الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب القصاص
الحديث الأوّل:
[334]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّه إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَماعَةِ"(1).
تقدّم [أوّل الكتاب](2) ذكْر "الكتاب" ومعناه، و"الحديث" ومعناه، و"الأوّل" وتصريفه؛ فانظره هنالك.
قوله: "لا يحل": جملة معمولة للقول، والقول معمول للقول الأوّل، والقول الأوّل معمول لمتعلّق حرف الجر بتقدير "أن". وتقدير الكلام هنا:"لا يحلّ سفك دم" أو "اهراق دم"، فهو على حذف مُضاف.
وتقدّم في الحديث السادس من "الزّكاة": "مرء" و"امرؤ".
وتقدّم الكلام على "دم" و"يد" مما هو منقوص غير مقيس، في الحديث الثّالث من "باب الصفوف".
و"مسلم" صفة لـ "امرئ". و"يشهد أن لا إله إلا اللَّه" في محلّ صفة بعد الصّفة، وهي كالتفسير للإسلام.
قوله: "أن لا إله إلا اللَّه": "أنْ" هنا هي المخفّفة من الثقيلة، [بدليل أنه](3) عطف عليها "وأني رسُول اللَّه"، ولأنّ "الشّهادة" بمعنى "العلم"؛ لأنّ شرطها أن يتقدّمها علم أو ظنّ، أو ما في [. . .](4)، فالتقدير:"يشهد أنه لا إله إلا اللَّه"، فحذف
(1) رواه البخاري (6878) في الديات، ومسلم (1676) في القسامة.
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
غير واضحة بالأصل. وبياض في (ب). والمثبت من "إرشاد الساري".
(4)
غير واضحة بالأصل. وبياض في (ب). ولم يذكرها القسطلاني.
اسمها، وبقيت الجملة في محلّ الخبر (1)، كقول الشاعر:
في فتية كسيوف الهند قد علموا
…
أن هالك كل من يحفي وينتعل (2)
فـ "كل من يحفى" مبتدأ، والخبر:"هالك" متقدّم، والجملة في محلّ خبر "أن".
وتقدّم الكلام على إعراب "لا إله إلا اللَّه" في الأوّل من "باب التيمم".
وجملة "أني رسول اللَّه" معطوفة على الجملة قبلها.
قوله: "إلا بإحدى ثلاث": يتعلّق حرف الجر بحال، والتقدير:"إلا متلبسًا بفعل إحدى ثلاث"؛ فيكون الاستثناء مُفرغًا؛ لعمل ما قبل "إلا" فيما بعدها.
ثم المستثنى منه يحتمل أن يكُون من "الدّم"؛ فيكون التقدير: "لا يحلّ دَم امرئ مُسلم إلا دمه متلبسًا بإحدى الثلاث". ويحتمل أن يكُون الاستثناء من "امرئ"؛ فيكون التقدير: "لا يحلّ دم امرئ مُسلم إلّا امرأ متلبسًا بإحدى ثلاث خصال"، فـ "مُتلبسًا" حال من "امرئ"، وجاز؛ لأنّه وصف (3)، أو يكون صفة حُذف موصُوفها، وقامت الصّفة مقامه، وهي "المحرم".
وإذا ثبت ذلك: فـ "الثيب" بالنصب بَدَل من "دم امرئ مسلم"، وكذلك ما عُطف عليه. و"امرأ" منصوبٌ بالاستثناء المتصل.
فإن قدّرت: "إلَّا دَم امرئ مسلم" جاء فيه الجر، أي:"إلا دَم الثيب ودَم النفس بالنفس ودم التارك".
وإن قدّرته مقطوعًا، وقدّرت:"هو الثيب" كان مرفوعًا، أي:"هو الثيب"، و"هو النفس بالنفس" أي: المتلبّسة بقتل النفس، و"هو التارك".
(1) انظر: إرشاد الساري (10/ 48).
(2)
البيت من البسيط، وهو للأعشى. انظر: المعجم المفصل (6/ 243).
(3)
انظر: إرشاد الساري (10/ 49).
ويجوز [نصبها](1) بفعل، أي:"أعنى الثيب".
والرّواية تحكُم على ذلك كله.
ويُقال: "ثيب" للرجُل وللمرأة، بشرط أن يكُون الرجُل تزوّج ودخَل بزوجته، وكذلك المرأة. (2)
قوله: "الزاني": يُروَى بـ "النون" من غير "ياء"(3) ويُروى [بـ "الياء"](4)، وهو الأصل. والأوّل جرى على حذف "الياء" اكتفاء بالكَسرة.
ومنه قوله تعالى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9]، وهذا فيما فيه ألِف ولام.
فإن لم يكونا فيه: فالأشهَر الحذف في الرّفع والخفض، نحو:"هذا قاض" و"مررتُ بقاض"، عكس الأوّل.
وأمّا في النصب: فليس إلا إثبات "الياء"، نحو:"رأيتُ القاضي" و"أجبتُ الدّاعي"؛ لأنه بالحركة صارت بمنزلة الصحيح.
وإن كان مجرّدًا من الألِف واللام -أعني المنصُوب- فالوقف عليه بـ "الألِف"، تقول:"رأيتُ قاضيًا" و"أجبتُ داعيًا"، لا تحذف "الألِف" لتحرّكها. (5)
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 231)، ورياض الأفهام (5/ 126)، والصحاح للجوهري (1/ 95)، ولسان العرب (1/ 248).
(3)
صرح النووي بأن أكثر نسخ صحيح "مسلم" كذلك، وبعض النسخ على إثبات الياء". انظر: شرح النووي على مسلم (11/ 164).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
انظر: رياض الأفهام (5/ 127)، شرح النووي على مسلم (11/ 164)، والإعلام لابن الملقن (9/ 44)، شرح التصريف للثمانيني (ص 386)، وشرح المفصل (1/ 163)، (5/ 229)، الهمع (3/ 428)، والمنهاج في علمي النحو والصرف (ص 173).