الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و"مثله" مفعول لم يُسمَّ فاعلُه لـ "روي".
و"يستوفي" ماضيه: "استوفي"، وهو بمعنى:"توفّاه".
والضّمير في "مثله" يعُود على "الحديث"، أي:"مثل حديث عبد اللَّه بن عمر". والتقدير: "وجاء في لفظ: حتى يقبضه".
وتقدّم أنّ "مثل" و"شبه" و"ضد" و"ند" و"أفعل من" و"واحد أمه" و"عبد بطنه" واسم الفاعل المضاف بمعنى الحال أو الاستقبال، كلها لا تتعرّف بالإضافة، في المعروف (1).
الحديث الخامس:
[267]
: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ: "إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالمَيْتةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ؟ فَإِنَّهُ تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَتُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبحُ بِهَا النَّاسُ. فَقَالَ:"لَا، هُوَ حَرَامٌ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا، جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"(2).
قوله: "سمع رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُول": "سمع" في محلّ خبر "أن"، و"سمع" هنا متعلِّقة بالذوات، فيكون "يقول" في محلّ المفعول، على اختيار الفارسي ومَن تبعه، أو في محلّ الحال، على اختيار ابن مالك وأبي حيّان ومَن تبعهم (3)، وقد تقدّم الكلام على
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 460)، (4/ 636)، اللباب لابن عادل (1/ 221)، إرشاد الساري (1/ 396)، (7/ 6)، عقود الزبرجد (2/ 374)، شرح التسهيل (3/ 227)، التبيين عن مذاهب النحويين (ص 416 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 209، 210)، شرح التصريح (1/ 556)، وأوضح المسالك (3/ 74)، والنحو الوافي (3/ 25).
(2)
رواه البخاري (2236) في البيوع، ومسلم (1581) في المساقاة.
(3)
انظر: البحر المحيط (3/ 472، 473)، (7/ 446، 447)، (8/ 163)، عُمْدة القَاري =
"سمع" في أوّل حديث من الكتاب.
قوله: "عام الفتح": ظرف الزمان مُقدَّرٌ بـ "في"، [أي] (1):"قال في عام الفتح". والعاملُ فيه: "سمع".
قوله: "إنّ اللَّه ورسُوله": "إنّ" مكسورة؛ لأنها بعد القول [وقد. . . . . فتحها بعد القول في الصحيح؛ لأنّ. . .](2) إذا كان فعلًا مُضارعًا بـ "تاء" خطاب تقدّمته أداة استفهام لم يفصل بينهما بفاصل، وينصب حينئذ فعلين، نحو:"أتقول زيدًا مُنطلقًا؟ "، و:"أتقول إنّ زيدًا مُنطلقًا؟ "(3).
ويجب فتحها لتسد مسَدّ مفعولي "يقول". وتقدّم الكلام على المواضع التي تفتح فيها "أن" وتكسر في الرّابع من أوّل الكتاب.
قوله: "ورسوله": بالنصب، عطف على اسم "أن"، ويجوز الرفع عطفًا على المحلّ عند الكسائي، ويجري في إعرابه إذا رفع ما قيل في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} [المائدة: 69]، وفيه أوْجُه، منها القويُّ، ومنها الضّعيف (4).
قوله: "وحَرَّم بيعَ الخمرَ": جملة في محلّ خبر "أن".
= (1/ 23)، (6/ 273)، إرشاد السّاري (8/ 188)، (9/ 401)، (10/ 15)، الإعلام لابن الملقن (1/ 165، 166)، شواهد التوضيح (ص 182)، شَرح التسهيل (2/ 84).
(1)
خرم بالأصل. وفي (ب): "أو".
(2)
غير واضح في المخطوط. وهو بهامش الأصل، وبه خروم. وهذا ما يظهر لي منها، وبعده حوالي ثلاث كلمات.
(3)
انظر: شرح التسهيل (2/ 178 وما بعدها)، توضيح المقاصد (1/ 569)، وحاشية الصبان (2/ 327)، وهمع الهوامع (2/ 446).
(4)
انظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/ 325)، شرح التسهيل (2/ 50)، مغني اللبيب (ص 617)، شرح المفصل (4/ 542).
