الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتَاب الجِهَاد
الحدِيث الأوّل:
[396]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ انْتَظَرَ، حَتَّى إذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ؛ فَقَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ".
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ"(1).
قوله: "الجِهَاد": مأخُوذٌ مِن "الجَهْد" بفتح "الجيم"، وهو "التّعَب" و"المشَقّة"، وبضَم "الجيم":"الطّاقَة". (2)
قوله: "أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: في محلّ معمُول مُتعَلِّق حَرْف الجر.
قوله: "في بعْض أيّامِه": حَرْفُ الجر يتَعَلّق بـ"انتَظَر"، ولا يتعَلّق بـ"لَقِي"، لأنّه صِلة الشيء، والمتعَلّق بالصّلَة صِلَة، والصِّلة لا تتقَدّم على الموصُول (3)، ولأنّ المجْرور مُضَافٌ إلى "أيّامه"، و"التي" صِفَة للأيام؛ فلو عملت الصِّلة في المجرور لَعَمل المجرور في الصِّلة؛ لأنّ العَامِلَ في الصّفة العَامل في الموصُوف، والموصُوف معمُول للمَجْرور؛ فيجب أن يعمل المجرور في الموصُول، وفي هَذا من التّدَافُع
(1) رواه البخاري (2933)، (2965)، (2966)، (3024) في الجهاد، (4115) في المغازي، (6392) في الدعوات، (7489) في التوحيد، ومسلم (1742) في الجهاد.
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 58)، الإعلام لابن الملقن (6/ 89)، الصحاح (2/ 460)، لسان العَرب (3/ 133).
(3)
انظر: البحر المحيط (3/ 225)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 31)، شرح شذور الذهب للجوجري (2/ 677)، همع الهوامع (3/ 37).
ما لا يخفى.
و"فيها" يتعَلّق بـ"لَقِي". و"العَدو" مفعُول "لَقِي".
والصّلة والموصُول في محلّ صفة و"أيّامه".
"حَتى إذا مَالَت الشّمس": "حتّى" حَرْفُ ابتِداء، وجَعَلَها الزمخشري مَع "إذا" حَرْف جَر (1)، وتقَدّم الكَلامُ عَليها مَع " [إذَا] (2) " في الحديثِ الثّاني من "باب السّهو".
ومفعُولُ "انتَظَر" محْذُوف، أي:"انتَظَر [الدّفْع] (3) على العَدو" ومعنَاهَا: "أَخَّرَ القِتَال".
وجملة "مَالَت الشّمْس" في محلّ جّر بالظّرْف.
وجملة "قَامَ" جَوَابُ الشّرط. والتقدير: "قَامَ فيهم خَطيبًا". والضّميرُ في قوله: "فيهم" يعُود على "الجيشين المتَقَاتلين". وجملة "فَقَالَ" معْطُوفة على "قَامَ".
قوله: "أيّها النّاس": "أي" مُنَادَى، و"النّاس" صِفَة. وتقدّم الكَلامُ على "يا" في الحديثِ السّابع مِن "الإمَامَة"، و"أيّ" فيه أيضًا.
قوله: "لا تتمنوا لِقَاءَ العَدو": يجوز حَذفُ إحْدَى التآءَين، وحَذفُ "النّون" عَلامَة جَزْمه. و"لِقَاء" مفْعُولٌ به، وهو مَصْدَر مُضَاف إلى مفعُوله.
قوله: "واسألوا الله العافية": يجوز: "وَسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ"(4). وتقَدّم الكَلامُ على "سَأل" في الحديث الثّاني عشر من "باب صِفَة الصّلاة"، وهو هُنا بمَعنى:
(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/ 471)، عُقود الزبرجَد (1/ 240)، مُغني اللبيب (ص 173 وما بعدها).
(2)
بالنسخ: "ما". والمثبت بالرجوع للحديث المذكور.
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
صَحيح البخاري (2966، 3024).
"سَأل" في الحديث الثّاني عشر من "باب صِفَة الصّلاة"، وهو هُنا بمَعنى:"اطلبوا من الله العَافية".
قوله: "فإذا لَقِيتموهم فاصْبروا": "إذَا" تقَدّمَت في الحديث الثّاني من الأوّل، "لقيتموهم" فِعْلها، وجَوَابها:"فاصبروا".
قوله: "واعْلَمُوا أنّ الجنّة تحْت ظِلَال السّيوف": خَبرُ "أنّ" مُتعَلّق "تحت"، و"ظِلال السّيوف" مِن مجَاز الكَلام (1).
قوله: "ثُمَّ قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم": معطُوفٌ على مَا قبْله بـ"ثُمّ" المقتَضيّة للمُهْلَة.
قوله: "اللَّهم مُنزلَ الكتاب": تقَدّم الكَلامُ على "اللهم" في الحديث الأوّل مِن "الاستطابة".
و"مُنزلَ الكتاب" مُنادَى مُضَاف، ولا يصحّ عند الجمْهُور أنْ يكُون صِفَة (2).
[قَالَ](3) أبو البَقَاء عند إعراب: {مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26]: وذلك لأنّ "الميم" المشَدّدَة تمنَع مِن ذلك. (4)
قَالَ صَاحبُ "المجيد": يحتمل أنْ يُريد: لأنّها فَاصِلة بين النّعْت والمنعُوت. (5)
قَالَ " [مكي] (6) ": لأنّه تغير بـ"الميم" ........................................
(1) انظر: فتح الباري (4/ 100)، إرشاد السّاري (5/ 123)، إحكام الأحكام (2/ 300).
(2)
انظر: تفسير الرازي (8/ 186)، البحر المحيط (3/ 85)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 250)، الجمل في النحو (ص 136).
(3)
غير واضحة بالأصل، وقد تكون:"قاله". والمثبت من (ب).
(4)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 250).
(5)
راجع: شرح التصريح (1/ 351).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
في آخره (1).
قَالَ بعضُهم: لأنّه لما اتّصَل به "الميم" صَار بمَنزلة صوت، كقَولك:"يا هناه". (2)
وأجَاز ذَلك (3) المبرد والزّجّاج. قَالَ أبو البَقَاء: كما جَاز مَع "يا الله". (4)
ورَدّه بعضُهم بأنّه لو صَحّ فيما بعده الوصْف لجاز فيه الرّفع والنّصب، كسائر المناديات المبنية. (5)
قوله: "مجري السّحَاب" ومَا بَعْده: معطُوفٌ عليه.
قوله: "اهْزِمهم": هو بكَسر "الهمْزَة". "وانصُرنا عَليهم": معطُوفٌ على "اهزمهم".
قَالَ الشّيخُ تقيّ الدِّين: في الحديث التوَسّل بالنّعْمة السّابقَة إلى النعْمَة اللاحِقَة. وقد ضَمّن الشّعراء هَذا المعنى أشْعَارَهم بعدما أشَار إليه كتاب الله حِكَاية
(1) راجع: تفسير الشعراوي (6/ 3463)، إعراب القرآن وبيانه (1/ 486)، الجمل في النحو (ص 136).
(2)
انظر: تفسير القرطبي (4/ 55)، تفسير النيسابوري (2/ 136)، تفسير ابن عطية (1/ 417)، اللباب لابن عادل (5/ 126)، مغني اللبيب (ص 784)، حاشية الصبّان (3/ 217).
(3)
أي: جواز كون "مالك الملك" صفة.
(4)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 250)، البحر المحيط (3/ 85)، تفسير النيسابوري (2/ 136)، الدر المصون (3/ 99)، معاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/ 394)، تفسير القرطبي (4/ 54)، واللباب لابن عادل (5/ 125)، وشرح المفصل (5/ 53).
(5)
راجع: التفسير البسيط للواحدي (5/ 151 وما بعدها)، تفسير الطبري (ط هجر، 5/ 299 وما بعدها)، وشرح القطر (ص 212).
عن [زَكريا](1) عليه السلام في قَوله: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]. وقَالَ الشّاعر (2):
كَما أَحْسَنَ اللَّهُ فِيما مَضَى
…
كَذَلِكَ يُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ (3)
[ق 228] وقَالَ الآخَر:
لَا وَالَّذِي قَدْ مَنَّ
…
بِالْإِسْلَامِ يَثْلُجُ فِي فُؤَادِي
مَا كَانَ يَخْتِمُ بِالْإِسَاءَةِ
…
وَهْوَ بِالْإِحْسَانِ بَادِي (4)
قلتُ: ومعنى "يختم بالإسَاءَة" غير المعنى المتعَارَف؛ لأنّه لا يكُون من الباري سُبحَانه إسَاءَة، إنما المرادُ:"مَا كَان ليختم عَمَلي [بالإساءَة] (5) إليه في مخالفته وقد بَدَأني بالإحسَان"، وذلك على طَريق الرّجَاء وحُسْن الظنّ، وإلّا فله سُبحَانه أنْ يفْعَل مَا يشَاء بخَلْقِه. (6)
(1) بالنسخ: "يحيى". والتصويب من المصدر.
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 301).
(3)
البيت من المتقارب. وقائله: الإمام عليّ، وقيل: عبد الله بن طالب الكاتب، وقيل: الفقيه منصور بن إسماعيل بن عيسى بن عمر التيمى.
انظر: اللباب لابن عادل (20/ 545)، إحكام الأحكام (2/ 301)، الحماسة المغربية (2/ 1251، 1252)، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (2/ 474)، الأوراق قسم أخبار الشعراء، للصولي (2/ 212)، وزهر الآداب وثمر الألباب (3/ 882، 883).
(4)
الأبيات من الكامل. وقائلها: أَبُو الْفضل أَحْمد بن عبد الله بن مسكور الْخَطِيب الأديب السّوسي.
انظر: إحكام الأحكام (2/ 301)، توضيح المشتبه في ضبْط أسماء الرواة وأنسَابهم وألقَابهم وكُناهم (8/ 180)، معجم السفر، لأبي طاهر السّلفي، (ص 257).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: الإعلام لابن الملقن (10/ 279).
الحدِيث الثّاني:
[397]
: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا [عَلَيْهَا] (1)، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهَ أو الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا"(2).
قالَ الشّيخ تقيّ الدِّين: "الغَدْوَة" بفَتْح "الغَين" المعجَمة: " [المسير] (3) في الوقت الذي في أوّل النّهار إلى الزّوال". و"الرّوحَة": "من الزّوَال إلى الليل"(4).
ولفظُ الحديث يُشْعِر بأنّها تكُون فِعْلًا واحِدًا؛ [ولا](5) شَكّ أنّه يقَع على اليسير والكثير من الفِعْل الواقِع في هَذين الوقتين؛ ففيه زَيادة ترْغيب، وفَضْل عَظيم. (6)
قوله: "أنّ رَسُولَ الله": "أنّ" مفتُوحَة؛ لأنّها معمُولة لمتعَلّق حَرْف الجر. و"قَالَ" في محل خَبر "أن".
وجملة "صلى الله عليه وسلم" لا محلّ لها مِن الإعْرَاب.
و"رِبَاط" مُبتَدأ، و"خَير" خَبره. و"في سَبيل الله" يتعَلّق بصِفَة لـ"يَوم". و"مِن
(1) بالنسخ: "فيها". والمثبت من المصادر والشرح.
(2)
رواه البخاري (2794) في الجهاد، ومسلم (1881) في الإمارة.
(3)
كذا بالنسخ. وفي "إحكام الأحكام": "السير".
(4)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 302).
(5)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "فلا".
(6)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 302).
الدّنيا" يتعَلّق بـ"خَير".
وتقَدّم الكَلامُ على "خَير"، وأنّه "أفْعَل" التفضيل، وأنّه منصَرف مَع أنّ فيه الصِّفة (1)، في الحديثِ الثّامِن مِن "باب الجنابة".
و"عَلَيْهَا": يتعَلّق بصِلَة ["مَا"](2)، أي:"ومَا استَقَر عَلَيْهَا".
قوله: "ومَوضِع سَوْط أحَدِكُم": مُبتدأ، و"مِن الجنة" يتعَلّق بـ"مَوضِع"، وخَبرُ المبتَدأ:"خَير". و"مِن الدّنيا ومَا عَلَيها" القَولُ فيه مثْل مَا تقَدّم مِن الإعْرَاب قبله.
قوله: "والرّوحَة يروحهَا العَبْد": أي: "وثوابُ الرّوحَة".
وجملة "يَروحهَا العَبْد" يحتمل أنْ تكُون مُستَأنفة، لا محلّ لها مِن الإعْرَاب. ويحتمل أنْ يكُون محلّها صِفَة للرّوحَة، وإن كَان معرفة؛ لأنّ تعريفها تعريف جنس، لم [يُرِد](3) رَوْحَة مُعيّنة، وهَذا كما قيل في قوله تعَالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37]، وقوله تعالى:{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5]، وكقول الشّاعر:
(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 330)، شرح التسهيل (3/ 64)، شرح المفصل (1/ 174 وما بعدها)، (2/ 159، 161)، (3/ 311)، شرح الأشموني (2/ 311)، شرح الكافية الشافية (2/ 1130 وما بعدها، 1136، 1140)، (3/ 1474، 1479، 1498)، شرح التصريح (2/ 101 وما بعدها، 344)، الخصائص لابن جني (1/ 110)، شرح الشذور للجوجري (2/ 826)، توضيح المقاصد (3/ 1195، 1215)، حاشية الصبان (3/ 339 وما بعدها)، همع الهوامع (3/ 95 وما بعدها، 100، 107).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
بالنسخ: "ير". والصواب المثبت.
