الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "قضاءُ اللَّه": هو ممدودٌ، أي:"ما قضى به وشرعه""أحقُّ" يعني: "بأن يُتَّبع من قضائهم وشرطهم"، فهو مبتدأٌ وخبرٌ، والخبر أفعل التفضيل، وقد تقدّم الكلام عليه في الأوّل من "الصّلاة".
وكذلك: "وشرطُ اللَّه أوثق": أي: "لمن [يُوثّق] (1) به وتمسّك"، لأنّ ما ليس في كتاب اللَّه لا تمسّك به، ولا ثبوت له.
قوله: "وإنّما الوَلاء لمن أعْتَق": "إنّما" تقدّم الكَلام عليها، و"الوَلاء" مبتدأ، والخبر في المجرور، و"مَن" بمعنى "الذي"، وصِلتُه:"أعتق"، وفيه ضَمير يعُود على "مَن"، والموصُول وصلته في محلّ جَر بـ "اللام".
الحديث الثّاني:
[270]
: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ فَأَعْيَا، فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ. فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا لِي، وَضَرَبَهُ، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ. قَالَ:"بِعْنِيهِ بِوُقِيَّةٍ". قُلْتُ: لا. ثُمَّ قَالَ: "بِعْنِيهِ"، فَبِعْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ، وَاسْتَثْنَيْتُ حمْلانَهُ إِلَى أَهْلِي. فَلَمَّا بَلَغْتُ أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ، فَنَقَدَ لي ثَمَنَهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَأَرْسَلَ فِي إثْرِي، فَقَالَ:"أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لآخُذَ جَمَلَكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ، فَهُوَ لَكَ"(2).
قوله: "فأراد أن يسيبه": فاعِل "فأرَاد" ضمير "جابر"، وكذلك فاعل "يسيِّبه"، و"أنْ" وصِلتها في محلّ مفعول بـ "أرَاد"، أي:"أراد إرساله"، لا أنْ يجعله سائبًا.
قوله: "فلحقني": فيه خُروج من ضمير الغَيبة إلى ضمير المتكلّم، لأنّ التقدير:"روي عن جابر أنه كان يسير"، فالرّاوي يخبر عن "جابر" بضمائر الغيبة، ثم انتقل إلى ضمائر المتكلّم، وهذا أسلوبٌ في علم البيان يُسمّى:"الالتفات"(3).
(1) كذا بالنسخ.
(2)
رواه البخاري (2718) في الشروط، ومسلم (715)(109) في المساقاة.
(3)
الالتفاتُ: هو التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة التكلم والخطاب والغيبة، =
قوله: "فدَعَا لي": فَاعلُ "دَعَا" ضَمير "النبي صلى الله عليه وسلم"، والجملة معطوفة على "لحقني".
قوله: "وضربه": معطوف على "دعا"، وروي:"فضربه بمحجن". فهو متعلق بـ "ضربه". و"الفاء" في قوله "فسار" بمعنى السببية (1)، أي:"بسبب ضربه". و"سيرًا" مصدر، العامل فيه:"سار"، والمصدر المطلَق لا يأتي إلّا للتأكيد أو للنوع أو للعدد (2)، وهو هنا للنّوع؛ لأنه قال:"لم يسر مثله"، فبين النوع بالصفة، ويحتمل أنه أراد:"لم يسر مثله في ذلك السفر"، ويحتمل أنه "لم يسر مثله قبل ذلك السفر وبعده".
وجملة "لم يسر" في محلّ صفة لـ "سير"، و"مثله" نعت لمصدر محذوف، أي:"لم يسر سيرًا مثله"(3).
قوله: "قال": أي: "قال النبي صلى الله عليه وسلم": "بعنيه بوقية".
قال ابن الأثير: "وقية": لغة ليست بالعالية، والفصيح:"أُوقية"، بضم "الهمزة" وتشديد "الياء"، والجمع يشدد ويخفف، يقال:"أواقِيُّ" و"أواقِي"(4).
و"بعنيه" تعدّى إلى مفعولين، المفعول الأول:"الياء" المتصلة بالفعل، والمفعول الثاني:"الهاء" في آخر الفعل، و"النون" نون الوقاية. وتعدّى لاثنين؛ لأنه في معنى:"أعطى"، وباب "أعطى" يتعدّى لاثنين (5).
قوله: "قلتُ: لا": لأنه لما رأى جَودة سيره ببركة النبي صلى الله عليه وسلم تمسّك به. ويحتمل
= بعد التعبير عنه بطريق آخر منها. انظر: بغية الإيضاح (1/ 138)، علوم البلاغة (ص 141)، جواهر البلاغة (ص 212).
(1)
انظر: الجنى الداني (ص 64)، مغني اللبيب (ص 214)، الهمع (3/ 192).
