الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجمع "بغيٍّ": "بغايا".
[و"حُلوان](1) الكَاهِن": "ما يُعطى على كهانته". يُقال منه: "حلوته حُلوانًا"، إذا "أعطيته"، أصله من "الحلاوة"، شُبِّه بـ "الشيء الحلو"، من حيث إنه يأخُذه سهلًا بلا كُلفة، ولا في مُقابلة مشقّة. يقال: "حَلَوْتُه"، إذا "أطعمته الحلوى"، و"عسَلتُه" إذا "أطعمته العَسلَ" (2).
الحديث التاسع:
[261]
: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ:"نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنْ المُزَابَنَةِ، وَعَن بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا، وَأَنْ لا تُبَاعَ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إلَّا العَرَايَا"(3).
هذا الحديث لم يذكره الشّيخ تقيّ الدّين، وهو ثابت في نُسخ "العُمدة" كُلّها، ولعلّ الشّيخ ترك الكَلام عليه لأنّ معناه في الأحاديث قبله. ولو سلم: فكان الواجب عَدَّه في جملة ما عدَّ من الأحاديث، ويَعتذر على ترك شرحه والكَلام عليه، مع أنه محلّ الكلام فِقهًا ولغةً وأصلًا، وسأذكرُ ما ظهر من ذلك.
قوله: "المُحاقلة": "بيعُ الحِنطةِ في سنبلها بحنطةٍ"(4).
قوله: "نَهى النبيُّ": التقدير: "أنه قال: . . . " ليكون معمول متعلّقٌ حرف الجر. وجملة "نهى" في محلّ معمول القول.
و"عن المخابرة": يتعلّق بـ "نهى".
(1) في المخطوط: "إن". والمثبت من "رياض الأفهام".
(2)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 231)، رياض الأفهام (4/ 275)، إرشاد الساري (4/ 115)، الإعلام لابن الملقن (7/ 116).
(3)
أخرجه البخاري (2381) في المساقاة، ومسلم (1536)، في البيوع.
(4)
انظر: رياض الأفهام (4/ 265).
و"المخابرة": قيل: هي "المزارعة على نصيبٍ مُعيّن، كالثلث والربع". و ["الخُبْرَة"](1): "النصيب".
وقيل (2): "الأرض الرِّخْوة ذات الجحَرَةِ". أرض "خَبرَة" و"خَبْرَاءُ". و"الخَبَارُ": "الأرضُ الرَّخْوَة"(3).
وقيل: أصلُ "المخابرة" من "خيبر"، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقرّها في أيدي أهلها على النصف من محصولها، فقيل:"خابرهم"، أي:"عَامَلَهم في خيبر"(4).
و"المحاقلة": ذكَر صاحب "العُمدة" فيها أنها "بيع الحنطة في سنبلها بحنطة"(5)، ولعلّه من تمام الحديث. ويُسمّيها الزّارعون:"المحارَثة"(6).
وقيل: هي "المزارعَة على نصيبٍ معلوم، كالثّلث، والرّبع، ونحوهما".
وقيل: هو "بيعُ الطّعام في سنبله بالبُرِّ".
وقيل: هي "بيعُ الزّرع قبل إدرَاكه".
وإنما نُهي عنها لأنها من المكيل، ولا يجوز فيه إذا كانا من جنس واحد إلا مثلًا بمثلٍ، ويدًا بيدٍ، وهذا مجهولٌ لا يُدرى أيهما أكثر كيلًا، وفيه النسيئة (7).
و"المحاقلة": مُفاعلة من "الحقل"، وهو "الزرع إذا تشعّب قبل أن يغلُظ ساقُه".
(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "الخبر". والمثبت من المصادر.
(2)
هذا كما في "الصحاح" هو تعريف "الخبار"، لا "الخبرة".
(3)
انظر: الإعلام لابن الملقن (7/ 103)، مشارق الأنوار (1/ 229)، الصحاح (2/ 641، 642)، المغرب (ص 137).
(4)
انظر: الإعلام لابن الملقن (7/ 103)، النهاية لابن الأثير (2/ 7).
(5)
انظر: عمدة الأحكام (ط الثقافة، ص 268).
(6)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 416).
(7)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 416).
وقيل: هو من "الحقل"، وهي:"الأرض التي تُزرَع". ويُسميه أهل العراق: "القَرَاح"(1).
أمّا "المزابنة": فقد تقدّم الكلام عليها، وفسّرها في الحديث (2).
