الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث:
[313]
: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ. فَقَالَ رسول صلى الله عليه وسلم: "مَهْيَمْ؟ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ: "مَا أَصْدَقْتَهَا؟ ". قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: "فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" (1).
قال الشّيخ تقيّ الدّين: "ردع" بـ "العَين" المهْمَلَة، أي "لَطْخ" و"أثَر". (2)
و"مهيم" استفهام، أي:"ما أمرك؟ " و"ما خبرك؟ ". قيل: إنها لُغة يمانية. قال بعضهم: يُشبه أن تكُون مُركّبة (3).
قوله: "أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم": في محلّ معمول "رُوي".
وجملة "رأى" في محلّ خبر "أنّ".
وجملة "وعليه ردع" في محلّ الحال من المفعول. و"الواو" واو الحال.
و"زعفران" إذا سُمّي به لم ينصرف؛ لأنّ "الألف" و"النون" ليستا من أصل الكلمة (4).
قوله: "مهيم": تقدّم الكلام عليها، وأنها استفهام.
وهل هي بسيطة أو مركبة؟ فيه احتمال. وإعرابها إعراب "ما" الاستفهامية. وعلّة بنائهما واحد (5). فـ "مهيم" مُبتدأ وخبر. هذا الذي يقتضيه معْناها.
(1) رواه البخاري (5072) في النكاح، ومسلم (1427) في النكاح.
(2)
انظر: رياض الأفهام (4/ 667)، وإحكام الأحكام (2/ 186).
(3)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 186).
(4)
انظر: إرشاد الساري (3/ 110)، شرح المفصل (4/ 200).
(5)
انظر: فتح الباري (1/ 191)، إكمال المعلم (7/ 348)، إرشاد الساري (6/ 149)، =
قال في الصّحاح: معناها: "ما حَالك؟ "(1).
قال بعضهم: [يُشبه](2) أن تكون مُركّبة. (3)
قلت: كما قيل في "اللهم" إنّ معناها: "اللهم أمّنا بخَير"(4).
ويحتمل أن يكُون الخبر مُقدّرًا، أي:" [مهيم] (5) حالك؟ ".
[قوله](6): "فقال": فاعله ضمير "عبد الرحمن".
وجملة "تزوّجت بامرأة" معمولة للقول.
قوله: "ما أصدقتها؟ ": "ما" هنا استفهامية ومحلّها نصب على المفعولية بـ "أصدقتها". وتقدّم أنّه يتعدّى إلى مفعولين؛ لأنّه من باب "أعطى".
وتقديمُ المفعول واجبٌ؛ لأنّه اسم استفهام، وأسماءُ الاستفهام لها صدْر الكلام.
قوله: "قال: وَزْن نَواة": الجملة معمولة للقول.
و"وزن" منصوبٌ بفعل مُقدّر، أي:"أصدقتها وزن نواة". ويجوز فيه الرّفع على أنّه خبر مُبتدأ محذُوف، أي:"صَداقُها وزنُ نواة".
قوله: "مِن ذَهَب": صفَة لـ "نَواة".
قال الشيخ تقيّ الدِّين: في معنى ذلك قولان: -
= (9/ 219)، إحكام الأحكام (2/ 186)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 34)، عقود الزبرجد (1/ 210)، نتائج الفكر للسهيلي (ص 152، 153)، الصحاح (5/ 2038)، ولسان العرب (12/ 565).
(1)
انظر: الصحاح (5/ 2038).
(2)
بالنسخ: "تشبه".
(3)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 186).
(4)
انظر: أمالي ابن الشجري (2/ 340، 341)، والهمع (2/ 64).
(5)
بالأصل: "ميهم".
(6)
بياض بالأصل.
أحدهما: أنّ المراد: "نواة من نوى التمر"، وهو قول مرجُوح، ولا يتحرّر الوزن به، لاختلاف نَوَى التّمر في المقدَار.
والثاني: أنّه عبارة عن [مقْدَار](1) معلُوم عندهم، وهو "وزن خمسة دراهم".
قال: ثُمَّ في المعنى وَجْهَان: -
أحدهما: أن يكُون المصْدَقُ ذَهبًا وزْنه خمسة درَاهم.
والثاني: أن يكُون المصْدَقُ دراهمَ بوزن نَوَاة من ذَهَب.
قال: وعلى الأوّل يتعلّق قوله "من ذَهَب" بلفظة "وَزْن"، وعلى الثّاني يتعلّق بـ "نواة"(2).
قلت: أمَّا تعلّقه بـ "وَزْن" فلأنّه مصدر "وَزَن". وأمّا تعلّقه [بـ "نواة"](3) فيصحّ أنْ يكون من باب تعلّق الصّفة بالموصُوف، أي:"نواة كائنة من ذَهَب"، ويكون المراد إمّا عدْلها دراهم، أو تكُون هي الموزُون بها.
قوله: "قَالَ": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم": "فبارك اللَّه لك": [يُقال](4): "بَارَك اللَّه لك" و"عليك" و"فيك". ولا يُستعْمَل من "بارك" مُضارع أو اسم فاعل ولا مَصدَر، ولا يُستعمَل (5) في غيره [تعالى] (6). (7) وتقدّم في الحديث الثّاني من "باب التشهّد". و"الفاء" في قوله:"فبارك" عاطفة.
ويحتمل أن يكون دُعاءً منه صلى الله عليه وسلم.
(1) بالنسخ: "مقدر". والمثبت من المصدر.
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 186).
(3)
سقط من النسخ.
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي "ب": "فقال".
(5)
أي: لفظ "تبارك"، كما في "البحر المحيط"(8/ 79).
(6)
غير واضحة بالأصل. وفي "ب": "بعلى". والمثبت من "البحر المحيط".
(7)
انظر: البحر المحيط (8/ 79)، الصحاح (4/ 1575).
ويحتمل أن يكُون خبرًا، و"الفاء" سَببية، أي:"بسبب تزويجك يُبارك لك".
و"اللام" هنا لام الاختِصَاص.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أوْلم": أمرٌ من "أولَم". واللفظة مُشتقة من "الولم"، وهو "الجمع"؛ لأنّ الزوجَين يجتمِعَان (1).
قوله: "ولو بشَاة": قال الشّيخ تقيّ الدّين: "لو" هنا تفيد معنى التقليل. وقال بعضهم: هي بمعنى التمنّي (2)، وقد تقدّم الكَلام عليها قريبًا في الحديث قبل هذا.
* * *
(1) انظر: رياض الأفهام (4/ 672)، وتاج العروس (34/ 62).
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 186).