الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "صُرفت الطرق": مبني لما لم يُسم فاعله.
قوله: "فلا شفعة": هذه الجملة جواب "إذا"، فمن جعل الجواب العامل احتاج إلى تقدير الجملة الاسمية بفعل، أي:"فلا يشفع"، ومَن جعل العامل فيها فعلها لم يحتج إلى تقدير، كقوله تعالى:{وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: 11]، التقدير:"لم يُرَدَّ"(1)، والمعربون على هذا.
والحُذَّاقُ من النحويين المتأخّرين جعلوا العامل فيها فعلها، وجعلوا فعلها في محلّ جزم بها (2).
الحديث الخامس:
[281]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ فَقَالَ:"إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا". قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلا يُوهَبُ، وَلا يُورَثُ. قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ، وَفي الْقُرْبَى، وَفي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ. لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا، غيرَ مُتَمَوِّلٍ.
وَفِي لَفْظٍ: "غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ"(3).
قوله: "أصاب عُمر": أي: "ملك عمر"، فهو فعل وفاعل، و"أرضًا" مفعول به، "بخيبر" يتعلق بنعت لـ "أرض"، و"الباء" ظرفية.
و"خيبر": لا ينصرف للعلمية والتأنيث (4).
(1) انظر: اللباب في علوم الكتاب (11/ 272).
(2)
انظر: الجنى الداني (ص 368 - 370)، أمالي ابن الحاجب (1/ 185، 186).
(3)
رواه البخاري (2772) في الوصايا، ومسلم (1632) في الوصية.
(4)
انظر: إسفار الفصيح (1/ 213).
قيل: اسم هذا المال: "ثُمغ"، بالثاء المثلثة، و"الميم"، و"الغين" المعجمة.
قوله: "فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم": فاعل "أتى" ضمير "عمر"، وجملة "يستأمره" في محل الحال من فاعل "أتى". والضّمير في قوله:"فيها" يعود على "الأرض" على تقدير مضاف، أي:"يستأمره في أمرها من المتصدق بها والخروج عنها للَّه تعالى".
قوله: "فقال": معطوفٌ على "أتى" أو "يستأمر".
وجملة النداء وما بعده معمولة للقول.
قوله: "إني أصبت أرضًا بخيبر": هذا اللفظ يُؤذِن أنه كان يتطلّب أرضًا نفيسة يجعلها صدَقة، فلما أصاب هذه الأرض بخيبر أصاب غرضه، فقال:"إني أصبت"، ولم يقل:"إني ملكت". وكُسرت "إنّ" لأنها بعد القول (1). وجملة "أصبت" في محل خبر "إن". و"بخيبر" تقدّم قريبًا.
قوله: "لم أصب": صفة أخرى لـ "أرض"، والعائد على الموصوف من هذه الجملة: الضّمير في "منه". وذكّر الضمير؛ لأنه سماها مالًا من أمواله، وفضَّلها على تلك الأموال، وذكّر الضمير باعتبار المعنى.
وتقدّم الكلام على "لم" في الثّالث من "باب المذي"، والثّالث من "باب الجنابة".
قوله: "قط": تقدّم الكلام عليها في السّادس من "الإمامة".
وجملة "هو أنفس عندي": في محلّ صفة لـ "مال" والعائد منها ضمير "هو". و"أفعل" التفضيل استُعمل هنا بـ "من". وتقدّم الكلام على "أفعل" التفضيل في الأوّل من "الصّلاة". و"عندي": يتعلّق بـ "أنفس".
(1) انظر: أوضح المسالك (1/ 323).
و"أنفس": من: "نفِس بالشيء"، بكسر "الفاء" إِذَا ["ضنَّ] (1) به". ويقال:"نفست عليه الشيء"، "نفاسة" إذا "لم تره يستأهله"، و"نفست عليّ بخير قليل"، أي:"حسدت"، و"نَفُسَ الشيء" بالضم "نفاسة"، أي:"صار مرغوبًا فيه". وهو هنا في الحديث من هذا، أو من ["الضنَّ](2) به"، أي: "هو أعز عندي منه" (3).
قوله: "فما تأمرني؟ ": "ما" استفهامية مبتدأ، وخبرها في جملة "تأمرني". و"به" يتعلّق بفعل محذوف، أي:"ما تأمرني أن أعمل به؟ "، فهو متعلّق بالمحذوف. و"أنْ" معمول "تأمرني" بحذف حرف الجر.
و"الباء" في "به" ظرفية، والتقدير:"ما تأمرني أن أفعل فيه؟ "، أو يتعلّق بـ "تأمرني"، أي:"بفعله".
قوله: "فقال": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم".