وألفاظ هذا الحديث كُلها معطُوفات. وتنوّعَت، فمنها ما اكتفي فيه بحَرف العَطف عن ذكْر العَامل، وهو "المحاقلة"، ومنها ما أعاد فيه العامل، وهو "وعن [المزابنة] (3) "، "وعن بيع الثمرة حتى يبدو صَلاحها"، والأصلُ ترك إعادة العامل، إلّا في طول الكَلام، أو خَوفِ لَبْسٍ يدخُل على السّامع.
قوله: "وأن لا تُباع": معطوفٌ أيضًا بإسقاط "عن"، أي:"وعن أن لا تُباع". فيجري الخلاف في محلّ "أن"، على ما تقدّم، فسيبويه يقول: جر، والخليل والكسائي يقولان: نصب.
قوله: "حتى يبدو": الفعلُ منصوب بإضمار "أن" بعد "حتى"؛ لأنها بمعنى "إلى أن"، والفعلُ معها مستقبل. و"يبدو" تقدّم الكَلام عليه في الحادي عشر من "باب صفة الصّلاة".
[قوله](4): "إلا بالدينار والدرهم": هذا الاستثناء مُفرغ؛ لأنّ المجرور بعد "إلّا" متعلِّق بـ "أن لا يباع"، ومتى عمل ما قبل "إلّا" فيما بعدها كان الاستثناء مُفرغًا (5).
قوله: "إلا العَرايا": أعلم أنه إذا تكرّر حرف الاستثناء، وكان الاستثناء الأوّل
(1) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 416).
(2)
هنا احتمال سقط من النسخ، والظاهر أنه:"السابع"، أو "قبل السابق".
(3)
بالنسخ: "المزارعة".
(4)
بياض بالأصل بقدر كلمة. وسقط من (ب).
(5)
انظر: شرح شذور الذهب للجَوجري (2/ 481).
مفرغًا، عَمِل ما قبل الأوّل فيما بعده على حسب ما يقتضيه من رفع أو نصب أو جر، وما يأتي بعد ذلك من المستثنيات تنصب، لكن لا يتعيّن الأوّل؛ لتأثير العامل، وهذا في غير حديثنا يُمكن؛ لأنّ حرفَ الجر معناه في متعلّقه، فلا يدخُل على ما لا يكون لمتعلّقه فيه معنى.
وأمّا في مثل: "ما قام إلا زيدٌ، إلا بكرٌ، إلا عمرٌو" فلك أن ترفع الأوّل بالفعل على أنه فاعل، وتنصب الباقي، ولك أن تقول:"ما قام إلا زيدًا، إلا عمرو، إلا بكرًا". ولكن الراجح: إعمالُ الفعل في الأوّل (1).
أما إذا تكرّرت المستثنيات من المنفي غير المفرغ، فإن كان التَّكرار للتأكيد فلا يخلو من أن يقع بعد "إلا" الثانية اسم مماثل لما قبلها، نحو:
. . . . . . . . . . لا
…
تمرُر بهم إلا الفتى، إلا العَلَا (2)
فتلغى "إلا" الثانية؛ لأنّ "الفتى" مُستثنى من الضمير المجرور بـ "الباء"، والأرجَح كونه تابعًا له في جرّه. ويجوز كونه منصوبًا على الاستثناء، و"العَلا" بَدَل من "الفتى"، بَدَل كلٍّ من كلٍّ؛ لأنهما لمسمًّى واحد، و"إلّا" الثانية مُؤكّدة.
أو يكون التَّكرار للتأكيد بعد أن يدخُل على الثّانية "الواو" العاطفة، نحو قولك:"ما جاء إلّا زيد، وإلا عمرو". فهذا تلغى فيه "إلا" الثانية، وتكون معطوفة
(1) انظر: شرح التسهيل (2/ 295 وما بعدها)، أوضح المسالك (2/ 234 وما بعدها)، شرح الكافية الشافية (2/ 711 وما بعدها)، الجنى الداني (ص 514)، شرح الأشموني (1/ 503، 511 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 551 وما بعدها)، الهمع (2/ 265).
(2)
هذا عجز بيت من كلام الناظم، الذي يبين فيه حُكم "إلا" المكرّرة للتوكيد، وهو بتمامه:
وألغ "إلا" ذات توكيد كلا
…
تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا
انظر: ألفية ابن مالك (ص 31).