وَلَقَدْ أمُرَّ على اللَّئِيم يَسُبُّني
…
.................................. (1)
اختارَه الزّمخشري وابن مَالك، وضَعّفه أبو حيّان (2)، وتقَدّم ذِكر ذلك.
ويحتمل أنْ تكُون الجمْلَة حَالًا، أي:"وثوابُ الرّوحَة في حَال كَونها مُروحًا فيها". وكونها لا محل لها أحْسَن.
قوله: "أو الغَدْوَة": أي: "أو الغَدوة يغدوها العبد في سبيل الله خير"، فحَذف جملة "يغدوها" والمتعَلِّق بها وخَبرها، واكتفى بـ"الرّوْحَة" ومَا يتعَلّق بها.
ويحتَمل أنْ يكُون "خَير" خَبرَ "الغَدوة"، وخَبرُ "الرّوْحَة" محذُوفٌ يدُلُّ عليه [خَبر](3) الثاني. والأول أبْيَن.
و"أَو" هُنا للتقسيم، وهُو أحَدُ أقْسَامِها (4)، وقَد تقَدّم ذلك في الحديثِ الثّالِث
(1) البيتُ من الكامل، وهو لرجل من بني سلول، أو لشمر بن عمرو الحنفي، أو لعميرة بن جابر الحنفي. ونهاية البيت:"فَمَضَيْتُ ثَمَّتَ قَلْتُ: لَا يَعْنِينِي".
انظر: البحر المحيط (4/ 42)، (9/ 64)، الكتاب (3/ 24)، البصائر والذخائر (8/ 111)، الإيضاح في علوم البلاغة (3/ 147)، أوضح المسالك (3/ 276)، شرح الأشموني (2/ 318)، خزانة الأدب (1/ 357)، (7/ 197)، المعجم المفصل (8/ 271).
(2)
انظر: تفسير الزمخشري (1/ 16)، (4/ 14، 15، 530)، البحر المحيط لأبي حيّان (2/ 178)، (4/ 42، 43)، (9/ 64)، (10/ 172)، شرح التسهيل (1/ 115، 116)، (2/ 300)، (3/ 227، 311)، مغني اللبيب (ص 561)، شرح الكافية الشافية (1/ 323)، شرح ابن عقيل (3/ 196 وما بعدها)، شرح التصريح (2/ 114)، شرح الأشموني (1/ 168)، (2/ 318)، دليل الطالبين (ص 92).
(3)
في (ب): "خير".
(4)
انظر: شرح الزرقاني على الموطّأ (2/ 220)، الجنى الداني (ص 166، 228)، توضيح المقاصد (2/ 1008، 1009)، أوضح المسالك (3/ 341، 342)، مغني اللبيب (ص 92)، شرح ابن عقيل (3/ 232)، شرح الأشموني (2/ 378)، اللمحة =
مِن "السِّواك".
الحدِيث الثّالِث:
[398]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"انْتَدَبَ اللَّهُ -وَلِمُسْلِمٍ: تَضَمَّنَ اللَّهُ- لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لا يُخْرِجُهُ إلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلي وَإيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ برَسُولي؛ فَهُوَ عَليِّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجنةَ، أَوْ أُرْجِعَهُ إلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ"(1).
وَلِمُسْلِمٍ (2): "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبيلِهِ- كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ. وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِييهِ [إنْ] (3) تَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يُرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أوْ غَنِيمَةٍ"(4).
قوله: "عن أبي هُرَيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم": حَرفُ الجر الأوّل يتعَلّق بـ"رُوي" المقَدّر المبني للمفعُول. و"عَن" الثّانية تتعَلّق بفِعْل مبني للفَاعل، يُقَدّر خَبرًا لـ"أنّ" مُقدّرَة، وتقديرُ ذلك:"رُوي عن أبي هُريرة أنّه رَوَى عَن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قَالَ"؛ فـ"أنّه قَالَ" في محلّ مفعُول "رُوي".
ومعنى "انتَدَب": قَالَ ابنُ الأثير: "أجَاب"، أي:"أجَاب بُغيته ودَعْوَته". (5)
= (2/ 694 وما بعدها)، شرح التصريح (2/ 173)، همع الهوامع للسيوطي (3/ 206)، جامع الدروس العربية (3/ 246، 247).
(1)
رواه البخاري (7457)(7463) في التوحيد، ومسلم (1876) في الإمارة.
(2)
قوله: ولمسلم إلخ. هذه الزيادة التي عزاها لمسلم ليست فيه، وإنما هي في البخاري بطولها في "باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله".
(3)
بالنسخ: "بأن". والمثبت من "العُمدة"(ص 274).
(4)
رواه البخاري (2787) في الجهاد، ومسلم (1878) في الإمارة.
(5)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 34).
وعبارة ابن الأثير هي: "انتَدب الله لمن يخرج
…
أي: أجَابه إلى غُفرانه. يُقَال: ندبته =
قوله: "ولمسْلِم": أي: " [ورُوي] (1) لمسْلم"؛ فيتعَلّق حَرف الجر بـ"رُوي"، [وَتضَمَّن](2) مفعُوله الذي لم يُسَمّ فَاعِله على الحِكَاية. وجملة "ولمسْلِم" مُعْترضة.
قوله: "لمَن خَرَج في سَبيله": "اللام" هُنا يُشبه أنْ تكُون "لام التبليغ"، كهِي في:"قُلتُ لَه". (3) و"مَن" بمَعنى "الذي"، وصِلتها جملة "خَرَج"، والعَائدُ عَليها ضَمير الفَاعِل، و"في سَبيله" يتعَلّق بـ"خَرَج".
قوله: "لا يُخرِجه إلّا [جِهَادٌ] (4) ": الـ"جِهَاد" مَرفُوع، كذا رَوَيته وقَرَأته؛ فيكُون الاستثناء مُفرغًا؛ لأنّه يكُون مرفوعا بـ"يخرِجه". (5)
وقال "النووي": ال"جِهَاد" منصُوبٌ في جميع النسخ، وكذا مَا عُطِف عليه، ونصبه على أنّه مفعُولٌ له، وتقديره:"لا يُخرِجه المخْرج -[أي: يحرِّكُه] (6) المحَرِّك- إلّا [الجهَادَ] (7) والإيمان والتّصْدِيق". (8)
قَالَ الشّيخُ تاج الدِّين الفَاكهاني رحمه الله: وهَذَا وَجْهٌ بَعيد، لا ينبغي حمل الحديث عليه. والصّوابُ: الرّفع إعْرابًا ومَعْنى. أمّا الإعرابُ: فظَاهِر. وأمّا المعنى: فلأنّ
= فانتدب: أي بعثته ودَعَوتُه فأجَاب".
(1)
بالنسخ: "ويروى". والمثبت الصواب.
(2)
أي: الفعل المقَدّر.
(3)
انظر: البحر المحيط (2/ 457)، شرح التسهيل (3/ 145)، مغني اللبيب (ص 281، 284)، الجنى الداني (ص 99).
(4)
بالنسخ: "الجهاد".
(5)
انظر: الإعلام لابن الملقن (10/ 292).
(6)
بالنسخ: "أي يخرجه". وفي "شرح النووي": "ويحركه".
(7)
غير واضحة بالأصل. وفي "شرح النووي": "للجهاد".
(8)
انظر: شرح النّووي على صَحيح مُسلم (13/ 20)، الإعلام لابن الملقن (10/ 292).
الرّفع أبْلَغ؛ لإسناد الإخْرَاج إلى الجهَاد ومَا بعْده، وقَوّى ذلك بكَلام فيه طُول اختَصَرته. (1)
قَالَ ابنُ الأثير في "جَامِع الأصول": الكَلامُ فيه خُروجٌ مِن الغَيبة إلى الحضُور. (2)
قُلتُ: وقَد تقَدّم حُكم الالتفات في الثّاني من "الصّفوف".
وإنما كَان التفَاتًا لأنّ قوله "انتَدَب الله" أو "تضَمّن الله" اقتضى سياقه أن يقول: "لا يُخرجُه إلا جِهَاد في سَبيله وإيمان به". (3)
[أو](4) يحتاج إلى تأويله باسم فَاعِل مِن القَول، منْصُوبٌ على الحال [يحكي](5) به مَا وَقَع نَافيًا ومَنفيًّا، كأنّه قَالَ:"انتَدَب الله لمَن خَرَج في سَبيله [قَائِلًا] (6): لا يُخرِجه إلا جِهَاد في سَبيلي وإيمان بي وتصْدِيق برُسلي". (7)
أمّا إذا فُسّر "انتَدَب" بـ"أجَاب": فبَيِّن، أي:"أجَابَ الله لمَن خَرَجَ في سَبيله بُغْيته ودَعْوَته".
وأمّا على رواية "تضَمّن": فيحتَاج إلى تقدير مفْعُول يتمّ به المعنى؛ لأنّه إذا قُلتَ: "تضَمّن الله لمن خَرَج" استشرف الكَلام إلى مفعُول؛ فيُقَدّر المفعُول مِن
(1) انظر: رياض الأفهام (5/ 550).
(2)
انظر: فتح الباري (1/ 93)، شَواهد التوضيح (ص 84).
(3)
انظر: فتح الباري (1/ 93)، (6/ 7)، شواهد التوضيح (ص 84).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
بالنسخ: "ناويًا". والمثبت من "شواهد التوضيح".
(7)
انطر: فتح الباري (1/ 93)، شواهد التوضيح (ص 84)، عقود الزبرجد (3/ 140، 141).
المعْنَى، ويكُون تقديره:"تضمّن الله القَبُولَ لمَن خَرَجَ"، ويكُون "أنْ أُدْخِله الجنّة" بَدَل منه، ويكُون الضّمير يعُود على "القبُول" المقَدّر، وتقديرُ الكَلام:"تضَمّن الله لمَن خَرَجَ في سَبيله لا يُخرِجُه إلّا الجهَاد والإيمان والتصديق القَبُولَ"؛ فـ"القَبُول" مفعُول "تضَمّن"، ثم أكّدَه بقوله:"فهُو عَليّ ضَامِن"، أي:"مَضْمُون".
ويكُون "أنْ أدْخِله الجنّة" إمّا بَدَل على مَا [تقَدّم](1) مِن المحذُوف، وهَذَا يصحّ عند بعْضِهم (2). وإمّا مفعُول لم يُسَمّ فَاعِله للمَضْمُون الذي أوِّل به "ضَامِن"؛ فيكُون "فهو عليّ ضَامِن
…
إلى آخره" مُؤَكِّد مُبيّن لما تقَدّمه.
ولك أنْ تجعَل "أنْ أدْخِله الجنّة" مفعُول "تضَمّن"، أي:"تضَمّن الله لمن خَرَجَ في سَبيله أنْ يُدْخِله الجنّة"؛ ويكُون "فهو عليّ ضَامِن" جملة مُعترضَة مؤَكّدة لقَوله "تضَمّن".
ويحتمل أنْ يكُون "فهو ضَامِن" مِن كَلام الرّاوي. أو مِن كَلام النّبي صلى الله عليه وسلم مُعترض بين الفِعْل ومفعُوله، ويبقى "ضَامِن" على أصْله، ثم أتى بالمفعُول بعد هَذا القَول؛ لأنّ تقديمَ المعترضة هنا تُفيد تعظيم الباري سُبحانه وتعظيم ما أخبر عنه. (3)
ويحتمل أنْ يكُون الكَلام فيه تقْديم وتأخِير، أي:"تضَمّن الله لمَن جَاهَد أن يُدخِله الجنّة، فهُو ضَامِنٌ لذلك"، وفيه مَا تقَدّم مِن التأكِيد. والله أعلم.
وإنّما تأوّلنا "ضَامِن" بمَعنى "مضْمُون" فيما قبل هذا؛ لأنّه كَذلك وَرَد في مَواضِع مِن كَلَام العَرَب وأشْعَارِهم وفي كتابِ الله عز وجل، فمِن ذلك قوله تعَالى:{لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 43]، أي:"لا مَعْصُوم"، ومنه:{مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6]، بمَعنى "مَدْفُوق"، و {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]، بمَعنى "مَرْضِيّة".
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
راجع: البحر المحيط (6/ 111).
(3)
راجع: الإفصاح عن معاني الصّحاح (6/ 452).
وأنْشَد الحطيئة:
دَعِ المَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها
…
وَاقْعُدْ فإنَّك أنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي (1)
معناه: "المكْسُوّ".
وقَد قَالوا: "هَذا شَرّ كَاتِم" أي: "مكْتُوم". وقالوا: "رَاحِلة" وإنما هي "مَرْحُولة". (2)
وقد قيل: إنّ ذلك كُلّه على النسب، قاله الجليل فيما ذُكر. (3)
قوله: "أو أُرْجِعه": منْصُوبٌ معْطُوفٌ على "أُدْخِله"، و"إلى مَسْكَنه" يتعَلّق به.