وفاعل "حرّم": ضمير "اللَّه" تعالى. ومثله قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، فأفرد الضمير؛ لأنّ اللَّه ورسوله في حُكم الواحد؛ لأنَّ رِضَا اللَّهِ عنه مُرتبطٌ برِضَا رسولِه (1).
أو يكون التقدير: "إنّ اللَّه حَرَّم، وإنّ رسولَه حَرَّم"، فهما جملتان.
ويحتمل أن يكون التقدير: "إن اللَّهَ ورسولَه حرَّما بيع"، ثم حذف "الألِف" التي هي ضمير الإثنين عندما وقف؛ لينفرد الفعل بضمير اللَّه تعالى.
وفي ذلك تعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث جعل تحريمه وتحريم الرسول واحد، وهو نظيرُ قوله تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80](2).
وقد أجازوا في الوقف على المنصوب السّكُون، وهي لُغة ربيعة، فقالوا:"رأيتُ رجُل". فهذا هنا أسْهَل؛ لأنّه هنا أبقى الحركة التي كانت قبل الحذف. وحسَّن هذا الحذف دلالة ما قبله عليه. والأوّل أحْسَن (3).
وقد قال صلى الله عليه وسلم للخطيب لما قال: "ومن يعصهما فقد غوى": "بِئْسَ خَطِيبُ القَوْم أَنْتَ"(4)، كأنّه أنكر عليه جمعه بين ضميري "اللَّه" تعالى و"النبي" صلى الله عليه وسلم (5).
ومن هذا قوله في الحديث: "مِن أعْظَمِ الفِرَى أن يُرِيَ عَيْنَيه مَا لم تَرَ"(6).
(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 268)، (5/ 298)، (6/ 15)، رياض الأفهام (4/ 326، 327)، مغني اللبيب (ص 42).
(2)
انظر: البحر المحيط (5/ 299)، اللباب لابن عادل (4/ 298).
(3)
انظر: اللباب لابن عادل (10/ 132)، شرح الكافية الشافية (4/ 1980)، الخصائص (2/ 99، 100)، التبيين عن مذاهب النحويين (ص 191)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 200، 201)، شرح المفصل (5/ 212)، الصبان (1/ 69)، الهمع (3/ 427)، شرط التصريح (2/ 313).
(4)
صحيح: مسلم (870/ 48)، من حديث عدي بن حاتم.
(5)
انظر: إكمال المعلم (3/ 275)، إرشاد الساري (1/ 98).
(6)
صحيح: البخاري (3509)، والمسند (17021)، والطبراني في المعجم الكبير =
والأصلُ: "مَا لم تريا"(1)، فهذا مثل الحديث على التأويل الأوّل؛ لكَونه حَذف ضَمير الفَاعل.
قوله: "والأصْنَام": معطُوفٌ على "بيع"، وكذلك "الميتة"، و"الخنزير"؛ فتكون منصُوبة؛ لأنّه لا يُعهَد بيع الأصنام في ملّة الإسلام، والمراد:"عبادة الأصنام".
ويحتمل الجر، أي:"وحرّم بيع الأصنام"؛ فيكُون قد حَذَف المضَاف، وأبقَى المضَاف إليه على إعرابه، وهو قليلٌ، كقراءة مَن قرأ في الشّاذ:"وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةِ"(2) بالجر، أي:"ثواب الآخرة". ولكن النّصب فيه أوْجَه، والمعطُوفات ظاهرٌ إعرابها (3).
قوله: "فقيل": تقدّم الكَلام على القول وبنائه للمفعول في الحديث الرّابع من "الجنائز". وحذف فاعل "قيل" للإبهام، أي:"قال بعض الحاضرين"، أو للجَهل به.
ومفعوله الذي لم يُسمّ فاعله، قيل: هو جملة الاستفهام، على مذهب مَن يجوِّز وقوع الفاعل جملة. وقيل: هو مُضمر يُفسِّره سياقُ الكلام، تقديره:"هو"، والجملة مفسِّرة للقول، فلا موضع لها. وقيل: القائم (4) مصدرُ القول، أي:"قيل قول"، ثم فُسر بالجملة (5).
