الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السّابع:
[341]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ [إحْدَاهُمَا](1) الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ -عَبْدٌ، أَوْ وَليدَةٌ- وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ، وَلا نَطَقَ وَلا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ [يُطَلُّ] (2). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:"إنَّمَا هُوَ مِنْ إخْوَانِ الْكُهَّانِ"، مِنْ أَجْل سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ (3).
قوله: "اقتتلت امرأتان من هذيل": حرفُ الجر يتعلّق بصفة لـ "امرأتان".
و"التاء"[في](4)"اقتتلت" لتأنيث الفِعل. ولو قال: "اقتتل امرأتان" جاز. وتقدّم الكلام على "تاء" التأنيث (5) في الرّابع من أوّل الكتاب.
قوله: "فرمَت إحداهما الأخرى": "إحْداهما" فاعِل، و"الأخرى" مفعول.
وهذا من المواضع التي يجب فيها تقديم الفَاعِل على المفعُول؛ لأنّه إذا لم يكُن في الكلام إعراب مُبيِّن ولا لفظ مُبيِّن ولا تابع مُبيِّن ولا مَعنى مُبيِّن وجَب تقديم الأوّل، نحو:"ضرب مُوسى عيسى". وإنما قيل ذلك؛ لأنّ الفاعِل رُتبته التقديم (6)،
(1) بالأصل: "إحديهما". وهو مثال لإمالة الناسخ لحرف الألِف. وقد تكرّر بمواضع أخرى، ولن نشير إليها كفروق نسخ.
(2)
بالنسخ: "بطل". والمثبت هو ما في نسخ "العمدة" ومصادر التخريج.
(3)
رواه البخاري (6910) في الديات، ومسلم (1681) في القسامة.
(4)
سقط من النسخ.
(5)
انظر: شرح المفصل (3/ 377)، واللمحة (1/ 313).
(6)
انظر: شرح المفصل لابن يعيش (1/ 196، 197)، علل النحو (ص 271)، شرح الكافية الشافية (2/ 639)، ومغني اللبيب لابن هشام (ص/ 767، 780)، شرح الأشموني (1/ 403)، شرح القطر (ص 185، 186)، والمقتضب (3/ 118).
فوقع "إحداهما" في رُتبة الفاعل؛ فتعيّن.
وكذلك قيل فيما فيه إعراب مُبيِّن، لكنه استوى [فيهما](1) المعنى، كقولك:"ضرب بعضهم بعضا"؛ أوجَبوا أنّ المتقدّم الفَاعل؛ لأنّه لا فائدة في جَعل الثاني فاعلًا إلا مخالفة الرّتبة والترتيب. (2)
قوله: "فقتلتها وما في بطنها": "الفاء" عاطفة، وفيها معنى السببية.
قوله: "وما في بطنها": معطوفٌ على ضمير المفعُول. و"ما" موصولة بمعنى "الذي"، وصلتها في المجرور، وبالاستقرار يتعلّق حَرف الجر. ويحتمل أن تكُون "الواو" بمعنى "مع"، أي:"قتلتها مع ما في بطنها"؛ فتكون الصّلة والموصُول في محلّ نصب.
قوله: "فاختصموا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّ دية جنينها": "أنّ" هنا في محلّ نصب أو جَر على الخلاف في الاسم بعد حذف حرف الجر (3). و"غُرةٌ" خبر "أنّ".
و"عبد" مخفوضٌ بالإضافة، و"أو وَليدة" معطوفٌ عليه.
قوله: "وقضى بدية المرأة على عاقلتها": يعني: "على عاقلة القاتلة".
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: شرح المفصل (1/ 197)، نتائج الفكر للسهيلي (ص/ 134)، الأصول في النحو (2/ 245، 246)، التبيين عن مذاهب النحويين (ص 168)، والمقتضب (3/ 118).
(3)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 43)، الإعلام لابن الملقن (1/ 645)، إرشاد الساري (10/ 71)، مُغني اللبيب (ص 682)، أمالي ابن الحاجب (2/ 712)، شرح التصريح (1/ 469)، شرح الكافية الشافية (2/ 634)، الصاحبي (ص 91)، حاشية الصبان (2/ 133).
قوله: "ووَرّثها وَلدها ومَن معهم": "مَن" هنا موصُولة، أي:"والذين معهم". والضّمير في "معهم" يعُود على ["سَائر الوَرَثة". والمرادُ](1) بـ "الولد" الجنس.