و"رَجَعَ" مُتَعَدّ، قَالَ الله تعالى:{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83]. (4)
وقوله: "الذي خَرَج مِنْه": الصِّلة والموصُول في محلّ صِفَة لـ"مَسْكَنه".
(1) البيت من البسيط، وهو للحطيئة.
انظر: المعجم المفصل (4/ 72).
(2)
انظر: شرح النووي على صحيح مُسلم (13/ 20)، إحكام الأحكام (2/ 303)، خزانة الأدَب (3/ 294)، شرح المفصل (2/ 57)، (3/ 482)، شرح شافية ابن الحاجب لرُكن الدين الأستراباذي (1/ 416)، شرح التسهيل (2/ 265)، الخصائص (1/ 153، 154)، جامع الدروس العربية (1/ 179)، الصّحاح (6/ 2475)، ليس في كلام العرب (ص 317)، إسفار الفصيح (1/ 419)، الفروق اللغوية للعسكري (ص 295)، لسان العرب (13/ 261)، (15/ 224).
(3)
انظر: شرح المفصل (3/ 482)، شرح شافية ابن الحاجب لركن الدين الأستراباذي (1/ 416)، تاج العروس (33/ 14).
(4)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 303)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (2/ 681)، الكليات للكفوي (ص 47)، تاج العروس (21/ 66).
قوله: "نَائِلًا مَا نَالَ مِن أجْر": "نَائِلًا" منصوبٌ على الحال، و"مَا نَالَ" صِلَة ومَوصُول في محلّ مفعُول بـ"نائل".
و"نَائِل": اسمُ فَاعِل مِن "نَالَ""يَنَال". وأصْلُ "نَالَ": "نَيِلَ""يَنْيَل" -مثل: "تَعِب""يتْعَب"-، والأمرُ منه:"نَلْ" بفَتح "النّون". فإذا أخبرت عَن نفسك قُلت: "نِلْت" بكسر "النون"؛ لأجْل الياء المحذُوفة. (1)
و"من أجْر" يتعَلّق بـ"نال".
و"أو" هُنا قيل: بمَعنى "الواو". وقيل: على بابها. واستُبعِد. وقيل: فيه محذُوف، أي:"نَائِلًا مَا نَالَ مِن أجْر أو غَنيمة وأجْر"؛ فحَذَف الثّاني لدلالة الأوّل عليه. (2)
قُلتُ: يحتمل أنْ يكُون هَذا مثْل قَوْله تعَالى: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (3)[طه: 44]، وكقوله تعَالى:{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]، وقَوله:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ} [سبأ: 24]. ويُسَمّيه أهْلُ البَيَان: "تجَاهُل العَارِف". (4)
(1) انظر: الصّحاح (5/ 1838)، القاموس المحيط (ص 1066)، لسان العرب (11/ 683 وما بعدها).
(2)
انظر: فتح الباري (6/ 8)، شرح النووي على صحيح مسلم (13/ 21)، إحكام الأحكام (2/ 305)، الإعلام لابن الملقن (10/ 295، 298، 299).
(3)
بالنسخ: "يذكر".
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 449)، إكمال المعلم (7/ 445)، (8/ 256)، شرح النووي (15/ 203)، عمدة القاري (3/ 16)، المنتقى شرح الموطأ (7/ 242)، مطالع الأنوار على صحاح الآثار (1/ 311)، سر صناعة الإعراب (2/ 82)، مغني اللبيب (ص 91، 92)، شرح الكافية الشافية (3/ 1223 وما بعدها)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 424 وما بعدها)، ظاهرة التقارض في النحو العربي، بحث لأحمد محمد عبد الله، نشر بمجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، (59/ 281).
قَالوا: ولا تجوزُ مثل هَذه العِبَارة في كتابِ الله. (1)
قلتُ: ولا فيما أُسنِد إلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. بل يُقَال فيه: "سَوْق المعلُوم [كسِيَاق] (2) المجهُول"(3).
قوله: "ولمسْلم": تقَدّم قريبًا.
قوله: "مثل المجَاهِد": مُبتَدأ، خَبره "كمثل". و"في سَبيل الله" يتعَلّق بـ"المجَاهِد". والأَلِف واللام في "المجَاهِد" مَوصُولَة، أي:"مثل الذي يجاهِد في سَبيل الله. . .".
وجملة: "والله أعْلَم بمَن يجاهِد في سَبيله" مُعترضَة لا محلّ لها.
قوله: "والله أعْلَم": مُبتَدأ، وخَبر. و"أعْلَم" أفْعَل التفضيل، و"مَن" مَوصُولَة [ق 229] بمَعْنى "الذي"، وصِلتها:"يُجاهِد"، و"في سَبيله" يتعَلّق [بـ"يُجاهِد"](4).
واختُلِف في الخبَر في [مِثْل](5) هَذَا، هَل هُو مُقَدّر تتعَلّق به "الكاف"؟ أي:"مَثَل المجَاهِد كَائِن كمَثَل". أو تكُون "الكَاف" الخبر؟ أي: "مَثَل المجَاهِد مِثْل مَثَل". أو تكُون "الكَاف" زَائِدَة لا تتعَلّق بشَيء، أي:"مَثَل المجَاهِد مثل الصّائِم". ومَتَى
(1) انظر: البحر المحيط (6/ 573)، (9/ 126)، البرهان في علوم القرآن للزركشي (3/ 72)، مرقاة المفَاتيح (3/ 986)، مفتاح العلوم للسكاكي (ص 427)، الإنصاف في مسائل الخلاف (2/ 391 وما بعدها)، المقتضب (3/ 304، 305).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: مفتاح العلوم للسكاكي (ص 427)، خزانة الأدب (1/ 274 وما بعدها)، دستور العلماء (3/ 82)، نهاية الأرب في فنون الأدب (7/ 123)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (2/ 394 وبالهامش)، بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة (4/ 630 وما بعدها)، تكملة المعاجم العربية (6/ 194).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
قَدّرْنا "الكَاف" الاسم جُعل "المثَل" بمَعنى القصّة والشّأن، أي:"مَثَل حَال المجَاهِد مثل حَال الصائم".
قوله: "وتوَكل الله للمُجَاهِد أن يُدخِله الجنة": [بسَبب](1) أنْ توَفّاه مجَاهِدًا.
قوله: "سَالمًا": نَصْب على الحال"، و"مَع" يتَعَلّق بـ"سَالمًا".
الحدِيث الرّابع:
[399]
: عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ"(2).
"الكَلْم": "الجرْح". (3)
قوله: "مَا مِن مَكْلُوم": "مِن" زائدة للتوكيد. وشرط زيادتها أن يتقَدّم نفْي أو نهي أو استفهام في مَعنى النفي، وأنْ تدْخُل على المبتدأ أو الفَاعِل أو المفعُول، نحو:"مَا مِن رَجُل في الدار"، {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ} [الأنعام: 59]، {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3]. (4)
وهي هُنا زائدة في المبتدأ، وهو نكِرَة، والمسوّغ للابتداء بالنكرة النفي والصّفة بالفعل (5). والتقدير:"مَا مِن رَجُل مَكْلُوم"، . . . . . . . . . . .
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
رواه البخاري (2803) في الجهاد، ومسلم (1876) في الإمارة.
(3)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 305)، النهاية لابن الأثير (4/ 199)، المصباح المنير (2/ 540).
(4)
انظر: البحر المحيط (4/ 536)، مغني اللبيب (ص 425)، شرح القطر (ص 246)، الأصول لابن السراج (1/ 94)، (2/ 259)، موصل الطلاب (ص 77)، الهمع (2/ 464).
(5)
انظر: شرح التسهيل (2/ 332)، الكافية في علم النحو (ص 15، 16)، شرح الفصل (1/ 225)، أوضح المسالك (1/ 202)، شرح الكافية الشافية (2/ 739)، =
وحَذفُ الموصُول جَائز (1) في مَواضِع تقَدّمَت في الثّاني مِن "التيمم".
قوله: "إلّا جَاء": الاستثناءُ هُنا مُفرغ؛ لأنّ "جَاء" في موضِع الخبر، وهُو العَامِلُ في الظّرف، أي:"جَاء يَومَ القيَامة". (2)
وجملَة "وكَلْمه يدمى" في محلّ الحال مِن فَاعِل "جَاء"، و"الواو" واو الحال.
قوله: "اللون لَون الدّم": مُبتدأ، وخبر، لا محلّ له من الإعراب. ويصحّ أنْ تكُون خَبرًا بعد الخبر، أي:"وكَلْمه لونه لون الدم، وريحه ريح المسْك"، وتكُون الألِف واللام عوضًا من الضّمير، كقوله تعالى:{مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص: 50]، أي:"منْها"(3).
وكذلك نقُول هُنا: "اللون منه لَون الدّم، والريح ريح مِسك".
قَالَ الزمخشري في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25]: إن المراد: "تجري من تحت أنهارها"، وعوض التعريف بالإضَافة التعريف باللام. وكذا قوله تعالى:{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: ]، أي:"رأسي شيبا". (4)
= (1/ 225)، أوضح المسالك (1/ 202)، شرح الكافية الشافية (2/ 739)، الأصول لابن السراج (1/ 59)، شرح التصريح (1/ 209).
(1)
راجع: شواهد التوضيح (ص 26)، الهمع (1/ 343)، أمالي ابن الحاجب (2/ 835).
(2)
راجع: شرح الأشموني (1/ 509)، شرح الشذور للجوجري (2/ 481)، شرح ابن عقيل (2/ 219 وما بعدها)، الكليات للكفوي (ص 1032).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 184)، شرح التسهيل (1/ 262)، (3/ 103)، مغني اللبيب (ص 658)، الجنى الداني (ص 199)، شرح المفصل (4/ 118)، الهمع (3/ 79).
(4)
انظر: تفسير الزمخشري (1/ 107)، البحر المحيط (1/ 183)، اللباب في علوم الكتاب (1/ 452)، شرح التسهيل (1/ 209)، شرح المفصل (2/ 132)، الهمع =
الحدِيث الخَامس:
[400]
: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "غَدْوَةٌ فِي سَبِيل اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ"(1). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قوله: "غدْوَة": قَالَ في "الصّحاح": "الغَدْوَة": "مَا بين صَلاة الغَدَاة وطُلوع الشّمس"، تقُول:"أتيتُه غدْوَة" غير مصروفة؛ [لأنّها](2) مَعرفة، مثل "سَحَر"، إلّا أنّها مِن الظّروف المتمَكّنَة، تقُول:"سِير على فَرسِك غدوةَ" و"غدوةً" و"غدوةُ" و"غدوة"، فما نُوِّن من هَذا فهو نَكِرة، وما لم يُنَوّن فهو مَعرفة. والجمعُ:"غُدى".
ويُقَال: " [آتيك] (3) غَداة غَد"، والجمع:"الغَدوات". وإنما قالوا: "إني لآتيه بالغَدايا والعَشَايا" لازدواج الكلام، كما قالوا:"هَنَأني الطّعَام ومَرَأنِي"، وإنّما هو:"وأمْرَأنِي". و"الغُدُو" نقيضُ "الرّواح"، يُقال:"غَدَا، يغدو، غُدُوًّا". (4)
وقوله: "خَير": تقَدّم أنّه "أفْعَل" التفضيل، وأنّه مُنصرف مع وجُود المانع (5)، وتعليلُ ذلك تقَدّم في الثّامِن من "باب الجنابة"، وكذلك ما يتعلّق بـ"خَير". و"مِن"(6)
= (1/ 350).
(1)
رواه مسلم (1883) في الإمارة.
(2)
بالنسخ: "لأنه". والمثبت من "الصحاح".
(3)
بالنسخ: "أتيتك". والمثبت من "الصحاح".
(4)
انظر: الصّحاح (6/ 2444).
(5)
انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 330)، شرح التسهيل (3/ 64)، شرح المفصل (1/ 174 وما بعدها)، (2/ 159، 161)، (3/ 311)، شرح الأشموني (2/ 311)، شرح الكافية الشافية (2/ 1130 وما بعدها، 1136، 1140)، (3/ 1474، 1479، 1498)، شرح التصريح (2/ 101 وما بعدها، 344)، الخصائص لابن جني (1/ 110)، شرح الشذور للجوجري (2/ 826)، توضيح المقاصد (3/ 1195، 1215)، حاشية الصبان (3/ 339 وما بعدها)، همع الهوامع (3/ 95 وما بعدها، 100، 107).
(6)
أي: التي في قوله: "مما".
للابتِداء، وقيل: للتبعيض.
و"مَا" مَوصُولة، وصِلتها: جملة "طَلعَت".
و"الشمس" مُؤنّثة، تأنيثها غير حَقيقي. ومتى تقَدّم الفِعْل على المؤنّث غير الحقيقي جَاز إسقَاط عَلامة التأنيث، بخلاف ما لو أسند الفِعْل إلى ضَميره في نحو قولك:"الشّمسُ طَلعَت"(1)، وتقَدّم ذلك.
