الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث [السّابع]
(1):
[361]
: عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ. وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ"(2).
وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ"(3).
وَفِي رِوَايَةٍ: "مَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا، لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إلَّا قِلَّةً"(4).
قوله: "أنّه بايع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": معمول متعلّق حرف الجر. وجملة "بايع" في محلّ خبر "أنَّ".
و"تحت الشّجرة" ظرف مكان، والعَامِل فيه "بايع"، ويحتمل أن يكُون العامل فيه حالًا من ضمير الفَاعل، أو من "رسول اللَّه".
ويحتمل أن يكون حالًا منهما، كما قيل في قوله تعالى:{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} [مريم: 27]؛ قيل: جملة "تحمله" في محلّ حال من ضَمير "عيسى"، وقيل: من "مريم"، وقيل: منهما (5).
قوله: "وأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال": "أنَّ" الثّانية معطوفة على "أنَّ" الأولى، ومحلّها من الإعراب كمَحلّ ما عُطفت عليه.
(1) بالنسخ: "السادس".
(2)
رواه البخاري (6652) في الأيمان والنذور، ومسلم (119) في الأيمان.
(3)
هي عند البخاري (6047) و (6105) و (6652)، ومسلم (110).
(4)
هي عند مسلم (110).
(5)
انظر: البحر المحيط (2/ 339، 340).
قوله: "مَنْ حلف على يمين": تقدّم الكلام على "مَنْ" الشرطية في العاشر من أوّل الكتاب. و"على" هنا بمعنى "الباء"، كما تقدّم.
ويحتمل أن يكون التقدير: "من حلف على شيء يمين"، فحذف المجرور، وعدَّى الفعل بـ "على" بعد حذف "الباء". والأوّل أقلّ في التعبير.
قوله: "بملة غير ملة الإسلام": يتعلّق بـ "حلف"، أو يتعلّق بحال مقدرة، أي:"حلف بيمين متلبسًا بملة غير ملة الإسلام كاذبًا"، فـ "غير" صفة لـ "ملة"، و"كاذبًا" حال من ضمير "حلف"، و"متعمدًا" حال أخرى من الضّمير أيضًا عند من يجيز تعدّد الحال (1)، أو حال من الضّمير في "كاذبًا" فتكون حالًا مُتداخلة.
قوله: "فهو كما قال": "الفاء" جواب الشرط، و"هو" مبتدأ، [و"كما قال"](2) في محلّ الخبر، أيْ:"فهو كائن كما قال".
أو تكون "الكاف" بمعنى "مثل"، فتكون "ما" مع ما بعدها في محل جر بالإضافة، أي:"فهو مثل قوله"، فتكون "ما" مصدرية.
ويحتمل أن تكون موصولة، [والعائد](3) محذوف، أي:"فهو كالذي قاله"، والمعنى:"فمثله مثل قوله"؛ لأنّ هذا الكلام محمول على التعليق، مثل أن تقول:"هو يهودي -أو نصراني- إنْ كان فعل كذا".
قال الشّيخ تقيّ الدّين: الحلف بالشيء حقيقة هو القسَمُ به، وإدخال بعض حروف القَسَم عليه، كقولك:"واللَّه"، و"الرحمن".
وقد يُطلق على "التعليق" حَلِفًا، كما يقول الفقهاء: إذا حلف بالطلاق على كذا، ومرادهم:"تعليق الطلاق به"، وهذا مجاز، وكان سببه مُشابهة هذا التعليق
(1) أجاز ابن مالك تعدد الحال، ومنعه ابن عصفور. انظر: شرح التسهيل (2/ 348، 349)، وهمع الهوامع (2/ 315).
(2)
غير واضحة بالأصل، وبياض في (ب).
(3)
غير واضحة بالأصل، وبياض في (ب).
لليمين في اقتضاء الحنث أو المنع.
إذا ثبت ذلك، فنقول: قوله عليه السلام: "مَن حَلف على يمين بملة غير الإسلام" يحتمل أن يُراد به المعنى الأول، ويحتمل أن يُراد به المعنى الثاني.
