الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و"كلاهما" هنا مبتدأ، والخبر في جملة:"يقول"، وجملة "نهى" إلى آخره في محلّ نصب بالقول، وقد تقدّم الكلام على "كِلا" في الثالث من "الحيض".
قوله: "عن بيع": يتعلّق بـ "نهى"، و"الذهب" مضاف إلى المصدر، وهو مفعول، أي:"عن أن يبيع الذهب"، والتقدير:"عن أن يبيع الرجلُ الذهب"، فحذف الفاعل وأضاف المصدر إلى المفعول. أو يكون التقدير:"عن أن يبيع الذهب الرجلُ"، فيكون مثل:"يُعجبُنِي ضرب الثوب القصار".
ويحتمل أن يكون التقدير: "أن يباع الذهب"، على بناء الفعل للمفعول، فيكون المصدر من فعل لم يُسم فاعله، فيكون أضيف إلى النائب عن الفاعل، وهو "الذهب".
قوله: "دَيْنًا": يحتمل أن يكون منصوبًا بإسقاط الخافض، ويتعلق بـ "يبيع". ويحتمل أن يكون حالًا، أي:"نهى عن البيع في حال كونه مُداينة" أو "ذا دَيْن".
الحديث الخامس:
[276]
: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا، وَنَشْتَرِيَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا". قَالَ: فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَدًا بِيَدٍ؛ فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ. (1)
قوله: "نهى عن الفضة": أي: "عن بيع الفضة".
قوله: "إلا سواء بسواء": هو مثل: "إلا مثلا بمثل". وتقدّم الكلام على "سواء" في الحديث الثامن من "باب الجنازة"، فالتقدير هنا:"إلا مستويين"، بالنصب على الحال. ويحتمل أن يقدر كونٌ محذوف، أي:"إلا أن يكون الوزن سواء بسواء"،
(1) رواه البخاري (2182) في البيوع، ومسلم (1590) في المساقاة.
ويُقَدَّر: "إلا أن يوزن وزنًا سواء بسواء"، فـ "وزنًا" مصدر يدلّ عليه السياق.
قوله: "وأمرنا أن نشتري": التقدير: "بأن نشتري".
قوله: "كيف شئنا": "كيف" ظرف عند سيبويه (1)، لأنّ المراد أحوال الشخص، والحال شبيهة بالظرف، تقول:"زَيْدِ" في حال جنسه إِذَا قيل: "كيف زيد؟ ".
والمختار عندهم في مثل هذا: أن تُضَمَّن "كيف" معنى الشرط (2)، كما تقول:"كيف تكن أكن". ويكون جوابها محذوفًا، تقديره:"كيف شئنا من شرائهما نشتر".
وقَدَّر هذا التقدير أَبُو حيّان في قوله تعالى: {يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64]. (3)
(1) انظر: الكتاب لسيبويه (3/ 285، 4/ 233)، ومغني اللبيب لابن هشام (ص 272)، الهمع للسيوطي (2/ 218).
(2)
انظر: علل النحو (ص 224 - 226).
(3)
سبق كلام المصنّف رحمه الله في العاشر من "باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" في مسألة تضمين "كيف" معنى الشرط، وقد قدّر هناك الجزاء مرفوعًا، فقال في إعراب قول مالك بن الحويرث:"أُصَلّى كيف رَأيتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، يُصلّي": "كيف" هنا مُضَمّنة معنى الشّرْط، أي:"كيف رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُصلّي أُصلّي". فالأصحُّ هنا واللَّه أعلم التقدير بـ: "كيف تكن أكون"، بالرفع لا بالجزم، وهذا ما قدَّره أبو حيان، وليس ما أشار إليه المصنّف رحمه الله هنا. وانظر: البحر المحيط (4/ 316).
وَلا أدري هل وهم الشيخ هنا أم أنه وقع تصحيف عند النسخ؟ ، ويرجح الاحتمالَ الثاني أن هذه الصفحة من المخطوط لم تنسخ مع بقية الكتاب، وإنما أضيفت بعد النسخ بشكل مخالف لسائر الكتاب، مما يدل على أنَّ شيئًا ما قد حدث، فترتب عليه ما ترى. واللَّه أعلم.
وهناك فرق بين "كيف" وغيرها مما يستعمل في الشرط مثل "متي، وأين"، من حيث العموم والخصوص، لذا صحَّ أن تقول:"أين تكن أكن"، و"متى تقم أقم"، ولم يصحَّ:"كيف تكن أكن"، وجاز:"كيف تكن أكون". انظر: علل النحو (ص 224 - 226). =
وعلى هذا يكون "شِئْنا" في محلّ جزم. ويحتمل أن يكون في محلّ رفع، كقولهم:"كيف تصنعْ أصنعُ".
قلت: والجزم بـ "كيف" اختيار سيبويه (1). وأنت مخيّر في إدخال "ما" عليها.
وتقدّم الكلام على "كيف" في الحديث العاشر من "صفة الصّلاة".
قوله: "قال فسأله رجل": فاعل "قال" غير مذكور في اللفظ، وهو الراوي عن أَبِي بكرة، والضّمير في "فسأله" يعود على "أَبِي بكرة"، والمفعول الثاني لـ "سأل" المتعدّي إليه بحرف الجر محذوف، أي:"فسأله رجل عن معنى ذلك: أَيَدًا بِيَدٍ؟ "، أي:"أَأَمَرَ بذلك رسول اللَّه متقابضين؟ "، فيكون نصبًا على الحال. وإنما قدّرنا "همزة" الاستفهام، لأنّ مفعول "سأل" يأتي استفهامًا كثيرًا، فيكون مُعلقًا لها، كأفعال القلوب (2)، وقد تقدّم الكلام على "سأل" في الحديث الثاني [عشر](3) من "باب صفة الصّلاة".
قوله: "فقال": أي: "أبو بكرة": "هكذا" الهاء للتنبيه، و"الكاف" للتشبيه، و"ذا" اسم إشارة مجرور بالإضافة إلى الكاف في محل نصب بـ "سمعت"، أي: سمعت كذا، أي: مثل ذا.
= وفي توضيح المقاصد (3/ 1277): أما "كيف" فيجازى بها معنى لا عملًا، خلافًا للكوفيين، فإنهم أجازوا الجزم بها قياسًا، ووافقهم قطرب.
(1)
عبارة سيبويه في الكتاب (3/ 65): "سألت الخليل عن قوله: كيف تصنعْ أصنعْ. فقال: هي مستكرهة، وليست من حروف الجزاء، ومخرجها على الجزاء، لأن معناها على أي حالٍ تكن أكن". واستشهد ابن مالك بهذه العبارة على أن "كيف" قد ترد شرطًا في المعنى فحسب، فتعلق بين جملتين، ولا تعمل شيئًا حملًا على الاستفهامية، لأنها أصل. وانظر: شرح التسهيل لابن مالك (4/ 70، 71).
(2)
انظر: البحر المحيط (10/ 246)، تسهيل الفوائد (ص 72).
(3)
سقط من النسخ.
ويحتمل أن تكون الإشارة إلى اللفظ الذي حكاه أبو بكرة.
ويحتمل أن تكون الإشارة إلى القول الذي وقع به السؤال، أي:"كذا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يدًا بيد". واللَّه أعلم.
* * *