تقدّم الكلام على "شئت" في السّادس من "باب الإمامة".
و"حبست": جوابُ الشرط، وجاء ماضيًا؛ لأنّ فعلها كذلك، وكذلك يختار المضي في الجواب إذا صحب الشرط "لم"، نحو:"إن لم يقم زيد قام عمرو"(4)، ولتحصل المشاكَلة؛ لأن "لم" تُصَيِّر المستقبل ماضيًا.
والضّمير في "أصلها" يعود على "الأرض"، والضّمير في "بها" يعود على "الثمرة".
ومفعول "شئت" محذوف تقديره: "إن شئت فِعْل الخير"، أو:"إن شئت الصّدقة حَبستَ".
(1) بالنسخ: "ظن". والمثبت من المصدر.
(2)
بالنسخ: "الظن"، والمثبت من المصدر.
(3)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 95)، الصحاح (3/ 985).
(4)
انظر: الأصول في النحو (2/ 188)، اللمحة في شرح الملحة (2/ 874)، همع الهوامع للسيوطي (2/ 492).
قوله: "قال: فتصدّق بها": فاعل "قال" ضمير "عبد اللَّه"، وقال:"تصدّق بها" يعود على "عمر". وضمير "بها" يعود على "الأرض"، أو على "الثمر"، أي:"وتصدّق بثمرها".
قوله: "غير أنّه": "غير" هنا منصوبة على الاستثناء المنقطع (1)، لأنّ التقدير:"لكن لا يباع أصلها". وقد أضيفت "غير" إلى "أنَّ"، وتقدّم أنّ "غير" و"مثل" إذا أضيفا إلى "أنَّ" و"إنَّ " و"ما" جاز فيها البناء والإعراب (2).
والضمير في "به" يحتمل أن يعود على "عمر"، ويكون "لا يباع" مفعولًا بفعل مقدّر، أي:"وشرط"، أو "قال: لا يباع أصلها"، إلى آخر الكلام.
وتكون الجملة محكيّة مفعولة بـ "شَرَط" المقدّر، أو بـ "قال".
ويحتمل أن يكون ما بعد "قال" كله حكاية ما فعله عمر رضي الله عنه، أي:"فقال ابن عمر: فتصدق بها غير أنه لا يباع"، وتكون "الهاء" في "أنه" ضمير الأمر والشأن (3)، أو ضمير الشرط، ويكون التقدير:"قال ابن عمر ما حكايته: فتصدّق بها"، على الابتداء والخبر، وتكون "الفاء" في "فتصدق" واقعة فيما اقتضاه الكلام في كتابة الكتاب أو لفظه، بحيث أنه قال بعد البسملة:"أما بعد، فتصدّق بها عُمر في الفقراء والقربى"، هذا يكون جرى منه حكاية لما وقع لعُمر في تبيين المصروف عليهم.
وأعاد العامل في المعطوفات إلّا في المعطوفين الأخيرين، بخلاف قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} إلى آخره [التوبة: 60]، ففي الآية جَرى على الأفصَح، وإن كان الكُل جاء في القرآن، كقوله تعالى:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28].
(1) انظر: شرح ابن عقيل (2/ 215).
(2)
انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 233).
(3)
انظر: علل النحو (ص 220) المفصل (ص 173).
قوله: "لا جناح على مَن وليها": "لا" واسمها مبنيٌّ معها. و"على من وليها" متعلّق بخبر "لا"، والجملة من تمام ما حُكي على ما تقرّر. وجملة "وليها" صلة "مَن" أو صفتها.
قوله: "أن يأكُل": "أن" في محلّ نصب أو جر بإسقاط الخافض، على الخلاف بين سيبويه والخليل (1)، أي:"في أن يأكل منها".
والضّمير في "منها" يعود على "الصّدقة"، ويحتمل البدَل من قوله:"على من وليها"، بدل اشتمال، أي:"لا جناح في أكل واليها منها بالمعروف".
قوله: "غير متمول": نصب على الحال من ضمير "يأكل"، وفيه محذوف، أي:"غير متموّل منها"، وتكون حالًا مُقدّرة (2).
قوله: "وفي لفظ": أي: "روى في لفظ"، "غير متأثِّل" مفعول لم يسمّ فاعله على الحكاية.
و"المتأثِّل": "الآخذ أصل المال". يقال: "تأثلت المال" أي: "اتخذته أصلًا"(3)، وهو في أصل الحديث منصوبٌ على الحال، أي:"أن يأكل في حال كونه غير متأثل".
(1) انظر: شرح الأشموني (1/ 486).
(2)
انظر: اعتراض الشرط على الشرط (ص 46).
(3)
انظر: نيل الأوطار (5/ 355)، لسان العرب (11/ 9).