): "ضبطوا يجلد بوجهين، أحدهما: بفتح الياء وكسر اللَّامِ، والثَّانِي: بضم الياء وفتح اللَّامِ. وكلاهما صَحيحٌ". وكذا ذكر ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(9/ 232). واللَّه أعلم.
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 518)، (4/ 116، 129)، شرح التسهيل (2/ 274)، الجنى الداني (ص 511)، شرح الأشموني (1/ 503)، شرح الشذور لابن هشام (ص 342، 343)، شرح القطر (ص 247)، الهمع (2/ 248، 252).
(5)
صحيح: البخاري (39)، ورواه المَرِيِيُّ بهذا اللفظ في المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح (1/ 184)، من حديث أبي هريرة. وذكر العلماء أن أكثر رواة البخاري على إسقاط لفظ "أحد". وانظر: فتح الباري (1/ 94)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 84)، مشارق الأنوار (2/ 382)، عقود الزبرجد (3/ 133).
(6)
انظر: مشارق الأنوار (2/ 382)، عقود الزبرجد (3/ 133).
(7)
انظر: إرشاد الساري (10/ 34).
في مُوجب حَد من حدود اللَّه". (1)
وقيل: المراد "في حقّ من حقوق اللَّه"، ولا بُد من تقدير، أي:"إلا في تضييع حَقّ من حقوق اللَّه". (2)
قال الشيخ تقيّ الدّين رحمه الله: الذي ذَكَر المصنف من أنّ أبا بُرْدَةَ هو "هَانِئُ بن نِيَارٍ" مختلفٌ فيه، قيل: إنّه رجُل من الأنصار. (3)
ثم قال: إنّ بعض المالكية (4) قال في مُؤدّب الصّبيان: لا يزيد على ثلاثة. قال: وهذا تحديد يبعُد إقامة الدّليل المتين عليه، ولعلّه أخذه من أنّ "الثلاثة" اعتبرت في مواضع، وهو أول حَدّ الكثرة، وفي ذلك ضعف (5).
وقد يُؤخَذ هذا من حديث [أوّل](6) نزول الوحي، فإنّ فيه أنّ جبريل عليه السلام قال:"اقرأ"، فقال صلى الله عليه وسلم:"ما أنا بقارئ"، فغطه ثلاث مرّات (7)؛ فأخذ منه أنّ تنبيه المُعلم للمُتعلم لا يكُون بأكثر من ثلاث. (8)
* * *
(1) انظر: إرشاد الساري (10/ 34).
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 251 وما بعدها).
(3)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 252).
(4)
انظر: إكمال المعلم (5/ 548)، رياض الأفهام للفاكهاني (5/ 267)، التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق (8/ 437). وفي أبجد العلوم للقنوجي (ص 77):"وقد قال محمد بن أبي زيد في كتابه الذي ألفه في حُكم المُعلمين والمتعلمين: لا ينبغي لمُؤدّب الصبيان أن يزيد في ضربهم إذا احتاجوا إليه على ثلاثة أسواط شيئًا".
(5)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 252).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(7)
متفق عليه: البخاري (3)، ومسلم (160/ 252)، من حديث عائشة.
(8)
انظر: إرشاد الساري (10/ 35).