"وغَربَت" معطُوفٌ على "طَلعَت"، و"الواو" بمَعْنى "أو". ومصْدَر "غَربَت":"غُروبًا"(2).
قَالَ في "الصّحاح": و"الغُروب" أيضا: "مجاري الدّموع" وللعَين [غَرْبَان](3)، مُقْدِمُها ومُؤخِرُها. و"الغُروب""الدّمُوع" أيضًا، ويُطْلَق على "حِدّة الأسْنَان ومَائِها"، واحدها "غَرْب". (4)
قال في "الصّحاح": و"الغرب" أيضًا "الدّلو العَظيمة"، ويُقَال لـ"حَدّ السيف":"غَرْب"، و"غَرْبُ كُلّ شَيء""حَدّه"، ويُقَال:"في لسانه غَرْب" أي "حِدّة"، و"غَرْبُ الفرس":"حِدّته وأوّل جَريه"، و"فَرسٌ غَرْبٌ":"كثير الجرْي". و"الغَرْب" أيضًا: "عرق في مجرى الدّمع يسقي فلا ينقَطع، مثل الناسور". (5)
(1) انظر: البحر المحيط (2/ 165)، المقدّمة الجزولية في النحو (ص 50)، شرح التسهيل (2/ 115)، شرح الأشموني (1/ 396)، أوضح المسالك (2/ 95)، الهمع (3/ 332).
(2)
انظر: الصّحاح (1/ 193).
(3)
كذا بالنسخ، وهو الصواب. وفي "الصحاح":"غرابان".
(4)
انظر: الصّحاح (1/ 193)، لسان العرب (1/ 642).
(5)
انظر: الصّحاح (1/ 193).
الحدِيث السّادِس:
[401]
: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"(1).أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
قَالَ في "الصحاح": "الرّواح" نقيضُ "الصّبَاح"، وهو اسم للوَقْت مِن زَوَال الشّمس إلى الليل. وقد يكُون مصْدَر "رَاحَ، يروح، رَواحًا"، وهو نقيضُ "غَدَا، يغْدو، غُدُوًّا". وتقُول: "خَرَجُوا برَوَاح مِن العَشِي" و"رَيَاح" بمَعْنى. (2)
و"غَدوةٌ" هُنا مُنَوّن؛ لأنّه لم يُرد "غَدوة" يَوم بعَينه، كما تقَدّم.
و"في سَبيل الله" مُتعَلّق بصِفَة لـ"غَدْوَة".
قوله: "أو رَوْحَة": معطُوفٌ على "غَدْوَة".
و"خَير" خَبرُ "غَدْوَة"، وصَحّ الابتداء بالنكِرة؛ لأنّها وُصِفَت بالمجرور. (3) وتقَدّم الكَلامُ على "خَير" و"مِن الدّنْيا" قَريبًا.
قوله: "وما فيها": "ما" بمَعنى "الذي"، وصِلَتها المجرور، والتقدير:"ومَا استَقَرّ فيها". ويبعُد كَونها مَوْصُوفَة، أي:"وشَيء فيها".
(1) رواه البخاري (2792) في الجهاد، ومسلم (1880) في الإمارة.
(2)
انظر: الصّحاح (1/ 368، 369).
(3)
انظر: شرح التسهيل (1/ 290 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 609، 882)، أوضح المسالك (1/ 202 وما بعدها)، الهمع (1/ 381 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 210).
الحدِيث السّابع:
[402]
: عَنْ أَبِي [قتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ](1) رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلَى حُنَيْنٍ -وَذَكَرَ قِصَّةً- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قتَلَ قَتِيلًا [لَهُ] (2) عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلبُهُ"، قَالَهَا ثَلاثًا" (3).
فَاعِلُ" قَالَ": ضَميرُ "أبِي قتَادَة". و"خَرَجْنَا" مَعْمُولَة للقَول.
و"حُنَين" مصْروف، لم يُسْمَع فيه غَير ذَلك، غلب فيه اسم الموضِع، وتقَدّم ذِكْر المواضِع التي تنصَرِف في الحديثِ السّادس مِن "الزّكَاة". و"حُنين": اسمُ واد بين مَكّة والطّائف وراء عَرَفَات، بينه وبين مَكّة بضعة عشر ميلا، سُمّي باسم شَخْص، غَزَاه (4) النّبي صلى الله عليه وسلم بعْد الفَتْح [بيَوم] (5) وقد مَضَى من هِجْرَته سَبْع سنين وثمانية أشهر واثنا عَشر يومًا. قالوا: ويُقَال لها: "غَزوة أوطاس". (6)
قوله: "وذَكَر قِصّة": يعني به: حَديثه الطّويل الذي فيه: "لَاهَا اللَّهِ، لَا يَعْمِدُ إِلَى سَيف مِنْ سُيوف اللَّهِ
…
" (7) يعني: "خَالِدًا".
(1) كشط بالأصل. والمثبت من (ب) و"العُمدة".
(2)
سقط بالنسخ. والمثبت من الشرح، ومن "العمدة".
(3)
رواه البخاري (3142) في فرض الخمس، ومسلم (1715) في الجهاد.
(4)
أي: الوادي المسمّى بهذا الاسم.
(5)
كذا بالنسخ. وفي المصادر أنّه كَان بين غزوة حُنين وبين فتح مكة خمس عشر ليلة. انظر: الإعلام لابن الملقن (10/ 308).
(6)
انظر: الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي (4/ 2957)، البحر المحيط (5/ 392)، شرح النووي (12/ 113)، عُمدة القاري (17/ 294)، الإعلام لابن الملقن (10/ 308)، لسان العرب (13/ 132، 133)، المصباح (1/ 154)، السيرة الحلبية (3/ 151)، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس للديار بكري (2/ 99).
(7)
الحديثُ متفقٌ عليه، وهو في البخاري (3142) ومسلم (1751/ 2)، وليس قول ابن =
وقول الشّيخ: "وذَكَر قِصّة": فاعِلُ "ذَكَر" يحتمل أنْ يكُون الرّاوي عَن "أبي قتادة". فإن كان الرّاوي عنه: فكان ينبغي أن يذكُره الشّيخ؛ لئلا يعُود الضّمير على غير مذكُور. وإن كَان يعُود على "أبي قَتَادة": فلا إشْكَال.
قوله: "مَن قَتَلَ قَتِيلًا": "مَن" شَرْطيّة. والخبرُ عنها: جملة "قتَل"، وقيل: جَوَابه -وهو جملة: "فلَه سَلَبه"- تقَدّم ذَلك كُلّه وتكَرّر كثيرًا.
و"قَتيلًا": "فَعيلٌ" بمَعنى "مفعُول"، سُمّي به قبل قتْله بمَعنى:"مَا آل إليه". (1)
قَالَ ابنُ هشام: قيل: إنّ "فَعيل" و"مفْعُول" يفترقان مِن وَجْهَين: -
أحَدُهما: معْنَوي، وهُو أنّ "فَعيلا" أبْلَغ، نصّ على ذلك بَدْر الدّين ابن مالك، وأنه يُقَال لمَن جُرح في أُنْمُلِه:"مجْرُوح"، ولا يُقَال لَه:"جَرِيح". فعلى هَذا: "كَحيلٌ" أبْلَغ مِن "مَكْحُول".
قَالَ: والحقّ أنّ "فعيلا" إنما يقتضي المبالَغَة والتكرار إذا كان للفَاعِل لا للمفعُول، يدُلّ على ذَلك قَولهم:"قتيل"، والقَتلُ لا يتَفَاوت.
= فرحون "سيف من سيوف الله" في شيء من روايات هذا الحديث، وإنما الذي فيه:"فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا لَكَ يَا أبَا قتَادَةَ؟ " فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ، سَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ، فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ"، فَأَعْطَانِي". فالمراد كما ترى: أبا قتادة، وليس خالدًا، كما زَعَم الشيخ ابن فرحون رحمه الله.
أمّا الحديث الذي وَرَد فيه وصْف خَالد بهذا، فهُو: "أخَذَ الرَّايَةَ زَيدٌ
…
حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ"، وهو في "صحيح البخاري" (3757، 4262)، مِن حَديثِ أنس.
(1)
انظر: شرح الزرقاني على الموطأ (3/ 32)، إرشاد الساري (10/ 51)، شرح التسهيل (3/ 88)، شرح المفصل (3/ 293).
والثاني: لَفْظيّ، وهُو أنّ "فَعيلًا" المحَوّل عن مفْعُول يَسْتَوي فيه المذَكّر والمؤَنّث، فيُقَال:"طَرفٌ كَحِيل" و"عَين ٌكَحِيل"، ولا يُقَال إذَا لم يحَوّل إلّا:"عَينٌ مَكْحُولَة". (1)
وأمّا قَول طفيل:
إِذْ هِيَ أحْوَى مِن الرِّبِعيِّ حَاجِبُهَا
…
وَالعَيْنُ بالإثْمِدِ الحَارِيّ مَكْحُول (2)
فقيل: إنه لأجْل الضّرورة حمل "العَين" على "الطرف".
وقيل: الأصْلُ "حَاجِبها مَكْحُول" مُبتدأ وخَبر، و"العَين" كَذلك، ثم اعترض بالجُمْلَة الثّانية، وحُذف الخبر. (3)
قُلتُ: البيتُ لـ"طفيل الغنوي"، أنشَدَه سيبويه شَاهِدًا على مَا تقَدّم مِن تذْكير "مَكْحُول". (4)
وقيل: التقدير: "حَاجِبها مَكْحُولٌ بالإِثمد، والعَينُ كَذلك"؛ فَلا يكُونُ فيه ضَرورة. وإنّما حملَه سيبويه على "العَين" لقُرْب [جَوَابه](5) منها. (6)
(1) لم أجد هذا النقل عن ابن هشام.
وراجع: الكتاب (3/ 647)، شرح الأشموني (2/ 244)، شرح المفصل (3/ 293)، شرح ابن عقيل (4/ 93 وما بعدها)، شرح الكافية الشافية (4/ 1740)، شرح المفصل (3/ 375)، الهمع (3/ 331)، المصباح (1/ 14)، إسفار الفصيح (1/ 200)، (2/ 783).
(2)
البيتُ من البسيط، وهو لطفيل الغنوي.
انظر: المعجم المفصل (6/ 298).
(3)
انظر: إيضاح شواهد الإيضاح (1/ 506 وما بعدها).
(4)
انظر: الكتاب (2/ 46)، إيضاح شواهد الإيضاح (1/ 506 وما بعدها).
(5)
كذا بالنسَخ. وفي "إيضاح شواهد الإيضاح": "جوارها منه".
(6)
انظر: الكتاب (2/ 46)، إيضاح شواهد الإيضاح (1/ 506 وما بعدها)، الإنصاف في =
وهَذَا البيت في وَصْف امْرأة، فجَعَلَها بمَنزلة " [ظَبْي] (1) أحْوَى"، وهُو الذي في ظَهْره [وجنبتي] (2) أنفه خُطوط. و"الحوّة:"السّوَاد". وقوله: "مِن الرّبعي": أي: "هو مِن الصّنف المولُود زَمَن الربيع"، وهو أبْكَره. "الحارِيّ": منْسُوبٌ إلى "الحيرة". (3)
فائدة:
قَالوا: ليس في الكَلام "فعل" يُبنى منه "فَاعِل" و"فَعِيل" و"فَعْلَان" إلّا: "رَحِم" و"سَلِم" و"نَدِم". (4)
***
قوله: "لَه عَليه بَيِّنة": الجمْلَة صِفَة لـ"قَتِيل"، و"بَيِّنة" مُبتدأ، وهُو نَكِرَة، المسَوِّغ تقَدّم الخبر في المجرور الأوّل (5). و"عَليه" يتعَلّق بالخبر الذي تعَلّق به حَرْف الجر، أي:"بيّنَة كَائِنَة عَليه".
و"الفَاءُ" في قَوله: "فَلَه سَلَبه" جَوَابُ الشّرط، و"سَلَبه" مُبتَدأ، والخبرُ في المجْرور.
قوله: "قالها ثَلاثًا": أي: "قَالَ هَذه الكَلِمات ثَلاثًا"، [فتنصب](6)"ثلاث" على
= مسائل الخلاف بين النحويين (2/ 638).
(1)
بالنسخ: "صبي". والمثبت من "إيضاح شواهد الإيضاح".
(2)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "وجنبي".
(3)
انظر: إيضاح شواهد الإيضاح (1/ 506 وما بعدها)، سر صناعة الإعراب (2/ 309)، شرح المفصل (5/ 364).
(4)
انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 210)، المزهر في علوم اللغة وأنواعها (2/ 94)، وزاد السيوطي:"حمد".
(5)
انظر:
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
المصْدَر؛ لأنّها عَدَده، أي:"قالها ثَلاث مرات".
و"المرّات": جمعُ "مَرّة"، و"المرّة" مَصْدَر (1)، تقَدّم ذِكْره مِرارًا في الحديثِ الثّاني مِن "بابِ [الهَدْي] (2) ".
