الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففي مثل قوله: "هو خير"، لا يجوز حذفه إلّا في شُذوذ.
الحديث الثّاني:
[356]
: عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي وَاللَّهِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا"(1).
قوله: "إن شاء اللَّه": قدَّم استثناء المشيئة، وكان موضعها عقيب جواب القَسَم، وذلك أنّ جَواب القَسَم جاء بـ "لا"، وعقبه الاستثناء بـ "إلا"، فلو تأخّر استثناء المشيئة حتى يجيء الكَلام:"واللَّه لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيتُ الذي هو خير إن شاء اللَّه" لاحتمل أن يرجع إلى قوله: "أتيت"، أو إلى قوله:"هو خير"، فلما قدّمه انتفى هذا التخيّل.
وأيضًا: ففي تقديمه اهتمام؛ لأنّه استثناء مأمور به شرعًا، وينبغي أن يبادر بالمأمور به. (2)
قال الشيخ تقيّ الدّين: هذا الحديثُ له [سَبب](3) مذكُور في غير هذا الموضع، وهو أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حَلف [أن لا](4) يحملهم ثم حملهم (5).
قوله: "إني واللَّه إن شاء اللَّه": "إني": "إن" واسمها، وخبرها جملة "لا أحلف". وجواب القَسَم محذوف سدّ مسده خبر "إن". ويحتمل أن يكون "لا أحلف" جواب القسم، وخبر "إن" القَسَم وجوابه (6)، أو يكون خبر "إن" محذوف يدلّ عليه
(1) رواه البخاري (6623)، (6649) في الأيمان والنذور، ومسلم (1649) في الأيمان.
(2)
انظر: إرشاد الساري (9/ 365).
(3)
غير واضحة بالأصل.
(4)
بالنسخ: "ألا". والمثبت من المصدر.
(5)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 255).
(6)
انظر: إرشاد الساري (9/ 365).
الجواب.
وتقدّم الكلام على حروف القَسَم في العاشر من "الصّلاة"، وعلى جواب القَسَم في الثّاني من "باب الصّفوف".
قوله: "على يمين": أي: "على موجَب يمين"؛ لأنّ اليمين مُوجبة. و"الموجَب": هو الذي انعقد عليه الحلف. (1)
قوله: "إن شاء اللَّه": جملة معترضة، لا محلّ لها.
[قوله](2): "فأرى": معطوفٌ على "أحلف". والضّمير في "غيرها" يعود على "اليمين".
قوله: "إلا أتيت": جملة "أتيت" في محلّ الحال من ضمير "النبي صلى الله عليه وسلم". ووقعت الحال فعلًا بعد "إلّا"، وجاءت على شرطها من أنْ يتقدّمها فعل (3)، وتقدّم القول على ذلك في الثّالث من "المذي".
قوله: "وتحللتها": معطوفٌ على "أتيت".
قال الشّيخ تقيّ الدّين: في الحديث تقديم ما يقتضي "الحنث" على "الكفّارة"، إن كان معنى "تحللتها":"الكفّارة".
ويحتمل أن يكون معناه: "إتيان ما يقتضي الحنث"، فإنّ "التحلل" [نقض] (4) العقد. و"العقد": هو ما دلّت عليه اليمين من مُوافقة مقتضاها. فيكون "التحلل":
(1) انظر: إرشاد الساري (9/ 365).
(2)
بياض بالأصل. وسقط من (ب).
(3)
انظر: شرح التسهيل (2/ 361)، شرح الأشموني (2/ 32)، اللمحة (1/ 395)، شرح التصريح (1/ 611)، الهمع (2/ 272، 322).
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "ينقض". وفي المصدر: "نقيض".