الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصّ به "الطّهر من الحيض" ليطيب المحلّ، ولإزالة الرّائحة. (1)
الحديث [الرّابع]
(2):
[319]
: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتكَحِّلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لا" -مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاثًا كُلّ ذلك يقول:"لَا"- ثُمَّ قَالَ: "إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ".
فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تمَتَسَّ طِيبًا وَلا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ -حِمَارٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ شَاةٍ- فَتَفْتَضَّ بِهِ. فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ. ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً، فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ (3).
الحفش: البيت الصغير. وتفتض: تدلّك به جَسَدها.
قال الشّيخ تقيّ الدّين: يجوز في "اشتكت عينُها" الضّم على الفاعلية؛ فتكون العَين هي المشتكية. والثّاني: فتحها، ويكون في "اشتكَت" ضَمير الفاعِل، وهي "المرأة"، وقد رُجِّح هذا.
ووَقَع في بعض الرّوايات: "عَيْناها"(4). انتهى (5).
(1) انظر: رياض الأفهام (5/ 27)، إحكام الأحكام (2/ 197).
(2)
بالأصل: "الثالث".
(3)
رواه البخاري (5336) في الطلاق، ومسلم (1488) في الطلاق.
(4)
رواه ابن حبان في صحيحه (4304، ط الرسالة)، ووردت أيضًا في موطأ الإمام مالك برواية أبي مصعب الزهري (1/ 662)، وكذا في مسند أبي داود الطيالسي (1701). وصحّحه الألباني في "التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" برقم (4290).
(5)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 198).
قوله: "جاءت امرأة": معمولُ القول، والقولُ في محلّ خبر "أن" مُقدّرة مفتوحة لتقوم مقام المفعول الذي لم يُسمّ فاعله لمتعلّق حرف الجر.
قوله: "إنّ ابنتي": جملة من "إنّ" واسمها، وعلامة النّصب فتحَة مُقدّرة. والخبر في جملة "توفى زوجها".
وجملة "وقد اشتكَت عَينها" مُستأنفة، لا محلّ لها من الإعراب. ولا تكون حالًا؛ لعدم مقارنتها لصَاحب الحال.
وعلى رواية "عَيْنَاها" يحتمل أن يكُون مَرفُوعًا بـ "الألِف"، ويحتمل أنْ يكُون منصُوبًا على لُغة مَن يُعرب المبني في الأحْوَال الثّلاثَة بحَرَكَات مُقدّرة.
قوله: "أفتكحلها؟ ": هو بضمّ "الحاء"، وهو مما جاء مضْمومًا وإن كانت عَينه حرْف حَلْق. (1) وتقدّم الكلام على "همزة" الاستفهام في الرّابع من "الجنابة". و"الفاء" عاطفة، وتقدّم الكلام عليها إذا وقعت بعد "الهمزة" في الثّالث عشر من "النكاح".
قوله: "فقال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا، مرّتين أو ثلاثًا": تقدّم أنّ "لا" حرف جَوَاب، وهي نقيضة "نعم"، وتحذَف الجمَلُ بعد "لا" كثيرًا. (2) والمراد:"لا [تكحلها"] (3)، أو "لا تفعَل".
وكرّر رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم "لا" تأكيدًا للمَنْع.
قوله: "مرّتين": تثنية "مرّة". و"مرّة" مصْدَر، وتقع ظَرفًا، والفعلُ:"مَرّ، يَمُر"، وإنما استُعمل ظَرفًا اتسَاعًا. قال أبو البقاء: وهذا يدُلّ على قُوّة شبه الزّمان بالفِعل (4).
(1) انظر: رياض الأفهام (5/ 30).
(2)
انظر: مغني اللبيب لابن هشام (65، 329، 452 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (3/ 25 وما بعدها).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من "ب".
(4)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 522)، تفسير أبي السعود (6/ 14)، شرح =
قوله: "أو ثلاثًا": مصْدَر؛ لأنّه عَدَد للمصْدَر، أي:"ثلاث مرّات"؛ ولذلك سَقَطَت العَلامَة (1).