(2)
انظر: اللمحة (1/ 349)، شرح الشذور للجوجري (2/ 425)، الهمع (2/ 96).
(3)
انظر: توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1166)، حاشية الصبان (3/ 302)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 265).
(4)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 80، 5/ 217)، لسان العرب (15/ 404).
(5)
انظر: شرح الشذور لابن هشام (ص 462)، همع الهوامع (2/ 15).
أن يكون امتناع جابر لما فهم من مزح النبي صلى الله عليه وسلم معه، وإلّا لو علم من النبي صلى الله عليه وسلم غرضًا جازمًا ما قال له:"لا". وتقدّم أنّ "لا" حرف جواب، وأنها تكفي عن ذكر ما يأتي بعدها (1)، فالمعنى هنا:"لا أبيعه".
قوله: "ثم قال: بعنيه": أي: "قال النبي صلى الله عليه وسلم". "بعنيه" جملة معمولة للقول. ولما كرّر النبي صلى الله عليه وسلم الطلب خاف أن يكون ذلك لغرض فيه، فباعه منه، واستثنى حملانه. واستعمل في "أوقية" الثّانية اللغة الفصيحة.
قوله: "واستثنيتُ": معطوفٌ على "بعته". و"حملانه": مصدر: "حمل"، "حملًا" و"حملانًا"، كالغفران والشّكران.
قال ابن مالك: هذا الوزن كثير في جمع "فَعْل" كـ "ظهر" و"ظهران"، ويكثر في "فِعْل" بكسر أوله كـ "جِذْع" و"جذعان"، وفي "فَعيل" كـ "رغيف" و"رغفان".
قالوا: وفي "أفعل" نحو: "أسود" و"سودان"، و"فاعل" كـ "راكب" و"ركبان"(2).
قوله: "إِلَى أهلي": يتعلّق بـ "حملان".
قوله: "فلما بلغت": تقدّم أنّ "لما" حرف وجوب لوجوب، وقيل: ظرف بمعنى "حين"، واختار ابن مالك أنها بمعنى "إذ"(3).
قوله: "فأتيته": جوابُ "لما".
قوله: "فنقدني ثمنه": أي: "عجّل لي ثمنه".
قوله: "ثم رجعتُ إلى أهلي": يحتمل أن يكون المعنى "شرعت في الرجوع ولم ينته من الرجوع إلى أهله".
(1) انظر: الجنى الداني (ص 296).
(2)
انظر: شرح الكافية الشافية (4/ 1859، 1860).
(3)
انظر: تسهيل الفوائد (ص 241)، والجنى الداني (ص 594).
"فأرسل": معطوفٌ على "رجعت"، و"في إِثْري" يتعلّق بـ "أرسل".
و"إِثْر" بسكون "الثاء" مع كسر "الهمزة"، وبفتح "الثاء" مع فتح "الهمزة"(1)، وتقدم في الحديث الحادي عشر من "فسخ الحج إلى العمرة".
قوله: "فقال": معطوف على "أرسل".
قوله: "أتُراني": هو بضم "التاء"، أي:"تظنني"، و"ماكستُك" في محلّ مفعولها الثاني، والمفعول الأوّل:"الياء"، والفاعل: ضمير "جابر"، وتقدّم الكلام على "أخذ" في السادس من "الإمامة".
قوله: "لآخذ": "اللام" لام "كي". و"آخذ" فعل مضارع منصوب بإضمار "أَنْ"، ولو ظهرت "أن" جاز، أي:"لأن آخذ". ويجب إظهارها مع "لا"، كقوله تعالى:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29](2).
وضبطه بعضهم: "لأَخْذِ جملك" بسكون "الخاء" على المصدر، و"اللام" في الموضعين "لام" التعليل، ويتعلّق بـ "ماكستُك".
قوله: "ودراهمك": معطوفٌ على "جملك"، ويحتمل أن تكُون "الواو" واو "مع"؛ فيكون مفعولًا معه، أي:"مع دراهمك".
قوله: "فهو لك": يحتمل أن يكُون هذا إنشاء هبة من النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بعد ما مَلَكَهُ النبي صلى الله عليه وسلم. ويحتمل أن يكُون المعنى: "فأنت مُستمر على تملُّكِكَ"، ويدلّ على هذا قوله:"أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ "؛ معناه: "لآخذه بالمعاقدة التي وقعت".
قوله: "فهو لك": ولم يقل: "فهما لك"؛ لأنّ الدراهم أخذها وملكها ولم ينو إلَّا "الجمل".
(1) انظر: الصحاح (2/ 575)، ولسان العرب (4/ 5).
(2)
انظر: شرح المفصل لابن يعيش (4/ 242).