الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إعراب الجملة الواقعة بعد المجرور باختلاف متعلّقه، فإن كان "جاء" كانت الجملة فاعلًا على الحكاية، وإن كان "رُوي" كان في محلّ مفعول لم يسمّ فاعله، وقد تكرّر التنبيه على ذلك.
قوله: "إلّا يدًا بيد": هذا الاستثناء كما تقدّم [مُفرغ](1)، أي:"إلا متقابضين"، فـ "يدًا" حال باعتبار معناه.
قوله: "إلّا وزنًا بوزن": وهو مثل "يدًا بيد"، والمعنى:"إلّا متوازنين"، فالإعراب كالإعراب. ويحتمل أن يكون مصدرًا في محلّ الحال، أي:"إلَّا موزونًا بموزون". ويحتمل أن يكون التقدير: "إلا أن يُوزن وزنًا"، فيكون مصدرًا مؤكِّدًا دالًا على الفعل المحذوف، كما قالوا:"فُلان شرب الإبل"، أي:" [يشرب] (2) شرب الإبل"(3).
الحديث الثّالث:
[274]
: عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَ بِلالٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيِّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ " قَالَ بِلالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمَرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ؛ لِيَطْعَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ هذا:"أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ"(4).
قوله: "جاء بلال": الجملة معمولة للقول، والقول في محلّ معمول متعلق حرف الجر. و"بتمر" متعلّق بـ "جاء". و"التمر": اسم جنس، واحدهُ:"تمرة"(5).
(1) بالنسخ: "مفرغًا".
(2)
بالأصل: "اشرب". والمثبت من (ب) والمصدر.
(3)
انظر: المقتضب (3/ 231)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 164).
(4)
رواه البخاري (2312) في الوكالة، ومسلم (1594) في المساقاة.
(5)
انظر: شرح الكافية الشافية (1/ 202).
ويحتمل أن يتعلّق بحال؛ فتكون "الباء" باء المصاحبة (1)، أي:"جاء بلال إِلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، مصاحبًا تمرًا برنيًا"، أو:"معه تمر برني".
قوله: "من أين هذا": "أين" هنا سُؤال عن جهة ما أتى به، أو عن الكيفية، أي:"كيف تهيأ لك هذا؟ "، أو:"كيف عَامَلت في هذا؟ ".
و"البرني": معروف، وقد أبدَلوا من يائه جيمًا في الوقف، فقال الراجز:
المُطْعِمانِ اللحْمَ بِالعشِجِّ
…
وبالغداة فلق الْبِرْنِجِّ (2)
وكأنه منسوبٌ إلى "البرنية"، التي هي "الإناء"، في تصوّره على هيئتها.
و"هذا": مبتدأ، والخبر في المجرور، أي:"هذا كائنٌ من أي جهة؟ ".
وأسماء الاستفهام كُلّها مبنية، لا يظهر للعَامل عمل فيها (3)، إلّا "أيّ"، فإنها تنجرُّ؛ لأنها حملت على نقيضها، وهو "كُلّ"، ونظيرها، وهو "بعض"؛ فأعربت، إلّا إذا كانت موصولة وحُذِف صَدرُ صِلتها (4).
قوله: "قال بلال: كان عندنا تمر رديء": هو اسم "كان"، والخبر في الظرف. و"رديء" نعتٌ لـ "تمر".
قوله: "فبعتُ منه صاعين بصاع": تقدّم الكلام على "الصاع"، ويجمع على:"أصوع"، وإن شئت أبدلت من "الواو" همزة.
و"الصّواع" لُغة في "الصّاع"(5).
(1) انظر: الصاحبي (ص 68).
(2)
هي لغة "فقيم"، والبيت بلا نسبة. انظر: شرح الأشمونى (4/ 82)، شرح التصريح (2/ 691)، المعجم المفصل (9/ 279)، قصة الأدب في الحجاز (ص 191).
(3)
انظر: اللباب لأبي البقاء (2/ 134) شرح الشذور للجوجري (1/ 276).
(4)
انظر: اللباب لأبي البقاء (2/ 134)، اللباب في قواعد اللغة (ص 80).
(5)
انظر: جمهرة اللغة (2/ 888) مقاييس اللغة (3/ 321).