قوله: "كُلّ ذلك يقول: لا": "ذلك" إشارة إلى السّؤال، أو تكُون الإشارة إلى قوله "لا" وتكرارها قولها.
"ثمَّ قال": يعني: "النبي صلى الله عليه وسلم": "إنّما هي أربعة أشهر وعشر": "إنما" حرفُ ابتداء، ويُقال فيها: كافة ومَكفُوفة (2). وتقدّم الكَلام عليها في أوّل حديثٍ من الكتاب.
و"هي": ضَمير "العِدّة"، وإعرابها: الرّفع على الابتداء. والخبرُ: "أربعة أشهر"، و"عشر" معطُوفٌ عليه.
قوله: "وقد كانت إحداكُن": جملة مُستأنفة معطُوفة على ما قبلها. و"إحداكن" اسم "كان"، وإعرابه تقديري. و"إحْدَى": تأنيث "أحَد"، وإعرابه تقديري.
قوله: "في الجاهلية": يتعلّق بـ "كانت" إن قُلنا إنها تعمَل في الفضلات (3)، أو تتعلّق بـ "ترمي"، أو بحال من ضمير "ترمي". والمراد:"إذا اعتدّت ترمي". وخبرُ "كان" في جملة "ترمي".
قوله: "فقالت زينب: كانت المرأة إذا تُوفي عنها زوجها": جملة "كانت" في محلّ
= المفصل لابن يعيش (1/ 425).
(1)
انظر: البحر المحيط (5/ 476)، نتائج الفكر (ص 300)، شرح التسهيل (2/ 178)، شرح المفصل (1/ 425)، إعراب لامية الشنفري (ص 145).
(2)
انظر: شرح المفصل لابن يعيش (5/ 67 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (2/ 309)، النحو المصفى (ص 289).
(3)
انظر: توضيح المقاصد والمسالك (2/ 692)، الخصائص (1/ 198)، (2/ 276)، اللمحة (2/ 577)، شرح ابن عقيل (1/ 276)، الهمع (1/ 490).
معمُول القول، و"إذا" وجَوابها في محلّ خبر "كان".
و"دَخَل" يتعدّى لظرفه، وقيل: لمفعول به، والصّحيح الأوّل (1)، وهو هنا "حفشًا".
قوله: "ولبست": معطوفٌ على "دَخَلت"، أو تكُون "الواو" واو الحال، والتقدير:"وقد لبست شرّ ثيابها". وتقدّم الكلام على "شر" و"خير" في الثّامن من "باب الجنابة".
قوله: "ولم تمس طيبًا": يجوز الإدغام والتفكيك، وفي الآية قوله تعالى:{لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174]، و {إِنْ يَمْسَسْكُمْ} [آل عمران: 140] (2). و"طيبًا" مفعولٌ به، " [ولا] (3) شيئًا" معطوفٌ عليه، والتقدير:"ولا شيئًا من الطِّيب كُلّه".
قوله: "حتى تمرّ": الفعلُ منصوبٌ بإضمار "أن".
و"الباء" في قولها: "بها" بمعنى "على"، أو للإلصاق، نحو:"مَررتُ بزَيد"، وهو إلصَاقٌ مجازيّ (4).
قوله: "ثمَّ تُؤتى بدَابّة": الفعلُ مبني لما لم يُسمّ فاعله. والمفعولُ الذي لم يُسمّ فاعله ضَمير يعُود على "المرأة المعتدّةُ".
و"حمار" وما بعده، بَدَل من "الدّابة".
(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 356)، واللباب في علوم الكتاب (2/ 92)، وعقود الزبرجد للسيوطي (1/ 135).
(2)
انظر: البحر المحيط (3/ 323)، اللباب لابن عادل (18/ 435).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: عقود الزبرجد (2/ 412)، الجنى الداني (ص 36)، مغني اللبيب (ص 137)، والهمع (2/ 417)، وشرح التصريح (1/ 647).