قوله: "فقَام حمل [بن النابغة الهذلي]، (2) ": بفتح "الحاء" المهمَلة، وفتح "الميم"، "ابن النابغة": [نسبة إلى جَدّه. (3)
قال النووي] (4): "حمل" هذا أبو نضلة، حمل بن مالك بن النابغة الهذلي، من هذيل بن مُدركة [بن إلياس بن مُضر](5)، عَدّه مُسلم بن الحجّاج في المدنيين، وغيره يعدّه في البصريين، له ذِكْر في "كتاب الديات". (6)
قال غيره في اسم هاتين المرأتين: إحداهما مليكة، والأخرى غطيف، ويُقال: أم غطيف. وقيل: إحداهما أم عفيف، والأخرى أم مكلف، وكانتا ضرّتين. (7)
قوله: "فقال: يا رسُول اللَّه، كيف أغرم مَن لا شرب ولا أكَل؟ ": "كيف" سُؤال عن [حال](8)، وتقدّمت في الحديث الرّابع من "كتاب الصّلاة"، وفي العاشر
(1) تآكل بالأصل بقدر ثلاث كلمات تقريبًا. وقد أكمل بالرجوع للمصادر. وانظر: تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة للبيضاوي (2/ 476، 477)، مرقاة المفاتيح (6/ 2280)، عون المعبود (12/ 256).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 177، 178).
(4)
تآكل بالأصل بقَدر أربع كلمات تقريبًا. وأكمل النقص من المصدر والسياق. ويدلّ على ما زدناه من "قال النووي" أنه بعدها يقول: "قال غيره. . . ".
(5)
تآكل بالأصل بقَدر أربع كلمات تقريبًا. وأكمل النقص من المصدر. وبعده في المصدر: ". . . بن مضر الهذلى. نزل البصرة، وكان له بها دار. ذكره مسلم. . . ".
(6)
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (1/ 169، 170).
(7)
انظر: فتح الباري (10/ 218)، الإعلام لابن الملقن (9/ 108).
(8)
طمس بالأصل. والمثبت من (ب).
من "صفة الصلاة". وهي عند سيبيويه ظرف زَمان حيث وَقَعَت، وأصحابه يصرفونها لبعض وجوه الإعراب، غير أنّهم لا يُعربونها فَاعلًا (1).
وفي "كيف" هنا معنى التعجّب والإنكار.
وتحتمل الحال، أي:"أوجُوبًا أغرم مَن لا أكَل؟ ".
ويحتمل أن تكُون بمعنى " [أن] (2) " المصدَريّة، أي:"أيّ غُرم أغرم؟ "، كما قيل في قوله تعالى:{كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1]، التقدير:"أيّ فِعْل فَعَل؟ ". (3)
و"مَن" هنا يحتمل أن تكُون موصُوفة، أي:"كيف أغرم شيئًا" أو "خَلقًا"، [و"لا](4) شرب ولا أكل" في محل الصفة.
ويحتمل أن تكون موصولة، أي:"الذي لا أكل ولا شرب".
وشرط الجملة التي هي في محلّ الصّلة أو الصفة أن تكُون خبرية محتملة للصّدق والكذب، احترازًا من الطلبية، وهو الأمر والنهي والاستفهام ونحو ذلك.
والنفي كما جاء هنا عندهم خَبر. ومثله قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58](5).
قوله: "لا شرب ولا كل ولا نطق ولا استهل": "لا" هنا بمعنى "لم"، كقوله تعالى:{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31]، أي:"لم يُصدّق ولم يُصل". ومنه قوله
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 193)، ومغني اللبيب (ص/ 272)، وهمع الهوامع (2/ 217، 218، 219)، وشرح المفصل (3/ 139 وما بعدها).
(2)
كذا بالنسخ.
(3)
انظر: البحر المحيط (10/ 472)، إرشاد الساري (8/ 175)، مغني اللبيب (ص/ 271)، وهمع الهوامع (1/ 33)، الموجز في قواعد اللغة العربية (ص 218).
(4)
بالنسخ: "قوله: ولا". والصّواب المثبت لارتباطه بما قبله.
(5)
راجع: البحر المحيط (8/ 120).