الحدِيث الثّامِن:
[403]
: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكوَعِ، قَالَ: أَتَى النَبِى صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرِ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اُطْلبُوهُ وَاقْتُلُوهُ"؛ فَقَتَلْتُهُ، فَنَفَّلَنِي سَلَبَهُ (3).
وفي رِوَايَةٍ: فَقَالَ: "مَنْ قتَلَ الرَّجُلَ؟ " فَقَالُوا: ابْنُ الأَكْوَعِ. فَقَالَ: "لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ"(4).
قوله: "أتَى النّبي صلى الله عليه وسلم عَين": محلّ "قَالَ" خَبر لـ"أنّ" مُقَدّرة، أي:"أنّه قَالَ".
و"العَين" مِن الألفَاظ المشْتركَة؛ تُطلَق على "حَاسّة البصر"، و"عَين الماء"، و"عين الركبة" -ولكُلّ ركبة عَينان، وهما نقرتان من مقدّمها عند [السّاق] (5) - و"عَين الشّمْس". و"العَين":"الدينار". و"العَين": "المالُ النّاضّ"، و"عَينُ الميزان"، وهو تَرَجُّح إحْدَى [الكَفّتين] (6). و"عَينُ الشيء":"خِيَاره". و"عَينُ الشيء": "نفسه". وبَلَدٌ قَليل "العَين": أي: قَليلُ "النّاس". و"العَينُ": "مَا عَن يَمِين قِبْلَة
(1) انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 522)، المصباح (2/ 568).
(2)
بالأصل: "ال
…
دي". وفي (ب): "المذي".
(3)
رواه البخاري (3051) في الجهاد.
(4)
رواه مسلم (1754) في الجهاد.
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
بالنسخ: "الكفة".
وانظر: الإعلام لابن الملقن (10/ 319)، لسان العرب (13/ 305).
العِرَاق". ويُقَال: "نشأت السّحَابة مِن قبل العَين". و"العَين": "مطر أيّام لا يُقْلِع". و"أسْوَد العَين": جَبَل. و"رأس عَين": بَلْدَة. و"العَين" من حُروف المعْجَم. ويُقَال: "هو [عبدي](1) عَين"، و"أنت على عَيني" في الإكْرَام، قَالَ تعَالى:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]. (2)
وقَدّم المفعُول هُنا، وكَانَ تأخيره جَائز؛ تنبيهًا على شَرَف المفعُول هُنا.
ومما وَرَد عن هَارون الرّشيد أنّ المفضل سَأله: كَم في {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] مِن اسم؟ فقَالَ الرّشيد: قد استفدنا ذلك من الكسائي، الجلالة اسم الله، و"الكَاف" اسم النّبي صلى الله عليه وسلم، و"الهاء والميم" للكَافرين. (3)
فيحتمل أنْ يقصد "سَلَمة" رضي الله عنه هَذا المعنى [أدَبًا مَع](4) النّبي صلى الله عليه وسلم.
و"العَين" تُذَكّر وتُؤَنّث، وجَرَى اللفظ هُنَا على التذكير في الفِعْل السّابِق وفي [ق 230] الفِعْل اللاحِق، فقَالَ:"أتَى"، وقَالَ:"انفَتَل"؛ فيحمَل على أنّه أرَادَ المعنى؛ لأنه بمَعنى "رَجُل".
و"مِن المشْرِكِين" يتَعَلّق بصِفَة لـ"عَيْن". وجملة "وهُو في سَفَر" في محلّ الحال مِن "النّبي صلى الله عليه وسلم".
قوله: "فجَلَسَ عنْد أصْحَابه": أي: "جَلَسَ الرّجُل"، والضّمير في "أصْحَابه" يعُود على "النّبي صلى الله عليه وسلم". وجملة "يتحَدّث" في محلّ الحَال مِن ضَمير الفَاعِل.
قوله: "ثُمّ انفَتَلَ": أي: "الرّجُل""فقَالَ النّبي صلى الله عليه وسلم: اُطلبُوه واقتُلوه" جملة
(1) في (ب): "عندي". وفي "الصحاح": "عبد".
(2)
انظر: الصّحاح (6/ 2170 وما بعدها)، لسان العرب (13/ 305).
(3)
انظر: عمدة الكتاب للنحاس (ص 48)، المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي (2/ 170).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
معْمُولَة للقَول.
قوله: قَالَ سَلَمَة: "فقَتَلتُه": أي: "فطَلَبتُه فقَتلتُه".
وجملة "فنَفَلَني" رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "سَلَبه" معْطُوفة على "فقتلته"، و"الفَاء" سَببية.
قوله: "وفي رواية": أي: "وجَاء في رِواية"، أو:"ويُروى"؛ فيتعَلّق حَرْف الجر بالمقَدّر.
قوله: "مَن قَتل الرّجُل؟ ": "مَن" استفهامية، محلّها رَفْع بالابتداء، وخَبرُها: فِعْلُها، و"الرّجُل" مفْعُولٌ به.
قوله: "فقَالوا: ابن الأَكْوَع": "ابن" مَرفُوع، فَاعِل فِعْل محذُوف، أي:"قتلَه ابنُ الأكْوَع". ويجُوز أنْ يكُون خَبر مُبتدأ محذُوف، أي:"هو ابن الأكوع". ويجُوز أنْ يكُون مُبتدأ، وخبره محذُوف، أي:"ابنُ الأكْوَع قتله"، وهَذَا أوْلى لمطَابَقَة السّؤَال.
قوله: "فقَالَ" رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "لَه سَلَبه": "لَه" يتعَلّق بخَبر عَن "سَلَبه"، أي:"سَلَبه كَائِن لَه أجمع".
و"أجمَع" تأكيدٌ لـ"سَلَبه" المرفُوع، وألفَاظُ التأكيد مَذْكُورَة في مَوْضِعِها.
الحدِيث التّاسِع:
[404]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهَ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:"بَعَثَ رَسُولُ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إلَى نَجْدٍ، فَخَرَجت فِيهَا، فأَصَبْنَا إبِلًا وَغَنَمًا، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بَعِيرًا"(1).
فاعِلُ "قَالَ": ضَميرُ "ابن عُمَر".
(1) رواه البخاري (4338) في المغازي، ومسلم (1749)(37) في الجهاد، ورواه أيضًا أبو داود (2745) في الجهاد، ومالك في "الموطأ"(2/ 450) في الجهاد، وأحمد في "المسند"(2/ 10، 55، 80، 151، 156).
و"بَعَثَ": يُقَال: "بعثه" و"ابتعثه" بمعنى، أي:"أرسَلَه"، "فانبعث". وقولهم:"كنتُ في بعث فلان" أي: "في جيشه الذي بُعِث معه". و"البعوث": "الجيوش". و"بعثُ الموتى": "نشرهم ليوم البَعْث". (1)
وكَذا: "فخَرجت فيها": أي: "في جَيشها وجماعَتها". ومثله: "أكْرَمَني الأميرُ في نَاس"، أي:"في جملة نَاس كِرَام". وقيل: هي بمَعنى "مَع"، والتقدير:"فخَرَجَتُ مَعَها". (2)
قوله: "فأصَبنا إبلًا": معطُوفٌ على "بَعَثَ". و"إبلًا وغَنمًا" مفعُول، ومعطُوفٌ عليه، وهما اسما جموع.
قوله: "فبلغت سُهماننا اثني عشر بعيرًا": وعَلامَة النّصب في "اثني": "الياء"؛ لأنّه محمولٌ على التثنية، ومَا زَاد على العشرة مبني مَع التركيب؛ لتضمنه الحرْف (3)، إلا "إحدى عشر" و"اثنا عشر"؛ فإنهما معربان (4)، وقد تقَدّم ذِكْرهما في الثّالث من "التيمم".
قوله: "ونفلنا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعيرًا بَعيرًا": أي: "لكُلّ واحِدٍ بَعيرًا واحِدًا". و"البَعيرُ" يُطلَق على الذّكَر والأنثى. و"نَفَلنَا" بمَعْنى "زَادَنا"(5).
(1) انظر: الصّحاح (1/ 273).
(2)
انظر: البحر المحيط (9/ 441).
(3)
أي: حرف العطف المقَدّر.
وانظر: شرح شذور الذهب للجوجري (1/ 235)، جامع الدروس العربية (1/ 16، 17)، النحو الوافي (4/ 231).
(4)
انظر: اللمع لابن جني (ص 163)، توضيح المقاصد (3/ 1318، 1325، 1326)، شرح قطر الندى (ص 311)، شرح التصريح (2/ 446، 460)، شرح المفصل (4/ 16، 17)، شرح الكافية الشافية (2/ 1004)، شرح الأشموني (2/ 193).
(5)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 99).
ولمّا قَالَ: "بَلَغَت سُهماننا"، وهو جمع "سَهم"، و"السّهمُ":"النّصيبُ"(1) أفَادَ الكَلام أنّ كُلّ نَصيب اثنا عَشر بعيرًا.
ولم يحتج إلى تكرير "اثنى عَشر" كما كرّر "بعيرًا"؛ لأنّه لو اقتَصَر على قوله: "ونفَلنَا بَعيرًا" اقتضى اللفظ أنّ "البعير" تنفيلٌ لهم كُلّهم؛ فلما كَرّر لفظه أفَاد تعَدّده بعَدَدهم، بخِلافِ الأوّل. فالمعنى:"نَفَلنَا بَعيرًا لشخص، ونَفَلنَا بَعيرًا لشَخْص". وحَصَل بذلك التنبيه على تنفيلهم كُلّهم. [فـ"بَعير"](2) الثّاني معمُول لفِعْل مُقَدّر.
و"نَفَل" يتعَدّى لمفعُولَين؛ لأنّه بمَعنى "أعْطَى"، وتقَدّم في أوّل حَديثٍ من "صَلاة الخوف" مثل هَذَا، وفيه زِيادة بيَان؛ فانظره هُنالك عند قوله:"فصَلّى بهِم رَكْعَةً رَكْعَة".
الحدِيث العَاشِر:
[405]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلينَ وَالآخَرِينَ [يُرْفَعُ] (3) لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ؛ فيقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ"(4).
إعرابُ السَّنَد تقَدّم قريبًا. وجملة "قَالَ" في محلّ خبر"أنّ" المقَدّرة، ويجوز أن تكون "عَن" الثّانية بَدَلًا من الأولى.
قوله: "إذا جمع الله الأوّلين والآخرين": تقَدّم الكَلامُ على "أوّل" و"آخِر" في الحديث الأوّل من الكتاب.
قوله: "يُرْفَع لكُلّ غَادِر لواءٌ؛ فيُقَال: هَذه غَدْرَة فُلان": "يُرفَع" مبني للمفعُول،
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 429).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
بالنسخ: "يرفع الله".
(4)
رواه البخاري (3178) في الجزية، ومسلم (1735) في الجهاد.
وكذلك "يُقَال"، و"هَذه" مُبتدأ، و"غَدرة" خبره.
وتقَدّم أنّ الجمْلة المقُولَة قائمة مَقَام الفَاعِل عند الزمخشري ومُوافقيه. وقيل: يُقَدّر قول محذُوف مفهُوم مِن المصْدَر. (1)
وتقَدّم القَول على "فُلان" و"فُلانة" في السّادس مِن "الإمامة".
قال الشّيخ تقيّ الدِّين: عُوقِب الغَادِر بالفَضيحَة العُظْمَى، وقد يكُون ذلك مِن باب مُقَابلة الذّنب بما يُناسب ذلك مِن العُقُوبة؛ فإنّ الغَادِر أخْفَى غَدْرَه ومَكْرَه، فعُوقِب بنقيضه، وهو شُهرته على رؤوس الأشهاد. (2)
وفي الحديث أنّ النّاسَ يُنسَبُون في يَوم القيامة إلى آبائهم، خِلاف مَا حُكي أنّ النّاس يُدْعَون بأمّهَاتهم. (3)
الحدِيث الحَادِي عَشر:
[406]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ امْرَأَةَ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْتُولَةَ؛ "فَأَنكرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ"(4).
قوله: "وُجدت": جملة في محلّ خَبر، والفِعْلُ مبني للمفعول. و"وجِدَت" بمعنى "أُصيبت"، يتعَدّى لمفعول واحد، وهو الضّمير المستتر فيها. وتقَدّم الكَلامُ على "وَجَد" في الحديث الثّاني من "الاستطابة".
(1) انظر: اللباب في علوم الكتاب (1/ 349)، تفسير الزمخشري (1/ 360)، البحر المحيط (3/ 137، 159)، (6/ 181)، (7/ 145، 447)، (8/ 567)، (9/ 173)، شرح التسهيل (3/ 262).
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 309).
(3)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 309).
وراجع: تفسير الزمخشري (2/ 682)، البحر المحيط (7/ 87).
(4)
رواه البخاري (3014)، (3015) في الجهاد، ومسلم (1744) في الجهاد.
و"في بعض" يتعَلّق بحَال من ضَمير، أو بـ"مقتُولة"، أو بـ"وجد". و"بعْض" تقَدّم الكَلام عليه في الخَامس من "النذور".