والأقربُ أن يُراد الثّاني؛ لأجل قوله: "كاذبًا متعمدًا"، والكذبُ يدخُل القضية الإخبارية التي يقع مُقتضاها تارة، وتارة لا يقع.
وأمّا قولنا: "واللَّه" وما أشبهه، فليس الإخبار بها عن أمر خارجيٍّ، وهي للإنشاء -أعني: إنشاء القسم- فتكون صُورة هذا اليمين على وجهن (1)، انتهى.
قوله: "فهو كما قال"(2).
قوله: "ومَن قتل نفسه بشيء عُذِّبَ بهِ": هذه الجملة مثل التي قبلها في الإعراب، وجوابُ الشرط هنا:"عُذِّب به"، وهو فعل ماض مبني لما لم يُسمَّ فاعلُه، والمجرور قائم مقام الفاعل، والضّمير يعُود على "شيء".
و"يوم القيامة" ظَرف، العامل فيه:"عُذِّب".
قوله: "وليس على رَجُلٍ نَذرٌ فيما لا يمْلكُ": "ليس" من أخوات "كان"، وتقدّمت في الأوّل من "الحيض"، و"نَذْرٌ" اسمها، و"على رجُل" في محلّ الخبر، و"فيما" يتعلّق بـ "نَذْر"؛ لأنّه مصدَر، أو يتعلّق بصفة لـ "نذر"، أي:"نذر ثابت فيما لا يملك"، و"لا يملك" جملة في محلّ صلة "ما"، و"ما"وصلتها في محلّ جر بـ "في".
قوله: "وفي رواية": تقدّم أنه يحتمل وجوهًا ثلاثة، الأول:"جاء في رواية"، فيكون "لَعْنُ المؤمنِ" فاعل على الحكَاية. والثّاني: يقدّر "رُوِيَ"؛ فيكون في محلّ مفعول لم يُسم فاعله. والثّالث: تكون الجملة مبتدأً على الحكاية، و"في رواية" في
(1) انظر: إحكام الأحكام (2/ 261).
(2)
كذا بالنسخ.
محلّ الخبر.
قوله: "لَعْنُ المؤمنِ كقَتلِهِ": مبتدأ وخبر، و"الكاف" يجري فيها مثل ما تقدّم من حرفيتها أو اسميتها.
قيل: معنى الحديث: "يُشبهه في الإثم"، أو أنّه "كقتله في التحريم". واعترض الوجهين الشيخُ تقيّ الدّين، فانظره في موضعه (1).
قوله: "ومن ادَّعى دعْوى كاذبة": تقدّم القول في ذلك، و"دعوى" مفعول به؛ لأنها كناية عن "الشيء المدَّعَى"، أي:"من ادَّعَى شيئًا بدعْوَى كاذبة".
و"الدعْوَى": الاسم من "ادّعى"، والمصدر:"الادعاء"(2).
و"كاذبة" نعتُ "دعْوَى".
قوله: "ليتكثّر بها": لا مفهوم لهذا (3)؛ لأنّ الوعيد على كُلّ مَن ادّعى ما ليس له كاذبًا، تكثَّر به أوْ لم يتكثَّر. و"اللام" لام "كيْ"، فالفعلُ منصوب بإضمار "أنْ" بعدها، ويجوز إظهارها. ويتعلّق بـ "ادَّعَى".
قوله: "لم يزده": جوابُ الشرط، و"قلةً" مفعول ثان لـ "يزده"، والفاعل ضَمير يعود على "المدَّعِي"، أي:"لم يزد ذلك المدعِي إلا قلةً". والاستثناء مُفرَّغ. وقد يجيء "زاد" لازمًا، نحو:"زاد المال"(4).
* * *
(1) انظر: إحكام الأحكام (2/ 263 - 265).
(2)
انظر: الصحاح (6/ 2337)، ولسان العرب (14/ 261).
(3)
أي: لا محلّ لمفهوم المخالفة هنا، للتعليل الذي ذكره.
(4)
انظر: الصحاح (2/ 481)، ومختار الصحاح (ص 139).