قوله: "فتفتضّ به": معطوفٌ على "تُؤتى". وقد فَسّر معنى "تفتض". ورُوي: "فَتَقْبِصُ"(1) بـ "القاف" و"الباء" الموَحّدة من تحت و"الصّاد" المهمَلة. والأوّل أشْهَر (2).
قوله: "فقَلّما تفتض بشيءٍ": "ما" هاهنا مصْدَرية، أي:"فقَلّ افتضاضها بشيءٍ".
وقيل: تكون "ما" في ثلاثة أفعال زائدة، كافّة لها عن الفاعل، وهي:"قَلّ" و"كَثُر" و"طَالَ". وعِلّة ذلك: شبه هذه الأفعَال بـ "رُبّ". ولا تدخُل هذه الأفعال إلَّا على جملة فِعلية صرّح بفِعليتها (3)، كقول الشاعر:
قَلَّما يَبْرَح اللَّبيِبُ إلى ما
…
يُورِثُ المَجْدَ دَاعِيًا أَوْ مُجِيبَا (4)
وعلى هذا تُكتب "قلّما" مُتّصلة، وكذلك أُختاها.
وعلى الأوّل تكتب مُنفَصِلة (5).
وسَمّى بعضهم "ما" هنا "مُهيّئة"، هيّأت دخُول الفعْل على الفعْل (6).
قوله: "بشيءٍ": يتعلّق بـ "تفتضّ".
(1) رواه الشافعي في مُسنده (ص 301).
(2)
انظر: شرح السنة للبغوي (9/ 308)، رياض الأفهام (5/ 34)، النهاية لابن الأثير (4/ 5)، لسان العرب (7/ 69). والقبص: الأخذ بأطراف الأصابع.
(3)
انظر: مغني اللبيب (ص 403)، شرح الكافية الشافية (1/ 384)، شرح التصريح (1/ 236)، جامع الدروس العربية (1/ 57، 58).
(4)
البيت من الخفيف. وهو بلا نسبة. انظر: مغني اللبيب (ص 403)، والمعجم المفصل (1/ 138).
(5)
انظر: إرشاد الساري (8/ 190).
(6)
انظر: البحر المحيط (6/ 464)، شرح المفصل (4/ 522)، نتائج الفكر (1/ 145)، مغني اللبيب (404)، شرح الشافية للرضي (4/ 258)، وهمع الهوامع (1/ 521).
و"إلَّا" إيجاب [لما](1) في الجملَة من معنى النّفي؛ لأنّ قولك: "قَلّ" يقتضي نفي الكثير، فـ "إلَّا" إيجابٌ لنفيه. ومعنى الكلام:"قَلّما تفتضّ بشيءٍ فيعيش"(2).
قوله: "ثُم تخرج": معطوفٌ على "تُؤتى".
قوله: "فتعطى": مبني لما لم يُسمّ فاعله. وباب "أعطى" يتعدّى إلى مفعولين، الأوّل هنا الضّمير المستتر العائد عليها، والثّاني:"بَعْرَة".
وقوله: "وترمي بها": معطوفٌ على "تُعطَى".
قوله: "ثُم تُراجع بعد": تقدّم الكلام على "قبل" و"بعد" في الثّالث من "التيمم"، والرّابع من الأوّل، وفي الرّابع من "تسوية الصّفوف".
قوله: "ما شَاءَت": "مَا" موصُولة، وصِلتها:"شَاءَت"، والعَائدُ ضَمير مفعُول محذُوف، أي:"شَاءَته". والصِّلة والموصُول في محلّ المفعول لـ "تُراجع". و"من طيبٍ" يتعلّق بـ "شَاءَت". وتقدّم الكَلام على "شاء" في السّادس من "الإمَامة".
* * *
(1) بالنسخ: "لها". ولعل المثبت الصواب.
(2)
انظر: إرشاد الساري (8/ 190).