و"مَغَازِي": جمع "مَغْزَى"، و"المغْزَى":"المقصد". والمرادُ: "في بعض مَقَاصِده إلى العَدو". ويُقَال: "مغزى هَذا الكَلام كذا" أي: "مقصده الذي يُراد منه". (1)
ومصْدَرُ "غَزَوتُ": "غَزْوًا"، والاسمُ:"الغَزَاة"، وهو "غَازٍ"، والجمْعُ:"غُزَاة" -مثل: "قُضَاة"- و"غُزَّى"، مثل "سَابق وسُبَّق". (2)
قوله: "مقْتُولَة": حَالٌ مِن الضّمير في "وُجدت"، وهي حَالٌ مُقَدّرَة، وتقَدّم.
قوله: "فأنْكَر النبّي صلى الله عليه وسلم قتْل النساء": "الفَاء" سَببية. و"قتْل النّساء" مصدَرٌ مُضَاف [إلى مفْعُوله](3). [و"الصبيان"](4) معْطُوفٌ عليه، ويجوز نصبه عَطْفًا على المحلّ.
ويجمع "الصّبي" على: "صِبية" و"صِبيان"، [وهُو مِن "الواو"](5)، أي:"صَبِيوا". ولم يقُولوا: "أصبية" استغناءً بـ"صبية"، كما لم يقولوا:"أغلمة" استغناء بـ"غلمة". [وتصغيرُ "صِبية": "صُبَيَّةٌ" في](6) القيَاس. وقد جَاء في الشِّعر: "أُصَيبية"، كأنّه تصغير "أصْبية". (7)
(1) انظر: الصّحاح (6/ 2446).
(2)
انظر: الصّحاح (6/ 2446).
(3)
تآكل بالأصل. والمثبت من "التنوير شرح الجامع الصغير للأمير الصنعاني"(10/ 590). وقد سبق لها نظائر كثيرة.
(4)
بالأصل: "وأحصبيان". والمثبت من (ب).
(5)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات. والمثبت من "الصّحاح".
(6)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات. والمثبت من "الصّحاح".
(7)
انظر: الصّحاح (6/ 2398).
وراجع: عقود الزبرجد (1/ 470)، الكتاب (3/ 486)، توضح المقاصد =
الحدِيث الثّاني [عَشر](1):
[407]
: [عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ، أَنَّ](2) عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفِ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ شَكَيَا الْقَمْلَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيْه [وَسَلّم، فِي غَزَاةٍ لَهُما؛ "فَرَخَّصَ لَهُمَا فِى](3) قَمِيصِ الحَرِيرِ"، وَرَأَيْته عَلَيْهِمَا (4).
قوله: "شَكَيَا
…
": جملة في محلّ خَبر "أنّ"، والتقدير: "شك [
…
"شَكَوتُ فُلانًا"] (5)"أشْكُوه""شَكوى" و"شكاية" و"شكية" و"شكاة"، إذا "أخبرت عنه بسُوء فِعْله بك"، فهو ["مَشْكو" و"مَشكيّ "، والاسمُ](6): "الشّكْوَى". ويُقَال: "اشتكَى عُضوًا مِن أعْضَائه" و"تشَكّى" بمَعْنى. (7)
ويُقَال: "شَكيت" بـ"الياء"، والأوّ [لـ أكثر](8)، وعلى هَذه اللغة جَاء الحديث. (9)
= (3/ 1424)، شرح المفصل (3/ 427)، لسان العرب (12/ 440)، المخصص (1/ 56).
(1)
تآكل بالأصل.
(2)
تآكل بالأصل. والمثبت من "العُمدة"(ص 278).
(3)
تآكل بالأصل. والمثبت من "العُمدة"(ص 278).
(4)
رواه البخاري (2920) في الجهاد، ومسلم (2076) في اللباس والزينة.
(5)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات.
(6)
تآكل بالأصل بقدر ثلاث كلمات.
(7)
انظر: الصّحاخ (6/ 2394، 2395).
(8)
تآكل بالأصل بقَدر كلمة.
وانظر: الإعلام لابن الملقن (10/ 341).
(9)
راجع: عمدة القاري (14/ 196)، إرشاد الساري (5/ 103)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (17/ 659)، عمدة الأحكام (ص 278)، الإعلام لابن الملقن (10/ 341)، مرقاة المفاتيح (7/ 2770)، الصحاح (6/ 2394)، المخصص (3/ 460)، مجمع بحار الأنوار (3/ 250، 251).
قوله: "إلى النبي صلى الله عليه وسلم": يتعَلّق بـ"شَكَيا". و"في غَزَاة" يتعَلّق بحَال من الضّمير، ويحتمل أن يتعَلّق [بـ"شَكَيا"](1)، و"لهما" يتعَلّق بصِفَة و"غَزَاة"، وهي صفة لا فائدة تحتها؛ لأنّ "الغَزَاة" لهما ولمَن مَعَهما. ويحتمل أن تكُون شَكواهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل خروجهما؛ فأذِن لهما إنْ أصابهما ذلك في سفر غزوهما فَعَلا ذلك؛ وعلى هذا يكُون "لهما" يُفيد تخصيصهما بهذه الغَزَاة، إمّا لتقَدّمهما فيها على غيرهما، هامّا برأي رأياه في طريقهما. والله أعْلَم.
قوله: "فرَخّص لهما" النبي صلى الله عليه وسلم، "لهما" يتعَلّق بـ"رَخّص". و"في قَميص" يتعَلّق بـ"رَخّص".
والإضَافَة في "قميص الحرير" إضَافَة بمَعنى "مِن"، أي:"قميص من حرير". وشَرطُ الإضَافَة التي بمَعْنى "مِن": أنْ يكُون المضَافُ بعْض المضَاف إليه، وصالحًا للإخْبَار عنه، كقَولك:"خَاتم فضّة"، ألا تَرَى أنّ "الخَاتم" بعْض جنس "الفضّة"، وأنّه يُقَال:"الخَاتم فضّة"(2)، فكَذَلك هُنَا يُقَال:"قَميصٌ من الحرير"، والأَلِف واللام فيه للجِنْس، و"القَميصُ حَرير".
قوله: "ورَأيتُه عليهما": القَائل: "أنس بن مالك"، [يحتمل](3) أن يكُون قميصًا واحدًا لبسه أحَدُهم ثم لبسه الآخَر، أي: يتداولانه في اللبس. ويحتمل أنْ يكُون الضّمير في "رأيتُه" يعُود على الجنس؛ فيكُون على كُلّ واحد قميصٌ مِن الحرير. والرؤية بَصَريّة.
و"عليهما" يتعَلّق بحَال، أي:"رأيتُه كائنًا عليهما".
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: عقود الزبرجد (1/ 229)، شرح التسهيل (2/ 382)، (3/ 223)، شرح الكافية الشافية (2/ 906)، شرح الأشموني (2/ 123)، أوضح المسالك (3/ 72).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
الحدِيث الثّالث عَشر:
[408]
: عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ:"كَانَتْ أَمْوَالُ بَني النَّضِيرِ ممَّا أفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ، وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصًا، فكَانَ رَسُولُ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم يَعْزِلُ نَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلاحِ، عُدَّةً فِي سَبِيل اللَّهِ عز وجل"(1).
هذا الحديث ترَك الشّيخ تقيّ الدِّين الكَلامَ عَليه. قال بعضُهم: كان هُنا بياضٌ لموضِع شَرح الحديث لم يُكتَب. ورأيتُ الشّيخ تَاج الدّين (2) ذَكَر من كَلام الشّيخ تقيّ الدِّين عَليه مَا يدُلّ على أنّه أثبَت عَليه كَلامًا، وقد يكُون في بعض النّسَخ.
وقَال الشّيخ تاج الدّين الفَاكهاني: "الإيجاف": "الإعمال". و"الرّكَاب": "التي يُسَار عليها"، لا واحِد لها من لفظها. وجمع "الرّكَاب":"رُكُب"، مثل "كُتب". وأمّا "الرّكْب": فمن الأسماء [المفرَدَة](3) الواقِعَة [على](4) الجَمْع، وليس بجَمع تكسير لـ"رَاكِب "، بدَليل تصْغيرهم على "رُكَيْب"، وجمعُ التكسير لا يُصَغّر على لَفْظه. (5)
قوله: " [في الكُراع] (6) ": "الكُراع": "الخيْل". (7)
و"السِّلاح" تُذكّر وتُؤنّث، ولُغَة القُرآن التذكير، قال تعالى: {تَضَعُوا
(1) رواه البخاري (2904) في الجهاد، ومسلم (1757) في الجهاد.
(2)
أي: الفاكهاني.
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
تآكل بالأصل بقدر كلمة. والمثبت من المصادر.
(5)
انظر: رياض الأفهام (5/ 587)، الإعلام لابن الملقن (10/ 346).
(6)
تآكُل بالأصل بقَدْر كَلمتين. وفي (ب): "ما بقي في الكراع".
(7)
انظر: الصحاح (3/ 1276)، المصباح (2/ 531).
أَسْلِحَتَكُمْ} (1)[النساء: 102]. ووَجْهُ [الدّليل من ذلك](2): أنّ الضّابط عنْد أهْل اللسَان أنّ كُلّ مَا كَان على أرْبعَة أحْرُف ثالِثه حَرْف [مد ولين إن كَان مُذكّرًا](3) جمع على "أفْعِلَة"، نحو:"جنَاح" و"أجْنِحَة". وإنْ كَان مُؤَنثًا: جمع على "أَفْعُل"، نحو: ["عُقَاب" و"أعْقُب".
و"العُدَّة"] (4): بضَم "العَين"، [كُلّ مَا](5) يُستَعَان به مُطلقًا. (6) انتهى ما ذَكَره الفَاكهَاني.
[
…
] (7)، وصِلَتها:"أفَاء"، والعَائِدُ مفعُول محْذُوف، أي: "أفَاء الله [
…
عَلّق] (8) بخَبر "كَان". وجملة "كَانَت" في محلّ معْمُول [
…
] (9) بـ "أفَاء".
و"مما لم يُوجِف [المسلمون":
…
] (10)[ق 231] ............................
(1) بالنسخ: "خذوا". وفي المصدر {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} .
(2)
تآكل بالأصل بقدر كلمتين، ويظهر بآخرها:"لك".
(3)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(4)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات تقريبًا. ولعل الناقص أن يكون: "قوله: (عُدّة) ". والمثبت هو ما في "رياض الأفهام".
(5)
غير واضحة بالأصل، وتشبه:"كلما". وكتب بهامش (ب): "تآكل بالأصل".
(6)
انظر: رياض الأفهام (5/ 588، 589).
وراجع: البحر المحيط (1/ 136)، (4/ 46)، الإعلام لابن الملقن (10/ 347)، أساس البلاغة للزمخشري (1/ 468)، المصباح (1/ 304)، (2/ 553)، درة الغواص في أوهام الخواص (ص 68)، شرح المفصل (3/ 274 وما بعدها، 279)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 183، 184)، شرح ابن عقيل (4/ 118، 119)، توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1382).
(7)
تآكل بالأصل بقدر ثمان كلمات.
(8)
تآكل بالأصل بقدر تسع كلمات.
(9)
تآكل بالأصل بقدر اثني عشرة كلمة.
(10)
تآكل بالأصل بقدر اثني عشرة كلمة.
[أمْوَال](1)؛ أي: "كَائنة مما لم يُوجِف". و"المسلِمُون" فَاعِل، وعلامةُ رفعه "الواو"؛ لأنّه جمع صفة لمذكر سَالم. والعَائِدُ على "مَا" الثّانية: الضّمير في "عَليه".
و"يُوجِف": من "أوجَف". قَالَ ابنُ الأثير: "الإيجافُ": "سُرْعَة السَّير"، وقد "أوْجَف دَابّته""يوجفها""إيجافًا"، إذا "حَثّها". ومنه الحديث:"لَيْسَ الْبِرَّ بالإِيجَافِ"(2). (3)
و"عليه" يتعَلّق بـ"يُوجِف"، وكذلك:"بخَيْل ولا رِكَاب" معْطُوفٌ عليه. و"لا" مُؤَكِّدة للنفي الأوّل.
قوله: "وكانت": اسمُ "كان" ضَميرُ "الأمْوَال". و"لرسُول الله" يتعَلّق بالخبر. و"خالصًا" بمَعنى "مُنفردًا بها"؛ فنصبها على الحال منه، ويحتمل أنْ تكُون حَالًا من "الأموال"، أي:"كانت الأموال مما لم يُوجف عليه خَالِصًا"، فذُكّر التفاتًا إلى "ما"؛ لأنّ "مَا" لفظها مُذَكّر.
ومن ذلك: قوله تعَالى: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} [الأنعام: 139]. وقيل: إنّ "التّاء" في الآ [ية للمُبالَغَة](4)، كـ"رَاوِيَة". وقيل: مَصْدَر بُني على فَاعِله. وقيل: للتأنيث، حمل على مَعنى"ما"، كما تقَدّم. (5)
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
صحيحٌ: رواه البخاري (1671) بنحوه من حديث ابن عباس، ولفظه عنده:"أيها النَّاسُ عَلَيكُمْ بِالسَّكِينةِ، فَإِن البِرَّ لَيسَ بالإِيضَاع". ورواه أبو داود (1920)، من حديثه أيضًا، ولفظه عنده:"أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَّيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الخَيْلِ وَالإِبِلِ".
