الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "وإن كان زرعًا أن يبيعه": يُقدَّرُ فيه ما قُدِّر في الذي قبله.
و"بكيل" يتعلّق [بـ "يبعه"](1)، و"طعام" مُضاف إليه، وفيه إضَافة الصّفة إلى الموصوف، أي:"بطعامٍ مكيلٍ". فـ "كيل" بمعنى: "مكيل"، أو بمعنى:"ذي كيلٍ".
وإن كانت الرواية بالتنوين: "بكيلٍ طعامٍ" كان بَدَلًا، وهو حَسَنٌ.
قوله: "نَهى عن ذلك كلِّه": جملةٌ مستأنَفةٌ، والإشارة إلى "المزابنة" وصفاتها، و"كُلّه" تأكيد لذلك، وأكّد ذلك بـ "كُلّ"؛ لأنّ المشار إليه مُتعَدّد.
و"المزابنة": مأخوذة من "الزَّبْنِ"، وهو "الدَّفْعُ"، كأنّ كُلّ واحد من المتبايعَيْنِ يَزْبِنُ صاحبَه عن حقِّه بما يزداد منه. وإنَّما نُهِي عنه لما في ذلك من الغَبْنِ والجهَالةِ (2).
الحديث الثّامن:
[260]
: عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ"(3).
قوله: "نَهى عن ثمنِ الكلبِ": خبر "أن".
وما بقي من الحديث معطوفات على ما قبلها.
وهل هذا ومثله من باب عطف المفردات، أو من باب عطف الجمل؟
الأكثرون على أنه من باب عطف المفردات؛ فيكون "ومهر" معطوفٌ على "ثمن"، "وحلوان" معطوفٌ عليه.
وإن كان من عطف الجمل، يكون التقدير: "نهى عن ثمن الكلب، ونهى عن
(1) في المخطوط: "بيعه". والمثبت يناسب السياق.
(2)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 294).
(3)
رواه البخاري (2237) في البيوع، ومسلم (1567) في المساقاة.
مهر البغيِّ، ونهى عن حُلوان الكاهن".
وعلى هذا الخلاف ينبغي حكمُ العمل، هل هو فيها كُلها للعامل الأوّل، أو لكُل واحد من المعطوفات عامل مُقدَّر يفسره الأوّل؟ والتقدير في الجميع:"نهى أُمتَه عن كذا"؛ فالمفعولُ محذوف.
وحرف الجر يتعلّق بـ "نهى".
يُقال: "بَغَتِ المرأة"، "تبغي"، "بِغاءً"، إذا "زَنَتْ"(1).
قال الشّيخ تقيّ الدّين: "مَهْرُ البغيِّ": "ما يُعطَى على الزنا"، سُمِّيَ مهرًا على سبيل المجاز، أو استعمالًا للوضع اللغوي. ويَحتمِل أن تكُون من مجاز التشبيه إن لم يكُن "المهْر" في الوضع "ما يُقابل به النكاح".
و"حُلْوَان الكَاهِن": هو "ما يُعطاه على كهانته". والإجماعُ قائمٌ على تحريم هذين (2).
و"البغيّ" وزنه "فعول"؛ لأنّ أصله: "بَغُويٌ"، فلما اجتمعت "الواو" و"الياء"، وسُبقت إحداهما بالسكون، قُلبت "الواو":"ياءً"، وأدغمت "الياء" في "الياء"، وكسرت "الغين" اتْباعًا لكسرة "الياء" قبلها لتصحّ السّاكنة (3).
و"فعول" هنا بمعنى "فاعلة"، ولذلك أتى بغير "هاء" التأنيث، وهي صفة لمؤنّث، كما يأتي "فعيل" للمُؤنث بغير "هاء"، إذا كان بمعنى "مفعول" نحو:"امرأة قتيل"(4).
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 144).
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 125).
(3)
انظر: رياض الأفهام (4/ 274).
(4)
انظر: رياض الأفهام (4/ 274).