تعال: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11]، أي:"لم يقتحم العقبة". (1)
قال الهروي: ومن هذا قول القائل للنبي صلى الله عليه وسلم: "أرأيت مَن لا شرب ولا أكل. . . "، أي:"من لم يشرب ولم يأكُل ولم يستهل". (2)
ومنه قول أبي خراش الهذلي:
إِن تغْفر اللَّهُمَّ تغْفر جَمَّا
…
وأَيُ عَبْدٍ لَكَ لا أَلمَّا (3)
أي: "لم يُلم بالذنوب"(4).
قوله: "فمثل ذلك [يُطلّ] (5) ": يُروى بـ "الباء" و"الياء". "فمثل" مبتدأ، و"ذلك" مُضاف إليه، و"يُطلّ" بـ "الياء" فعل مُضارع مبني لما لم يُسمّ فاعله، ماضيه "طل"، فهو "مطلول". قال في "الصّحاح": منه قوله:
دِمَاؤُهُمْ لَيْسَ لَهَا طالبٌ
…
مَطْلُولةٌ مِثْلُ دَمِ العُذْرَه (6)
قال: ويُقال: "أُطِلّ دمه" و"طلّه اللَّه" و"أطلّه": "أهْدَره". قال أبو زيد: ولا يُقال: "طَلّ دمه" بفتح "الطّاء". و"أطلّ عليه" بمعنى "أشرَف"(7).
(1) انظر: اللباب لابن عادل (19/ 574)، شرح المفصل (1/ 270)، (5/ 33)، واللمحة (1/ 483)، الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 64)، ومغني اللبيب (ص 320).
(2)
انظر: الأزهية للهروي (ص 157 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 320).
(3)
الرجز لأبي خراش الهذلي، أو لأمية بن أبي الصلت. انظر: أمالي ابن الشجري (2/ 324)، خزانة الأدب (4/ 4)، المعجم المفصل (12/ 70).
(4)
انظر: الأزهية للهروي (ص 158 وما بعدها).
(5)
بالنسخ: "بطل". وقد سبق سبب التغيير عند المتن.
(6)
البيت من السريع، وهو بلا نسبة. انظر: الصّحاح (5/ 1752)، المعجم المفصل (3/ 110).
(7)
انظر: الصحاح (5/ 1752).
ومَن رواه "بَطَل"(1) بـ "الباء" الموَحّدة من تحت، فهو من "البطلان"، أي:"مثل ذلك بَطل حُكْمه"(2).
فتكون الجملة في محلّ خبر على الروايتين.
قوله: "فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنما هو من إخْوَان الكهان": "إنما" حرفُ ابتداء، تقدّم الكَلام عليها في الحديث الأوّل من الكتاب.
و"هو" مبتدأ، و"من إخوان" خبره، وتقدّم الكَلام على "إخوان"، وأنه يُستعمَل في أُخوة الدّين والصّداقة، و"إخْوَة" يُستعمَل في النّسَب (3).
و"الكُهّان": جمعُ "كَاهِن". و"مِن" يتعلّق بالاستقرار المقَدّر.
قوله: "من أجْل سَجْعه الذي [سَجَع] (4) ": "أجْل" تقدّم الكَلام عليها في السّادس من "الإمامة". و"السّجع" بالسين المهْمَلة: "الكَلامُ المقفّى"، والجمعُ:"أسجاع" و"أساجيع"، وقد "سَجَع الرجُل سَجْعًا"، و"سَجّع تسجيعًا"، و"كلامٌ مُسَجّع"(5).
وهَذا من كلام الرّاوي (6)؛ فيتعلّق بفعل محذُوف، أي: "قال ذلك من أجْل
(1) رواه الإمام مالك في الموطأ (2/ ص 855) مرسلًا عن سعيد بن المسيب، والإمام أحمد بن حنبل في المسند (18163)، والدارقطني في سننه (3206)، من حديث المغيرة.
(2)
انظر: فتح الباري (1/ 88)، إرشاد الساري (8/ 400)، رياض الأفهام (5/ 176)، الإعلام لابن الملقن (9/ 112).
(3)
انظر: البحر المحيط (3/ 288)، (5/ 379)، (9/ 516)، إرشاد الساري (8/ 33)، الصحاح (6/ 2264)، لسان العرب (14/ 20، 21).
(4)
بالنسخ: "سجعه".
(5)
انظر: رياض الأفهام (5/ 177، 178)، والصّحاح (3/ 1228).
(6)
انظر: رياض الأفهام (5/ 177).