(3)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 157).
(4)
تآكل بالأصل. والمثبت بالاستعانة بالبحر المحيط.
(5)
انظر: البحر المحيط (1/ 90)، (4/ 660، 661)، تفسير الزمخشري (2/ 71)، التبيان =
ومتى أعَدْنا على لَفْظ "ما"، وفـ[
…
] (1) عائد على معناها، كان فيه حمل على لَفْظ "ما" ثُمّ على مَعْنَاها. ومَنَع ابنُ عَطيّة (2) من ذلك، وجَعَل [
…
] (3) اللفظ. (4) ولم يُجمَع على هَذه القَاعِدة، ولكن متى جَعَلنا "خالصة" تعُود على "مَا" واسم كَانَت [
…
]، وكَذلك إذا جَعَلناه عَائدًا على "النبي صلى الله عليه وسلم".
قوله: ([فكَان] (6) النّبي صلى [الله عليه وسلم يَعْزِلُ نَفَقَةَ أَهْلِهِ](7) سَنة": جملة "يعْزِل" في محلّ خَبر "كان".
و"سَنَة" ظَرفُ زَمَان، والعَامِلُ فيه "نَفَقَة"؛ لأنّه مَصْدَر. ولا يعْمَل فيه "يعزل" [
…
... ي] (8).
قوله: " [ثُمّ] (9) يجعَل مَا بقي": "جَعَل" هُنا يتعَدّى لمفعُولين، الأوّل "مَا" وصِلتها، والثّاني في المجرور.
و"عُدّة": مصدَر "عَدّ"(10)، في مَوضِع الحال، أي:"مُعِدًّا". ويحتمل أنْ تكُون
= في إعراب القرآن (1/ 542)، الجمل في النحو (ص 286)، شرح التصريح (1/ 599، 600)، ضياء السالك (2/ 230).
(1)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات.
(2)
انظر: تفسير ابن عطية (2/ 351، 352).
(3)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(4)
انظر: تفسير الزمخشري (2/ 71)، البحر المحيط (4/ 660، 661)، تفسير ابن عطية (2/ 351، 352).
(5)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات.
(6)
بالنسخ: "وكان".
(7)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات.
(8)
تآكل بالأصل بقدر كلمتين.
(9)
تآكل بالأصل.
(10)
انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 189)، الصحاح (2/ 506). =
"عُدّة" المفعُول الثّاني، وتكُون "في" بمَعنى "مِن"، أي:"عُدّة مِن الكُراع"؛ فتتعَلّق بقَوله: " [مَا] (1) بقي". ويحتمل أنْ تكون "في" على بابها، فتتعَلّق بصِفَة لـ"عُدّة"، تقَدّمَت فانتَصَبت على الحَال، ويكُون "في سَبِيل الله" بَدَل منه.
الحدِيث الرّابع عَشر
[409]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:"أَجْرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا ضُمِّرَ مِنْ الْخَيْلِ مِنْ الحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَني زُريقٍ".
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى.
قَالَ سُفْيَانُ: مِنَ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ. وَمَنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاع إلَى مَسْجِدِ بَني زُريقٍ مِيلٌ (2).
قوله: "أجْرَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا ضُمّر مِن الخيْل": "مَا" موصُولة بمَعنى "الذي". و"ضُمّر" مَبني للمَفْعُول. وجملة الصِّلة والموصُول في محلّ مفعول "أجْرَى".
و"الحفياء": قَال فيه ابنُ الأثير: جَاء فيه المدّ والقَصر، ومنهم مَن يُقَدِّم "الياء"؛ فيقُول:"الحيْفَاء". (3)
قوله: "وأجْرَى ما لم يُضَمّر": "مَا" موصُولة، كما تقَدّم.
والمرادُ: أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أمَرَ أصْحَابه بذلك، [لا أنّه](4) باشَر ذلك بنفسه.
= ويحتمل أن تكون العبارة هكذا: "مَصدَر، عُدَّ في مَوضع
…
". وهو الأقرب عندي. والله أعلم.
(1)
بالنسخ: "بما".
(2)
رواه البخاري (2869) في الجهاد، ومسلم (1870) في الإمارة.
(3)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 411).
(4)
بالنسخ: "لأنه".
قوله: "قَالَ ابنُ عُمر: وكُنتُ فيمَن أجْرى": "كنتُ": "كَان" واسمها، و"فيمَن" يتعَلّق بخَبرها، و"مَن" موصُولة بمَعنى "الذي". و"أجْرَى" في محلّ الصّلة.
وأجْرَى الفِعْل على لَفظ "مَن"، ولو أجْرَاه على معْنَاها لقَالَ:"فيمن أجروا". (1)
ويحتمل أن تكُون "في" بمَعنى "مَع"، أي:"وكنتُ مَع مَن أجْرى". لكن يختلف المعْنَى؛ لأنّ مَعنى "مَع" المعيّة لا غير، وفي [الثّاني أنّه] (2) "أجْرَى كما أجْرَوا"؛ لأنّ التقدير:"وكنتُ في جملة مَن أجْرى".
قوله: "قَالَ سُفْيَان: مِن الحفْيَاء إلى ثنية الوَدَاع خمسة أمْيَال": "مِن" تتعَلّق بخَبر عَن "خمْسَة". و"إلى" لانتِهَاء الغَايَة، تتعَلّق بمُتعَلّق "مِن"، وهُو ["الحفْيَاء". وأَنّثَ](3)"خمْسَة" بإدْخَال "التَاء"؛ لأنّه عَدَد مُذَكّر، وكَذَلِك:"سِتة".
الحدِيث الخَامِس عَشر:
[410]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:"عُرِضْتُ على النَّبيّ صلى الله عليه وسلم[يوْمَ أُحُدٍ] (4) وَأنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ [سَنَة] (5)؛ فَلَمْ يُجِزْنِي. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ؛ فَأَجَازَني"(6).
قوله: "عُرِضتُ على النّبي صلى الله عليه وسلم": الفِعلُ مَبني لما لم يُسَمّ فَاعِله، و"التّاء"
(1) راجع: تفسير ابن عطية (2/ 351، 352)، البحر المحيط (1/ 90)، (4/ 660، 661)، تفسير الزمخشري (2/ 71)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 542)، الجمل في النحو (ص 286)، شرح التصريح (1/ 599، 600)، ضياء السالك (2/ 230).
(2)
تآكل بسيط بالأصل بقدر كلمتين. ولعل المثبت صواب.
(3)
تآكل بالأصل بقدر كلمتين، يظهر بأولهما:"الح".
(4)
سقط من النسخ. والمثبت من "العمدة"(ص 279).
(5)
سقط من النسخ. وقد شرح الشيخ ابن فرحون على ذلك، وهي ثابتة ببعض نسخ "العمدة".
(6)
رواه البخاري (2664) في الشهادات، ومسلم (1868) في الإمارة.
[مفعُوله](1) الذىِ لم يُسَمّ فَاعِله.
و"يَوم [أحُد] (2)، ظَرْفٌ [ومخفُوض] (3) به، العَامِلُ فيه: "عُرِضتُ".
وجملة "وأنا ابن أربع عَشرة سَنَة" في محلّ الحال مِن ضَمير المفْعُول.
وجَرَى العَدَد المرَكّب على الأصل المرفُوض في "الأرْبَعَة"، [وع ...... شرة](4). (5) وتقَدّم ذَلك في الثّالِث مِن "التيمّم".
و"سَنَة" منْصُوبٌ على التمييز.
وجملة "فأَجَازَنِي": [مع ..
…
... ] (6).
[الحدِيث السّادِس](7) عَشر:
[411]
: عن ابن عُمر رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "قَسَمَ [في النَّفَلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَللرَّجُل سَهْمًا] (8) "(9).
[جملة](10)"قَسّم" في محلّ خَبر "أنّ"، و"في النفل" يتعَلّق به. و"للفَرَس" يتعَلّق به [أيضًا
…
] (11).
(1) تآكل بالأصل. ولعل المثبت الصواب. وله نظائر.
(2)
تآكل بالأصل. وفي (ب): "الخندق".
(3)
بالنسخ: "مخفوض".
(4)
تآكل بالأصل بقدر ثلاث كلمات.
(5)
انظر: توضيح المقاصد (3/ 1318، 1325)، شرح التصريح (2/ 458 وما بعدها)، شرح المفصل (4/ 16 وما بعدها).
(6)
تآكل بالأصل بقدر ثلاث كلمات.
(7)
تآكل بالأصل بقدر كَلمتين.
(8)
تآكل بالأصل.
(9)
رواه البخاري (2863) في الجهاد، ومسلم (1762) في الجهاد.
(10)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(11)
تآكل بالأصل بقدر سبع كلمات، يظهر بأولها:"أيض".
"وللرّجُل سَهمًا". [
…
] رأيتُ لَفْظ الحديث بنصب "سهمين" [و ..
…
] (2) إلا [يقدر](3)، أي:"قَسّم في مُستحقّي الغَنيمة"، [
…
] (4) أنْ تكُون "في" زائدة.
ويحتمل أن تكُون بمَعنى "مِن"، [كقوله تعالى:{وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} [النحل: 89]، أي:"مِن] (5) كُل أمّة".
وكقَول امرئ القَيس:
[أَلَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِي
…
بِصُبْحِ وَمَا الْإِ] (6) صْبَاحُ فِيكَ بِأَمْثَلِ (7)
أراد: "مِنْك". (8)
(1) تآكل بالأصل بقدر كلمة، ولعلها:"وقد".
(2)
تآكل بالأصل بقدر سبع كلمات.
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
تآكل بالأصل بقدر عشر كلمات.
(5)
تآكل بالأصل بقدر تسع كلمات. وقد أثبت من النظير.
(6)
تآكل بالأصل بقدر ثمان كلمات.
(7)
البيتُ من الطويل. ويروى فيه: "منك بأمثل".
انظر: التذكرة الحمدونية (5/ 331)، أمالي ابن الشجري (1/ 419)، الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء (ص 28)، خزانة الأدب (2/ 326)، المعجم المفصل (6/ 467).
(8)
انظر: مغني اللبيب (ص 68)، اللمحة (1/ 226)، شرح التصريح (1/ 650)، وشرح التسهيل (3/ 155 وما بعدها)، وحاشية الصبان (2/ 327)، والجنى الداني (ص 252)، وأمالي ابن الشجري (2/ 606 وما بعدها).
الحديث السّابع عشر:
[412]
: عن ابن عمر، أَن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله [عليه وسلم "كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ](1) مَنْ يَبْعَثُ فِي السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةَ سِوَى [قَسْم](2) عَامَّةِ الجَيْشِ" (3).
قوله: " [أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ] (4) ": اسم "كَان" يعُود على "النبي صلى الله عليه وسلم".
وكذلك فَاعِل "ينفل": ضَمير "النبي صلى الله عليه وسلم".
[
…
] (5)"بعض" مفعول "ينفل".
و"مَن" موصولة، وصِلَتها جملة "يَبْعَث"، والعَائِدُ على الموصول ضَمير [
…
.. ة] (6)، والصِّلة والموصُول في محلّ جَر بالإضَافة.
و" [في] (7) السّرايا" يتعَلّق بـ"يبْعَث".
قوله: " [لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةَ": ...... يتعلّق] (8) بصفَة لمفعُول محذُوف، أي:"ينفل بعض مَن يبعث زيادة على نصيبهم لأنفسهم". [
…
تكون] (9)"خَاصّة" حَالًا من "أنفسهم".
ويحتمل أنْ يتعَلّق بصفة لـ"خَاصّة"، تقَدَّمت؛ فانتصبَت [على الحال، أي:
(1) تآكل بالأصل.
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
رواه البخاري (3135) في فرض الخمس، ومسلم (1750)(40) في الجهاد.
(4)
تآكل بالأصل.
(5)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(6)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(7)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "من".
(8)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات، يظهر بآخرها:"لق".
(9)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات، يظهر بآخرها:"كون".
"ينفل بعض] (1) مَن يبعث زِيادة على نَصيبه خَاصّة لأنفسهم"، وتكُون "خَاصّة" حَالًا من "بعض" [
…
] (2).
أو يتعَلّق بنفس "خَاصّة"؛ لأنّه مَصْدَر، والمصْدَرُ غير المنحَلّ إلى "أنْ" والفِعْل يجوز [أن يعمل في الجار والمجرور](3)، كقَولهم:"لِزَيد بالنحو مَعرفةٌ" و"لِزَيد بالطب بَصَرٌ". (4)
وتكُون "خَاصّة" على مَا تَقَدّم إمّا [
…
] (5)، كما تقَدّم.
وقد قيل في "خَاصّة": أصْلُها أنْ تكُون نعتًا لمصْدَر محذُوف، ثُم تكون حَالًا [من الفَاعِل المستكن، كقوله تعالى](6): {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، قيل: هي هُنا حَالٌ من الفَاعِل [المستكن](7)[في: "لا تصيبن"، أو مِن فاعل](8)"ظَلَمُوا". (9)
(1) تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات، يظهر بآخرها:"ض". والمثبت من النظير والسياق. والله أعلم.
