الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من "باب الصفوف"، وفي العاشر من "كتاب الصّلاة".
و"بين": ظرف مكان، وتقدّم الكلام عليها وعلى مواضعها وحكمها إذا اتصل بها "ما" في الثالث من "باب السواك".
والعامل في "بين": "أرمينّ". و"بها" يتعلّق به أيضًا. أو تكون "بين" في محلّ حال من الضّمير في "بها"، أي:"لأرمينّ بها كائنة بين أكتافكم"، فتتعلق "بين" بصفة لحال محذوفة، أي:"لأرمينّ بها سُنَّةً -أو كلمةً- كائنة بين أكتافكم".
ويُروى: "بَيْنَ أكْنَافِكُم" بالنّون، رواها يحيى بن يحيى في "الموطأ"(1).
قال الشّيخ تقيّ الدّين (2): معنى ذلك: أني أقولها لكُم، وأصرّح بها بينكم، وأوجعكم بالتوبيخ على ترْك ما رُغِّب فيه من ذلك، كما يُرمى بالشيء فيضرب به بين الكتفين (3).
قلت: وأمّا رواية "الموطأ": فمعناها: "لأرمين بها بينكم فيما بين جوانبكم". و"الكنف": "الجانب"(4).
الحديث الثّاني عشر:
[289]
: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"(5).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(1) انظر: الموطأ (4/ 1078).
(2)
انظر: ليس هذا القول في "إحكام الأحكام"، وإنما هو في "رياض الأفهام"، فلعل لفظ "تقي الدين" كتب بدلًا من "تاج الدين". واللَّه أعلم.
(3)
انظر: رياض الأفهام (4/ 489)، إرشاد الساري (4/ 266).
(4)
انظر: الصحاح (4/ 1424).
(5)
رواه البخاري (2453) في المظالم، ومسلم (1612) في المساقاة.
تقدّم الكلام على "الحادي" و"الثّاني" في "باب الصّلاة".
قوله: "قيد شبر": إشارة إلى ما يكون بين الشيئين، يقال:"قيد رمحٍ"، و"قيد شبرٍ"، و"قاد رمحٍ" (1). وهو منصوبٌ على المفعولية. والتقدير:"من ظلم الناس قيد". فـ "قيد" مفعول ثانٍ لـ "ظلم" على التضمين، ضُمِّنَ معنى "نقص" أو "غصب".
وقيل: ["ظلم"](2) هنا متعدٍّ إلى واحد، و"قيد شبر" نعت لمصدر محذوف، أي:"ظلم الناس ظلمًا قيد"، كما تقول:"لا أظلم قليلًا ولا كثيرًا"، أي:"ظلمًا قليلًا وكثيرًا".
و"القاف" فيه مكسُورة، يُقال:"قِيد" و"قَاد"(3).
قوله: "من الأرض": يتعلّق بصفة لـ "شبر"؛ فيكون في محلّ جر.
قوله: "طوقه": مبني لما لم يُسمّ فاعله، وهو جوابُ "مَن" الشرطية، وفيه ضمير مرفوع قائم مقام الفاعل يعود على "مَن". وأصل بناء الفعل:"طوَّقَهُ اللَّه القيد"، فحذف الفاعل، وأقيم المفعول مقامه، وهو الضّمير العائد على "من".
قوله: "من سبع أرضين": يتعلّق بـ "طوقه".
و"أرضين": جمع "أرض". و"الأرض" مؤنثة، ولذلك سقطت العلامة من عَدَدها.
وعلامة الجر في "أرضين": "الياء"؛ لأنه حمل على جمع المذكّر السالم، كما حمل عليه "سنون"، و ["أولو"](4) و"عشرون".
(1) انظر: الصحاح (2/ 529).
(2)
غير واضحة بالأصل، والمثبت من (ب).
(3)
انظر: الصحاح (2/ 529).
(4)
بالأصل: "وألوا"، وفي (ب):"والواو"، والمثبت من المصدر.
وإنّما جمع "أرض" بالعلامتين: لأنها مؤنثة، والمؤنث حقّه أن يكون بعلامة التأنيث، فلما لم يصِلوا به العلامة عوّضوه منها أنْ جمعوه بالواو والنون، حملوا حُكمه على حكم المذكّر السالم.
قالوا: وذلك مُطّرد في كُل ثُلاثي حُذفت لامه، وعُوّض منها "هاء" التأنيث، ولم يُكَسَّر، نحو:"عِضَة" و"عِضِين"، و"عِزَة" و"عِزِين"، و"ثُبَة" و"ثُبِين"(1).
* * *
(1) انظر: شرح المفصل (3/ 215 - 217)، وشرح قطر الندى (ص 48 - 50)، وشرح شذور الذهب للجوجري (1/ 197، 202).