الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكون تقدير الكَلام: "رَخّص لصاحب العريَّة -وهو الذي أُعطيها- أن يبيعها بخرص كيلها تمرًا من المعرِّي له يأكلها المعرَّى رُطبًا".
فجملة: ["يأكلونها"](1) مُضمّنة معنى التعليل، أي:"ليأكلوها رطبًا"، فلما حُذف حرف التعليل -وهي:"لام كي"- رُفع الفعلُ.
وليس ذلك شرطًا، بل لهم أنْ يؤخّروها حتى يأكلوها تمرًا.
وأمّا على مذهب الشافعي: فالتقدير: "رخّص لصاحب العرية -وهو مالكها- أن يبيعها بخرص كيلها تمرًا، من المشتري، بكيله [تحتها] (2)؛ ليأكُلها المشتري رُطبًا"(3).
و"تمرًا" و"رطبًا": منصوبان على الحالِ.
الحديث الثاني:
[264]
: عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ"(4).
قوله: "رَخَّص": جملة في محلّ خبر "أن" و"في بيع" يتعلَّق بـ "رخَّص"، وهو مصدر مضاف إلى المفعول.
و"العرايا": جمع "عَرِيَّة". وتقدّم أنها "فعيلة" بمعنى "مفعولة"، من "عَراه
(1) بالنسخ: "يأكلها". وعودها على ما في التقدير السابق بعيد، لما سيذكره بالتضمين. واللَّه أعلم.
(2)
كذا يظهر لي بالأصل، غير منقوط. ولعل المعنى ما في "الحاوي" للماوردي (5/ 216): أنّ العرايا بيع الرّطَب على رؤوس النخل بكيلها تمرًا على الأرض، وهو ما في "الأم" (7/ 206). ولعل الكلمة أن تكون:"بخرصها" أو "بحزرها" أو "بحقها".
(3)
انظر: الأم (3/ 54)، الحاوي (5/ 218)، تكملة المجموع (11/ 2 وما بعدها).
(4)
رواه البخاري (2190) في البيوع، ومسلم (1541).
يَعروه"، إذا "قصده". ويحتمل أن تكون "فعيلة" بمعنى "فاعلة"، من "عريَ يَعْرَى"، إذا "خلع ثوبَه"، كأنها عَرِيَت من جملة التحريم، فـ "عريت"، أي: "خرجَتْ" (1).
قوله: "في خمسةِ أَوْسُقٍ": بدَل من "العرايا"، ولا يتعلّق بـ "رخَّص"؛ لأنّ حَرفي جرٍّ لمعنًى لا يتعلّقان بعامل واحد (2). ويَحتمِل أن يتعلّق "في خمسة" بحال من "العرايا"، أي:"كائنة في خمسة".
قوله: "أو دون خمسةِ أَوْسُقٍ": وتقدّم الكَلام على "الوَسْقِ"، وهو: ستون صاعًا، وهو ثلثمائة وعشرون رطلًا عند أهْل الحجاز، وأربعمائة وثمانون رطلًا عند أهل العراق، على اختلافهم في مقدار الصّاع والمُدُّ.
والأصلُ في "الوَسْقِ": "الحِمْل"، و"كلُّ شيءٍ وَسَقْته" فقد "حملته". و"الوَسْقُ" أيضًا:"ضمُّ الشيء إلى الشيء"، ومنه في الحديث:"اسْتَوسِقُوا كَمَا يُسْتَوْسَقُ جُرْبُ الْغَنَمِ"(3)، أي:"استجمعوا"(4).
وأُثبتت "التاء" في "خمسة"؛ لأنّه عَدَد مُذكّر.
قوله: "أو دون خمسةِ أَوْسُقٍ": التقدير: "أو في دون خمسة أوسق". تقدّم الكلام على "دون" في الحديث الثالث من "الكسوف". و"أو" هنا للشك، والظّاهر أن الشّك من الرّاوي، ويدلّ على ذلك اختلافهم في "الخمسة" إذ لو لم يكن شكّ لما كان في "الخمسة" خِلاف (5).
(1) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 225).
(2)
راجع: إرشاد الساري (2/ 287).
(3)
رواه الواقدي في كتاب "المغازي"(1/ 260)، من حديث كعب بن مالك يوم غزوة أحُد، والخطابي في كتاب "غريب الحديث"(1/ 112).
(4)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 185).
(5)
انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 388)، إرشاد الساري للقسطلاني (4/ 84)، رياض الأفهام (4/ 302).