(2)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(3)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. والمثبت بالرجوع للبحر المحيط.
(4)
راجع: البحر المحيط (1/ 265 وما بعدها)، اللباب في علوم الكتاب (9/ 81)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 53)، الأصول في النحو (2/ 150)، شرح التصريح (2/ 391)، شرح ابن عقيل (4/ 20)، توضيح المقاصد (3/ 1260 وما بعدها).
(5)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(6)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. وفي (ب): "كقوله تعالى"، وتم إكمال النقص بالاستعانة بالبحر المحيط.
(7)
في (ب): "المستتر".
(8)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات، بآخرها:"عل". والمثبت بالاستعانة بالبحر المحيط.
(9)
انظر: البحر المحيط (5/ 303 إلى 306)، اللباب في علوم الكتاب (9/ 494)، مغني اللبيب (ص 324 وما بعدها).
قوله: "سِوَى [قَسْم] (1) عَامّة الجيش": "سِوَى" ظَرْفٌ، تقَدّم في الثّامِن مِن "باب [الجنَائز". (2) ...... ي] (3)"ينفل". و" [قَسْم] (4) " مخفُوضٌ بـ"سِوَى".
و"عَامّة الجيش": أي: "جميع الجيش"، وتقَدّم الكَلامُ [على "عَامّة" و"خَاصّة" في](5) الثّالث مِن "التيمم".
الحدِيث الثّامِن عَشر
[413]
: عَنْ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، [عَنْ النَّبِيّ صَلى الله عَلَيْه و](6) سَلّم، قَالَ:"مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا"(7).
قوله: "عن أبي مُوسى": [يتعَلّق](8) بمُقَدّر، [أي:"رُوي"، و"عبد الله بن] (9) قَيْس" بَدَل منه، أو عَطْف بَيَان.
قوله: "عن النبي صلى الله عليه وسلم": ["عَن" تتعَلّق بفِعْل مُقَدّر، أي: "رَوَى عَن](10) النّبي صلى الله عليه وسلم". ويصحّ أنْ تكُون "عَن" الثّانية بَدَلًا مِن "عَن" الأوْلى.
(1) بالنسخ: "قسمة".
(2)
عَنْوَن المصنف وصاحب العُمدة للجنائز بـ: كتاب الجنائز، لكنه أثناء الكتاب والفهارس يحيل إليه بألفاظ متعددة، منها: كتاب الجنائز، باب الجنازة، باب الجنائز، الجنازة، الجنائز.
(3)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(4)
بالنسخ: "قسمة".
(5)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. والمثبت من السياق.
(6)
تآكل بالأصل.
(7)
رواه البخاري (7071) في الفتن، ومسلم (100) في الإيمان.
(8)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(9)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. والمثبت من السياق والنظير.
(10)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات تقريبا. والمثبت من نظيره.
قوله: " [مَن حمل عَلينا السِّلاح] (1) ": "مَن" شَرطيّة، مُبتدأ. وخَبره في الفِعْل، وقيل: في الجوَاب (2)، وقَد تقَدّم بأنّ لهم في مثل [
…
] (3).
قوله: "عَليْنا": يتعَلّق بـ"حَمل". والتقدير: "حمل على جماعتنا [وأمتنا".
وجَوَابُ] (4) الشّرط [
…
] (5) جَوابُ غَير [مُتَصَرِّف](6)؛ فلابُدّ من ["الفَاء"](7). (8)
قوله: "مِنّا": يتعَلّق بخَبر "ليس"، [والتقدير] (9): "ليس [
…
شَرِيعَتنا] (10) أو دِيننا".
(1) تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات تقريبًا.
(2)
انظر: إرشاد الساري (9/ 401)، عقود الزبرجد (1/ 155)، مغني اللبيب (ص 608، 648)، شرح التسهيل (4/ 86)، همع الهوامع (2/ 554، 566)، شمس العلوم (9/ 5930).
(3)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. ولعل النقص أن يكون: "هذه المسألة اختلافًا كبيرًا".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. والمراد: أنه جاء بالفاء لأنه جواب لفعل ماض غير متصرف.
(6)
بالنسخ: "منصرف". والمثبت من المصادر.
(7)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "الواو".
(8)
انظر: اللمحة (2/ 882، 883)، علل النحو (ص 440)، شرح المفصل (5/ 111)، الجنى الداني (ص 66، 67).
(9)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(10)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات، يظهر بآخرها:"يعتنا".
الحدِيث التّاسِع عشر
[414]
: عَنْ أَبي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ [صلى الله عليه وسلم عنْ](1) الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ [اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] (2):"من قَاتَلَ لِتكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ في سَبِيل اللَّهِ"(3).
قوله: "عَن أبي مُوسَى": [حَرْفُ الجر يتَعَلّق بـ"رُوِي"](4) المقَدّر. وقد تقَدّم.
و"مُوسَى": "فُعلى"، قيل: أصلُه "مُوشَى" بـ"الشّين"، مُركّبٌ مِن "الماء"[و"الشّجَر" .... لا](5) ينْصَرف؛ فعَلامَة الجر فيه [فَتْحَة](6) مُقَدّرَة.
وأمّا "مُوسَى"[الحديدة](7) التي يحلَق بها: فقيل: [هو مُذكّر، وهو على وزن](8)"مُفْعَل"، من "أوسَيتُ رأسه" أي:"حَلَقته". ومَن قال: "فُعلى" فهو عنده مُؤَنّث بـ"الألِف" [
…
الصحيح] (9) أنّه مُؤَنّث [ ...... ](10).
وقَالَ عبد الله بن [سَعيد](11) الأموي: هو مُذَكّر.
(1) تآكل بالأصل.
(2)
تآكل بالأصل.
(3)
رواه البخاري (2810) في الجهاد، ومسلم (1904) في الإمارة.
(4)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات، يظهر بآخرها:"ي". والمثبت من السياق والنظير.
(5)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(6)
طمس بسيط بالأصل.
(7)
التاء لا تظهر واضحة بالأصل. والمثبت من المصادر.
(8)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. والمثبت بالاستعانة بالمصادر، وهو بالمعنى في بعضه. والله أعلم.
(9)
تآكل بالأصل بقدر ست كلمات.
(10)
تآكل بالأصل بقدر كلمتين. وقد يكونا: "لا مذكر".
(11)
بالنسخ: "مسعود". والمثبت من المصادر.
قَالَ أبو عبيد: ولم [نَسْمَع التذكير فيه إلّا مِن](1) الأموي. (2)
قوله: "قَالَ: سُئل": في محلّ خَبر ["أنّه" القَائِم](3) مَقَام مفعُول مُتعَلّق [حَرْف](4) الجر.
[و"سُئل" مَبني لما لم يُسَمّ](5) فَاعِله، وتقَدّم الكَلام عليها في الثّاني عَشر مِن "بَاب صِفَة الصّلَاة". والمفعُولُ [الذي لم يُسَمّ فاعله هو] (6):"رَسُول الله صلى الله عليه وسلم".
و"عَن الرّجُل" يتعَلّق بالفِعْل. وجملة "ويُقَاتِل"في محلّ الحال [مِن
…
] (7)[صِفَة له](8)؛ لأنّ الأَلِف [واللام](9) للجنس.
و"شَجَاعَة" مفْعُول له، أي:"لأَجْل إظْهَار [الشّجَاعة". وفيه حَذْف مُضَافٍ. وكذلك] (10): "حميّة" و"رِياء".
قوله: "أيّ ذلك في سَبيل الله؟ ": و"أيّ" مُبتدأ، و"ذلك" مُضَافٌ إليه، و"في
(1) تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. والمثبت من المصادر.
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 316، 321)، اللباب في علوم الكتاب (2/ 69)، الصحاح (6/ 2524)، المصباح (2/ 585)، لسان العرب (15/ 391، 392).
(3)
غير واضحة بالأصل، وتشبه:"أن والقائم". وفي (ب): "أن القائم".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات، ويظهر بآخرها:"سم". والمثبت من السياق والنظير.
(6)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات. والمثبت من النظير.
(7)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات.
(8)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(9)
تآكل بالأصل بقدر كلمتين تقريبًا.
(10)
تآكل بالأصل بقدر خمس كلمات، ويظهر بآخرها:"لك". ولعل المثبت صواب. وانظر: إحكام الأحكام (2/ 318).
[سَبيل الله":
…
خبر] (1).
والجملة [من "أي" والمضاف والخبر](2) في محلّ مفْعُول ["سُئِل"](3) الثّاني.
و"سَأَل" يتعَدّى بنَفْسه، ويتعَدّى [بحَرْف الجر، إمّا بـ"عَن"](4)، وإمّا بـ"الباء". [ويتعدّى إلى المفعول](5) الثّاني؛ فتَعْمَل ["سُئل" بالجمْلَة](6). وعُلّقَت وإنْ لم تكُن مِن [أفْعَال القُلوب لأنها](7) سَبَب [العِلْم، فأجْرَى السّبب مجرَى المسبّب، قال الله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: 40].
وتجيء "سَأل" بمَعنى "طلب"، قال تعالى:{اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} [البقرة: 61] أي: "مَا طَلَبْتُم"] (8). (9)
وتكُون [ق 232]"أيّ" شَرْطًا، نحو:{أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110]،
(1) تآكل بالأصل بقدر ست كلمات، وبآخرها:"بر".
(2)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات، يظهر بآخرها:"ر". ولعل المثبت الصواب. وقد استعنت فيه بنظائره.
(3)
بالنسخ: "سأل".
(4)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات. والمثبت من النظير.
(5)
تآكل بالأصل بقدر ثلاث كلمات، يظهر بأولها: "و
…
" وبأخرها: "عول". والمثبت بالاستعانة بالنظير. ولعله صواب. والله أعلم.
(6)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "محل الجملة".
(7)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات. والمثبت من النظير.
(8)
تآكل وقلة حبر بالأصل. والمثبت ما يظهر منها تقريبًا، مع الاستعانة بالنظير.
(9)
انظر: تفسير ابن كثير، ط دار طيبة، (1/ 282)، البحر المحيط (1/ 355، 374، 377)، (2/ 349)، (5/ 237)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث النبوي (ص 17، 158، 193)، مرقاة المفاتيح (6/ 2642)، عقود الزبرجد (3/ 155)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 86، 87)، شرح المفصل (5/ 129)، مغني اللبيب (ص 668)، شرح التصريح (1/ 158)، تاج العروس (29/ 157).
وموصُولة، نحو قوله [تعالى:{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} (1)[مريم: 69]. وتكُون دَالّة على مَعْنى الكمال، نحو " [زَيد] (2) رَجُل أيّ رَجُل"، أي:"كَامِل".
وتكُون حَالًا، نحو:["مَرَرتُ بعبد الله](3) أيّ رَجُل".
وتكُون وُصْلةً إلى نِدَاء ما فيه الأَلِف واللام.
وزَادَ بعضُهم: ونكرة موصُوفَة، نحو:["مَرَرْت بِأَيّ معجب لَك"](4). وجَعَل بعضُهم "أي" في النّداء موصُوفة. (5)
وتقَدّم القَول في ذلك في الأوّل مِن "كتاب الصّلاة"، [والثّالث من "التيمّم".
قوله: "فقَالَ] (6) رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَن قَاتَل لتكُون كَلِمَة الله هي العُليا": "كَلِمَة" اسمُ "كَان"، و"هي" مُبتَدأ [و"العُليا" الخبر](7)، والجمْلَة في محلّ خَبر "كَان". أو تكُون "هي"[فصلًا](8) لا محلّ لها، و"العُلْيَا" الخبر (9)، وهُو مقْصُور، وتقَدّم
(1) تآكل بالأصل بقدر نحو تسع كلمات. والمثبت من النظير.
(2)
طمس بالأصل.
(3)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات. والمثبت من النظير.
(4)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات. والمثبت من "مغني اللبيب".
(5)
انظر: مغني اللبيب (ص 107 وما بعدها)، موصل الطلاب (ص 127 وما بعدها)، دليل الطالبين لكلام النحويين (ص 87)، جامع الدروس العربية (1/ 144 وما بعدها).
(6)
تآكل بالأصل بقدر أربع كلمات تقريبًا. ولعله صواب.
(7)
تآكل بالأصل بقدر ثلاث كلمات تقريبًا. ولعله صواب.
(8)
بالنسخ: "فصل". والمثبت من بعض المصادر. وفي بعض المصادر: "فضلا".
(9)
انظر: اللباب لابن عادل (10/ 97)، التبيان في إعراب القرآن (2/ 645)، وإعراب القرآن وبيانه (4/ 102).
[الكَلامُ عليه](1)
ومَا كَان على "فُعلى" -كـ"قُصْوَى"- في الثّامِن مِن "بَاب دُخُول مَكّة".
قوله: "فهو في سَبيل الله": [ .... ](2) وجهَاده في سَبيل الله.
(1) تآكل بالأصل بقَدْر ثلاث كلمات تقريبًا.
(2)
تآكل بالأصل بقدر ثلاث كلمات.