قوله: "ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم": هو بفتح "الياء" و"العين". و"اللام" لام "كَيْ". و"يطعم" منصوب بإضمار "أنْ" بعدها (1)، ويتعلّق بـ "بعتُ".
[وفي](2) عدوله عن قوله: "ليطعم" بالخطاب إِلى الغَيبة [لقصد](3) الإجلال والتعظيم. والظّاهر أنّ قوله: "صلى الله عليه وسلم" من قول "بلال" في ذلك الوقت، ويحتمل أن يكُون من قول الرّاوي.
ومن هذا: ما يستعمله الكُتّاب الآن من العُدول عن [الخطاب](4) إلى الغيبة، فيقولون:"أحسَن اللَّه إليه"، و"أطال اللَّه بقاءه"، وهم يريدون:"أحسن اللَّه إليك"، و"أطال بقاءك"(5).
و"منه": يتعلّق بصفة لـ "صاعين"، تقدّمت؛ فانتصبت على الحال، أو يتعلّق بـ "بعت".
قوله: "فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند هذا": "عند" هنا ظرف زمان، أي:"عقيب زمن هذا القول"، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"الْصّبرُ عِنْدَ الْصَّدْمَة الأُوْلَى"(6).
قوله: "أوَّهْ": اسم فعل معناه: "أتوجع"، ومحلّه عندهم نصب؛ لأنّ اسم الفعل أشبه المصدر النائب عن الفعل.
وقال بعضهم: موضعها رفع بالابتداء، وسد فاعلها مسد الخبر (7).
(1) انظر: اللامات (66)
(2)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "في".
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
بالنسخ: "الخطابة".
(5)
انظر: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ت الحوفي (2/ 135).
(6)
متفقٌ عليه: رواه البخاري (1352)، ومسلم (14/ 926).
(7)
انظر: توضيح المقاصد (3/ 1159)، شرح التصريح (2/ 281).
ولم يأت اسم [الفعل](1) بمعنى المضارع إلا قليلًا، كـ "أُفٍّ" بمعنى:"أتضجر"، و"أوَّهْ" بمعنى:"أتوجع".
وقياسهما أن لا يُبنيا؛ لأنهما لم يقعا موقع المبنيِّ (2). وقال بعضهم: وقعا موقع الماضي، أي:"كرهت" و"وجعت"، فلذلك بُنِيا.
وهي هنا مفعولة بالقول؛ لأنها عَين المقول.
وقال ابن الأثير: "أوْهِ" ساكنة "الواو" مكسورة "الهاء"، وربما قلبوا "الواو" ألفًا، فقالوا:"آه من كذا"، وربما شدّدوا "الواو" وكسروها وسكنوا "الهاء"، فقالوا:"أوِّهْ"، وربما حذفوا "الهاء"، فقالوا:"أوّ"، وبعضهم يفتح "الواو" مع التشديد و"الهاء"، فيقول:"أوَّه"(3).
"عينُ الربا": أي: "هذا عين الربا"، فهو خبر مبتدأ محذوف.
قوله: "ولكن إذا أردت أن تشتري": "لكن" حرف استدراك، وقد تقدّم النفي على شرطها (4)، وتقدّم الكلام عليها في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.
ووقع بعد "لكن": "إذا" الشرطية، ولا يقع بعدها الشرط، حتى قالوا في قوله تعالى:{وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} [النحل: 106]، التقدير:"ولكن منهم من شرح"، فتكون "مَن" موصولة.
وكذلك قال ابن عصفور في قول طُرفة بن العبد:
. . . . . . . . . . . .
…
وَلَكِنْ مَتَى يَسْتَرْفِدُ الْقَوْمُ أَرْفِدِ (5)
(1) بالنسخ: "الفاعل". وليس هو المراد كما واضح من سياق الكلام.
(2)
انظر: المفصل (ص 193)، شرح الكافية الشافية (3/ 1385).
(3)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 82).
(4)
انظر: مغني اللبيب (ص 338).
(5)
عجز بيت من الطويل، وصدره:"ولستُ بحَلَّالِ التِلاعِ مخَافةً". انظر: خزانة الأدب للبغدادي (9/ 66).