وجملة قوله: "يا رسول اللَّه" مع ما بعدها معمُولة للقول.
= (22/ ص 72)، من حديث وَاثِلَةَ بن الأَسْقَعِ.
(1)
انظر: عقود الزبرجد (3/ 272).
(2)
سورة [الأنفال: 67]، وقد قرأ بها سليمانُ بن جماز المدني. انظر: اللباب لابن عادل (9/ 569)، التبيان في إعراب القرآن (2/ 632).
(3)
انظر: الكشاف (2/ 237)، التبيان في إعراب القرآن (2/ 632)، إرشاد الساري (5/ 149)، شرح التسهيل (1/ 388)، (2/ 395) مغني اللبيب (ص 119)، شرح الأشموني (2/ 176)، الانتخاب لكشف الأبيات المشكلة الإعراب (ص 24).
(4)
أي: القائم مقام الفاعل هو ضمير المصدر، كما في "إرشاد الساري"(10/ 54).
(5)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 27، 28)، (2/ 702)، الكشاف للزمخشري (3/ 516)، إرشاد الساري (10/ 54).
قوله: "أرأيتَ شحومَ الميتةِ": "أرأيت" هنا بمعنى: "أخبرني". وقد تقدّمت في الحديث الأوّل من "باب صفة الصلاة"، وتقدّمت قريبًا.
ومفعولها الثاني من شرطه أن يكون مقرونًا باستفهام، وهو هنا محذوفٌ يدلّ عليه الكلام، تقديره:"أرأيت شحوم الميتة أنستعملها، فإنها تُطلى بها السفن؟ "؛ فـ "تطلى بها" خبر "إن"، وصحّح الإخبار بها الضّمير في "بها"؛ لأنه لا بُد في الجملة الواقعة خبرًا من ضمير يعود على المبتدأ، واسم "إنّ" مبتدأ في الأصل، فتقدير الكلام:"الشحوم تُطلى بها السفن"، ثم أكّد الكلام بـ "إنّ"، والمعطوفُ على الخبر خبر.
قوله: "ويَستصبح بها الناسُ": مبني للفاعل، بخلاف "تُطلى بها السفن"، "وتُدهَن بها"؛ فإنهما مبنيان للمفعول، وسببُ ذلك أنهما يتعديان لمفعول به، و"استصبح" غير متعد لمفعول، لكنه لو قال:"يُستصبَح بها الناسُ" على بنائه للمفعول جاز؛ فيكون القائم مقام المفعول الذي لم يُسمّ فاعله المجرور.
ويتخرّج رفع "الناس" على إضمار فِعْلٍ، كأنّه قال:"مَن يستصبح بها؟ " فقيل: "الناسُ". أي: "يستصبح بها النّاسُ"، كقوله تعالى:"يُسَبَّح لَه فيها بالغُدو والآصَال، رِجَالٌ"(1)، على قراءةِ مَن بنَاه للمفعُول، والتقدير:"يُسَبّحه رجَالٌ"(2). ومنه:
(1) سورة [النور: 36، 37]. وقد قرأ ابن عامرٍ وأبو بكر بفتح باء "يسبَّح" مُجَهَّلًا، وقرأ الباقون بكسرها "يسبِّح" مُسمّى الفاعلَ. انظر: شرح طيبة النشر للنويري (2/ 476)، اللباب لابن عادل (7/ 566)، الهادي شرح طيبة النشر (3/ 88).
(2)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (2/ 971)، البحر المحيط (3/ 549)، (4/ 391)، (8/ 64)، اللباب لابن عادل (14/ 393)، شرح الكافية الشافية (2/ 592، 593)، مغني اللبيب (ص 807)، أوضح المسالك لابن هشام (2/ 85، 86)، الهمع للسيوطي (1/ 579)، شرح التصريح (1/ 400، 401).
ليُبْكَ يزيدُ ضارعٌ لخُصومةٍ
…
. . . . . . . . . . (1)
قالوا: ويُستثنى من ذلك: "يُوعَظ في الدار زيد".
ثم أصل المسألة، قال الجَرمي وابن جني: ينقاس. وتُوبِعا. وقيل: سماعية. ومن مثلها: "أكل الطعام زيد"، و"شرب الماء عمرو"، و"أوقدت النار بكر"(2).
قوله: "فقال: لا": أي: "فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا"، أي:"لا تفعلوا". [و"لا"](3) حرف جواب، تقدّم الكلام عليها في الأوّل من "كتاب الحيض".
قوله: "هو حَرامٌ": أي: "الذي ذكرتموه من الطلي، والاستصباح، وغير ذلك، حرام"؛ فالضّمير يعود على معلوم عندهم. والمراد: الجنس.
قوله: "ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند ذلك": "عند" هنا ظرف زمان، وتكون للمكان، وهو الغالبُ عليها، وذلك بحَسب ما يُضاف [إليه](4)، وتقدّمت في الحديث الأوّل من "باب السواك".
قوله: "ذلك": إشارة إِلَى ذكرهم وقولهم. فـ "عند" على هذا ظرف زمان.
(1) صدر بيت من الطويل، نسب للحارث بن نهيك، وللحَارث بن ضرار النَّهْشَلِي، أو للحارث بن صرار، وللبيد بن ربيعة، ولنهشل بن حري، ولضرار بن نهشل، ولزرد بن ضرار، وللمهلهل. وعجزه:"ومختبطٌ مِمَّا تطِيحُ الطوائِحُ". انظر: الكتاب (1/ 288، 366)، الحماسة البصرية (1/ 269)، شرح التسهيل (2/ 118، 119)، مغني اللبيب (ص 807)، شرح التصريح (1/ 451)، شرح المفصل (1/ 213، 214)، خزانة الأدب (1/ 277، 303)، الهمع (1/ 579)، المعجم المفصل (2/ 75).
(2)
انظر: أوضح المسالك (2/ 86، 87)، شرح التصريح (1/ 401، 402)، الهمع (1/ 580)، حاشية الصبان (2/ 70).
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "فلا".
(4)
كذا بالأصل. وفي (ب): "إليها". ويصح المثبت بإرادة اللفظ.
والعامل في "عند": "قال".
قوله: "قاتَل اللَّهُ اليهودَ": هذه الجملة معمولة للقول.
و"قاتل" جاء بمعنى "لعن". يقال: قاتلته قتالًا وقيتالًا. وجاء "فاعَل" لغير المفاعلة، نحو:"طارَقتُ النعلَ" و"عاقَبتُ اللصَّ"(1).
قوله: "إنَّ اللَّهَ لما حَرَّم شُحومَها": "إنّ" واسمها. و"لما" ظرف بمعنى "حين"، وقيل: حرفُ وجوب لوجوب، وقيل: وجود لوجود (2). و"حرّم" في محلّ جرٍّ إن كانت "لما" ظرفًا، والجملة خبر "إنّ"، والأصل:"إنّ اللَّه حرّم"، فدخَلت "لما" لمعنى الظرفية، فصارت الجملة كلها خبرًا عن "إنّ".
و"جملوه" جوابُ "لما".
قوله: "ثم باعوه فأكلوا ثمنه": عطف بـ "ثم" ثم بـ "الفاء"، أمّا "ثم" فلِما في الكلام من المهلة، لأنّ البيع لا يُتصوّر فيه التعقيب، والأكل يُتصوّر فيه التعقيب، وأيضًا فيه تنبيه على اختيارهم المخالفة، وسُرعة مبادرتهم إِلَى ذريعة الأكل. ولذلك قال:"فأكلوا ثمنه"، ولم يقُل:"ثمنها"، فالضّمير يعود على "المحَرّم".
وإنما قال: "فأكلوا "، ولم يقُل:"أخذوا ثمنه" ولا "تملكوا ثمنه"؛ [تنبيهًا](3) على خَسَاسة قَدْرِهم وسُوء نَظَرهم.
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (4/ 12، 13)، الصحاح (5/ 1798).
(2)
انظر: الجنى الداني (ص 594)، مغني اللبيب (ص 369)، الهمع (2/ 222)، الأصول في النحو (2/ 157)، شرح التصريح (1/ 700)، الكليات للكفوي (ص 790)، والصبان (2/ 391).
(3)
بالنسخ: "تنبيه".